قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 18 تشرين1/أكتوير 2020 08:24

هل الإسلام في صراع مع الحضارات ؟

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)
 

الحضارة نتاج إنساني متعدد الجوانب و المجالات واسع التاثير كبير التأثر، و هو تعبير ينم عن مدى حضور و تأثير أمة من الأمم، في زمن من الأزمان، بحيث تترك أثرا واضحا و جليا يسطر و يكتب في التاريخ الإنساني الممتد عبر قرون و آماد، هي عمر الإنسانية على وجه البسيطة، و هو تأثير يختلف سلبا و إيجابا بحسب مصادر إثراء و بناء و إنشاء هذه الحضارة،  إذ كلما زادت واقعية و عدالة و مراعاة تلك المصادر لحاجات الإنسان و فطرته، كلما امتد و طال و خلد عهد تلك الحضارة و تميزها، و لأن تاريخ الإنسانية مرتبط إرتباطا وثيقا بحضارتها، فإنه من غير الممكن ان يذكر ذلك التاريخ دون إيضاح أثر و مآثر هذه الأمة او تلك، و لان التاريخ الحضاري للأمم مرتبط أشد و أوضح ما يكون بعقائدها، فإن تنوع الأثر الحضاري للأمم لازم الإختلاف و التباين، و ليس بالضرورة الاصطدام و التقاطع و الرفض الكامل، بل هو توارد و تتابع الامم بعقائدها و ثقافاتها و آثارها المختلفة وفق تدبير العزيز الحكيم الذي جعل عمارة الارض  قرونا تتلو قرونا مع اختلاف الشرائع و تباينها ما بين حق و باطل عند الله سبحانه فالقرآن يقر بوجود حضارات و استخلافات و امم سابقة اثارت الارض و عمرتها  و هو ماعبر عنه القرآن الكريم بقوله سبحانه و تعالى[و اثاروا الارض و عمروها أكثرمما عمروها] و مع أن الحديث عن هذه الحضارة جاء في معرض السير في الأرض و الإعتبار بنتائج الإعراض عن رب الخلق [الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى] إلا أن القرآن قد أقر لهم بالبناء و الإعمار و التأثير.

     و هو أيضا ما أوضح و وثق المباديء التي تقوم عليها حضارة الأمة الاسلامية، فهي لا تلغي الآخر و لا تقيم له المذابح الجماعية في حركة خرقاء يظن بأنها ستلغي الإسلام كدين و تمحوه كنور و حضارة، بل تتعايش معه و تبني بمعيته دون ادنى انسلاخ من ثوابتها الشرعية، و هو أيضا ما يجعلها في موقع الديمومة و التجدد و التأثير و التميز الإنساني و الفكري، المادي و الروحي، العبادي و العقائدي و التشريعي، [لكم دينكم و لي دين ] و هو كذلك ما اعطاها ميزة الإمتداد و القبول و الإحترام في نفوس المنصفين، يقول[ بول كيندي]  في كتابه[ الإعداد للقرن الحادي و العشرين]  [الإسلام ظل لقرون طويلة قبل نهضة اوروبا يقود العالم في الرياضيات و العلوم و علم الجغرافيا و رسم الخرائط و الطب، و في الكثير من علوم الصناعة و غيرها، في الوقت الذي لم تكن امريكا و اليابان تمتلكان شيئا من ذلك.

و على الرغم من أن التاريخ الإنساني لم يعرف حضارة إنسانية عقائدية قائمة على منهج هو أعدل و اشمل و أرحم، و لا اكثر تفهما لخصوصية الإنسان و لا أرحب مدى لحريته من الحضارة الإسلامية، و على الرغم من شهادات المنصفين من مسلمين و غيرهم، و عبر ازمنة متفاوتة، بان الحضارة الإسلامية لم تلغ حضارة الآخر، و لم تحاربها و لم تمحو وجودها، و لم تتنكر لحسنها، و لم تنف الخيرية تماما منها ككل، و لم تنتحل لنفسها ما فعله و قام به و أنتجه غيرها من الحضارات، إلا أنه يتصاعد من هنا و هناك، نغم نشاز يتهم حضارتنا و يقصد الإسلام كدين، بما هي و هو منه براء، و تسمع في محافل كثيرة و كبيرة، ما لا يسعنا أن نسميه إلا الإدعاء و محض الإفتراء و البهت البين، في حق حضارتنا الزاهية الزاهرة المشرقة العادلة،  فهي عندهم حينا سارقة لتاريخ الأمم و حينا محاربة لتطور الحياة و ازدهار مناحيها، و حينا معارضة و مصادمة لكل نتاج إنساني، بسبب تخلفها العقائدي و التشريعي و الأناني[بحسب ادعاءهم]، و هذا ما ابطله المنصفون و اوضحه المهتمون بجلاء الحقائق و إيضاحها، و هو ما نقول به كأصحاب و حملة و صناع و ورثة هذه الحضارة العظيمة البنائية الإنسانية بامتياز.

