قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 14 تموز/يوليو 2018 12:11

الجندر: المفهوم و الحقيقة و الغاية

كتبه  الأستاذ حسن حسين الوالي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

خَلَق الله - سبحانه و تعالى - الإنسان مِن ذَكَر و أُنثى؛ ليحقِّقَ التكاملَ بين رُكنَين هامَّين من أركان إعمار هذا الكوْن؛ بل هما الرُّكنان الأساسيَّان اللذان عُمِّر بهما و من أجْلهما هذا الكونُ و هذه الأرض؛ قال - تعالى سبحانه -: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَ السَّمَاء بِنَاءً وَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَ أَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22].

هذا التكامُل ليس حالةً خاصَّة بالإنسان تعْزِله عن سُنَّة الخلق، و السياق الكوني؛ بل هي حالة تنسجم مع ثنائية تعمُّ و تشمل المخلوقاتِ في هذا الكون، و التي يتحقَّق بها التوازن و الاتِّزان، فسبحانه و تعالى يقول في كتابه العزيز: {وَ الأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَ أَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق: 7]، و تَمضي سُنَّة الله في هذا الكون، و هي تكاد تعمُّ لتشملَ كلَّ المخلوقاتِ في هذا الكون الفسيح، الذي يحمل أعظمَ المعاني على عظمة الخالِق البارئ المصوِّر سبحانه.

الذي يقول - جلَّ من قائل -: {وَ هُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَ جَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَ أَنْهَارًا وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد: 3].

فهذه الثنائية الرائعة تمتدُّ، و تعمُّ و تشمل الوجودَ المادي، و الوظائفَ الفسيولوجية، و البيولوجية و الفيزيائية للمخلوقات؛ وصولاً إلى أرْقى شكل من أشكال الوجود في هذا الكون، و الذي يتربَّع عليه الإنسان بمنظوماته القِيميَّة و الاجتماعية و الثقافية، و التي تلقَّاها من ربِّ العالمين - سبحانه و تعالى - بمعرفةٍ عجزتِ الملائكة عن الوصول لها؛ {وَ عَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة:31].

هذه المعرفة و الإدراك الإيماني السائر على دَرْب الهِداية مُحارَب بغَواية إبليس اللعين؛ عدوِّ الإنسان، الذي أقسم حسدًا و حِقدًا على الإنسان ليُحيدَه عن طريق الصواب، و يأخذه إلى دروب الهلاك، و خزي الدنيا و الآخرة يُعمِي بصيرتَه عن الحقيقة القرآنية، و يوهمه بخيالات من الكَذِب الذي يُزيِّنه له بأنَّه حقيقة، و يجملها بكلِّ ما يملك من زُخرف فكري كاذب، فيضل الإنسان، و يظلُّ يُكابِر و يقدِّم خِدْماتِه لولي نعمته إبليس اللعين، و يتحوَّل من خاضع للضلالة إلى شخص مفتون بها، و يُضلُّ بها كثيرًا من الناس؛ ليبوءَ بذنبه و ذنوبهم.

ما دفعني للحديث بهذه المقدِّمة هو تهيئةُ القلوب و الأذهان لِمَا سأعرضه من أفكار حولَ قضية يتمُّ الحديث عنها، و تُتداول بفَهْم أو غير فهم، و تُسوَّق بين أبنائنا و بناتنا - خصوصًا الشبابَ - بقصد أو غير قصد، و حتى لا أكتمَ علمًا تعلمتُه أو أعلمه، فأُلْجِم بلجام من نار يومَ القيامة، فإنني أتناول هذه القضيةَ لأوضِّح بعضَ الحقائق المتعلِّقة بها.

الرجل و المرأة هما ذكر و أنثى من ناحية التعريف الجِنسي، لهما حسب المصطلح الإنجليزي sex ، يتم وصفُ الصِّفات البيولوجية و الفسيولوجية لكلٍّ منهما، و هي صفات واضحة و ثابتة، و لا يمكن العبثُ بهما، عِلمًا بأنَّه كانت هناك محاولاتٌ للتغيير في هذه الفسيولوجية بالنسبة للرجل و المرأة، فكانت النتيجةُ إنتاجَ مسوخ بشرية من المتحوِّلين جنسيًّا أو المتحولات.

