قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 28 آب/أغسطس 2020 05:47

مسلم اللّامبالاة

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كانت العرب في الجاهلية غارقة في الفوضى و هائمة في التوحش، لا تعرف انضباطاً في سلوكها، و لا رشداً في تفكيرها، و لا انتظاماً في تدبيرها، حيث تعودت القبائل العربية على حياة النهب السلب و السبي، و ألِفت الإغارة على بعضها البعض، فكان قانون الغاب هو القانون الحاكم فيهم، و سادت فيهم نفسية التوحش حتى أكلت فطرتهم، إلى أن جاء الإسلام و نشر روحه السمحة الحضارية فيهم، فغيَّرهم تغييراً تاماً، فصاروا رعاة الأمم بعد أن كانوا رعاة الإبل، و صار هَمُّ الواحد فيهم نشر مبادئ الإسلام و رسالته، في أصقاع الأرض، لا يدخر في ذلك جهداً، و لا يشح بمال، فغيَّر الله الأرض على أيديهم، و ملأها عدلاً و سعة، بعدما غرقت في الظلم و الاستعباد قروناً، حتى سرت هذه الروح في عمق النفس المسلمة، و صارت جزءاً محركاً لها، و لا ينفصم ذلك عن تكوينها، فالمسلم هو التقدمي المتحضر، الذي لا يقبل السكون و القعود، بل حيثما كان غيَّر و أثَّر، و ظل الأمر كذلك، إلى أن ابتلينا بهذه العقود الأخيرة، التي لم يعد المسلم فيها، يشابه سلفه الأول، إلا في الاسم، و بعض التقاليد، إنه مسلم التبعية و الركود و اللامبالاة، مسلم غارق في التسيب إلى رقبته، مهمل لأدنى الواجبات، معرض عن أغلى المهمات من حراسة الدين و الدنيا.

و لا شك أن هذا الخَلْفَ نتاج لهذه المنظومات المتخلفة المستبدة، التي أخرجت أجيالاً قاعدة عن البذل والعطاء، بل و كرّست فيهم التسيب و الإهمال  و التواكل على الأخر، بل صار الواحد فيهم يتفوه بعبارات مثل (من العمل إلى المنزل) (تبعد عن راسي)..

لو تأملنا هذه العبارات و وقفنا أمامها وقفة تأمّل و تحميص، لوجدناها عبارات معبرة عن واقع الحال، من تردٍ في نفسية المسلم، و انحطاط في الهمة، و شلل في الإرادة، و قصور في الفكر، إنها تعني أن هذا المسلم لا يعنيه ما يقع حوله، و أنه مستقيل من تبعات الحياة، و أنه قد أقال نفسه من عملية التغيير و الإصلاح و الانجاز، و هو مسلم يخالف في ذلك أدنى ما كان يطلبه منه الإسلام، فقد كان النبي عليه الصلاة و السلام يديم الاستعاذة من العجز، و كان يفعل ذلك كل صباح، حتى يربط الأمة بحياة العمل و نفسية البذل، و حمل همّ مواجهة الحياة، أما اليوم فان المسلم قد جمع العجز في الفكر و اللسان و اليد، بعد أن تنكّب هدي النبي عليه الصلاة و السلام في خوض معترك الحياة و تبعاتها الجمّة، لقد جعل الإسلام إماطة الأذى من الطريق من شعب الإيمان، و علامة واضحة على حركيته في قلب المسلم- رغم أنه سلوك يحتقره الكثير من المسلمين - فكيف يفسر -اليوم- موقف المسلم المتخاذل حتى عن نصرة نفسه و عرضه، و صيانة ماله، و هو الذي يتلو آيات البذل و العطاء، و يمر بقصص أولي العزم، و يقرأ أحاديث العمل و أدعية القوة و النشاط؟