 إن القوى التي تسعى للسيطرة على العالم بكل مقدراته البشرية و المادية وفق ما يسمى بالقوى النفعية أو الراسمالية تسعى دائبة الى تزوير الحقائق و قلب الصورة الحقيقية إالى ضدها فتتهم الحضارة الإسلامية بالتعارض و التصادم مع الحضارات الاخرى، و بصورة واضحة و جلية لا يتردد  أحد منظري الراسمالية و هو [هنتجتون ] المنظر الرأسمالي الشهيرو صاحب كتاب{ صدام الحضارات} أن يجاهر بأن مشكلة حضارته مع الإسلام كدين فيقول في كتابه[ان المشكلة ليست مع الأصوليين الإسلاميين وحدهم، بل انها تكمن في الإسلام نفسه]  و لقد اصاب هذا المنظر برأيه فطالما ان الاسلام هو مرجعية الأمة فانها لن تكون حقلا خصبا لهذه السموم المادية او تلك حتى و لو ارتدت زي التقدم المادي، و الحضارة النفعية، و حتى لو تزينت بكل ما يلمع و يبهر من الشعارات الزائفة، التي تتغنى بحقوق الانسان و سعادة البشرية.

إن موضوع الصدام مع الحضارات، و رفضها جملة و عدم التأثر و التأثير بها ادعاء فندته و لا تزال، كل تلك الصور من التعايش و التفاعل الإنساني بين الاسلام كدين و حضارة و فكر، و بين غيره من الأمم و الشعوب، فما يزال قلب أوروبا ينبض بتلك المآثر الفكرية والفنية، ولا تزال تلك المنائر والمنابر تنتصب شامخة في وجه كل دعي كاذب،  لتقول للتاريخ من هنا مر قوم قلوبهم عابقة بالتوحيد، وعقولهم عامرة بالإبداع، و ايديهم صناع ماهرة في رسم وجوه حضارية متميزة للتألق الإنساني في اروع إبداعاته، و أدق تفاصيله الراقية، تقول للذين يدعون بأن الاسلام عائق أمام الحضارة الإنسانية، حين كانت بلادكم تغط في غيبوبة الوهم، و تغرق في مستنقعات الجهل، و تلغ في دماء الأبرياء، و تقتات على شقاء الفقراء و المكدودين، كان بنوا ديني يبنون لكم موروثا ثقافيا إنسانيا بكل القيم الرفيعة، و يشيدون في قلب كيانكم إرثا حضاريا مجيدا خالدا، تمشون في مناكبه و تتيهون على الزمان به، من هنا مر الإسلام بعدله و رحابته، و هنا أقام قرونا، ليعلِم المكبلين بقيود العبودية و الاقطاع، كيف يصوغون جراحهم الحانا تطلب الحرية، و يعلم المظلومين كيف يقفون طودا شامخا في وجه امواج الظلم، و هم يسمعون كلمات الله الخالدة المحررة للأرواح تتردد في جنبات الاندلس، و تملأ رحاب اوروبا[ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم]

الحضارة الإسلامية التي تصنف اليوم على ايدي منظري الرأسمالية، بأنها ايديولوجيا مثيرة للكراهية محاربة للتقدم و متصادمة محاربة للحضارات الاخرى، هي الحضارة الوحيدة القائمة على أساس متين من{ التقوى} و التي هي قوام العدل البشري، و هي الميزان الذي اعتمدته هذه الحضارة المشرقة، في تقرير ما يؤخذ و ما يرد من الحضارات و المعتقدات الأخرى، فالزبد يذهب جفاء هباء، و يتلاشى بفعل ظلمه أو جهله أو أنانيته أو تنافره مع مصلحة الإنسان كإنسان، و أما ما ينفع الناس  بكل أطيافه و مشاهده و مشيداته و أثاره، فيمكث في الارض ثابتا ألقا مؤثرا و لو كره المبطلون مصداقا لقوله تعالى{أما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الارض} .

نعم المشكلة في الإسلام نفسه مع تلك القوانين الظالمة للبشرية، و لا أسميها حضارات لأن الحضارة هي الحضور الإنساني الباني، و المنتج و الراعي و المراعي لمصالح البشرية كلها، و ليس لمصالح طبقة أنانية جشعة صنعت نظاما نفعيا جائرا، ثم فرضته كمصطلح حضاري زائف في حركة ردة إلى عصور الإقطاع و لكن بمسميات حديثه، و عليه فإن عبارة و مصطلح صراع الحضارات هو مفهوم نفعي إجتثاثي لكل ما يمت إلى الحضارة الإسلامية بصلة، وهذا المفهوم غطاء فكري لسياسة الهيمنة الأمريكية الرأسمالية على مقدرات العالم، و التي لا تجد لها معوقا أشد و أنكى من الإسلام، مهما حاولت تطويعه أو تطويقه أو تسييره عبر تصدير الفكر الليبرالي، و احتواءها لبعض التيارات المسماة بالإسلامية، تحت مسمى التحديث و التطوير و الاإنسجام مع الآخر، فلا مبدل لكلمات الله.

قراءة 757 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 21 تشرين1/أكتوير 2020 18:53

أضف تعليق


كود امني
تحديث