قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 19 آذار/مارس 2022 09:22

تدبر القرآن يعيد المعنى للحياة

كتبه  الأستاذ جواد الشقوري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بعد أن كانت المسألة الدينية -شأنها في ذلك شأن المسألة الثقافية- تحتل موقعا “هامشيا” في أغلب المنابر الثقافية و الإعلامية ، أصبحت تتبوأ الآن موقعا متقدما و محوريا، و تتصدر أولويات العديد من تلك المنابر؛ بل تكون هي عنوان الغلاف الأبرز و الرئيسي في أحيان كثيرة. هذا من ناحية، و من ناحية أخرى لم يعد “ما هو ديني” محصورًا في “دائرة ثقافية” ضيقة، و إنما تحول إلى شأن مركزي لدى أغلب “الدوائر الثقافية” الغربية و العالمية أيضا.

إشكالات واحدة و مقاربات مختلفة و يعلمنا الاستقراء الدقيق للتاريخ الحديث و المعاصر أن أغلب الإشكالات و الأسئلة المعرفية و الوجودية المتداولة في المشهد الثقافي العربي و الإسلامي -المشهد الثقافي لدول الجنوب / و الأطراف- هي تقريبا نفسها المتداولة في دول الشمال / و الغرب / و المركز.. برغم أن المقاربات قد تكون مختلفة لنفس الإشكالات، و هذا شأن إشكالات / و مفاهيم من قبيل الحداثة، و ما بعد الحداثة.

و بما أن النقاش الحالي في الغرب ينال بشكل أساسي المسألة الدينية ببعديها الديني Le Religieux و الروحي Le Spirituel، فإننا سنشهد -بالتأكيد و الاستقراء- انتقالا، و بوتيرة سريعة، لهذا النقاش إلى دائرة دول الجنوب، خاصة دول العالم العربي و الإسلامي. و لعل الأدوار الجديدة و المحورية التي ينبغي أن تضطلع بها المؤسسات الفكرية و العلمية في العالم العربي  و الإسلامي تتمثل في ملاحقة هذا المنعطف، و تقديم مقاربات دقيقة و عميقة لمختلف القضايا و الإشكالات التي تؤرق العقل و الوجدان العالميين. وم ن هنا تكمن، في رأينا، أهمية مواكبة هذا النقاش،  وضرورة رصد هذا الانتقال، و ذلك المنعطف الذي تمر به الإنسانية. و هذا “المنعطف الإنساني” الذي تجتازه البشرية حاليا نتيجة منطقية و حتمية لسيادة النموذج الغربي الذي استطاع أن يحقق الرفاهية المادية لفئة من الناس، خاصة في بلدان الشمال، لكن في المقابل لم يستطع هذا النموذج أن يتوجه إلى الإنسان في أبعاده المختلفة : المادية و الروحية و الثقافية، بل كان تركيزه كبيرا على البعد المادي [و هو ما جعل أحد المفكرين الغربيين -هربرت ماركوز- يطلق على الإنسان الذي يبشر به هذا النموذج الغربي لفظ “الإنسان ذو البعد الواحد” (L’HommeUnidimensionnel) أو “الإنسان العددي” (L’Hommenumérique) وفق تعبير مفكر غربي آخر].

من ثقافة اللامعنى.. إلى المعنى إن هذا المنعطف يدل على أن قسما كبيرا من الأسرة البشرية يريد أن يخرج من نفق “ثقافة اللامعنى” (كما هو توصيف الفيلسوف الفرنسي المسلم روجي جارودي)، و من هنا كانت العودة إلى الدين باعتباره مصدرا أساسيا لإنتاج المعنى (le sens)، و سبيلا إلى إضفائه على الكون و الحياة و الإنسان. كما أن “المعنى”، بشكل خاص، سبيلٌ مهم إلى إحداث توازن في الكون بكل مكوناته؛ لأنه إذا توارى المعنى عن حياة الإنسان فإن العالم معرض للسقوط في الفوضى و اللاتوازن و الاضطراب. و الإنسانية تجد في المنظومة الدينية إجابات عن مختلف الأسئلة الوجودية التي تلاحق الإنسان باستمرار؛ فهذه الأسئلة سابقة عن وجود الإنسان، و بالتالي فإن عقل الإنسان قاصر، بل عاجز عن تقديم إجابات معقولة بالاقتصار فقط على أطر معرفية تتجاوزها تلك الأسئلة و لا يتجاوزها هو. و تمثل منظومة الإجابة عن الأسئلة النهائية (les finalités) التي يقدمها الدين الإطار النظري الذي يحمي حياة الإنسان من السقوط في (المعيشة الضنك) [الفوضى، اللاتوازن، الاضطراب]، و ما الإعراض عن ذكر الله إلا الوجه البارز للإعراض عن الاستهداء بالإجابات التي يقدمها الدين على تلك الأسئلة.

