(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 19 آذار/مارس 2022 09:37

العنـــف فــي العــالــم العربــي: واقــــع و حلـــول

كتبه  أمال السائحي ح.
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الألفة بين النّاس سنة فطرها الله في قلوب الأسوياء منهم، و حينما تغيب الحجة و تنكسر النفس و تصيبها العاهات النفسية و تفقد بوصلة القيم تلجأ لإدارة الخلاف بلغة العنف، فتحيد عن طبيعتها الإنسانية و هو ما عبر عنه الله في معرض حديثه عن ابن أدم في قوله:{ وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ…}، هكذا هي الطبيعة الإنسانية لما تصيبها علل النفوس تظهر عوارضها في السلوك العنيف، المخالف لفطرة التسامح و الحلم. و لعلّ الوقوف على أسباب انتشار العنف في حل النزاعات الاجتماعية و اقتراح الحلول لذلك من أهم المسائل التي لابد للمصلحين و الباحثين الاهتمام بها، خاصة حينما تصير ظاهرة اجتماعية تتسم بها المجتمعات و ترهق ثمارها مختلف السلطات، و من المظاهر التي كثر الحديث عنها في مختلف القنوات و وسائل التواصل الاجتماعي تلك العصابات التي مكّنت لانتشار العنف في الشوارع و الأحياء، مما دفع بالمشرع الجزائري إلى سن قوانين لردعها. و قد ارتأت البصائر أن تساهم في إلقاء الضوء على هذه الظاهرة لتمكين القارئ من فهمها و دفعه إلى المساهمة في دعم جهود الدولة للحيلولة دون انتشارها و لذلك أجرت هذا الروبورتاج للتعرف على مدى انتشار ظاهرة العنف، و كيف تنامت في الآونة الأخيرة في العالم عامة، و في البلدان العربية و الإسلامية خاصة، و استضفنا لذلك جمهرة من الأستاذات المختصات في مجال المرأة و الطفل و إليكم ما تفضلن به علينا في هذا الشأن:

تقول الأستاذة غادة مجركش السورية الأصل المقيمة بكندا، و هي أستاذة تعمل في مجال الإرشاد الأسري، و الخدمة المجتمعية، و معلمة دائمة و باحثة في العلاقات الاجتماعية الرسالية، لتمكين و إرشاد الأفراد من تحقيق أهداف ذات قيمة، لرفع جودة حياتهم على المستوى الشخصي و الأسري و ما يختص بالعلاقات الاجتماعية، خاصة مع العائلات العربية، القادمة حديثا إلى كندا، لمساعدتهم على الاندماج و التأقلم مع البيئة الجديدة و ما يرافقها من تحديات تهدد الروابط بين أفرادها، و بدايتها كانت من سوريا ثم المحطة الرئيسية من الإمارات، ثم برنامج من بيروت، و التكملة في كندا، و من ثم كان جوابها لنا عن العنف في العالم ككل و العالم العربي كالآتي :
حين نتحدث عن العنف فإننا نتحدث عن ظاهرة عالمية و إن اختلفت الجذور و الأسباب من مجتمع لآخر. صحيح أنه ممارس ضد الرجال و النساء، لكن لا يمكن أن ننكر أن النسبة العالية منه موجهة للنساء و الأطفال كونهما الحلقة الأضعف و المعتمدة على غيرها اقتصاديا و عاطفيا و كونه – الرجل-الأقوى جسديا، و إن كان هناك حالات من عنف موجه من النساء ضد الرجال فمعظمها يأتي كردة فعل لصد هجوم أو حماية نفس.
ما نتفق عليه أولا أن سبب العنف الأساسي في كل مكان هو وجود شخصيات بنفسيات غير سوية تفتقد لقدرات شخصية و مهارات اجتماعية فتلجأ، كتغطية عن عجزها و تنفيس عن غضبها، لممارسة التعنيف و الإهانة، و قد تصل لحد الإجرام و القتل بدوافع داخلية؛ كالتسلط، التحكم، إحكام السيطرة، و التملك، يتبعها غياب المحاسبة القانونية، و العواقب الاجتماعية الرادعة، ما يلعب دورا كبيرا في تغذية العنف بالغرب، و يدعمه التمييز العنصري التابع للجنس و الجنسية، العرق، الدين… كالتمييز بين المرأة و الرجل مثلا، بين المهاجر الجديد و القديم و بين المهاجر الشرقي و الغربي و بين المسلم و غير المسلم .
من التحيزات مثلا الفرص التي تعطى للرجل الأبيض الشاب الغني لا تعطى لمن هو مختلف عن ذلك و يعتبر درجة أقل. قانونيا لا يجرؤ أحد على التلفظ بذلك لكن متعارف عليه (مقروء غير مكتوب). و على هذا الأساس يتم تغطية ممارساته العنيفة و تمريرها. لا شك أن السلطة، و المرتبة الوظيفية و الشكل و الشباب هي ميزات تعطى الأشخاص هالة اجتماعية من جهة و مشاعر بالفوقية من جهة أخرى مما يزرع في عقولهم فكرة أنّ ما هو مسموح لهم ممنوع على غيرهم، أضيف على ذلك عوامل ثانوية كالضغط النفسي و المالي، الإدمان و غيره.
أما ما يغذي التعنيف في الشرق الأوسط فهو بلا شك منظومة الأسرة التي تشكلت من التقاليد الاجتماعية المقيدة، و من تفسيرات النصوص الدينية المشوهة، مما أدى لتشكل صور من النظام الأبوي التسلطي، الذي يعطيه صلاحية التربية و التأديب، لابنته و زوجته و أخته مهما بلغت أعمارهن، و بكل الطرق مهما كانت منحرفة و غير السوية، من دون أن يحمله أحد عواقب تعديه، بل على العكس هناك فئات كثيرة من المجتمع تدعم توجهه بما فيهم بعض النساء..

