قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 18 شباط/فبراير 2017 08:20

عبقرية عمر، و حكاية حرق مكتبة الإسكندرية، لعباس محمود العقاد

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(1 تصويت)

في كتابِه الماتع "عبقرية عمر" يُفرِد الأديب الكبير "عباس محمود العقاد" فصلًا كاملًا عن "ثقافة عمر"؛ ليستطرد به الكلام إلى مدى صحة الرواية التي شاعَت، و كانت محلَّ بحث و دراسة من قِبَل الكثير من الباحثين و المؤرِّخين، و التي مُفادها أن الخليفة الفاروق "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، كان قد أمر واليَه عمرو بن العاص بحرق مكتبة الإسكندرية، هذه المكتبة التي كانت قد حوت كتب و علوم الحضارتين الفرعونية و الإغريقية.

"و هي أول و أعظم مكتبة عُرِفت في التاريخ، و ظلَّت كبرى مكتبات عصرها، أُنشِئت على يد خلفاء الإسكندر  الأكبر، منذ أكثر من ألفَيْ عام، لتضمَّ أكبر مجموعة من الكتب في العالم القديم، و التي وصل عددها آنذاك إلى 700 ألف مجلد، بما في ذلك أعمال هوميروس و مكتبة أرسطو"[1].

يقول العقاد: "فَحْوَى تلك الرواية أن عمرو بن العاص رَفَع إليه خبر المكتبة الكبرى في الإسكندرية، فجاءه الجواب منه بما نصه: (أما الكتب التي ذكرتها، فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله، ففي كتاب الله عنه غنى، و إن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة إليه، فتقدم بإعدامِها)، قال مُفصِّل هذه الرواية: فوُزِّعت الكتب على أربعة آلاف حمام بالمدينة، و مضت ستة أشهر قبل أن تستنفد لكثرتها[2]".

و العقاد و إن كان يسلِّم موقنًا "أن كذب الحكاية أرجح مِن صدقها، و أنها موضوعة في القرن الذي كتبت فيه، و لم تتَّصِل بالأزمنة السابقة لها بسند صحيح"[3].

نجده يعرض لآراءِ مَن كتبوا في هذا الموضوع، قائلًا:

"و أحرى شيء أن يلاحظ في مسألة المكتبة هذه، أن الذين دحضوها و أبرؤوا عمر من تَبِعَتها، كان معظمهم مِن مؤرخي الأوروبيين الذين لا يُتَّهمون بالتشيع للمسلمين، و كانوا جميعًا من الثقات الذين يُؤخذ بنتائج بحثهم في هذا الموضوع"[4].

ثم يعرض أقوالهم و الحجج التي استندوا إليها في هذا الإنكار، فيذكر المؤرخ الإنكليزي الكبير إدوارد جيبون Gibbon صاحب كتاب "الدولة الرومانية في انحدارها و سقوطها"، و يذكر قوله: (أما أنا من جانبي، فإنني شديد الميل إلى إنكار الحادثة و توابعها على السواء)[5].

و ينقل كلامه الذي بدأ فيه متعجبًا، و وجهُ العجب لديه أن ناقل هذا الخبر غريب يكتب على تخوم ميديا بعد ستمائة سنة، في حين سكت عن هذه الحادثة اثنان من المؤرخين، كلاهما مسيحي، و كلاهما مصري، أقدمهما البطريق بوتيخيوس Eutychiu، الذي يذكر أنه توسَّع في الكتابة عن فتح الإسكندرية.

و يوضِّح جيبون أن "أصحاب الفهم الصحيح المستقيم من فقهاء المسلمين يُفتُون بتحريم إحراق الكتب الدينية، التي تُغنَم من اليهود و المسيحيين في الحرب، و ما كان من الكتب دنيويًّا ظنينًا، سواء ألفه المؤرخون أو الشعراء أو الأطباء أو الفلاسفة، فحكمهم فيه أن يستخدم على الوجه المشروع لمنفعة المؤمنين"[6].

و بعد أن يتطرَّق إلى حريق المكتبة على يد القيصر، و هو يدافع عن نفسه، ثم إلى تعصب المسيحيين الأوائل  الذين كانوا يُحرِقون كل ما يمتُّ إلى عبادة الأصنام بصلة، و هذا ما يجعله يستبعد أن تكون أعداد الكتب المتبقية، بتلك الكميات الهائلة التي ذكرت آنفًا.

و يختم الكلام بقوله: "فإن كانت هذه هي الوقود الذي أفنته الحمامات، بما كان فيها من جدل بين القائلين بتعديد الطبيعة المسيحية، و القائلين بتوحيدها، فقد يرى الفيلسوف - و على فمه ابتسامةٌ - أنها كانت في الحمامات أنفع لبني الإنسان"[7].