و أمام هذا العجز في التغيُّر فيما خَلَق ربُّ العالمين الذكر و الأنثى، وقف دعاة المساواة المطْلقة بين الرجل و المرأة عاجزين أمامَ هذه الحقيقة الواضحة، غير القابلة للتغيير و العبث، ظهر في السبعينيات مِن هذا القرن مصطلحُ النوع الاجتماعي، أو الجندر، و مفهوم الجندر Gender كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني، و تعني في الإطار اللغوي Genus ؛ أي: (الجنس من حيثُ الذكورة و الأنوثة)، و إذا استعرْنا ما ذكرتْه (آن أوكلي) التي أدخلتِ المصطلح إلى عِلم الاجتماع، سنجد أنَّها توضح أنَّ كلمة Sex ؛ أي: الجنس، تشير إلى التقسيم البيولوجي بين الذكر و الأنثى، بينما يشير النوع Gender إلى التقسيمات الموازية و غير المتكافئة (اجتماعيًّا إلى الذكورة و الأنوثة)، و لديها كتاب عن هذا عنوانه (الجنس و النوع و المجتمع، عام 1972م).

بشكل أكثر وضوحًا، فإنه كما أوضحْنا: أنَّ الفروق الفسيولوجية بين الرجل و المرأة لا يمكن إنكارُها، كما لا يمكن العبث بها، و بالتالي فهي تقف كعلامة استفهام كبيرة أمامَ دعاة المساواة المطلقة بين الرجل و المرأة.

و مِن هنا تمَّ التركيز على (الجندر)، أو النوع الاجتماعي؛ لأنَّه يوضِّح الفروق بين الرجل و المرأة على صعيد الدور الاجتماعي، و المنظور الثقافي و الوظيفة، تلك الفروق النابعة كنِتاج لعوامل دِينيَّة و ثقافيَّة، و سياسية و اجتماعية؛ أي: إنها فروق صَنَعها البشر عبرَ تاريخهم الطويل، حسب مفهوم (الجندر).

و من هنا؛ إذا عجز البشر عن إزالة الفروق البيولوجية، فمِن الممكن إزالةُ الفروق النوعية (الجندرية) بين الرجل و المرأة، و ذلك مِن خلال برامجَ تنمويةٍ تعمل على تغيير قِيمي و بنيوي داخلَ المجتمع، يكفل إزالةَ هذه الفروق.

و مِن القضايا التي تحاول البرامجُ (الجندرية) التصدِّي لها: الوظيفة الاجتماعية للرجل و المرأة، على افتراض أنَّ الرجل يُهيمِن على المرأة، و يمارس قوَّة اجتماعيَّة و سياسية عليها ضِمنَ مصطلح المجتمع الذُّكوري، و بالتالي يجب منحُ المرأة قوَّة سياسيَّة و اجتماعيَّة و اقتصادية تساوي القوةَ الممنوحة للرجل في جميع المستويات حتى في الأسرة.

و قد عَرَّفت الموسوعة البريطانية (الجندر):
\"هي شعور الإنسان بنفسِه كذَكَر أو أنثى... و لكن هناك حالاتٌ لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، و لا يكون هناك توافُق بين الصِّفات العضوية و هُويته الجندرية، إنَّ الهُوية الجندرية ليستْ ثابتة بالولادة؛ بل تؤثِّر فيها العوامل النفسية و الاجتماعية بتشكيل نواة الهُوية الجندرية، و تتغيَّر و تتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية، كلما نما الطفل\".

(الجندر) حسب تعريف منظمة الصحة العالمية:

\"هو المصطلح الذي يُفيد استعماله وصفَ الخصائص التي يحملها الرجل و المرأة كصِفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العُضوية\".

و كما جاءت في (المادة الخامسة) من (السيداو)، و هي المادة التي تطالب - و بشدة - بتغيير الأنماط الاجتماعيَّة و الثقافية لدَور كلٍّ من الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على التحيُّزات و العادات العُرفية.

