قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 22 آب/أغسطس 2021 09:33

فقه الدعوة و فقه الرفق

كتبه  الأستاذ فرح كندي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قام النبي صلى الله عليه و سلم بتربية أصحابه رضي الله عنهم, و بنى نواة الجماعة المسلمة الأولى على أسس عقدية و تعبدية و خلقية رفيعة المستوي، عجز التاريخ أن يأتي بمثلها من حيث الخصوصية و النوعية، جعل من حياتها و اخلاقها نموذجا يحتذي به و يُسار على دربه بعد التأسي به و بسنته، و الاهتداء بهدية صلى االله عليه و سلم. 

لقد خرج هذا الجيل القرآني الفريد المتميز، و تربي على يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي دعاه إلى الله فأحسن دعوته، و رباه فأحسن تربيته، حين اتخذ منهجا ناجحا و ناجعا في الدعوة إلى الله تبارك و تعالى و إلى كتابة العزيز. جمع فيه بين (( الفقه و الرفق ))  فاعتمد في اقناع الناس على خطاب العقل و الانسجام مع الفطرة، و التجاوب مع القلوب لبيان الطريق الذي به يعرفون الله و يعبدونه و يطيعونه و يتبعون امره و يجتنبون نهيه. إن الدعوة إلى الله عز و جل هي: الدعوة إلى الإيمان به، و بما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، و طاعتهم فيما أمروا، و ذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و صوم رمضان، و حج البيت، و الدعوة إلى الإِيمان: بالله، و ملائكته، و كتبه، و رسله، و البعث بعد الموت، و الإِيمان بالقدر خيره و شره، و الدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه.

و أهم الخصائص التي ماز الله – تعالى – بها أمَّةَ الإسلام من غيرها: أنَّها كما قال – سبحانه -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]. و خيريةُ هذه الأمَّة على غيرها من الأمم إنَّما جاءت من جهة كونِها أمَّةً مؤمنة بالله، و داعية إلى المعروف و الخير، و ناهية عن المنكر و الشَّر. فالسنن الكونية تقول : الأمَّة التي تموت فيها فريضةُ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هي أمَّة هالكة لا محالة ؛ لأنَّ فُشُوَّ المنكرات في أمَّة إنَّما هو إيذان بانهيارها و انفصامها.

قال – صلَّى الله عليه و سلَّم -: ((و الذي نفسي بيده، لتأمرنَّ بالمعروف، و لتنهوُنَّ عن المنكر، و لتأخذُنَّ على يدي الظالم، و لتأطرُنَّه على الحق أطْرًا، أو ليضربنَّ الله قلوب بعضِكم ببعض، ثم يلعنكم كما لَعَنهم)) رواه أبو داود . و قال – صلَّى الله عليه و سلَّم -: ((مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغيِّره بيده، فإن لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ و ذلك أضعفُ الإيمان))؛ مسلم. فالدعوة المثمرة تقوم على أُسسٍ ثلاثة: الحِكمة، و الموعظة الحسنة، و الجدال الحسن؛ أي: الذي يُراد منه الوصول للحق، لا حب الظهور و المراء . و على الداعية أن يراعي أحوال المدعوين، و أن يعتبر أفهامَ المخاطَبِين، فيخاطب كلَّ فئة من الناس بلسانهم وحسبَ فهومهم.

