قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 02 حزيران/يونيو 2018 09:43

نحن و شهر رمضان.. هل أخطأنا العنوان؟

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مع أن المسلمين قد شهدوا صحوة عظيمة في العقود الأخيرة، إلا أن الكثير من العثرات قد وقفت دون تحولها إلى نهضة شاملة، بل إن التراجع الذي شهدته الصحوة الإسلامية أحد الأمور التي لم يكن ينتظرها الكثير ممّن عولوا على عودة الأمة و صحوها بعد سبات دام قرون طويلة، و التفصيل في أسباب هذا التراجع نفسه يحتاج إلى وقفة مستقلة.

و من أهم العوامل التي ساهمت في تراجع الصحوة الإسلامية غياب المعاني الكبرى للإسلام عن الفرد المسلم، و المجتمع المسلم بصفة عامة، و غياب المعالم العظمى يعني سير الأمة في اتجاه واحد و هو السطحية، و السذاجة الحضارية.

و إذا ضيّقنا الدائرة وجدنا العبادات أهم مجال غابت عن المسلمين مقاصدها الكبرى، و غاياتها الجليلة، و لاشك أن غياب هذه المعالم يعني أن الفرد المسلم حين يقبل على العبادات سيقبل عليها بنفسية لا تختلف عن نفسية البوذي و النصراني، كيف ذلك؟ نعني بذلك أن الشعوب الأخرى لا ترى في دياناتها سوى عادات ورثتها عن أجدادها، أو وجدت مجتمعاتها تدين بها فتدينت بها، و هذا المعنى أحد أسباب تمسكهم بدينهم.

هل يشبه المسلم بقية البشر؟

بينما نحن المسلمون نختلف تماما عنهم و فكرة أن نرى الدين و التدين كعادات و أعراف و تقاليد وجدنا عليها آباءنا فأقبلنا عليها هي فكرة خطيرة قاتلة؛ لأنها فكرة معادية لحقيقة الإسلام، المبني على العلم و المعرفة، و عبادة الله تعالى على علم و بينة، و يرفض الإسلام رفضا تاما أن يعبد المسلم ربه بنفسية المجتمع الذي يمارسها العبادات ممارسة تشبه ممارسة العادات، حتى و إن أقر بلسانه أنها عبادات. فالعبادات الفارغة من معانيها تصبح مجرد طقوس و حركات و ممارسات لا تنتج أي أثر في الواقع، و هذا من أخطر ما يهدد الإسلام؛ لأنه يجعله شكلا بلا مضمون، و صورة بلا روح.

و من أقوى ما جاء في هذا الصدد الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده و الطبراني في المعجم الكبير و ابن حبان في صحيحه بإسناد جيد عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه و سلم- أنه قال: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها و أولهن نقضاً: الحكم، و آخرهن الصلاة" فالحديث يتحدث عن أن غياب الإسلام عن الحياة يرجع أساسا إلى غياب و تغييب معانيه الكبرى و الصغرى التي جاء لأجلها. و الغياب هنا يشمل الأمور السلبية للحياة و الإيجابية، فغياب معنى الجاهلية عن العقل المسلم سبب قوي لوقوعه فيها، بل سبب هام لعدم إحساسه بنعمة الإسلام، و لذة الانتماء إلى دين سماوي حنيف عظيم.

كيف يغيب الإسلام عن الحياة؟

إن المعاني العميقة التي جاء بها محمد –صلى الله عليه و سلم- تعتبر المحرك الأهم و الأساس للإسلام، حضورها يعني حضور الإسلام، و غيابها يعني غياب الإسلام عن الواقع، و يكون حضورها و غيابها متمثلا في الأفراد، فالفرد المسلم الذي يعي رسالة الإسلام بكل أبعادها وعيا سليما، يصبح فردا فعّالا، فيعطي للإسلام جانبها التطبيقي، و يجسده في الواقع تجسيدا جذابا و جميلا و فعالا،  أما الفرد الذي لا يدرك حقيقة الغايات التي جاء لأجلها الإسلام، فإنه لن ينجح في أن يكون يوما تجسيدا لهذا الدين العظيم.

المسلم عندما يتحوّل إلى معنى

فالإسلام يحول الفرد إلى معنى يمشي في الأرض، و رمزا لمعنى عبر التاريخ؛ و لهذا كان الصحابة محلا للقدوة، و لم يشر القرآن إلى إمكان اتخاذهم قدوة إلا لأنهم تحولوا إلى معاني تجسد رسالة الإسلام.

