قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 30 نيسان/أبريل 2015 12:18

حوار الكتروني مع الأستاذ هوفمان

كتبه  الدكتور طه كوزي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تجرأتُ فأرسلت إليه رسالة في بريده الإلكتروني، و كانت الكثير من عادات ضعف التواصل في سياقي القريب مني؛ جعلتني أستبعد إجابة و تجاوبا من الأستاذ "مراد هوفمان"؛ فأقول لنفسي تارة: إنه قد بلغ من الكبر عُتيا، إذ من المرجّح ألا يكون في حالة صحية تسمح له بالتواصل الإلكتروني المباشر؟ و تارة أقول لنفسي إنه لن يجيب فالرجل ديبلوماسي سابق (كان سفيرا بالجزائر بعد إسلامه)، و من المؤكد أن له شواغل تمنعه عن التفاعل مع سؤال فكري من باحث يافع...
لم تمرّ على رسالتي ساعات ثلاث؛ فإذا بجوابه الإلكتروني يقطع حجُب الريب، و يبدّد سحائب الشك، ليدُق الأسماع بتحية طيبة، و سلام مفعم بالحب، و رحابة صدر تسعُني و تَسَعُك...
كانت رسالتي الأولى إلى الأستاذ "مراد هوفمان"؛ كمن يستأذن و يستأنس أهل البيت بالطرْق على الأبواب؛ إذ لا بُدّ لـِمُـــدْمِن الطرْق أن يَلِجا، فكان فحوى الرسالة: سلاما طيبا إليه، و إعلانَ حبّ و وفاء له، و لمسيره في المكابدة الفكرية المعرفية، و قُبلةً في جبين رجل صبر و صابر في طريق الإيمان على وعورة المسلك، و قلّة السالكين، و حين سألته عن حاله، و صحته، و آفاقه؛ أجابني على النحو الآتي:
«
أشكرك جزيلا على رسالتك التي وصلتني عبر الناشر لأعمالي في إسطنبول، و أنا الآن لم أعُد أقيم هنالك، فقد عُدْت إلى مدينة "بون" (Bonn) بألمانيا» -و بعد أن ترك لي معلوماته الشخصية-ختم رسالته بالعبارة الآتية: «بالمناسبة فأنا أبلغ من العمر 83 سنة...؛ و السلام».
صعَقني بعبارته تلك؛ و كأنه يودعني للأبد، لقد صدمني؛ فقد كانت كلماته بمثابة تحية وداع من حبيبٍ لستُ مستعدا نفسيا لوداعه بهذه السرعة، و في هذه اللحظة؛ إذ لم أشْف غليلي بعدُ من التعلم منه، و لا زلت ألوم نفسي عن تقصيري في عدم التجاوب معه سابقا؛ بالرغم من أنه كان يمكث لعشر سنوات بشارع "سلطان أحمد" بإسطنبول؛ ذلك الشارع الذي كنت قد مررت عليه مئات المرات صفًا و مروةً؛ إنني لم أكن أعلم أن رافدا معنويا، و معْلما من معالمي الفكرية نزيل ذلك الحي من إسطنبول.... كَمْ هي مهولة غفلة الإنسان، و غفْوته، و غيبوبته؟!
لـمـــْــلمت همّتي من براثن التذمر و العتاب، و استجْمعت بعض أفكاري، و اسّارعت إلى الجهاز في ركن البيت؛ أخط رسالة ثانية إلى ذلك الرجل الحكيم؛ علّي أستدرك بعض ما فاتني من محاورته و الجلوس إليه: قضاءً لا أداءً، فخططت بالأبيض على الأسود أسأله عن ذاكرته في "الجزائر" استفزازا له إلى الحوار، و مراودة للبوح بمكامن النفس؛ و أسررت إليه أن ثلة من الباحثين في حلقة الدرس (بنية العمل) يتداولون كتابه، و يقرؤون فيه أفكاره، و بعض شخصه...
لقد افترضت أن عطر الجزائر لا يزال يملأ صدره، و حنينه إلى هذا الرَبْع لا يزال يسْكن خاطره، و يشحن خواطره... فهل صادق حدسي ذاك؟
عاد به السؤال إلى لحظات لا تزال تنقش ذكرياته و ذاكرته، و لا تزال أنفاس "البارحة" تمازج شهيق اليوم و زفيره؛ فكتب قائلا: «من عظيم السرور أنْ يرِدني أنّ كتابي يروقكم، و أنّ ثلة من الباحثين تعتني به حفرا و قراءة، و ينبغي أن تعْلم أن ذكرياتي في الجزائر من أعز لحظات العمر التي عشتها؛ لحظة الاستقلال حين كنت قائدا عسكريا، فقد كانت باخرتنا الألمانية مستقرة في ميناء الجزائر لأشهر؛ و لم يكن يشغلنا آنذاك إلا طلب "النبيذ" (لم يعتنق الإسلام بعدُ في تلك اللحظة)، و تمديد آجال رُسُوّ السفينة بالميناء الجزائري، أما تجربتي الثانية في الجزائر فكانت حين عُيّنت سفيرا بالجزائر في الثمانينات»، ثم قال بمرارة: «لم تكن السلطات بالجزائر مستعدّة للاستفادة من مذكراتي أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر».
