قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 21 نيسان/أبريل 2021 07:32

آفاق تربوية (18) رمضان و الحضانة التربوية

كتبه  د.فؤاد بن عبده محمد الصوفي
قيم الموضوع
(0 أصوات)


يعيش المسلم اليوم خاضعا لواقعه المليء بالمؤثَّرات السلبية التي تجعله قليل التأثر بالأعمال الصالحة و ضعيف الانسجام مع روح العبادة و من ثم ندرة التغيير السلوكي الذي هو ثمرةٌ من ثمار تلك الأعمال قال تعالى:﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر﴾(العنكبوت:45).  
و أضحت حاجة المسلم إلى أجواءٍ حاضنةٍ له لفترة أطول تُثَبِّت إيمانَه و تُديم استقامتَه و ترتقي به إلى السمو النفسي و تنقذه من مستنقعات السماوة و بالتالي التغيير في سلوكه الفردي و الجماعي .
و بغياب البيئة الوجدانية الروحية في ظل الفتن المتلاطمة يواجه المسلم تحديًا شديداً و يمر بصعود و هبوط مستمرَّين كلما زادت أعماله بزغت شمس إيمانه و كلما قلت أعماله و ألهته الملهيات أضعفت بريقَه و سموَّه و بات بحاجة مُلحّةٍ إلى أجواء العبادات إلى أمدٍ أطول.
و من نعم الله على العباد أن نوَّع لهم العبادات ليتقلبوا بين العبادات من صلاة و ذكر و صدقات و زكوات و حج ونحو ذلك.
و كل هذه العبادات و أشباهها عباداتٌ محدودةٌ من حيث الزمن و من حيث العدد فيعيش المسلم في الصلاة مثلاً لدقائق معدودات فيبقى في روحانية العبادة لفترة مؤقتة ثم ينتهي منها و يتوجه إلى عمله ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله..﴾ فينغمس فيه، فيكون العمل التعبدي محدودا و العيش في أجوائه كذلك؛ و بالتالي فالأثر محدود أيضا.
و يبقى السائر إلى الله بحاجة إلى ترقَُّبِ نوعاً أطول من العبادات بحيث ينعم في أجوائها ويعيش في رحابها لفترة طويلة حتى يألفها فتصير جزءا أساسيا من حياته. يقول ابن القيم رحمه الله:"..و لا يزال العبد يعاني الطاعة و يألفها و يحبها و يؤثرها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكة تأزه اليها أزًا و تحرضه عليها و تزعجه عن فراشه و مجلسه إليها"الجواب الكافي (ص: 37).و ذلك لأنه ألفها و تعود على أجوائها و أحس بلذتها و لامس أثرها.

و بمجيء شهر رمضان تتوفر تلك الحضانة التربوية للمسلم لتميز عبادة الصيام في شهر رمضان عن غيرها من العبادات بأنها توفر للمسلم هذه الحضانة التربوية طويلة المدى و متنوعة الأعمال و تتلاقح آثار تلك الأعمال التعبدية و تتابع و تتبادل أدوار التأثير فينتقل المسلم من الصيام إلى التراويح إلى التلاوة إلى التهجد إلى الصدقات و صلة الأرحام إلى الإعتكاف إلى زكاة الفطر ..
و هذا الكم الكبير من الأعمال التي يُشرع للعبد القيام بأكثرها في رمضان. فرمضان فعلا بيئة حاضنة تهيئ الطريق نحو السير إلى الله تعالى و تساعد على الجو في حضانته لمدة تسعة و عشرين إلى ثلاثين يوما يصوم نهاره و يقيم ليله فيساعده على الثبات و الاستمرار.
فالصوم وسيلة لتزكية النَّفس و تطهيرها من  براثن المعاصي، و الصائم يترك مالذَّ له من الطعام و الشراب و غير ذلك من أجل الله تعالى، فالله وحده يعلم مقصده و مقدار تجرُّده في ترك الحلال لأجل الله تعالى، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: « كل عمل اين آدم له إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَ طَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي»رواه مسلم (1151).
و من هنا يتبين أن الصائم يعيش في أجواء رقابة الله تعالى و إحساسه بها بصورة مستمرة، و هذا بحد ذاته يورث الشعور بالخوف منه سبحانه و تعالى في السِّرِّ فضلًا على العلانيَّة؛ لأنَّ الصَّائم لا يطَّلع عليه أحدٌ إلَّا الله، و يترك ذلك خشيةً من الله تعالى.
و مما يساعد على الأجواء الحاضنة لروحانية الصائم  ووجدانه معرفته أنَّ الصَّوم يحفظ صاحبه من الوقوع في الحرام، و يرغبه و يعينه على تربية النَّفس على حسن الخلق و الحلم و الأناة، و يعوِّدها على كَظْمِ الغيظ ففي حديث  أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:« الصيام جنة فلا يرفث و لا يجهل و إن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين » رواه البخاري (1795)، و مسلم (1762).
فبقاء الصائم في هذه الأجواء الروحانية تقيه من الرَّفَثُ و هو الفُحش و الخَنَا، و الجهل هو السَّفَهُ.
كما يساعد هذا الجو عالى معالجة الشُّحِّ و البُخل، و يربِّي النفس على الجود و الكرم، كما قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺأَجْوَدَ النَّاسِ وَ كَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»رواه البخاري (1803)، و مسلم (2308).
إذاً فنحن بحاجة إلى خلق بيئة حاضنة لاستمرار إحساسنا بالعبادة و استمرارنا طويلا في تلك الأجواء حتى نتعود على تلك الأعمال و نستلذ تلك الأجواء و من ثم تتغير أحوالنا و سلوكياتنا.
و رمضان هو الفرصة السنوية التي أنعم الله بها علينا كحاضنة تربوية توفر لنا البيئة المنشِّطة و المنعشة لفترة طويلة حتى نعتادها. و هي أعمال تعبدية مكثفة منها ما هو خاص برمضان و منها ماهو ليس كذلك، و لكن الشارع رغب بالإزدياد منها في رمضان ليضمن هذه الحاضنة الطويلة فيألف المسلم العبادة و يتحقق فيه السمو النفسي من خلال ديمومة العمل و ديمومة الأثر و لذا فإن هذه العبادة الطويلة تحقق صفة عظيمة من الصفات المطلوب تحقيقها في المسلم و هي تقوى الله تعالى، قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾[البقرة:183]. اللهم حققنا بالتقوى و الاستقامة و أعذنا من موجبات الندامة في الحال و المآل إنك سميع الدعاء.

الرابط : https://wefaqdev.net/art6447.html

قراءة 703 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 21 نيسان/أبريل 2021 07:47

أضف تعليق


كود امني
تحديث