قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 15 تشرين1/أكتوير 2020 16:10

منظومة القيم و أثرها في بناء المجتمعات و انهيارها

كتبه  أ. : شريف عبدالعزيز
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من اللبنات الأساسية في قيام أي مجتمع بغض النظر عن دينه وعرقه و لسانه و لونه؛ منظومة القيم و المبادئ العليا الحاكمة لهذا المجتمع. حيث لا يتصور وجود مجتمع إنساني بدون وجود منظومة من القيم و المثل العليا التي تحكم و توجه و تضبط و تقيّم التصورات و التصرفات العامة و الخاصة في هذا المجتمع، فتلك المنظومة من القيم و المثل العليا هي التي تميز المجتمع البشري عن المجتمع الحيواني الذي لا تحركه إلا الغرائز، و بقدر سمو و نقاء و كمال و شمولية تلك المنظومة و سلامة مصادرها و قوة إيمان الأفراد و الجماعات بها؛ اعتقاداً و تطبيقاً، يرتفع المجتمع و يعلو على غيره من المجتمعات و يحقق ميزة التفوق الحضاري و الأممي و يتأهل لقيادة البشرية. و هذا ما لم يتحقق خلال التجربة البشرية الضاربة في أعماق التاريخ من لدن آدم -عليه السلام- إلا وقتنا الحالي و إلى قيام الساعة إلا في منظومة القيم و المثل الإسلامية العليا.

و مهما كان المجتمع غاصاً في جاهليته، غارقاً في ضلالاته، سادراً في غيه، فإنه لا يستغني بحال عن منظومة خاصة به للقيم و المثل، و الناظر إلى حال المجتمعات البشرية قبل ظهور الإسلام  يجد فيها رغم جاهليتها الشديدة أثرة من الفضائل الإنسانية؛ من شجاعة و كرم، و نجدة و إغاثة الملهوف، يدل على ذلك: حلف الفضول الذي حضره محمد -صلى الله عليه و سلم- شابًّا، و أثنى عليه نبيًّا، و هو حلف عقد في الجاهلية لنجدة المظلوم.

و كانت هذه الفضائل هي البقية الباقية من ميراث النبوات السابقة الأديان في المجتمعات، و استجابة لصوت الفطرة التي يولد عليها كل مولود.

فلما جاء الإسلام أحسن توظيف تلك القيم الباقية و أشاد بها و أقرها ثم أدرجها داخل منظومته الخاصة بالقيم و صبغها بصبغته المميزة في تعلقها بالإيمان و المعتقد و العمل و الأجر.

أولاً: تعريف القيم

القيم هي القواعد الكلية الحاكمة و المعايير الثابتة الراسخة و المبادئ المطلقة التي تضبط و تحكم و تقيّم تصرفات و نشاطات المجتمع السلبية و الإيجابية. و نقصد بالسلبية تلك القيم المتعلقة بالتروك أو قيم التخلي عن الموبقات و الشرور و المفاسد التي تقوض أمن المجتمع و استقراره، و نقصد بالإيجابية قيم التحلي بالفضائل و الأخلاق و الأعراف المجتمعية التي لا تخالف الشرع.

ثانياً: أهميتها

تعتبر منظومة القيم في المجتمع المسلم رمانة الميزان التي تحافظ على توازن المجتمع و استقراره و استمراريته في أداء وظيفته الدينية و الدنيوية. و قد امتدت القيم التي وضعها الإسلام لتصبغ مجالات الحياة كافة بصبغتها و طابعها الخاص، و لتنظم سلوك الإنسان على مستوى الفرد و الأسرة و المجتمع و الدولة، بحيث ارتبط العطاء الحضاري للمجتمعات المسلمة بمنظومة القيم الحاكمة فيها ارتباطاً مباشراً دفع خصوم الأمة للإذعان و الإشادة بتلك المنظومة السامقة.

و في شهادة تاريخية، قال المستشرق الدنماركي جوستاف فون جرونيباوم: “أن التأثير الحضاري للإسلام، هو في تغييرات أساسية أحدثها في مجال القيم بالنسبة لما كان سائدًا قبله بشبه جزيرة العرب في ظل الوثنية. و محور هذه التغييرات تحديد هدف الحياة و غايتها، من خلال الإجابة على ثلاثة أسئلة: كيف تعيش حياة صحيحة؟ كيف تفكر تفكيرًا صحيحًا؟ كيف تقيم نظامًا صحيحًا؟ و الإسلام قد قدَّم أجوبة لهذه المشكلات و القضايا في التربية الصحيحة للفرد، و الترتيب النسبي لمناشط الإنسان (الواجب، المندوب، المباح، المكروه، الحرام)، و تحديد القصد و المجال بالنسبة لسلطة الحكم أو ممارسة القوة السياسية. و كان من ثمار هذه القيم، أن استحدث الإسلام واجبات على عاتق الفرد، أو عمد إلى تعديل واجبات قديمة، كما أنه قرر حقوقًا جديدة تتناول شتى مجالات السلوك الإنساني، الفردي أو الاجتماعي. و قد أدى ذلك إلى تقويم أية خبرات حضارية سابقة أو لاحقة في هذا الضوء، بحيث تكون متجاوبة مع معايير الإسلام و مقاصده”.