عن أبى هريرة – رضي الله عنه -: أنَّ النبي – صلَّى الله عليه و سلَّم – قال: ((كفى بالمرء إثمًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمع))؛ مسلم، و فى تفسير قوله – تعالى -: ﴿ وَ لَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَ بِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران، قال الإمام البخاري – رحمه الله -: “وقال ابن عبَّاس – رضي الله عنهما -: “كونوا ربَّانيِّين: حلماء فقهاء”، ويقال: الرباني الذي يُربِّي الناس بصِغار العِلم قبلَ كباره. و على ما تقدم يقوم فقه الدعوة الذي تتمدد  تمدداً بالغاً في المندوبات والتحسينات والمكروهات وفي  المكملات والتحسينات، ويضم إلى ذلك أشياء من أفعال المروءة والأدب العالي والاخلاق والفطرة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك فيميل إلى اتجاه خاطر القلب وحديث النفس وهواها بحيث يتخذ من هذا الخاطر والحديث قرينة على الفعل او الترك.  ومن جانب أخر يتأثر بالظروف المحيطة فيتجاوز مجرد الظروف الضرورية الملجئة إلى مراعاة ظروف طبيعية؛  من اجل أدني مصلحة واقلها، ومراعاة رد الفعل التربوي في نفس الداعي أو المدعو أو الناظر المراقب .لقد كان الصحابي الواحد يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وُيسلم ثم يأتيه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمضي داعياً إلى قومه، ويصبر على آذاهم وتكذيبهم ويتابع طريقه بالرفق واللين حتى يعود بقومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اسلموا جميعاً  . وفد ضماد الأزدي رضي الله عنه  إلى مكة، وتأثر بدعاوى المشركين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أستقر في نفسه أنه مصاب بالجنون, كما يتهمه بذلك زعماء مكة, وكان ضماد يعالج من الجنون, فلما سمع سفهاء مكة يقولون, إن محمد صلى الله عليه وسلم, مجنون قال:  لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي. وحين لقيه قال: يا محمد، إني أرقي من هذا الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الحمد الله، نحمده ونستعينه، ومن يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله أما بعد )) قال – ضمار – أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات, فقال : لقد سمعت قول الكهنة وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن قاموس البحر، فقال: لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (( هات يدك أبايعك على الإسلام)) قال: فبايعه، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( وعلى قومك ))  قال: وعلى قومي . وبهذه الفصاحة وقوة البيان التي تنبعث من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ملء إيماناً ويقيناً وحكمة, فأصبح حديثه يصل إلى القلوب ويحبذها ويرغبها في الايمان والتصديق له . فعلى الداعية أن يكون في محل القدوة وعليه أن يضرب المثل العليا للطباع العزيزة, كي يقلده الأخرون . دخلَ أعرابِيٌّ المسجِدَ ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالِسٌ ، فصلَّى ، فلما فرغَ قال : اللهمَّ ارحمني ومحمدًا ، ولَا ترحمْ معنا أحدًا ، فالتفَتَ إليهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال : لقدْ تَحَجَّرْتَ واسعًا ، فلم يلبثْ أنْ بالَ فِي المسجدِ ، فأسرعَ إليه الناسُ ، فقال: النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ :( أهْريقوا عليْهِ سَجْلًا مِنْ ماءٍ ، أوْ دلْوًا مِنْ ماءٍ ، ثُمَّ قال : إِنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولَمْ تُبْعَثوا مُعَسِّريْنَ) الترمذي.  فالتَّيسيرُ والرفق  ورَفْعُ الحرَجِ مِن مَحاسنِ شَريعةِ الإسلامِ، وقدْ ظهَر جليًّا في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قولا وعملا .  فالممارس لفقه الدعوة إنما هو فقيه وداعية معا , ولا يصلح للخوض فيه من ليست عنده خبرة الدعاة, ولا له معاناتهم وتقلبهم بين اصناف الناس. عن سعد بن عبادة قال:(( جاء رجل إلى بن عباس فقال لمن قتل مؤمنا توبة؟  قال:  لا إلا النار, فلما ذهب قال له جلساؤه ما هكذا كنت تفتينا كنت تفتينا أنًّ لمن قتل مؤمنا توبة مقبولة فما بال اليوم؟  قال إني أحسبه رجل مغضب يريد أن يقتل مؤمنا قال:  فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك))مصنف ابن ابي شيبة . وقد عَلَّمنا الحبيب – صلَّى الله عليه وسلَّم فقه الدعوة في مقام اخر  – حين أتاه الأعرابيُّ ثائِرَ الرأس يسمع الصحابة دَوِىَّ صوته، وسأله – صلَّى الله عليه وسلَّم – عن الإسلام فأخبرَه، وأوضح له أركانه فقط، فقال الرجل: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفلحَ والله إنْ صَدَق))؛ متفق عليه. نعم، لم يُلزمه بأكثرَ من الأركان، وهذا مقتضى حال حديثي العهد بالإسلام وهذا منتهى فقه الرفق في الدعوة إلى الله نتعلمه من رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الذي آمرنا بإتباعه والسير على هديه في جميع أحواله . وحين بعث النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – معاذًا إلى اليمن بيَّن له مقتضى حالهم، فقال له: “إنك تأتى قومًا أهل كتاب”؛ (البخاري ) أي: لهم معاملة خاصَّة تختلف عن المشركين الذين لا كتاب لهم . وكان صلى الله عليه وسلم  يُثني على أصحابه بما فيهم من خِصال الخير؛ يتألَّفهم ويتودَّد إليهم بذلك؛ قال للأشج – أشج عبد القيس -: ((إنَّ فيك خصلتَينِ يحبهما الله: الحِلم والأناة))؛ مسلم. وبهذا الرفق استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكسب حب اصحابه, وأن يتألف اجلاف العرب وصناديد الكفر فدخلوا في دين الله افواجا، واصبحوا للإسلام جنودا وقادة. وعلى كل من يتصدر للدعوة في سبيل الله أن يتحلى بصفات الرفق ويجمع بين الحلم والعلم، وأن يتأسى بأكبر واعظم من دعا الي الله  على بصيرة صلى الله عليه وسلم.

الرابط : https://islamonline.net/%d9%81%d9%82%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%88%d9%81%d9%82%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%81%d9%82/

قراءة 649 مرات آخر تعديل على الخميس, 26 آب/أغسطس 2021 09:54

أضف تعليق


كود امني
تحديث