ثم ينتقل الأستاذ محمود العقاد إلى المؤرخ الإنكليزي الدكتور ألفرد بتلر Butler" الذي أسهب في تاريخ فتح العرب لمصر و الإسكندرية، يلخص الحكاية و ينقضها ابتداءً"؛ لأسباب شتى، يلخصها العقاد فيما يلي:

1- "أن حنا فلبيوتوس الذي قيل إنه خاطب عمرو بن العاص في أمر المكتبة لم يكن حيًّا في أيام فتح العرب لمصر"[8].

2- "أن كثيرًا من كتب القرن السابع كانت من الرَّق - (بفتح الراء و كسرها، جلد رقيق يكتب فيه) - و هو لا يصلح للوقود، و أننا لو صرفنا النظر عن الكتب المخطوطة على الرق، لما كفى الباقي من ذخائر المكتبة لوقود أربعة آلاف حمام مائة و ثمانين يومًا"[9].

3- "أنها لو قضى الخليفة بإحراقها لأحرقت في مكانها، و لم يتجشموا نقلها إلى الحمامات، مع ما فيه من التعب، و مع إمكان شرائها من الحمامات بعد ذلك بأبخس الأثمان"[10].

4- تأخر كتابتها زهاء خمسة قرون و نصف قرن بعد فتح الإسكندرية، ثم كتابتها بعد ذلك خلوًا من المصادر و الإسناد"[11].

ثم ينتقل العقاد إلى المستشرق كازانوفا، الذي يسمي بدوره الحكايةَ أسطورةً، و يقدم اعتراضًا آخر أشد خطورة، ألا و هو: "أن ما ذكر عن يحيى النَّحْوي منقول عن كتاب الفهرست لابن النديم في أواخر القرن العاشر، و فيه أن يحيى هذا عاش حتى فتحت مصر، و كان مقربًا من عمرو، و لم يذكر شيئًا عن مكتبة الإسكندرية، فحادثة المكتبة إذًا من أوهام ابن القفطي، أخذها عن خرافة كانت شائعة في عصره"[12].

ثم يذكر قول ابن خلدون: "إن العرب لَمَّا فتحوا بلاد الفرس، سأل سعد بن أبي وقاص عمر عما يأمر به في شأن الكتب التي بها، فأمره بإلقائها في اليم، فانتقلت القصة من فارس إلى الإسكندرية مع الزمن، و فعل الخيال فعلَه في تحريفها"[13].

ثم ينقل الأستاذ العقاد أن ابن القفطي كان أول مَن ألف هذه الأسطورة.

أما من المشارقة، فيعرج بنا العقاد - عليه رحمة الله - على المؤرخ جورجي زيدان في الجزء الثالث من كتابه"تاريخ التمدن الإسلامي"، و أنه "كان يميل إلى نفيِ الحكاية، ثم عدل عن ميله هذا إلى قَبولها"[14].

و ينقل قوله: "و الغالب أنهم ذكروها، ثم حذفت بعد نضج التمدن الإسلامي، و اشتغال المسلمين بالعلم و معرفتهم قدر الكتب"[15].

ثم يُفنِّد العقاد هذا الزعم من جرجي زيدان، و يرى "أن ابن القفطي كان أَولى ممَّن تقدموه بالسكوت عن حريق المكتبة بأمر عمر بن الخطاب، لو كان الذين تقدموه قد سكتوا عنه لعِرْفانِهم قدرَ الكتب و غيرتهم على سمعة الخلفاء الراشدين، فإن ابن القفطي لا يجهل قدر الكتب و لا يسبقه سابق من المؤرخين في المغالاة بنفاسة المكتبات"[16].

ثم يضيف العقاد: "فلا بد من تعليل أصوبَ من هذا التعليل، لسكوت المؤرخين المسلمين و المسيحيين الذين شهِدوا فتح مصر عن هذه الحكاية إلى أن نجمت بعد بضعة قرون"[17].

و يخلص العقاد إلى أن هذه القصة "مدسوسة على الرواة المتأخرين، للتشهير بالخليفة المسلم و تسجيل التعصب الذميم عليه و على الإسلام".

و في تحليل و تعليل جميلينِ، يحاول العقاد تفسيرَ الغموض الذي صاحب تلفيق هذه الحكاية:

1- "أن يكون الملفِّق عليمًا بالأقوال و الأحوال التي أُثِرت عن عمر بن الخطاب، و لم تكن هذه الأقوال  و الأحوال معلومةً مستفيضة الخبر بين المسلمين أنفسهم عند فتح الإسكندرية، فضلًا عن المسيحيين أو الإسرائيليين، و إنما عُلِمت و استفاضت بعدما دوِّنت السير و جمعت المتفرقات.