فعندما تذكر عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- هنا يتبادر إلى ذهنك معنى واحد إنه معنى العدل، و الحاكم المسؤول عن رعيته، الرحيم بها، الشفوق الحريص عليها، و إذا مرّ عليك اسم مصعب بن عمير –رضي الله عنه- تتذكر الشاب الغني الذي ترك الترف و تحول إلى رمز للسمو الأخلاقي و الإنساني، و لو ذكرت خالد بن الوليد –رضي الله عنه- لسبق إلى ذهنك معنى واحد "الشجاعة و الدهاء العسكري" لنصرة الإسلام و المسلمين،  و عندما تقرأ سيرة علي –رضي الله عنه- تغوص بين معاني الحكمة و البطولة، و لو ذهبت تقلب صفحات عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- لهرولت إلى عقلك معاني العفاف و العدل و الرشد، و عندما تنظر في سيرة البخاري و مسلم –رحمهما الله- يقفز إلى بالك معاني التضحية بالغالي و النفيس من الوقت و المال لأجل جمع أحاديث رسول الله –صلى الله عليه و سلم-، الكثير من المسلمين تحولوا إلى معاني تعتبر عطرا و عبقا يعبق بها التاريخ، فالناس عندما يتحدثون عن صلاح الدين الأيوبي و قطز مثلا إنما يتمنون و يرجون عودة تلك المعاني التي كانت فيهم.

إذن الإسلام يشع نوره في الأرض إذا تحول مجموع أفراده إلى منبع صافٍ تصدر منه المعاني السامية للحياة، و ما لم يصبح المجتمع المسلم مصدرا للمعاني الراقية النابضة بالحياة، فإنه يبقى بعيدا عن الرسالة التي يُطلب منه أداؤها، فالمعاني هي الروح التي تحرك الجسد الكبير للأمة؛ و لذلك ركز الإسلام على غرسها في نفوس المجتمع الإسلامي أفرادا و جماعات. 

رمضان ضحية العادات و التقاليد

مما سبق نصل إلى تقرير حقيقة مؤلمة بمناسبة شهر رمضان، حيث تغير تصور المسلمين إلى هذا الشهر الفضيل، و بتغير التصور تغيرت الممارسات التي يمارسها المسلمون خلال أيامه العظيمة.

فبينما كان رمضان في السابق يمثل شهرا خاصا بالعبادات، و التفرغ لقراءة القرآن الكريم و تدبر معانيه، و شهرا للبذل و الصدقات، و شهرا للجهاد و الفتوحات و الرباط، و شهرا للجود و الإيثار، و قيام الليل و الإنفاق، أصبحت صورته الماثلة في الوعي الجمعي للمسلمين صورة مخالفة لكل ما سبق تقريره.

المسلم بين معاني الصيام و جنون الاستهلاك

فالتناقضات التي أصبح المسلمون يعيشونها في رمضان تعبر في الحقيقة عن أزمة غياب المعاني اللصيقة بالإسلام و شعائره، و لنضرب لذلك أمثلة حتى تتضح الصورة: فقد أصبح شهر رمضان الشهر الذي يشهد أكبر مظاهر التبذير، حيث تشير الاحصاءات التي قدمتها جمعيات المستهلكين في العالم العربي إلى أن المسلمين يرمون في هذا الشهر نصف الكمية التي يطبخونها، في واحد من أسوأ المشاهد التي تشهدها الأمة الإسلامية في العالم العربي، كما تشير إلى أن المسلمين يرمون نصف كمية الخبز الذين يشترونه،  و هذه صورة مناقضة تماما لأحد معاني هذا الشهر، و الذي يعني الاقتصاد في الأكل و التفرغ للعبادة.

إلا أن الصورة النمطية لشهر رمضان هي أنه شهر للأكل بكل أنواعه، بل لا يوجد شهر في السنة الهجرية يشهد تنوعا في المأكولات و كثافة في الطبخ مثلما يشهده رمضان، و العجيب أن الكثير من الأسر تخرج زرافات و وحدانا قاصدة أكبر الأسواق و المولات لتدجيج المطبخ بترسانة هائلة من المواد التموينية و الغذائية، و كأنها مقبلة على حرب ضروس، و حصار خانق من عدو قريب.

و الحق يقال أن هذا أحد أهم الانحرافات التي طالت معاني الصيام، فبدل أن يرتاح المسلم من معاني الأكل و الاستهلاك يذهب إلى مضاعفة حضورها في شهر الصيام، و دليل ذلك ضخامة الموائد التي تشهدها الأسرة المسلمة في شهر رمضان.

فهل يمكن لمجتمع قد حوّل شهر الصيام إلى شهر للاستهلاك المفرط أن يستفيد منه؟ هذا السؤال تجيب عنه دائما الشهور التي تلي رمضان، إجابة سلبية، و من تأمل ذلك و طلبه وجده.

المسلمون في شهر القيام أم في شهر النوم؟

و من المعاني التي جاء رمضان لترسيخها في الفرد المسلم مجاهدة نفسه على القيام، و التنفل، إلا أن الواقع يثبت أن شهر رمضان هو الشهر الذي يتحول في العالم الإسلامي إلى شهر للسهر في الليل، و ليته سهر محمود، بل سهر في ما لا ينفع و لا فائدة منه، و هذا السهر أحد أهم أسباب عدم استفادة المسلمين من الصيام.