ثالثاً: أثر منظومة القيم على الفرد و المجتمع

على مستوى الأفراد تلعب منظومة القيم و المبادئ التي يؤمن بها الفرد و يعتنقها دوراً بارزاً في ترشيد قراراته، و انتقاء اختياراته، و تحصين نفسه و قلبه من المغريات و التحديات، و تنظيم سلوكياته، إدراك العالم من حوله، و تحديد موقعه و دوره في هذا العالم، كما أنها تجيب على التساؤلات المصيرية في حياة الأفراد بسبب شموليتها للجانب الروحي و المادي دون إفراط أو تفريط، كما أنها تفجر طاقات الإبداع و الخيرية في النفس، و تستحث كوامن النفوس للوقوف على مواطن قوتها و ضعفها.

أما على مستوى المجتمع، فمنظومة القيم تحافظ على تماسك المجتمع، فتحدد له أهدافه الكلية و مثله العليا و مبادئه الثابتة، و تساعد المجتمع على مواجهة التغيرات و المستجدات بتحديدها الاختيارات الصحيحة، كما أنها تحافظ على هوية المجتمع و بصمته الخاصة به، مما يحول دون ذوبان هذه المجتمعات في غيرها و تأثرها بموجات التغريب و التشريق و الغزو الفكري و الثقافي، كما أنها تعمل على إعطاء النظم الاجتماعية أساساً عقلياً يصبح عقيدة في ذهن أعضاء المجتمع المنتمين إلى هذه الثقافة، أيضا القيم تقي المجتمع من الأنانية المفرطة و النزعات الفردية و الشهوات الطائشة، و تزود المجتمع بالصيغة التي يتعامل بها مع العالم و تحدد له أهداف و مبررات و جوده و بالتالي يسلك في ضوئها و تحدد للأفراد سلوكياتهم.

و لبيان شمولية منظومة القيم الإسلامية قام أحد الباحثين و هو الدكتور علي خليل أبو العينين  بإحصاء مبدئي للقيم الإسلامية في كتابه القيم “نسق القيم الإسلامية من القرآن و السنة”، اشتمل على ما يلي: (القيم الروحية 21 قيمة) (القيم الخلقية 33 قيمة) (القيم العلمية و المعرفية21 قيمة) (القيم الاجتماعية 97 قيمة) (القيم الوجدانية 12 قيمة) (القيم المادية 11 قيمة) (القيمة الجمالية 10 قيم).

رابعاً: مصادر القيم في المجتمعات المسلمة

قوة منظومة القيم و فعاليتها مستمدة في الأساس من قوة و سلامة و نقاء و شمولية و اتساع مصادرها لتلبي حاجات الجسد و الروح، و هو ما تميزت به منظومة القيم في المجتمعات المسلمة، فبعد إغراق اليهودية في المادية العاتية، و بعد إغراق المسيحية في الروحانية و الرهبانية، جاء الإسلام على فترة من الأديان، و جاء محمد -صلى الله عليه و سلم- على فترة من الرسل، ليصنع “الأمة الوسط”، و كانت منظومة القيم و المبادئ الأخلاق الإسلامية بعيدةً عن حدَّي الغلوِ: الإيغال في المادية، و الإيغال في الروحانية، و كان المنطق و المنطلق هو قوله تعالى: (وَ ابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَ لَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[القصص: 77].

و هذه هي المثالية الواقعية القابلة للتطبيق و التنزيل في واقع المجتمعات البشرية. في حين أن الغرب يعيش أزمة قيم على المستوى النظري و التطبيقي، فعلى المستوى النظري فالافتقار واضح من خلال المرجعية الناظمة لتفعيل القيم، و أنها صادرة من فلسفة قاصرة في مصادرها و مراجعها، و هذا ما يشهد به عقلاؤهم، أما على التفعيل فالواقع يشهد بذلك، حيث إن المتتبع لا يحتاج إلى مزيد بيان من الأدلة على هذا الانحدار في القيم، و الانهيار في الالتزام بها، و تغير النظرة تجاه من يحمل هذه القيم و يدعو إليها، و ذلك في ضوء إعلاء قيم المادية و المنفعة، و سيطرة أفكار فرويد و داروين و دوركايم التي سببت فوضى مجتمعية و أخلاقية و سلوكية عارمة في الحضارة الغربية.