مما سبق، يمكن القول بأن إعادة المعنى و التوازن و الانسجام للكون و الحياة و الإنسان، من مقاصد الدين الأساسية و المحورية. و إذا كان الدين كما سبق، يقدم الإجابة عن الأسئلة النهائية (الغايات) كإطار نظري يحمي من التيه التصوري و الانحراف العقدي… و إذا كان المعنى من أبرز مقاصده… فإن الوحي هو “البرنامج الكلي” الذي يقترح مجموعة من القيم و المبادئ و المثل العليا، و التي تحمل في بنيتها اللغوية و الدلالية مقدرة على توليد نماذج قادرة على إلحاق الرحمة بالعالمين. و في الذكر الحكيم: {وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] و الله تعالى هو {أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف:64]… و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ادع على المشركين [أي الذين ينطلقون من الرؤية المقابلة للرؤية التوحيدية]، قال: “إني لم أبعث لعانا. إنما بعثت رحمة” رواه أحمد ومسلم. و في الحديث أيضا: “يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة” [رواه الحاكم و صححه على شرط البخاري و مسلم]. فإذا كان المعنى هو “النظرية”، فإن الرحمة هي “التطبيق”، و إذا كان من مقاصد الدين إضفاء المعنى على الحياة، فإن من مقاصد الوحي إلحاق الرحمة بالعالمين؛ فبالمعنى تتحقق الرحمة.

من هذا المنطلق كان توجيه الاهتمام شطر التفكير في كيفية تدبر القرآن (المنهاج) من أجل إعادة المعنى للحياة و إلحاق الرحمة بالعالمين.. فهو من الشواغل المعرفية الأساسية في عصرنا الحاضر بشكل خاص.. بل إن إعمال النظر في سبل التعامل مع الوحي لهو -بحق- من أبرز الواجبات الفكرية التي تحتاج إلى تفكير مُلِّحٍ. بين مقاصد الدين و مقاصد الوحي و لن يؤتي “إعمال النظر في سبل التعامل مع الوحي” كله إلا بوضع مناهج التدبر على مشرحة البحث و التحليل، و ربطها بمقاصد الدين (المعنى) و مقاصد الوحي (الرحمة).. فقد أثبتت التجربة الإسلامية التاريخية (الحضارية) أن المسلمين عندما استرشدوا بتلك المقاصد استطاعوا أن يبنوا حضارة أسعدت الإنسانية لقرون طويلة. لكن أتى على المسلمين حين من الدهر… انفصلت فيه مناهج التدبر عن مقاصد الدين و الوحي، فتحولت المناهج جراء ذلك إلى غاية في ذاتها، برغم أنها ليست ثابتة إنما تتطور باستمرار.. و كان من المفروض أن تكون خادمة لـ (المعنى) و(الرحمة)؛ لأن مدارها عليهما معا.. و أن يتم استيعاب هذه المناهج، ثم تجاوزها كلما نما السقف المعرفي و اختلفت الأسئلة التي يتم استصحابها أثناء عملية تدبر الوحي. و مع مرور الوقت تحولت تلك المناهج إلى مسلمات من الصعب مساءلتها و بالأحرى تجاوزها!

