قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 08 آب/أغسطس 2021 11:24

ربانية وإنسانية

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

المسلمون يسيّرهم الوحي من جهة و تسيّرهم قلوبهم و عقولهم مثل جميع البشر من الجهة الأخرى، ذاك هو النسب الرباني و هذا الانتماء الإنساني، و لا يكتمل إسلامهم إلا باستقامة هذه المعادلة و استوائها على التصوّر النظري و الواقع العملي.

المسلم الذي يُخرجه كتاب الله و سنة رسوله يكون جامعا بين الربانية و الإنسانية، صالحا، نافعا في الدنيا مفلحا في الآخرة، مجاهدا لنفسه شاهدا على غيره، فإذا أصيبت معادلة الربانية و الإنسانية بخلل ما انعكس ذلك سلبا على المسلم و مشروعه كله، فلا مكان لرهبانية باسم الربانية، و لا مكان لعلمانية باسم الإنسانية، لأن المعادلة الشرعية المحكَمة تتيح التماس الايجابيات و المحاسن على كل المستويات في انسجام متوازن يحصّن من التبعيض و التشتّت سواء في التصوّر أو التكوين أو السلوك بالنسبة للفرد و المجتمع.

يستمد المسلم من نفخة الروح الأولى نسبه السماوي الذي يورثه العبودية لله و ما تقتضيه من إخلاص و خشية و خوف و رجاء و توكّل، فيكون صاحب قلب سليم و نفس زكية و ذهن صاف، و يتقلّب بين المشاعر الرقيقة الجياشة و الأفكار الحية القوية النابعة من تفاعله المتواصل مع القرآن و السنة و اتّصاله المتجدّد بالملأ الأعلى، و يستمدّ من قبضة الطين بُعده الإنساني الممتدّ طولا و عرضا و عمقا مع الكون و من فيه و ما فيه، فهما و تآلفا و تعارفا، لأنه بُعد يؤصل لعلاقات ودّ و تعاون و تناغم مع محيطه بكل مكوّناته بناء على وشائج العقيدة و الدم و الأرض و البنوّة لآدم و العبودية لخالق واحد اقتضت حكمته أن يجعل من الاختلاف سنّة تحكم الحياة و الأحياء لتكتمل صورة التنوع الإيجابي و التعاون المتعدّد الأشكال الضروري لتوفر شروط العيش المشترك بين الجميع في أرض الله وفق سنن الله.

إذا تحرك هذا المسلم بمعادلة الربانية و الإنسانية كان هو الإنسان النموذج و القدوة للبشرية المشرَئبّة العنق تطلّعا للدليل الثقة الحجّة في طريق الحياة الحائرة بين الفلسفات و التصوّرات المتشعبة الدروب، و تلك هي وظيفته بمقتضى ميثاق الإيمان و البيعة لله و رسوله.

هذا الإنسان يجب على الأمة أن تنشئه تنشئة جديدة و تبعثه بعد غياب عن الشهود الحضاري طال أمده.

في التصوّر الإسلامي الوحي لا يختص بجانب العقدية و العبادة فقط، و الإنسانية ليست انقطاعا عن الوحي و استئثارا بشؤون الحياة الدنيا، فنصوص القرآن و السنة تتناول هذه و تلك، كما تأخذ بالاعتبار الموروث الإنساني في مجالات الإبداع و الاستكشاف و الاختراع و التقدم العلمي و العواطف و الأحاسيس و نحو ذلك.

المسلم –الفرد و الأمة– متميّز بإتباع المنهج الرباني في حياته الفردية و الأسرية و الاجتماعية، لكن هذا لا يقطعه عن البشر مهما كان دينهم، لديه عقل يفكر مثلهم و لديه قلب ينبض مثلهم، هذه الإنسانية تشمل الجانب البشري أي استخدام العقل، كما تشمل البُعد الإنساني أي الرابطة الطبيعية الناشئة عن الأخوة في الدم و التراب و ما تحويه من مشاعر طيبة هي قاسم مشترك بين البشر الأسوياء.

هل نعطل الجانب البشري لأن غير المسلمين يشاركوننا فيه كما ترى المدرسة التراثية الحرفية المتشنجة التي ألفت التقوقع و القراءة النصية الحرفية الغليظة للقرآن و السنة؟ سنكون إذًا خاسرين على طول الخط لأن الحضارة هي تراكم الأفكار و الانجازات البشرية كلها، نضيف إليها مقاييسنا الدينية المتميّزة التي تستبعد ما خالف الشرع فقط، و تحتضن كل ما هو إرث بشري نافع.

و هل تقتضي مرجعيتنا الإسلامية مقاطعة الأمم و الشعوب غير المسلمة رغم منحاها الإنساني و انخراطها في عمل الخير و إشاعة مشاعر الرحمة و العطف و الشفقة و الإحساس بآلام الناس و آمالهم؟ هذه المرجعية بذاتها هي التي تدفعنا دفعا إلى العناية بالجانب البشري و الانخراط في البُعد الإنساني لأن هذا بالضبط مقتضى الربانية، كلّ هذا و نحن على صلة وثيقة بالله تعالى في نشاطنا الدنيوي –الفردي و الجماعي– كما في أعمالنا التعبدية لأنه لا يجوز أن نعتمد على أنفسنا و ننسى الله، بل نبذل كل وسعنا، نعطي أقصى ما يمكن و نتوكل على الله، هو الناصر و الموفق، إذا كان معنا فمن يغلبنا؟ الدنيا مبنية على الأسباب لكننا نعبد الله الذي يتحكم في هذه الأسباب ابتداء و انتهاء.

ثم صلتنا نحن البشر بآدم عليه السلام صلة علم: ﴿وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (سورة البقرة الآية 31) فإذا قلّ العلم كانت الصلة بآدم واهية و ضعف الجانب الإنساني و تحوّل الدين إلى مجرد مراسم، و إذا توفر الذكاء مع الخواء الروحي غدا الدين مجرد مصيدة للغنائم (كما يقول الشيخ محمد الغزالي)، و إنما ينتصر الدين و تزكو الحياة بوجود “الإنسان السوي” صاحب التفكير الصحيح و المشاعر الفياضة و السلوك القويم.

بقي أن نشير إلى فرق كبير يباعد بين الرؤية الإسلامية و الفلسفة الغربية لقضية الجانب الإنساني، فالفكر الغربي يعظّم الإنسان كنهاية لا تحتاج إلى عنصر من خارجها، يركّز على قيمة الإنسان و عمله و قدرته اللامتناهية على الإبداع و الاختراع، لهذا هو يؤلهه و يستبعد الدين و يعدّه عائقا يقزّم الإنسان، و هذا أدى بدوره إلى تقديس القوة و أفضى إلى “شوفينية إنسانية” مقيتة سمحت للغربيين باستغلال الشعوب و سحقها، أما الفكر الإسلامي ففيه الإنسان العبْد لله، له دوره و إمكاناته في العلوم و الفنون و الحياة الأخلاقية… و هذه هي الإنسانية الجميلة المعتدلة البناءة.

 الرابط : https://elbassair.dz/6888/
قراءة 1020 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 11 آب/أغسطس 2021 08:57

أضف تعليق


كود امني
تحديث