إن الأسباب كثيرة، و لكن السبب الرئيس هو هذه المنظومات، التي مجدت و قدست شخص الحاكم عبر عقود طويلة، و همشت و ألغت دور الفرد من الحياة، حتى لم تعد له غاية سوى الأكل و الشرب و النوم، و تم ترسيخ أفكار هدامة لكل محاولة توثب إيجابي في الحياة، فقضايا المسلمين من اختصاص الحاكم وحده، و تقرير مستقبل الأجيال من صلاحيات الحاكم وحده، و هو وحده المخول في التصرف في ثروات الأمة و مقدراتها، وفق ما يراه هو و يشتهيه، و هو صاحب الشأن الأوحد في التعامل مع المنظومات التربوية تبديلاً و إلغاءً و تلاعباً، و هو صاحب الأمر الوحيد في تحديد المنكر، و أما الرعية الضائعة، فإن مهمتها تقتصر على الجلوس خلف شاشات التلفاز،  و الإشادة بإنجازات فخامته و عصابته، أو الجلوس وراء جدران الجريدة و قد سلمها عقله طواعية و سلماً، تشكل له المشهد وفق رغبات صاحب الجلالة و حاشيته، و هكذا تتوالى الأيام على المسلمين تصفيقاً و قعوداً، فلا دور لهم، بعد أن ترسخ ما أرادته هذه المنظومات في نفوسهم المنسحقة، من أنه لا أهمية لهم في الحياة، و لا دور لهم في تحريك دفة السفينة، إنما عليهم الخضوع و السكون، و ترك الأمر للحاكم الراشد و عصابته الشريفة، فذلك سر بقائهم و استقرار أمنهم، و أي محاولة لأخذ زمام مبادرة راشدة، أو إحياء فقه الحياة الصالح، فإنها تعني الفوضى، و الجوع، و الأمن، و بالتالي الضياع في غياهب المجهول، و الانحدار في غير ما هو مأمول.

لقد بنت هذه المنظومات جدراناً متعالية في حياة المسلمين، مادتها التسيب، و أساسها التميع، و إسمنتها الركود، و لبناتها اللّامبالاة، و أعمدتها التقاعس، فحالت بين المسلم و بين الحركية في الحياة، و التفاعل الإيجابي معها، تغييراً و تقريراً و إصلاحاً و ترشيداً، فصرنا نقرأ إحصائيات رهيبة عن ارتفاع عدد الجرائم في المجتمع، و تفشي ظاهرة الانتحار، و ظهور الشذوذ و كثرة الطلاق، و تغلغل الاكتئاب و الإدمان في حياة المسلمين بشكل مخيف، و لذلك وجب أن نساهم جميعاً في هدمها من نفوسنا، و أسرنا، و مدارسنا، و جامعاتنا، و مساجدنا، و مؤسساتنا، و إزالتها عن كل مساحات الحياة، قبل أن يعم القحط روح المجتمع، و قبل أن يزحف الخراب على الضمائر المتبقية،و يفسد الأجيال القادمة.

أخي المسلم أختي المسلمة:

لقد علمنا الإسلام أن لا نترك أهم الواجبات في أحلك الظروف، فشرع لنا الصلاة على الفرس حال الحرب و النزال، و شرع لنا تغيير الأوطان إن حالت بيننا و بين ديننا و حياتنا فقال تعالى "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها" 

و علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم غرس الفسيلة حتى و إن قامت القيامة،و أُغلق باب العمل و الأمل، فقال "إن قامت الساعة و بيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل" صححه الألباني. فلا يليق بنا بعد هذا أن نرضى بحياة التسيب و التيه عن دورنا الحضاري الحركي النافع فيها، و يتأكد دورنا اليوم أكثر فأكثر مع ما تعانيه أمتنا من ضياع و تشتت، و قد تداعت عليها الأمم تنهشها طولاً و عرضاً.

فالله الله أخي المسلم في منطق البذل و العطاء، و حياة الجد و العمل " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله"

الرابط : https://syrianoor.net/article/14898

قراءة 734 مرات

أضف تعليق


كود امني
تحديث