قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 20 آب/أغسطس 2020 05:38

أفكار من وحي الهجرة النبوية المباركة

كتبه  الأستاذ محمد حقي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في عصرنا هذا أصبحنا في حاجة ماسة إلى تجديد النظر  و تعميقه في مجموعة من المفاهيم الإسلامية، و محاولة تفكيكها و البحث عن القيم المركزية الكبرى المكونة لجوهرها، ثم إعادة صياغتها معرفيا و منهجيا و مقاصديا، و استعادة رسالتها و فاعليتها و دقتها و واقعيتها، لأن الجمود الفكري في القرون المنصرمة ساهم في قتل و تشويه حزمة من المفاهيم المركزية في الإسلام، و أفقدها جوهرها و حيويتها و أجهز على قوتها و إمكانيتها الحضارية.

و مفهوم “الهجرة” من بين المفاهيم التي ينبغي تجديدها و بناء الوعي الرسالي بمقاصدها و القيم البراقة و المعاني الرقراقة المستنبطة من هذا الحدث العظيم في تاريخ المسلمين، و الذي يعد مبعثا و منطلقا حضاريا لميلاد حقيقي للأمة الإسلامية.

و أما الهجرة في اللغة فقال الجوهري: الهجر ضد الوصل، و المهاجر  من أرض إلى أرض ترك الأولى للثانية، و التّهاجر هو التقاطع قال تعالى: (   وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) [النساء:34]

و أما الهجرة في المدلول الإسلامي هي الحدث الكبير الذي شكل منعطفا فارقا في تاريخ الدعوة الإسلامية، و هي هجرة النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه من مكة إلى المدينة، بعد الاضطهاد و التعذيب الذي تعرضوا له من طرق صناديد قريش.

و كان من مقاصد الهجرة النبوية المباركة هو البحث عن أرض طيبة لغرس بذرة الإيمان و التمكين للعقيدة التوحيدية الربانية، و توفير الأمن و السلام للمؤمنين الذين اتبعوا هذا الدين القيّم، و إيجاد أنصار أقوياء أمناء يسهمون في بناء الدولة الإسلامية على أصولها الإنسانية و الربانية المؤسسة على العدل و التسامح و الحرية و الأخوة و العمل و التحضر، و الخروج من الظلام العلمي و الظلال الأخلاقي و الفساد السياسي و الانغلاق الحضاري و المعارك و الحروب العبثية و الهمجية الطاحنة.

و لكن لا بد أن نقف وقفات تأملية لاكتشاف و استخراج الدروس و الدلالات العميقة من حدث الهجرة النبوية، من أجل استيعاب دقيق للدين و دوره في حياتنا و واجبنا اتجاهه، و حسبنا أن نقف على الدروس و المركزية التي ينبغي تعلمها من حدث الهجرة المباركة و آفاق جديدة لبناء مفهوم الهجرة.

   دروس من وحي الهجرة النبوية

أولا درس التجرد والإخلاص لله تعالى:  وهو أهم درس نتعلمه من هذا الحدث الكبير، لأنه فعل الهجرة ليس بالأمر السهل و البسيط، لأن فيه تركا للأموال و الدّور و الأبناء و الأحبة و للغالي و النفيس من أجل رسالة الإسلام أي من جل الله و من أجل رسوله صلى الله عليه و سلم، و هنا وقف الرسول الكريم لكي يؤكد على مضمون الهجرة و مقاصدها العالية بقوله في الحديث الصحيح “إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”.

ان من مقاصد الهجرة النبوية المباركة هو البحث عن أرض طيبة لغرس بذرة الإيمان و التمكين للعقيدة التوحيدية الربانية، و توفير الأمن و السلام للمؤمنين الذين اتبعوا هذا الدين القيّم، و إيجاد أنصار أقوياء أمناء يسهمون في بناء الدولة الإسلامية على أصولها الإنسانية و الربانية

و هذا الحديث يعد أساسا في الشريعة للتفريق بين العادات و العبادات و قد جعله بن حجر العسقلاني في مصنفه فتح الباري ركنا من أركان العمل التعبدي (كالصلاة و الصيام و الحج ..) و شرطا لصحتها لقبولها، فالأعمال أيها الأحبة صور قائمة و روحها و لبها هو نية الإخلاص و التجرد فيها لله تعالى.

ثانيا درس اليقين و الثقة بوعد الله تعالى: و هذه القيمة كانت بارزة في هجرة النبي صلى الله عليه و سلم مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه الصاحب و الرفيق الأمين القوي، و خاصة عندما أدركهما الكفار عند الغار فقال أبو بكر للنبي “لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا” فأجابه النبي صلى الله عليه و سلم واثقا و موقنا بوعده و نصرته “يا أبا بكر .. ما ظنك باثنين الله ثالثهما” فصنع عند أبي بكر الصديق استشعار قيمة معية الله تعالى للمؤمن الصادق الناصر للحق القائم على الخير، فأنزل الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة يقول فيه الله تعالى “ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا” هذه الآية ينبغي أن تكون شعار للمسلم الرسالي و الرباني في وجه التحديات و الصعوبات التي يجدها في حياته، ينبغي أن يستحضر معية الله تعالى و نصرته و حفظه للمؤمنين، يتوكل على الله تعالى و يجتهد في التخطيط المحكم و الأخذ بالأسباب الدنيوية.