أين المخرج و من أين نبدأ؟
الوعي بالخلل الذي يحدث و الاعتراف به بكل جرأة و شفافية، ثم نشر هذا الوعي بكل ما نملك من أدوات، و هذا أقل دعم نقدمه لوقف الظلم في المجتمع، و لا ينبغي أن نستهين بدور الكلمة، الاهتمام بمشروع التربية كونها تلعب دورا رئيسا وأساسيا في تشكيل شخصيات مستقرة، و التركيز على العدل في تربية الشباب و البنات، بدون تفرقة في المسؤوليات و الواجبات، لإرساء روح الاحترام بين الجنسين، إعادة تعريف و ترسيخ و تحديد خطوط الاحترام، الحرية الشخصية و الخصوصية للبالغين، اتخاذ إجراء حازم تجاه الشخص المتعدي ابتداء من القانون ثم المجتمع.

كلمة مهمة أقولها للمرأة
أنت أيتها المرأة لك دور أساسي في وقف العنف ضدك باقتناعك أولا بأن ما يحدث لك غير مقبول و لا عادي و لا تستحقينه، تحت أي ظرف أو عذر من الأعذار الجاهزة، التي تستخدم ضدك من الرجل و المجتمع، فما هي إلا تشويش على الجرائم المرتكبة، كذر للرماد في العيون. الصبر على الظروف و تقبل الطباع الشخصية من ضعف و قلة ثقة لا بأس به، و هو خيارك بالنهاية، أما التعدي الجسدي و الإهانات اللفظية، فهو خط أحمر لا تسمحي بتجاوزه من بداية الطريق، أما إذا كنت في منتصف الطريق فابدئي بتمكين ذاتك و المصادر العلمية متاحة أمامك بكبسة زر، و اعلمي أيتها المرأة أن المتعدي يقتات على ضعفك.
و هذه الأستاذة ربيحة جليد تشغل منصب أستاذ مكون من الجزائر حدثتنا عن هذه الظاهرة فقالت:
أولا: من الممكن أن نعرف العنف بأساليب متعددة لكن التعريف المؤكد أن ما نقصده بكلمة عنف هو استخدام وسائل القوة و العنف ضد الأشخاص، و استخدام التهديد البدني أو النفسي من أجل التأثير على الأشخاص و حياتهم أو من أجل الحصول على شيئ رغماً عنهم..
فالعنف بأنواعه له آثار سلبية على الفرد و المجتمع و يمكن حصرها فيما يلي:
ما هي الآثار السلبية لانتشار العنف؟ كما قلنا من قبل فإن انتشار العنف في المجتمع له العديد من الآثار السيئة، كما أن له تأثيرا سلبييا للغاية على أمان المجتمع و على إنتاجه و على شعور كل فرد داخله، و من الممكن أن نلخص معظم الآثار السلبية لانتشار العنف في النقاط التالية:
التأثير السلبي على الأفراد الذين يتعرضون للعنف يتمثل في حدوث العديد من المشاكل النفسية لهم، مثل الاضطرابات العقلية أو الخوف المرضي الذي يلازمهم بعد سنوات طويلة من توقف العنف اتجاههم و قد يلجأ البعض منهم إلى تعاطي المخدرات أو الكحول كوسيلة من وسائل تناسي العنف أو الهروب من آثاره.
من الممكن أن يؤدي العنف إلى العديد من الخسائر المادية و الجسدية للأفراد الذين يتعرضون له، فهناك بعض الأفراد يتعرضون لإصابات كبيرة أو عاهات مستديمة أو تشوهات..