و التعرف على مصادر منظومة القيم الإسلامية يزيد من التعرف على طبيعتها و مدى قوتها و أهميتها و حتمية المحافظة عليها، و من أهم هذه المصادر:

القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة، و ما يرسخان من قيم اعتقادية تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في الله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و قيم خلقية تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من الفضائل و أن يتخلى عن الرذائل، و قيم عملية تتعلق بما يصدر عن المكلف من أعمال و أقوال و تصرفات و هي على نوعين: العبادات و المعاملات.

و كون أن القرآن و السنة هما المصدران الرئيسيان للقيم في الإسلام قد أضفى نوعاً الربانية و القدسية على هذه المنظومة، بحيث تلقتها الأمة بالقبول و التسليم و العمل، فلمنظومة القيم صفة الهيمنة التشريعية بمعنى أن كل حكم من أحكام الشريعة له طابعه الأخلاقي، و وراءه الدافع الإنساني، فإن مصادر التشريع تعتبر مصادر القيم، لأن كل ما يحقق أهداف الشريعة الإسلامية من رفع الحرج و تيسير حياة الناس، و دفع المفاسد عنها يعتبر مصدراً من مصادر القيم الإسلامية.

أيضا من مصادر القيم، العرف الموافق للشرع المطهر غير المتصادم معه، تحليلاً أو تحريماً، فلابد أن تستند الأعراف إلى نص أو إجماع أو قياس أو استحسان و من ثم تعتبر قيمة للمجتمع الإسلامي.

خامساً: لماذا يجب الحفاظ على منظومة القيم في مجتمعاتنا؟

كثير من الآفات المعاصرة و النوازل التي تكاد تعصف بالعديد من المجتمعات الإسلامية في العقود الأخيرة يرجع في الأساس لتغييب منظومة القيم من واقع وحياة هذه المجتمعات، و تحويلها لمواعظ و كلمات باردة تقال في المناسبات العامة و الأعياد السنوية، دون تأثير أو تفعيل، و كثير من الأمراض المجتمعية و الأفكار المستوردة التي تضاد الدين و الهوية لم تجد لها موطأ قدم في مجتمعاتنا إلا بعد غياب منظومة القيم أو تغييبها عمداً، و إنما ضغت الثعالب عندما غاب الأسد!!

الحفاظ على القيم و تربية النشء عليها وتبني خطابها الراشد أولوية قصوى للخطباء و الدعاء و أصحاب المنابر لمواجهة عاصفة التغريب و الذوبان المتعمد للمجتمعات الإسلامية و طمس هويتها و محاربة دينها.

الحفاظ على القيم ضمانة لاستقرار المجتمعات و الحفاظ على أمنها، و تقوية مناعتها تجاه المستجدات و النوازل، و الأمم من حولنا تنهار أو على شفا الانهيار بسبب ضعف منظومة القيم فيها و اختلالها في إيثار الجسد على الروح أو العكس.

الحفاظ على القيم يجعل المجتمعات تصمد و تتجاوز الكثير من مشاكلها المعاصرة مثل مشكلة الفقر التي أصابت العديد من المجتمعات الإسلامية و ما استتبع ذلك من انتشار المفاسد مثل السرقة و الرشوة و أكل أموال الناس بالباطل، فالقيم تدفع المسلم  إلى إغاثة الملهوف و إطعام الجائع و مواساة الفقراء و رعاية اليتامى و الأرامل، كما أنها تردعه عن الرشوة و السرقة، ذلك أن الإيمان هو النبع الفيّاض الذي يرسخ القيم و تُبنى به المجتمعات و يوفِّر لها الصلاح و الفلاح و الأمن و التنمية.

و أخيراً الحفاظ على القيم ليس دور الحكومات و الأنظمة و الحكام فحسب –و إن كان دورهم هو الأهم و الأكبر– و لكنه دور الجميع خاصة المؤسسات التربوية و الدعوية، دور البيت و الأسرة و المدرسة و الإعلام و النوادي و سائر مؤسسات الدولة، فهي مسئولية تشاركية، أي خلال في أدائها يكون بمثابة الثلمة في جدار الصمود، و الثغرة في دفاعات الأمة و سياجها الحامي.

الرابط : https://khutabaa.com/%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%A8/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B9%D9%8A/350996

قراءة 871 مرات آخر تعديل على الخميس, 15 تشرين1/أكتوير 2020 20:47

أضف تعليق


كود امني
تحديث