و قد ورد تعريف (الجندر)، حسبَ المنشور في أحد المواقع النسوية العربية على الشبكة الإلكترونية كما يلي: \"النوع الاجتماعي (الجندر): يتعلق بالأدوار المحدَّدة اجتماعيًّا لكلٍّ من الذكر و الأنثى، و هذه الأدوار تكتسب بالتعليم و تتغيَّر مع مرور الزمن، و تختلف اختلافًا واسعًا داخلَ الثقافة الواحدة، و مِن ثقافة لأخرى، و هذا المصطلح يشير إلى الأدوار و المسؤوليات التي يُحدِّدها المجتمع للمرأة و الرجل، و هو يعني أيضًا: الصورة التي ينظر بها المجتمعُ للمرأة و الرجل، و هذا ليس له عَلاقة بالاختلافات الجسديَّة (البيولوجية و الجنسية).

هذا؛ و يتمُّ تبديلُ مصطلح منْح المرأة القوَّة power بمصطلح تمكين empower mednt ؛ لتوصيف الأنشطة المتعلِّقة بإزالة الاختلافات الاجتماعيَّة و الثقافيَّة و الوظيفيَّة كافَّة بين الرجل و المرأة.

و نحو تحقيق إزالة الفروق الوظيفية بين الرجل و المرأة، فإنَّ الأمومة تأخذ حيزًا كبيرًا عند الجندريين، فعالمة الاجتماع (أوكلي) تقول: \"إنَّ الأمومة خُرافة، و لا يوجد هناك غريزة للأمومة، و إنما ثقافة المجتمع هي التي تصنع هذه الغريزة؛ و لهذا نجد أنَّ الأمومة تعتبر وظيفةً اجتماعية.

و هنا يظهر مصطلح \"الصحة الإنجابية\"، و هو - حسب المنظور الجندري - ليس كالمفهوم العالمي له، و الهادف إلى معالجة الإشكاليات الناتِجة من وظيفة المرأة كأمٍّ على مستوى الإنجاب، و التي قد تقف عائقًا أمام ممارستها لدَوْرها الجندري المساوي لدور الرجل، و مِن هذه الإشكاليات الحملُ و الرَّضاعة، و غيرها من الوظائف الفسيولوجية للمرأة، كما أنَّ هذا المفهوم أثار ضجَّة على مستوى عِدَّة مؤتمرات بهذا الخصوص، حيث أبدتْ بعض الدول المشارِكة تحفُّظاتٍ عليه، عندما وُجِد بأنَّه يشرع الإجهاض.

و كما جاء في التقرير الذي أعدتْه (لجنة المرأة) التابعة للأمم المتحدة؛ لمناقشته في اجتماعها المنعقِد في 12/مارس / 2004م، الذي ناقش محورين خاصَّين باشتراك الرِّجال و الصِّبية في تفعيل مساواة النوع Gender Equality ، و أيضًا استخدام اتفاقيات السلام في تفعيل مساواة النوع.

و قد لوحظ أنَّ الترجمة العربية للتقرير لم تشتملْ على البنود الخاصة بالاعتراف الرسمي بـ(الشذوذ وحماية حقوق الشواذ)؛ بل و السعي لقَبولهم مِن قِبل المجتمع، و تشجيع الشباب على ممارسة الزِّنا و الجهر به، و اعتبار ذلك تعبيرًا عن (المشاعر)، و دعمًا لتعليم الممارسة الجنسيَّة بمختلف أشكالها الطبيعيَّة و الشاذَّة.

انظروا على سبيل المثال كتاب \"الأسرة وتحديات المستقبل\" من مطبوعات الأمم المتحدة (صفحة: 36 - 42)، و فيه يجد الباحثُ الاجتماعي أنَّ الأسرة يمكن تصنيفها إلى 12 شكلاً و نمطًا، و منها أُسر الجنس الواحد؛ أي: أُسر الشواذ.

و بالتالي فإنَّ ذلك نتاجٌ طبيعي لأنشطة الجندريين التي تهدف إلى إزالة الاختلافات الثقافية، و الاجتماعية، و الوظيفية، بين الرجل  و المرأة، تحتَ شعارات المساواة، و تمكين المرأة، و تمكين الشباب...إلخ.