ما هي الأسباب التي يردّ إليها ظهور العنف؟ من الممكن أن نقول أن ظهور العنف يرتبط بالعديد من العوامل الثقافية و البيئية و الأخلاقية التي توفر بيئة خصبة للأشخاص بالقيام بمثل هذا الفعل الضار لكل الأشخاص، و عدم مقاومة العنف أو عدم توضيح أنه سلوك مستهجن و غير مقبول كان هو من أهم الأسس التي قام عليها انتشار العنف في المجتمعات العربية، و خاصة العنف ضد المرأة و العنف ضد الطفل، و هو من الأمور التي لا تأخذ حقها في محاولة المنع أو الحد من انتشارها، أما أهم العوامل أو أسباب انتشار العنف فمن الممكن أن نذكرها في النقاط التالية:
و من الأسباب التي ينجر عنها العنف و هي كالآتي:
عدم توافر فرص العمل: تعتبر البطالة من أهم العوامل التي تجعل الأشخاص يجدون في العنف وسيلة للتعبير عن أنفسهم، و من الممكن أن نقول أن البطالة تعتبر من أهم المشاكل التي تنتشر بحدة في مجتمعنا العربي، و عدم وجود فرص العمل يؤدي إلى سقوط العديد من الشباب من مختلف الطبقات في فخ العنف، و ذلك لأن البعض يجد نفسه في فراغ دائم يوميا و الفراغ قاتل..
الفقر: الفقر أيضا يعتبر بيئة خصبة لانتشار العنف، و حيث يوجد الفقر يوجد الجهل و توجد البطالة، و في سياق و بيئة لا يتم فيها استهجان العنف أو الإيذاء البدني و النفسي للأشخاص، فضلا عن عدم توافر المتطلبات الأساسية للحياة الكريمة، يجد الفرد نفسه متجها إلى سلوك كل الأساليب العنيفة، للحصول على أبسط الحقوق التي يجب أن يمتلكها..
انتشار تجارة و تعاطي المخدرات: ميز الله الإنسان بالعقل و جعل العقل هو الميزان الذي يتحكم الشخص من خلاله في سلوكه اتجاه نفسه و اتجاه الأشخاص المحيطين حوله، أما عند تعاطي الشخص للمواد المذهبة للعقل و المخدرة فهو بذلك يفقد القدرة على السيطرة على تصرفاته و سلوكياته، و بالتالي من السهل أن ينتشر العنف بصورة سريعة في البيئة التي ينتشر فيها تعاطي المخدرات و الكحول.
كذلك الشعور بالعنف و الدونية: من جهة أخرى من أهم الأسباب هو الشعور بالنقص و الدونية و أن الجميع يتهمونه و يحاولون التقليل من شأنه لذا يلجأ بالدفاع عن نفسه عن طريق استخدام كل أساليب العنف ضد الغير.
و أما الأستاذة ريم عدس التي تعرفنا بنفسها فتقول: ريم عدس مهتمة بقضايا المرأة و المجتمع، و مؤسسة ملتقى أنا ملهمة الثقافي، مدربة تطوير ذات، إحدى القائمات على مبادرة إنصاف، أحمل شهادة في العلوم المالية  و المصرفية، و شهادة في العلوم الشرعية، و دبلوم تفسير القرآن، دبلوم الاتصال و التواصل الإنساني.
و ها هي بعد أن عرّفتنا بنفسها و مستواها العلمي تدلي لنا برأيها في قضية العنف في العالم، ككل و العالم العربي خاصة، فتقول:
1- من أسباب العنف في العالم عامة هو استضعاف الجنس الأنثوي أما في عالمنا العربي فإضافة إلى ذلك يعزى ذلك إلى الجهل و التخلف و انعدام أفق التفكير و تحكيم العادات و التقاليد و الفهم الذكوري، و التأويلات الدينية الخاطئة و الافتقار إلى فهم روح الشريعة.
