قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 15 نيسان/أبريل 2018 09:52

ستيفن هاوكينغ.. والثقوب السوداء في حياتنا

كتبه  الأستاذ جابر ناصر بوحجام
قيم الموضوع
(1 تصويت)

بتاريخ 14 مارس 2018 توقفت مسيرة عالم من علماء الكسمولوجيا و الفيزياء النظرية؛ ستيفن هاوكينغ عن عمر 76 سنة قضاها في رحاب البحث و الاستكشاف، ما بين نظريات علم الكون، و أبحاث حول الثقوب السوداء و الديناميكا الحرارية.

"و الثقب الأسود هو منطقة في الفضاء (الزمكان) ذات كثافة مهولة، و تصل الجاذبية فيها إلى مقدار لا يستطيع الضوء الإفلات منها، و لهذا تسمى ثقبا أسوداً". و قد استعرت هذا المصطلح لأن هناك ثقوبا في حياتنا (فضاءنا) إذا لم نتنبه لها و نبتعد عنها فإنها ستجذبنا إليها و تمنعنا من رؤية الحق (الضوء) و من ثم نفقد البوصلة و نعيش في ظلام و ظلم.

1. ثقب احترام أهل العلم و التخصص:

أثار موضوع وفاة العالم هاوكينغ الكثير من ردود الفعل بين "مترحم" و"واقف"، بين من يدعو له بالرحمة لروحه و السلام لها، و بين متأسف على مصيره. و بما أن الموضوع عقدي بالدرجة الأولى فالأولى أن نعود للراسخين في العلم ليرشدونا و يدلونا الطريق.

لكن بتأسف نقول أن البعض أخذته موجة الحرية في التفكير مادام يمتلك عقلا، فلا أحد يحجر عليه و هو حق كفله الإسلام لكل مؤمن به فـ "لا إكراه في الدين"، فأصبح يخوض في مسائل حساسة لا يفقه أبعادها و لا يدرك حتى كنهها.

موضوع الولاية[1] و البراءة[2] هو موضوع لا يمكن تجاوزه في مثل هذا الحدث الذي يرتبط بمصير الإنسان يوم القيامة "فلا يصح إيمان مؤمن إلا إذا كان عدوا لأعداء الله، و عداوته لله قد تكون بسبب كفره بوجوده أو بوحدانيته، أو كفره بالوحي الذي أنزله على رسوله، أو كفره بالشرع الذي وضعه للناس ليسلكوه"[3]،

و قد أعلنها القرآن الكريم صراحة: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) –التوبة:113، "أي: من بعد ما تبين لهم أن المشركين لا يدخلون الجنة بل النار"[4].

يقول ستيفن هاوكينغ: " كل منا حر في الإيمان بما يريد، و من وجهة نظري أعتقد أنه لا يوجد إله. فلا أحد خلق الكون و لا أحد يوجه مصيرناهذا يقودني إلى إدراك عميق ربما لا توجد جنة، و ليس هناك آخرة. لدينا هذه الحياة فقط لنقدر التصميم العظيم للكون، و لهذا، أنا ممتن للغاية".

لذا جاء الخطاب لأولئك الذين يجدون في قلوبهم حبا لمن أنكر وجود الخالق أنه قد "تقطعت بينكم و بينهم الأسباب؛ لأن الأصل الذي يبنى عليه الود، و تقام عليه المحبة، و تؤسس عليه الوَلاية هو الحق الذي جاءكم من ربكم، و أنتم و إياهم مختلفون في الأصل، و لا أساس أعمق من العقيدة، فالدين الذي تؤمنون به أيها المؤمنون يكفر به عدو الله و عدوكم، و الشريعة التي تنتهجونها في حياتكم يكفرون بها، فكيف تبقى بعد هذا جامعة تجمع بينكم و بينهم؟"[5].

على أن هناك من يرى أنه من باب الإنسانية و الرحمة على الخلق أن ندعو الله له بالمغفرة، تأسيا بسيدنا إبراهيم الذي وعد أباه أن يستغفر له، فجاء الجواب: (وَ مَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) –التوبة: 114، "وعد إبراهيم أباه في الوقت الذي كان يرجو فيه أن يفهم أبوه الحق فيتبعه، و يهتدي إليه فيؤمن بالله وحده، و يترك عبادة الآلهة، و الاستغفار يتضمن طلب الهداية"[6].

لذا نجد أن من العلماء من شدد في هذا الموضوع مبينا أن "لهذا تأثير كبير على قلب المؤمن، إذا تفكر مليا وجد أن اتخاذ أعداء الله أولياء، و الإلقاء إليهم بالمودة من أعظم الذنوب، و أكبر الكبائر عند الله."[7].

