الإيمان بعلم الله و حكمته يستلزم الطمأنينة التامة بما حكم به من الأحكام الكونية و الشرعية، لصدور ذلك عن علم و حكمة، فيزول عنه القلق النفسي و ينشرح صدره، يجب على الإنسان، أن يتقبل الإسلام كلّه، أصله و فرعه، ما يتعلق بحق الله و ما يتعلق بحق العباد، و أنّه يجب أن يشرح صدره لذلك، فإن لم يكن كذلك فإنه من القسم الثاني الذين أراد الله إضلالهم قال تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا كأنما يصعّد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) 125 الانعام
قال النبي صلى الله عليه و سلم : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) و الفقه في الدين يقتضي قبول الدين، لأن كل من فقه في دين الله و عرفه قبله، يبيّن الله تعالى لك الحق، فمن العدل أن تتتبع هذا الحق، و من العدل أن تتقوم بشكره.
الحياة الطيبة مفقودة بالنسبة للكفار، حياتهم كحياة البهائم، الحيوان إذا شبع روّث، و إذا لم يشبع جلس يصرخ، هكذا هؤلاء الكفار، إذا شبعوا بطروا، و إلاّ جلسوا يصرخون، لا يستفيدون من دنياهم، لكن المؤمن إذا أصابته ضراء صبر و احتسب الأجر على الله عزّ و جل، و إن أصابته سراء شكر فهو في خير في هذا و في هذا، و قلبه منشرح مطمئن، ماش مع القضاء و القدر.
إذا عرفت أنّ الله حكيم انشرح صدرك، و اطمأن قلبك، و سلمت من شرور كثيرة، قال الله تعالى:(إنك أنت العزيز الحكيم) المائدة 38
المعنى اللغوي: الحكيم صيغة مبالغة، على وزن فعيل، و يأتي على عدّة معاني الأول: العالم بأحكام الأمور صاحب الحكمة
الثاني: الحاكم الذي يفصل بين الأمور.
الثالث: المحكم المتقن للأشياء، المدقق فيها، الذي يضع الأشياء في أحسن مواضعها.
الرابع: الذي يمتنع عن فعل القبائح، و يمنع نفسه منها.
المعنى الشرعي : الله تعالى هو الحكيم، و هو أحكم الحاكمين، الحكيم في أقواله، و في أفعاله، و في أحكامه، فلا يقول و لا يفعل، و لا يفصل إلا الحق و العدل و الصواب.
فهو الذي يحكم الأشياء، و يتقنها، فلا تفاوت فيها، و يضعها في أحسن مواضعها، ينزلها في أفضل منازلها اللائقة بها و هو تبارك و تعالى الحكيم الذي لا يدخل في تدبيره خلل، و لا زلل، الذي أوجد الخلق بأحسن نظام، و رتبه بأكمل إتقان، و هو الحكيم، له الحكمة العليا، في خلقه، و أمره، فلا يخلق شيئا عبثا، و لا يشرّع سدى، و لا يترك عباده هملا.
هو الحكيم له الحكم في الأولى و الآخرة، و له الأحكام الثلاثة، الأحكام الدينية الشرعية، الأحكام القدرية الكونية، الأحكام الجزائية، لا يشاركه فيها مشارك.
لو أننا نؤمن بما تفتضيه أسماء الله و صفاته، لوجدت الاستقامة كاملة فينا، فالله المستعان.