و يرجع العنف أيضا إلى غياب سلطة القانون، و عدم تحكيم الشريعة الإسلامية، و ضعف المؤسسات المجتمعية و القانونية، و إقصاء المرأة عن الساحة دينيا و مجتمعياً و فكرياً و عملياً، و لا نستثني دور الأوضاع الاقتصادية و السياسية، التي أثرت على الرجل و المرأة على حد سواء، كل ذلك أدّى إلى تعنيف المرأة معنويا (نفسيا و عاطفيا) و جسديا، و قد امتد ذلك إلى الأسرة ككل، و الذي امتد في الكثير من الأحيان إلى جريمة القتل : كقضايا جريمة القتل التي نسمعها و نقرأ عنها في إعلامنا يوميا، فالمسؤولية اليوم ملقاة على أفراد و مؤسسات رجالا و نساء من خلال وجود مؤسسات. وجود مؤسسات اجتماعية و جهات مختصة لتمكين المرأة نفسيا و معنويا و اقتصاديا و لتثقيف الرجل و المرأة على حد سواء بحقوقهما و واجباتهما .
2 – دمج دور المرأة في المجتمع اقتصاديا و سياسيا و فقهيا.
3 – تعزيز دور الشريعة الإسلامية و فهم روح هذه الشريعة و نبذ التطرف و الذكورية الفقهية.
4 – تعزيز دور المؤسسات القضائية و القانونية و نبذ العشائرية و العادات و التقاليد.
5 – تغيير المفاهيم الاجتماعية و المجتمعية بما يخص قضايا المرأة.
و عندما وجهنا السؤال إلى الأستاذة غادة قدسي الفلسطينية الأصل أستاذة علم الاجتماع، و مرشدة تربوية في الحقل الدعوي للمرأة، و المهتمة بالطفل و المرأة من الجانب النفسي التربوي..
فهي تقول من جهتها: أن العنف في العالم ككل أصبح ظاهرة لابد من دراستها جديا و وضع حد لها، لأنها في تفاقم كبير و هذا ناتج عن العدوانية و التنمر انطلاقا من البيت إلى المدرسة، و من أبسط تجليتها التربية بالصراخ، إلى العالم الخارجي الذي لا يرحم..
و يُعد العنف ضد المرأة و الفتاة واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا و استمرارًا و تدميرًا في عالمنا اليوم، و لم يزل مجهولا إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب و الصمت و الوصم بالعار..
و بشكل عام يظهر العنف في أشكال جسدية و جنسية و نفسية و تشمل:
عنف العشير (الضرب، الإساءة النفسية، الاغتصاب الزوجي، قتل النساء)؛
العنف و المضايقات الجنسية (الاغتصاب، الأفعال الجنسية القسرية، التحرش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج القسري، التحرش في الشوارع، الملاحقة، المضايقة الإلكترونية، الاتجار بالبشر).
إننا اليوم بحاجة إلى العودة بالإنسان إلى الفطرة السليمة، حتى لا يكون وبالا على نفسه و على مجتمعه و حضارته، و هذا ما يستدعي تضافر جهود الجميع لتحجيم هذه الظاهرة و الحد من انتشارها….

الرابط : https://elbassair.dz/17800/

قراءة 736 مرات آخر تعديل على الخميس, 07 نيسان/أبريل 2022 08:11