2- أن يكون الملفِّق عارفا بما في هذه التهمة من المعابة، شاعرًا بما فيها من الاعتساف و الغرابة، و لم يكن هذا أيضًا مفهومًا في أيام فتح الإسكندرية بين خصوم الإسلام؛ لأنهم كانوا قد تعوَّدوا إحراق الكتب و التماثيل، و اعتبار الوثنية و بقاياها رجسًا من عمل الشيطان، يستحق نار الدنيا قبل نار الجحيم"[18].

3- "و قد يستلزم تلفيق الحكاية أن تكون مصرُ أخبارها موضع اهتمام و مَثار قيل و قال، و لم تكن مصر قِبْلة أنظار العالم كما كانت في أوقات الحروب الصليبية"[19].

4- "و قد يستلزم كذلك أن يكون العصر حزازة بين الإسلام و خصومه، كما كان عصر الحروب الصليبية و ما قبله بقليل".

5- أن يشترك في القيل و القال حافِظو الكتب الإغريقية في بيزنطية و شواطئ آسيا الغربية، و هي البلاد التي  كانت مَوطِئ أقدام الجيوش في الكر و الفر، و القدوم و الإياب، و منها تدفق حافظو الكتب إلى أوروبا عندما أغار الترك على بيزنطية من تلك الأرجاء"[20].

إذًا هذه الأسباب مجتمعة أخَّرت ظهور هذه الحكاية، إلى زمن القفطي، و البغدادي، و أبي الفرج الملطي[21]، ثم يعود العقاد إلى التساؤل عمَّا يمكنه أن يلحق بخليفة المؤمنين من عارٍ، إن كان حقًّا قد أمر بإحراق المكتبة؟

و هل هي حقًّا شيء مفيد للمسلمين و لغيرهم من الأمم؟

"و أنها ذخيرة من ذخائر العالم لا يجوز التفريط فيها؟![22].

و يجيب العقاد عن هذا التساؤل قائلًا:

"إن أحوال الروم و القِبْط في ذلك العهد، لم يكن فيها دليلٌ واحد على أنهم محتفظون بينهم بمعرفة نفيسة، و أن ضياع كتبهم فيه ضياع لذخيرة من ذخائر العالم التي لا يجوز التفريط فيها؛ فقد كانوا على شر حال من الضعف و الفساد، و الجهل، و الهزيمة، و الشقاق، و التهالك على سفاسف الأمور"[23].

و هكذا يرى العقاد أن الخليفة عمر (رضي الله عنه) حين أثر عنه "ألا كتاب إلا كتاب الله"، "كان و لا ريب يؤثر للمسلمين أن يُقبِلوا على دراسة القرآن، و يقدِّموا فهمه على فهم كل كتاب، و هذا واجبه الأول الذي لا مراء فيه"[24]، "فبالتجرِبة الواقعية أيقن عمر أن المسلمين بكتابهم خرَجوا من الظلمات إلى النور، و انتصروا على مَن حاربوه، و عندهم كل كتاب"[25]، "و أين هي الغنيمة الروحية التي تعدل في كتاب مِن الكتب بعض ما غنمه المسلمون بوحي القرآن في صدر الإسلام؟"[26].

و يختم العقاد - رحمه الله - بحثَه، و قد خلص إلى نتيجة مُفادها : أن عمر يجوز أنه أمر بإحراق المكتبة على أبعد احتمال، "و هو قد وازن بين معرفة ظاهرة النفع، و معرفة مجهولة ظواهرها كلها تغري باتهامها!"[27].



[1]، مكتبة الإسكندرية، المكتبة القديمة، ويكيبيديا الموسوعة الحرة.

[2]عبقرية عمر؛ لعباس محمود العقاد، دار نهضة مصر للنشر، طبعة خاصة 3 أغسطس 2014، ص: 273.

[3] ص: 279.

[4] ص: 273.

[5] ص: 274.

[6] ص: 274.

[7] ص: 275.

[8] ص: 275.

[9]بتصرف ص: 275.

[10] ص: 275.

[11] ص: 275.

[12] ص: 276.

[13] ص: 276

[14] ص: 278.

[15] ص: 278.

[16] ص: 279.

[17] ص: 279.

[18] ص: 280 - 279 بتصرف.

[19] ص: 280.

[20] ص: 281 - 280

[21]، جمال الدين القفطي 1172م - 1248م ، عبداللطيف البغدادي 1162م - 1231م، أبو الفرج بن هارون الملطي 1226م - 1286م.

[22] ص: 281.

[23] ص: 282.

[24] ص: 282.

[25] ص: 283.

[26] ص: 284.

قراءة 2541 مرات آخر تعديل على الجمعة, 24 شباط/فبراير 2017 14:51

أضف تعليق


كود امني
تحديث