ثمّ أسر إليّ كلمات مضمّخة بأريج الحب و الذكرى في آخر سطر من رسالته: «إنْ كان للجزائر من فضل؛ فهي السبب الرئيس في اعتناقي الإسلام»؛ سرّتني العبارة بُرهة و ملأت مهجتي بهجة و سرورا؛ لكنني فجأة استذكرت هؤلاء و أولئك ممن تساقطوا في طريق الإيمان و التوحيد بعد إعلانهم "الشهادتين"، إلا أنهم لم يثبتوا على خلاف الأستاذ "هوفمان" و أمثاله؛ و قلت لنفسي: لعل تهاوني، و ضعف حيلتي، و جهلي، و تخلفي: حجةٌ لهم عليّ بين يدي مَنْ لا تخفى عليه خافية...
لم أشْف غليلي بعدُ؛ ففي جعبتي أسئلة كثيرة تراودني؛ تقضّ مضجعي، و تثقل ليلي و نهاري، فسألته عن طبيعة الأزمة في عالم المسلمين اليوم؛ فنموذج الرشد له تشخيصه لسؤال الأزمة الذي يخنق الأجواء، و يحشر الخلق في برزخ حضاري يشُلّ الصلة بين فكرهم و فعلهم، و يجعل الفكرة تتكلس في شرايين صاحبها و أوردته؛ و هي أزمة انفصام الفكر عن الفعل...
و كان كلّ الأمل لباحث فتيّ أن يجد من يطمئن "نموذج الرشد" و آلَِه أن الأزمة في "عالم المسلمين" اليوم ليست فتنة في الشارع ابتداء، و لا إضرابا في قارعة الطريق حصرا، و لا تغييرا لبرلمان أو كرسي منهجا؛ بل الأزمة في عمقها: جلطة دماغية أصابت قلب المسلم و عقله، وجعلت الهوة سحيقة بين قرآنه، و فكره، و ذاكرته... و بين فعله، و حاله، و سلوكه، و تمثلاته...
وصلني جوابه في صفحة و نصف، بعد ثلاث ساعات من سؤالي، و استفتح كلامه ساخرا و هو يقول: «يمكنني أن أصنف سؤالك هذا ضمن أسئلة الأربعين ألف دولار» (على غرار مسابقة من سيربح المليون حيث يُمكّنك الجواب الصحيح من مبلغ خيالي، أما الجواب الخاطئ فيتركك صفر اليدين)؛ لقد استفز السؤال الأستاذ "هوفمان"، و حرّك مواجد نفسه، و جعله يفصح عن قلب عَقُول، و عقل متقد، يحمل هموم المسلمين، و دموعهم، و دماءهم: هَمّا، و هِمّة، و احتراقا؛ باحثا عن المخرج من هذا البرزخ الكئيب...
استرسل الأستاذ "هوفمان"، و هو يتحدث عن أعراض الأزمة في عالم المسلمين اليوم، فوضع مجسه الكاشف على قلب المسلم و عقله؛ فقال: «إنها مسألة التحام و إيمان كلّي بالإسلام، فإنْ بلغ المسلم تلك اللحظة الإيمانية التي يمكنه أن يتنازل فيها عن كل شيء، و يضحّي بكلّ ما لديه لتُواصِل الفكرة الإسلامية طريقها: في حقول التربية، و الحضور المدني و الاجتماعي... في تلك اللحظة فقط يحسُن إسلامه و يكتمل»؛ و جلي للمتأمّل أن وهن المسلمين اليوم مؤشر إلى أنهم لم يبلغوا بعدُ هذه العتبة الإيمانية التي تخولهم أن يُضحوا بكل شيء من أجل رسالتهم و فكرتهم المرشدة...؛ لذا فإن "هوفمان" موقن أن إيمان المرء لا يكتمل إلا بتحمّل تبعات إيمانه و إسلامه في شتى مفاصل الحياة.
لقد ذكّرتني هذه الكلمات بما قاله "طارق رمضان" يوما: «لقد فهم المسلمون بأن الجهاد مختزل في مقاومة المستعمر فقط حين يتعيّن عليهم أن يموتوا في سبيل الله، و لكنهم لم يستوعبوا جيدا أنه، بعد مغادرة الاستعمار، يكون للجهاد معنى أعمق و أكبر هو: بذل النفس، و المال، و الجهد، من أجل الحياة في سبيل الله
لم يتجاوز مـِـجَسُّ الأستاذ "هوفمان" الإنسانَ، و هو يشخص المرض في عالم المسلمين اليوم و يتحسّسه، و لم تُلهه الأحزاب و شعاراتها، و لم تحجب نظرَه التنظيماتُ (الإسلامية أو العلمانية) و زخرفها، و لا التحزّبات المصلحية و أصنامها و جغرافياتها، لقد اختصر الأزمة التي تعصف بالمسلمين مشرقا و مغربا في الإنسان: و منسوب رشده أو سفهه، استقامته أو تفلّته، مساحات فهمه أو جهله و وهنه؛ و رصَدَ المسلمَ و هو لا يزال مستلبا حضاريا: يحاول خلع رداء التبعية و القابلية للاستعمار و الاستحمار من بدنه...
الحوار مع الأستاذ هوفمان أبان عن أن الأزمة اليوم لا تكمن ابتداء في حاكم دكتاتور، أو مستعمِر مُذِل، أو ثائر خائن...، إنما سببها هو أنا و أنتَ، و أنتِ، و ليس تزول أقدامنا حتى نُسأل عن علم لم ينفع، و مال في سبيل الله لم يُنفق، و زمنٍ لوجه الله لم يستثمر، و إمكان حضاري لم يولد....
فكيف سأجيب أنا؟ و كيف ستجيب أنتَ؟ و كيف ستجيبين أنتِ؟ حين تزول الأقدام

http://www.veecos.net/2.0/

قراءة 1526 مرات آخر تعديل على الأحد, 30 آب/أغسطس 2015 11:47

أضف تعليق


كود امني
تحديث