قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 21 آذار/مارس 2019 19:29

الإجتهاد الزائف

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ليس في الإسلام كهنوت يحتكر التكلُّم باسم الله، أو تفسير الوحي، أو الاستئثار بالمعرفة الدينية؛ كما هو الحال في المسيحية، هذا هو الحقُّ الذي عليه الأمَّةُ منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم، لكن هذا لا يعني بحالٍ أن الدين كلأٌ مباح، يتناوله و يفسِّره كلُّ من شاء بهواه و مزاجه، بل إن لشؤون الدين علماءَ متخصصين يعرفون دقائق اللغة العربية، متبحرين في علوم القرآن و السُّنة، كما يوجد متخصصون في الاقتصاد و القانون و الهندسة و الإدارة و غيرها، لكن من المؤسف أن تجد في زماننا هذا مَن يحترم جميع التخصصات، و يقصد أهلَها عند الحاجة، و يسلِّم بأقوالهم، فإذا تعلَّق الأمر بالمسائل الدينية، نصب نفسَه عالِمًا و فقيهًا و مفسِّرًا و مفتيًا، و سمح لنفسه برفض إجماع العلماء، وجزم برأيه في أصعب المسائل، و كأنه مجتهد و مجدِّد.

يجب أن يكون الأمر واضحًا: أنا ضد التقليد الأعمى، و مع البحث و التحقيق في كلِّ ما يتعلق بالمرجعية الدينية و الأحكام الشرعية  و تاريخ الأمة، لكن هل من المعقول و المقبول أن يقتحم هذه المجالاتِ من لا يمتلك أدوات البحث و التحقيق؟! هل يكفيه أن يكون قد قرأ رسالة أو كتابًا أو رأيًا، حتى ينتصب للنقاش العلميِّ الذي يحتاج إلى بضاعة راسخة موثقة؟! هل يُسمح له بمثل هذا لو تعلَّق الأمر بمسائلَ قانونية أو طبية مثلًا؟! لماذا يتوقف هنا، و يندفع هناك؟!

أيهما أشدُّ خطرًا بالنسبة للمسلم: المباحث الدينية أم الدنيوية؟! أليس الخطأ في هذه أهونَ من الخطأ في الأولى؟!

من أغرب ما رأيت في حياتي الدعويَّة و العلمية أن غير قليل من الناس يفتقرون إلى أخلاقِ طلبة العلم، و على رأسها التواضع، فتجدهم لا يقصدون العلماء للانتفاع منهم، بل لمجادلتهم، فهم لا يعدُّون أنفسهم طلبةً يتعلمون، بل علماء بلغوا درجة الاجتهاد، يُخطِّئون البخاريَّ و مالكًا، و ابن تيمية و ابن باديس و القرضاوي، و يقولون بكل تبجُّح: هم رجال و نحن رجال! في حين لا يعرفون شيئًا عن قواعد التفسير، و لا علم الأصول، و لا مصطلح الحديث، فصنيعُهم كمن يدرس في الجامعة الإسلامية، و يرد نظريات بيتاغور و نيوتن و أينشتاين، أليسوا سيقولون عنه: متطفِّل؟

إن هؤلاء لا يقصدون العلماء ليعرفوا ما لا يعرفون، أو ليسألوا و يأخذوا الإجابة، و لكنهم يتلقَّفون الشبهات من المستشرقين و"الحداثيين"، و أولئك الذين يُطلِق عليهم الإعلامُ الفرنسيُّ المناهض للإسلام: (مفكِّري الإسلام الجدد)، نعم يأخذون الشبهات حول القرآن و السُّنة و التاريخ، ثم لا يَسألون عن الرد الإسلاميِّ عليها، و لكن يعتبرونها حقائقَ ثابتة، فإذا واجهْتَهم بأقوال العلماء القدامى و المحدَثين، و كيف دحضوا هذه الشبهاتِ منذ زمن بعيد - أعرَضوا و تكبَّروا، و أعرَبوا عن رفضهم لكل المفسرين و المحدِّثين و الفقهاء و المفكرين عبر التاريخ؛ لأن المراجع التي يثقون بها هي ماسينيون و جاك بيرك، و أركون و عدنان إبراهيم!