ثالثا درس النصرة و الأخوة الإيمانية الصادقة: و من بين الأهداف الإستراتيجية للهجرة هي البحث عن أنصار للدعوة الإسلامية، يقومون بحمايتها و إقامة رسالتها و الإسهام في نشرها في الآفاق و الدفاع عنها عند الأخطار و الكروب، فكان للأنصار دور كبير في التمكين للدين و نصرة المؤمنين، فالمدينة أصبحت مركزا لدولة الإسلام و منطلقا لقيمها و أحكامها و مهدا لحضارتها الراشدة، لذا سمي أهل يثرب بالأنصار لأنهم نصروا رسول الله صلى الله عليه و سلم على إقامة دين الإسلام.

و قد قدم الأنصار درسا كبيرا في ترسيخ و تحقيق قيمة الأخوة في الله تعالى و ترجمة معانيها السامية المثالية إلى واقع عملي، و ذلك حينما آخى النبي الأكرم بين المهاجرين و الأنصار على التقوى و النصح و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فبادر الأنصار إلى إيواء المهاجرين و اقتسام المال و المسكن و الزاد معهم بل و الاجتماع على الحب في الله تعالى و الولاء و الوفاء من أجل خدمة الدين و نصرة الأمة.

فالأخوة في الله تعالى قيمة مركزية في الإسلام يحتاجها المسلم في تعلم أحكام دينه و حماية تدينه و استقامته و التعاون على إقامته و نشر قيمه العالمية العابرة للحدود الجغرافية و الزمانية، و لها أجر كبير عند الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما, و أن يحب المرء لا يحبه إلا لله, و أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار )  رواه البخاري. و ما رواه مسلم عن أبِي هريرة – رضِي الله عنه – عنِ النَّبيّ – صلَّى الله عليه و سلَّم – أنَّ رجلا زار أخًا له في الله، فأرصد الله له ملَكًا، فقال: أين تُريد؟ قال: أُريد أن أَزور أخِي فلانًا، فقال: لحاجة لك عنده؟ قال: لا، قال: لقرابةٍ بيْنك و بينه؟ قال: لا، قال: فبِنعمة له عندك؟ قال: لا، قال: فبم؟ قال: أحبُّه في الله، قال: فإنَّ الله أرسلني إليْك يُخبرك بأنَّه يحبُّك لحبِّك إيَّاه، و قد أوجب لك الجنَّة.

آفاق جديدة في فيه الهجرة النبوية

 و يبقى معين الهجرة حيا لا ينضب و لا يتقادم كلما تبددت الأيام و السنون، حيث يكتشف الباحث و المتأمل آفاق جديدة لمفهوم الهجرة و محركاتها التربوية و الحضارية من أجل استيعاب أوسع لفقه التدين و النصرة، فالهجرة قد انتهت بعد فتح مكة حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” لا هجرة بعد الفتح و لكن جهاد و نية” فالجهاد و النية و الإيمان بالغيب و الثقة في المستقل هي روح الهجرة و جوهرها ، فالنبي الكريم أعاد بناء مفهوم الهجرة من حدث زمني و مكاني إلى قيمة أخلاقية و وسيلة للوصول إلى معارج الكمال الرباني قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” أفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك عز و جل “.  و قال صلى الله عليه و سلم ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده المهاجر من هجر ما نهى الله عنه” رواه البخاري.

الأخوة في الله تعالى قيمة مركزية في الإسلام يحتاجها المسلم في تعلم أحكام دينه و حماية تدينه و استقامته و التعاون على إقامته و نشر قيمه العالمية العابرة للحدود الجغرافية و الزمانية

فينبغي للمؤمن أن يهاجر هجرة روحية و يرتقي في منازل الإيمان و مدارج المعرفة، هجرة فيها إرادة الفرار إلى الله تعالى و الاقتراب من صفاته و أسمائه الحسنى، و اتباع سنة رسوله الكريم و الاقتداء به في أخلاقه و أحواله و جهاديته، قال ابن القيم كلاما نفيسا في مصنفه طريق الهجرتين : ” و الهجرة هجرتان: هجرةٌ إلى الله بالطَّلَب و المَحبَّة، و العبودية و التوكُّل، و الإنابة و التسليم و التفويض، و الخوف و الرجاء، و الإقبال عليه، و صِدْقِ اللَّجَأ و الافتقار في كلِّ نفَسٍ إليه، و هجرةٌ إلى رسوله – صلَّى الله عليه و سلَّم – في حركاته و سكناته، الظَّاهرة و الباطنة؛ بِحَيث تكون موافِقَة لِشَرعه الذي هو تفصيل مَحابِّ الله و مَرْضاته، و لا يقبل الله من أحدٍ دينًا سواه، و كلُّ عمل سواه فعيشُ النَّفْس و حَظُّها، لا زادَ المعادِ”.

و قال العزُّ بن عبدالسلام في موسوعة نظرة النعيم  “الْهِجرة هجرتان: هجرة الأوطان، و هجرة الإثْم و العدوان، و أفضلهما هجرة الإثم و العدوان؛ لِما فيها من إرضاء الرحمن، و إرغام الشيطان”.

و إن تدين المسلم يبنى و يتقوى بتقليب النظر في الآيات القرآنية و الكونية و تجديد الفكر  و تثوير العقل و تحريكه من أجل اكتشاف معاني و آفاق جديدة لفهم الإسلام و ترشيد التدين و شحذ الفاعلية للعطاء و العمل من أجل تحقيق الوجود الحضاري و الصلح مع الأدوار الرسالة المنوطة بالمسلم في علاقته بالله تعالى و علاقته بنفسه و مجتمعه و أمته و الإنسانية جمعاء.

الرابط : https://islamonline.net/9114

قراءة 912 مرات آخر تعديل على الخميس, 20 آب/أغسطس 2020 07:04

أضف تعليق


كود امني
تحديث