فتعطلت آليات و مناهج الحوار مع الوحي من أجل التدبر. كل ما سبق يقتضي ردم المسافة التي تفصل بين الإنسان و بين الوحي، و إزالة الحجب الكثيفة التي تحول دون تدبره، في أفق الوصول إلى إعادة المعنى للحياة و الرحمة للعالمين. بين “دوائر الإمداد” و”مجالات الاستمداد” من الطبيعي أن تكون مناهج تدبر القرآن مرتبطة ارتباطا عضويا بـ (مجالات الاستمداد) و بـ (دوائر الإمداد)، و أيضا بما بينهما من علائق (علائق تتسم بالمرونة و ليس بالصرامة، علائق فضفاضة)… و إن التحديد الدقيق للمجالات و الدوائر يفرز في النهاية نوعية و طبيعة مناهج تدبر القرآن الكريم. فعلى سبيل المثال، إذا كانت “دائرة الإمداد” هي الدائرة الإسلامية (التشكيلة الحضارية الإسلامية) فإن “مجالات الاستمداد” ستتوجه بشكل رئيسي إلى “المجال الفقهي” و”المجال الأصولي” و”المجال التشريعي”: (الاستمداد الفقهي، الاستمداد الأصولي، الاستمداد التشريعي)، و كذا كل المجالات التي تخص الجماعة المسلمة و تتعلق بنظامها كما بتنظيمها. أما إذا كانت “دائرة الإمداد” هي الدائرة الإنسانية الواسعة فإن “مجالات الاستمداد” ستتوجه بشكل أساسي إلى “المجال القيمي” و”المجال الوجودي”… و إلى كل المجالات التي تتعلق بـ “نفخة الروح” التي نفخها الله تعالى في الإنسان مطلقِ الإنسان {وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر:29]. وفي كل الأحوال لابد من استحضار واستصحاب المشاكل والأزمات والمعاناة التي يعيشها المسلم والإنسان في واقعه و عالمه؛ لمساءلة الوحي عنها و الحوار معه بشأنها.

بين استنطاق النصوص و تثوير الدلالات إذا كان -كما سلف- إلحاق الرحمة بالعالمين من مقاصد الوحي الرئيسة فإن من مستلزمات ذلك أن تكون نصوص الوحي و مشاهده قادرة على توليد نماذج معرفية تهدي الإنسان للتي هي أقوم، و هذه النماذج لن يُهتدى إليها إلا بعمليتي الاستنطاق و التثوير (التدبر و الترتيل): يقول الإمام علي رضي الله عنه: (ذلك القرآن فاستنطقوه)، و يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ثوروا القرآن). و الاستنطاق سابق عن التثوير؛ لأن الأول مرتبط بـ”منظومة الأسئلة” (مثلا: الفقهية التشريعية أو القيمية الوجودية)، أما الثاني فمرتبط بـ “حقل الدلالات و المعاني”. و نرى أنه من الأهمية بمكان -في هذا الصدد- الإشارة إلى ثلاثة مستويات من تدبر النصوص و المشاهد، في أفق استنطاقها ثم تثويرها:

مستوى النظر اللغوي – اللسني: بمعنى أن النصوص و المشاهد لها دلالات لغوية (لِسنية) و تاريخية (التفاصيل التاريخية خاصة في المشهد القصصي).

مستوى النظر الدلالي الظاهر: يعني أن هناك نصوصا ومشاهد كانت دلالاتها ومعانيها كامنة، وبفضل الاستنطاق والتثوير انتقلت من حالة الكمون إلى مقام الظهور.

مستوى النظر الدلالي الكامن: أي أن هناك نصوصا ومشاهد لا تزال دلالاتها ومعانيها كامنة، وتحتاج إلى الاستنطاق والتثوير لإخراجها من حالة الكمون إلى مقام الظهور [ما يمكن تسميته بتدفق المعاني والدلالات].

كانت تلك بعض الإشارات الأولية و المركزة أردنا من خلالها الإشارة إلى أهمية إعادة النظر في مناهج تدبر القرآن الكريم حتى تكون في مستوى الإجابة على تحديات الإنسان المعاصر، و الذي بدأ يبحث في الدين عن معنى لحياته و وجهة لوجوده الذي أصبح مهددا بفعل النماذج التي تريد أن تفصله عن “السماء”.

الرابط : https://islamonline.net/%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d8%a8%d9%8a%d9%84-%d8%aa%d8%af%d8%a8%d8%b1-%d9%84%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86-%d9%8a%d8%b9%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d9%86%d9%89-%d9%84%d9%84%d8%ad%d9%8a%d8%a7/

قراءة 684 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 23 آذار/مارس 2022 09:17

أضف تعليق


كود امني
تحديث