لعل الواحد من هؤلاء "المجتهدين" لا يحافظ على صلاته و لا أوراده، و تديُّنُه رقيق، و بدل أن يعتنيَ بتزكية نفسه، و الاستزادة من المعرفة الشرعية، و الإقبالِ على الاستقامة، تجده يخوض في المسائل العويصة التي تنقطع فيها أعناق الإبل، و يرفض تراث المسلمين كلَّه بدءًا بترتيب المصحف و ثبوت السُّنة النبوية، و غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم، و مكانة الصحابة، و انتهاءً بالأحكام الشرعية المتعلِّقة بالمرأة و غير المسلمين و الرِّدة، ومرورًا بنزول المسيح و ظهور المهدي... كلُّ هذا لا بد من إعادة النظر فيه؛ لأنه غير ثابت، بل هو نتيجة تلاعب السياسيِّين و الفِرَق المختلفة! و ليس للأمة ثوابتُ إذًا، و هي تموج في الخطأ منذ نشأتها، و لم يكتشف الحقيقةَ إلا هؤلاء المتأخرون الذين يسْتقون "الحقائق" من المستشرقين و الشيعة و"القرآنيين" و القديانيَّة.

إنه الشذوذُ الفكريُّ المنبعث من قلة البضاعة العلمية، و ضَعف الإيمان الذي يجعل أصحابه يقتحمون المزالق الخطرة بكل خفَّة، و كأن الأمر رياضة أو تسلية، و ليس دينًا، ناقشَني أحدُهم - و هو يعمل في ميدان لا علاقة له بالدراسات الشرعية - في قضية الجهاد، و جزم بكلِّ قوة - كما يفعل المستشرقون بخبث و دهاء - أن الغزوات كانت مجرد دفاع عن النفس، أما الفتوحات، فهي عدوان خالَف فيه المسلمون الهدي النبويَّ، فسألته عن غزوتي حُنينٍ و تبوكَ، و قد كان الجهاد فيهما استباقيًّا و ليس للدفع - و الظاهر أنه لم يكن يعرف عن ذلك شيئًا، ثم قرأ عنه و تأكَّد من صحة كلامي - و قلت له: هل كان الرسول صلى الله عليه و سلم مخطئًا إذًا؟! فردَّ عليَّ بتوتُّر واضح: إذا كان الأمر كذلك، احمِلوا السلاح، و قاتِلوا العالم كلَّه! و مِن ثَمَّ فإن وجه الخطورة في كلامه أنه لا يسلِّم لحكم النبيِّ، بل يُحكِّم عقله، أو بالأحرى عقلَ غيرِه، و مع ذلك فهو مسلم، بل هو وحدَه المسلم، و نحن جميعًا غارقون في الدجل و الكذب و التحريف، و على رأسنا العلماء و الفقهاء و المفسِّرون، و الدعاة و المفكرون! تفاسيرُنا كاذبة، سُنة نبيِّنا محرَّفة، فقهُنا مغشوش، تاريخنا مزوَّر، و مِن ثَمَّ إسلامُنا كله لا وزن له، هذا ما اكتشفه في القرن الخامس عشر "مسلمون" قلما قرؤوا القرآن، أو اطلَعوا على السُّنة.

أريد أن أؤكد لإخواني أن مداخل الشبهات سهلة، لكنها دهاليز لا يُحسن الخروجَ منها إلا مَن وفَّقه الله تعالى، و من كان غيورًا على دينه، فليتعلمه من مصادره التي أجمعت عليها الأمةُ، و ليَتركِ اصْطياد الشبهات و المسائل الشاذة؛ فإنها تُقسي قلبه، و تلوِّث عقله، و تُبعده عن جمهور الأمة، و تحشره مع الطوائف الشاذة، و التواضعُ أمام العلم و العلماء و تراث الأمة العلميِّ: يَعصم من الزلل، و لو اشتغل كل واحد منا بالمجال الذي يعمل فيه، و أتقن أداءه، لكان أفضل من تركه و الغوص في مسائلَ العلمُ بها لا ينفع، و الجهل بها لا يضرُّ، و قد زاد الطينَ بِلَّةً ما وفَّره الإنترنت من فضاء مفتوح لشباب أغرار، و كهول متطفلين، اطلعوا على صفحات معدودة من كتب، فحسِبوا أنفسهم علماءَ محققين،  و فقهاءَ مدققين، يأتون بما لم تستطِعْه الأوائل، و كلامُهم في الحقيقة صريرُ باب، و طنينُ ذباب، لو كانوا يعلمون!

و من أنفع الطرق في التعامل مع هؤلاء: تركُ مناقشتهم و جدالهم؛ لأنه لن يزيدهم إلا استكبارًا، أما ما يحتاج إلى مراجعة من مسائل الدين و التاريخ، فيُرَد إلى أهله، و علينا أن نُقبِل عليهم لنتعلَّم لا لنتعالم؛ ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، ﴿ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].

الرابط :https://www.alukah.net/culture/0/117958/

قراءة 1068 مرات آخر تعديل على الإثنين, 01 نيسان/أبريل 2019 09:50

أضف تعليق


كود امني
تحديث