هل الصوم سبب ذلك الإرهاق الشديد؟

لأن المسلم الذي يسهر الليل كله يقضي معظم النهار في النوم؛ بسبب الإرهاق الشديد الذي يصيبهم خاصة في الفصول الحارة، و المؤسف في الأمر أن الكثير من المسلمين يربطون هذا الإرهاق الذي يصيبهم في شهر رمضان إلى الصيام، إلا أن الدراسات البريطانية التي أقامتها مراكز صحية بريطانية بالتعاون مع جمعيات إسلامية حول حقيقة التعب الذي يصيب المسلمين في شهر رمضان، أثبتت أن سبب ذلك يعود إلى اختلال الساعة البيولوجية التي تنظم النوم و الاستيقاظ، حيث يؤدي تحويل الليل إلى محل للنشاط، و تحويل النهار إلى محل للنوم إلى اختلال أنشطة الجسم بسب اختلال الساعة البيولوجية؛ ما يؤدي إلى انهيار الجسم، و عجزه عن أداء نشاطاته أداء طبيعيا.

و هذا صحيح فالحركة التي تشهدها الشوارع و مراكز التسوق ليلا، خاصة في العشر الأوائل و الأواخر من رمضان تثبت ذلك، خاصة في العشر الأواخر أين يتحول شهر رمضان إلى منطقة للتسوق، بينما يتحول في منازل كثيرة إلى فرصة لقضاء الوقت في تجريب صناعة عدد لا بأس به من الحلوى.

بالتالي نجد الأيام المعدودة التي يحويها رمضان قد تحولت إلى ما يشبه منطقة زمنية للدوران حول الماديات و الاستهلاك و مفرداته.

شهر للتقوى أم للمجون و الضياع؟

إن أحد أخطر الانحرافات التي مست المعاني الكبرى لرمضان كانت بسبب سرقة أهل المجون و الضياع لأيامه، و إصرارهم على إفساده و إفساد المسلمين الصائمين فيه، ففي بعض المحطات التلفزيونية يتم بث أغاني شعبية مباشرة بعد نهاية آذان المغرب، و الكثير من القنوات الفضائية في كل العالم العربي تخصص ميزانيات هائلة لإنتاج و شراء البرامج الترفيهية و الغنائية، في تحدٍ صارخ للمعاني التي شرع الله تعالى لأجلها شهر الصيام.

في بعض الدول العربية تنشط المسارح التي تفتح للناس في الهواء الطلق، و يدعى إليها المغنون و المغنيات،  و في أكثر الدول العربية تخصص أهم المسلسلات لتعرض في شهر رمضان، دون أن ننسى حصص الكاميرا الخفية، و حصص الضحك و غيرها.

لقد تم شفط معاني رمضان شفطا ممنهجا، في أكبر سرقة يتعرض إليها المسلمون، سرقة لم تمس أموالهم فقط، بل مست أوقاتهم الشريفة، و سرقت منهم فرصة كبيرة لغفران الذنوب و التقرب إلى المولى سبحانه و تعالى، و فرصة للعتق من النيران، و سرقت منهم فرصة كبيرة ليقتربوا من معاني الروحانية، و يتخلصوا من ثقل الأرض و أشيائها و مادياتها.

لماذا انحرفنا عن معاني رمضان و ما الحل؟

إن الانحرافات التي مسّت شهر رمضان هي نتاج طبيعي لحياة لا يحكمها الإسلام، بل تحكمها قوانين وضعية متناقضة مع روحه، و يسهر على تشريعها و تطبيقها من لا يهمهم أمر الإسلام و المسلمين، و من يرون الحياة مادة و استهلاكا و شهوات.

بالتالي بعيدا عن التهويل و التهوين يجب أن نعيد المسلمين إلى المعاني الحقيقية لشهر رمضان الكريم، يجب استعادة مسروقتنا، يجب الوقوف في وجوه لصوص رمضان، الذين لا يخشون في مؤمن إلا و لا ذمة، الذين دمروا معانيه الراقية، و قيمه السامية، و حولوه من شهر للعبادة إلى شهر عادات تعيسة، تبدأ من الأكل و تنتهي بالسهر و الرقص و النوم.

نحتاج في الأخير إلى تنبيه كل من يهمه شأن المسلمين إلى إيجاد خطاب عميق يستعيد المسلمين الذين سلبت عقولهم في ظلام الشهوات، نحتاج إلى خطاب مدروس جذاب يتحدث بالغايات و المعاني التي جاء بها الصيام، يجب إعادة ربط المسلمين بمعاني العبادة و خاصة عبادة شهر رمضان الكريم.

الرابط : http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-130-238166.htm

قراءة 1502 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 12 حزيران/يونيو 2018 11:39

أضف تعليق


كود امني
تحديث