هذه الدعوات و البرامج مهما كانت أهدافُها و غاياتها، إلاَّ أنَّها تتنافَى و الفطرةَ التي خلق الله عليها الإنسان رجلاً و امرأة، و تصطدم - و بشكل سافر - بعقيدتنا و دِيننا الذي نؤمن به، تلك العقيدة التي ترتكز على أنَّ الإنسان الذي خَلقَه الله ربُّ العالمين مِن زوجين اثنين؛ آدم و حواء - جزءٌ من الثنائية المتناغمة في هذا الكون، و الذي يحقِّق بها التوازن، و الثبات و الأعمار.

هذه الحقيقة التي أقرَّها الله في شريعته، و أنزلها على أنبيائه الذين علَّموها للبشر، شرائع و نواميس تنظِّم الحياة الإنسانية، و تُحافِظ على إنسانية الإنسان الذي كرَّمه الله، و أمر الملائكة بالسجود له، و تتكفَّل له بطريق الخير و السعادة في الدنيا و الآخرة؛ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَ مَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الأَسْبَاطِ وَ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136].

هذا الدِّين الذي نؤمِن به رجالاً و نساءً جَعَل العلاقة بينهما علاقةَ مودة و رحمة و سكن، تُبنَى فيه الأُسرة التي هي النواة الأولى في بناء الفرْد و المجتمع، و الدولة و الأمَّة، و نؤمِن بأنَّ كل ما جاء به هذا الدِّين هو حقٌّ، و إن لم يكن لنا فيه نفع ظاهر، فإنَّ الله - سبحانه و تعالى - له فيه حِكمة قد لا ندركها كبَشَر في مكانٍ ما و زمان ما؛ قال - سبحانه و تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، فهم قوَّامون على النساء، و لكن بضوابط وضَعَها الشرع؛ حفاظًا على هذه المرأة، التي هي مخلوقة من مخلوقات ربِّ العالمين، حالُها كحال الرجل، فكيف يظلم الله مخلوقًا خَلَقه؟!

فإذا كان الرجل قوَّامًا على المرأة، فإنَّ النساء كُرِّمن بسورة خاصَّة بهنّ، فيها من الضوابط و الأحكام ما فيه؛ حفاظًا على كرامة المرأة و إنسانيتها، و حقوقها الاقتصادية و الاجتماعية و الشرعيَّة.

ما أتمنَّاه لكلِّ امرأة معذَّبة مضللة، تسعى نحو وهمٍ كاذب في الحرية التي فيها عبوديتها و هلاكها، حالها حال الفراشة الحائمة حولَ نور المصباح.

إنَّ رب العالمين خصَّ مريم بنتَ عمران بتكريم ربَّاني، و تطهير و تزكية، و هي امرأة.

هذا الدِّين الذي أقرَّ الاختلاف ليس تفضيلاً للرجل على المرأة، بل تفضيل لكلٍّ منهما على الآخر في كلِّ مجال من مجالات الاختلاف؛ قال تعالى {وَ لاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَ لِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32].

هذا الدِّين الذي أقرَّ الاختلافات بين الرِّجال و النساء، و نهانا عنها تربيةً لنا رجالاً و نساء؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه و سلَّم -: ((لَعَن الله المتشبهين من الرِّجال بالنساء، و المتشبهاتِ من النساء بالرجال)).

و هذا الدِّين الذي أوصانا بالنِّساء خيرًا، فجعل مَن يكرمهنَّ هو الكريم، و أمرنا بالرِّفق بالقوارير، فقد كان آخِرُ كلام نبينا الحبيب - صلوات الله عليه و سلم -: ((أوصيكم بالنِّساء خيرًا)).