مع ملحظ أن هذا لا يؤدي بالمسلم أن يتنكر للخير و الجميل الذي يسدى إليه لأن "الله تعالى عدل لا يجور، و حكيم يضع الأشياء مواضعها، يأمر بمعاملة كل صنف بما يليق به"[8]. و هذا التفريق بين الأصناف إنما لأحكام الدنيا إحسانا لأهل الإحسان فقد "اقتضت عدالة الله تعالى أن يفرق بين أحكام أهل الكتاب و أحكام المشركين في الدنيا، أما في الآخرة فكلهم إلى النار، و كذلك فرّق الله تعالى بين الكفار المحاربين للمسلمين و المعتدين عليهم و بين الكفار المسالمين".[9]

على أننا لا نحكم على أي شخص و لا نقطع بفوزه أو بخسرانه في الدار الآخرة، و لكن نقول إن من توفرت فيه شروط الفوز فهو من الفائزين و من تحققت فيه أسباب الخسران فهو من الخاسرين، فالحكم بالصفة لا بتعيين الشخص.

2. ثقب الاستقطاب بين الدين و العلم:

خطاب ينبئ عن علمنة غير مصرح بها، حتى ممن يرتاد المسجد و يؤمن بالواحد الأحد.. فمن الناس من يرى أن العلم مردود كله إذا لم يصدر عن إيمان، و منهم من يرى أن الدين موضوع شخصي لا ينبغي أن نحكم به على العلم. و القاعدة تقرر أن الخيرية رهينة بصفاتها، لذا أنى وجد الخير فالواجب شكر من قدمه أيا كان دينه و معتقده، و أسمى هذه الأفعال ما كان مرتبطا بالعلم لأن الله أجلّ العلم و أهله "يرفع الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات"، و سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم جعل عتق أسرى المشركين في بدر مقابل تعليمهم أبناء المسلمين.

لذا ليست المشكلة في التدين من عدمه لأنه مرتبط بمصير صاحبه لكن مرتبط بمدى نافعية العلم الذي يصدره؛ فالعالم الذي يبرر للظلم مردود علمه و لو كان من أهل الشريعة، و العالم الذي يحب الخير للآخرين مرحب بعلمه ما لم يتجاوز و لم يجُر.  

3. ثقب الوعاء الحضاري:

عاش العالم ستيفن هاوكينغ حياة غير مستقرة منذ أن بلغ 21 سنة من عمره، عندما عاد من حفلة رأس السنة الميلادية و سقط على الدرج، فبدأت حملة الفحص الطبي التي انتهت أنه لن يعيش لأكثر من عامين و هذا في سنة 1963، فعاش لأكثر من 55 سنة بعد ذلك، قدم للبشرية دروسا في الحياة قبل أن يعطيها دروسا حولها. عاش العالم هاوكينغ ضمن وعاء حضاري ساعده ليجتاز مرحلة الخطر و التقهقر الصحي فتفرغ للعلم و أعطى ثمرات عظمى؛ فمن جمعية أمريكية تكفلت بتوظيف ثلاث ممرضات يقمن برعايته على مدار الساعة، إلى شركة خاصة قامت بإهدائه برنامجا محفوظا به عدد كبير من الجمل يعبر بها عما يريد، معبرا بقوله: "أصبحت أتواصل أحسن مما كنت عليه قبل أن أفقد صوتي".

هذه الرعاية و هذا الوجود ضمن بيئة قد تكون نفعية مصلحية في رعاية عالِم، لكنها في النهاية أنتجت علما تستفيد منه البشرية رغم اختلاطه بإيديولوجية صاحبها، و لعلنا سنكون أكثر مسؤولية و أكثر محاسبة لما يزخر به تراثنا الإسلامي من تحفيز للبذل و العطاء بأصنافه المتعددة.

4. ثقب محاسبة النفس: الدعوة .. العمل

وضعنا موت ستيفن هاوكينغ أمام مرآة محاسبة النفس مجددا، عندما رأينا في وجوهنا علامات السؤال عن مصيره أولا و عن مسؤوليتنا في هذا الموضوع ثانيا، فإذا كنا أرضا منخفضة هل كنا سنسقي أرضا عطشى تنتظر غيثا و قطرا و لكنها أعلى من مستوانا؟ هل كنا سنقنعه بأن الإسلام هو ما يصلح البشرية إلى أن تقوم الساعة و هو المنجى في العالم الآخر؟

نحتاج إلى مراجعة النفس لنسائل ماذا يمكن أن نقدم -ليس فرادى و لكن جماعيا-، فالعالَم المركب و المعقد لن يستطيع أن يتعامل معه الفرد لوحده، و هنا ستبرز الحاجة إلى المتحدات العلمية التي تجمع و لا تفرق بين التخصصات "الدينية و الدنيوية" بل -أكيدا- تفرق، و لكن بمعيار "النافعة أو غير النافعة". قد نكون متيقنين الآن أنها حاجة ماسة لذلك، و لكن قد تكون العقبة هي في ذواتنا و في تجاوز "الأنات" و محو الذات و الاعتراف بمحدودية علم الفرد مهما كان.