فإذا كانت الدعوات الكاذبة لأصحاب الفِكر الفاسد، و القلوب الخَرِبة، و النفسيات المشوهة، ذكورًا و إناثًا، و إن حاولوا أن يُغلِّفوها بغلاف من الزيف، و يُزيِّنوها بدعوات كاذبة، و شعارات رنانة؛ بدعوى السعي للدِّفاع عن حرية المرأة، أو تخليصها مِن ظُلم يقع عليها، أو تفعيل دورها في المجتمع....إلخ، و هي دعواتٌ كاذبة، تُغطَّى بستار من الضلالة، الغاية النهائية للمروِّجين و المروِّجات لأفكار (الجندر) بكل ما يحمل من تقليعات و مسميات من جندرة اللغة، و جندرة السياسة، و جندرة الأدب، و جندرة الأُسرة، و جندرة الاقتصاد...إلخ، مما أفرزته العقلياتُ المريضة، و النفسيات المشوهة المسيطرة في مؤتمرات بِكين و القاهرة، و صنعاء و روما، من أفكار رفضتها معظمُ الدول المشارِكة في هذه المؤتمرات؛ لأنَّها تتنافَى و الفطرة.

و نرفضها نحن بقلوبنا، بعقولنا، بألسنتنا، و بكلِّ ما أوتينا من قوَّة؛ لأنها إذا كانت تتنافى مع الفطرة، فهي تصطدم بمعتقداتنا و دِيننا الإسلامي، و قِيَمِنا الأصيلة.

و هو رفضٌ لا يحمل شبهةَ الوقوف في وجه حقوق المرأة؛ بل هو رفضٌ يحافظ على المرأة، و يضعها في المكانة السامية التي اصطفاها لها ربُّ العالمين، بأقدس رسالة، و هي الأمومة التي رفعتْ درجتَها في الدِّين و الدنيا ثلاثة أضعاف درجةِ الرجل؛ ((قال: أمك، ثم مَن؟ قال: أمك، ثم مَن؟ قال: أمك، ثم مَن؟ قال: أبوك))، هذا الاصطفاء الذي لم يقف عائقًا في وجه المرأة لأن تكونَ شاعرة و فارسة و ممرِّضة، فتحتَ جناح هذا الدِّين ترعرعت النِّساء، و سجلنَ للتاريخ أسمى أمثلة، و في شتَّى المجالات، في التمريض كانت الصحابية رُفيدة، و نَسِيبة بنت كعب الفارسة، عنها يقول - صلَّى الله عليه و سلَّم -: ((ما التفتُّ يومَ أُحد يمينًا و لا شِمالاً إلاَّ و أراها تقاتل دوني))، و في الطبِّ كانت الطبيبة المداوية الشِّفاء بنت عبد الله، و على هُدَى القرآن الكريم و دَرْب المصطفى إلى يومِنا هذا، كم مِن نَسيبة بنت كعب، و كم من الشفاء بنت عبد الله، ترعرعن في كنف أُسرة قامتْ على أساس مِنَ السكن و السكينة، و كان بين ركنيها - الرجل و المرأة - المودة و الرحمة، و ليس الصِّراع القائم على مفاهيمَ تناحرية مِن منطلق اعتقاد المرأة بأنَّ دورها في الأسرة عِبارةٌ عن اضطهاد لها، و يجب أن تُصارِع مضطهدَها؛ لتنتصرَ عليه، و إن لزم الأمرُ تبحث عن القوَّة و التمكين من خارج الأُسرة، و الجندريون جاهزون!!

الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الدِّين، يحترم آدميتَنا، و يُخرجنا من عبادة العِباد إلى عبادة ربِّ العباد، و أكرمنا بأن جعلنا مسلمين موحدين، و شرَّفَنا بأشرف الخَلْق محمَّد - صلَّى الله عليه و سلَّم - النبي الأمين، و شرَّفنا بالقرآن الكريم؛ حُجَّة على الكافرين و الفاسقين إلى يوم الدِّين.

و كرَّمنا فلسطينيِّين على هذه الأرض المقدَّسة، ساحل من سواحل الشام، أو بيت المقدس و أكنافه، نعيش مرابطين محتسبِين، و نقضي شهداء - بإذن الله.

الرابط: http://www.saaid.net/female/0165.htm

قراءة 1352 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 25 تموز/يوليو 2018 10:38

أضف تعليق


كود امني
تحديث