5. ثقب المرجعية الفكرية و نموذج التحليل:

يعيش الإنسان في هذه الحياة بعقل توليدي يتفاعل مع المحيط و الواقع كما يراه هو من منظاره الخاص فتراه يوافق على مواقف و يرد أخرى، و يتأثر بعوامل و يتجاهل أخرى و هذا بناء على نموذج معرفي مركب في عقله؛ فهناك من يدرك ذلك و هناك من لم يستشعر. و معرفة الإنسان لنماذج الآخرين المعرفية تمكنه من تحليل أفكارهم و اختيار ما يتناسب مع رؤيته مما هو رد. و تزداد المواضيع حساسية مادامت تعلو في سلم الفكر و تبتعد عن تفاصيل الحياة الجزئية إلى عمومياتها. و كان لموت ستيفن هاوكينغ تمحيص لنماذج الناس المعرفية التي يصدرون منها. فبين مفرق بين علوم الدين و علوم الدنيا، و بين من يرى أن كل الناس يدخلون الجنة إلا من استثناه الله حسب مشيئته و لا دخل لنا فيها فالله رحيم بعباده، و بين من يرى أن الله وهب الإنسان عقلا يمكنه من التقرير دون الحاجة إلى العودة إلى مرجعية مهما كانت، و بين هذا و ذاك ..

هذه النماذج إن لم يفقها الإنسان عن وعي ستجرفه من دون وعي منه، فيأتي أمورا قد تناقض مبادئ عقدية دون أن يعرف. و هنا يزداد الضغط على الفرد أن يتبنى نموذجا معرفيا يفهم من خلاله الواقع. و النموذج لا يرقى لأن يصبح أداة تحليل ما لم يكن بعقل جمعي و أداء جماعي يختبر قدرة النموذج في حياة الناس اليومية.

6. ثقب ضعف الإيمان بالقضية و تفريغ الجهد:

لمدة 55 سنة و هو يعمل دون كلل أو تعب رغم ما في إعاقته من تكبيل للحركة و تقييد للفعل، و هي حالة لم تكن مستقرة بل كانت في تقهقر مع التقدم في السن؛ و مع ذلك قدم للبشرية الكثير من الأفكار التي أثارت حولها النقاش و أصبحت محورا من محاور الحراك العلمي.

حاضر و سافر، كتب و ألّف، ناقش و فند، بل حتى حاجج و أنكر، هي حركية خلدت اسمه لأن الرسالة في الحياة كانت واضحة و محددة، بل جرأته على مواضيع لعدم استنادها إلى مطلق لا يندثر. عمل كل جهده لأن يثبت ما يؤمن به مانحا إياه وقته، و قد ألف في هذه المسيرة 12 كتابا خمسا منها بالاشتراك.

بعد هذا العرض المختصر الذي حاولت أن أستفيد من الحدث لاستخراج معايير تفيدنا في أمثال هذه الأحداث، اعتقد أن الكثيرين قد يشاطروني الرأي فيما دوّنت، لكن قد تكون مساحة الفايسبوك و ذهنيته لم تسمح لهم بالتحليل و إبداء الرأي أكثر مما قد يؤدي إلى اختزال رأي صاحب مقال و يوجه عكس ما أراد لأنه لم يستطع أن يعبر جيدا.




[1] - تعني المحبة في الله تعالى بالقلب، مع تمثل المعاني اللغوية، على أن تكون كلها مبنية على أساس الموافقة على الشريعة، فيبذل المسلم لكل من يوافقه في الشريعة هذه المشاعر و الالتزامات، إضافة إلى الدعاء له بخير الدنيا و الآخرة. معجم مصطلحات الإباضية ج1، ص: 1103

[2] - هي البغض في الله بالقلب لمن ثبت ارتكابه للكبيرة، و عدم الاستغفار له، و عدم الدعاء له بخير الآخرة. معجم مصطلحات الإباضية ج1، ص: 100

[3] - في رحاب القرآن، ج23، الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض، ص: 292.

[4] - تيسير التفسير، ج15، قطب الأيمة الشيخ الحاج امحمد بن يوسف اطفيش، ص: 16.

[5] - في رحاب القرآن، ج23، الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض، ص: 294.

[6] - م.س، ص: 309.

[7] - م.س، ص: 311.

[8] - م.س، ص: 322

قراءة 1659 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 25 نيسان/أبريل 2018 08:21

أضف تعليق


كود امني
تحديث