قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 12 أيار 2018 09:30

في جوف الطائرة العسكرية بوفاريك.. المُجَنَّد باسم

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ها هو بـاسـم بين أفراد أسرته، ضاحكا مبتهجا، الغبطة تملأ عينيه و قلبَه الطاهر الرّقيق، كانت ليلته مع إخوانه و والديه مرتعا للزّهو و الانشراح، و بين الحين و الحين، كان يقطع عليهم الكلام، ليستأذن فيدخل المطبخ، يأخذ له قطعة أو قطعتين من حلوى لبراج، المصنوعة بأنامل يدي والدته الكريمتين، بمناسبة حلول فصل الربيع، كان يأكل و يعلق ضاحكا: في الثكنة لا وجود لحلوى لبراج، فدعوني آخذ حصتي كاملة، سألتَهِم ما يكفيني لمؤونة الربيع كله!

في الغد استيقظ باكرا، تناول حقيبته التي كان قد أعدّها منذ البارحة، أَكَبَّ على رأس والده الثمانيني يقبله، تناوله الشّيخ بالأحضان، ضمَّه و شمَّه، إنّه أصغر أبنائه، و للمازوزي معزّته! سار برفقة الوالدة الحنون، ذات السّبعين خريفا، و في نهاية سور الحديقة، احتضنته بشدّة، لم تقاوم الدّموع في عينيها، ربَّتَ على كتفها بحنان: أمّي الحبيبة، أستودعك الله، أراكم جميعا بخير. انفلت من حضنها بصُعوبة، بقيتْ مشدوهة في المكان، تتابع خطواته المُتكسِّرة، كَتكسُّرِ الأشواق في الفؤاد، ترنو إلى خياله الغالي حتىّ اختفى عن ناظريها، استدارتْ عائدة تتمْتمُ بالدّعوات. تُرى ما خبَّأت لكِ الأقدارُ يا أمّ بـاسـم؟

 

ها هم في المطار، شباب في عمر الزّهور، تملأهم الحيويّة و النّشاط، الابتسامة لا تفارق الشّفاه، و ضحكاتُهم تُغْرِقُ المكان، تصدح عاليا، فترد عليها كل أصقاع الأمِّ الرؤوم الجزائر، برّا و بحرا و جوّا: أن بارككم الرحمن يا أحفاد عبد القادر و ابن باديس، و للّا فاطمة نسومر و بوبغلة، و العربي بن لمهيدي و زيغود يوسف.. فالأبطال لا ينسُلون إلا أبطالا، و على رأي المثل: هذه الأشبال من تلك الأسود!
 
ها هم في المطار، جميعهم المُجـنَّد بـاسـم، و إن تنوَّعت ألوانهم و أشكالهم، بل و إن تباينت الأماكن التي قدموا منها، على اختلاف ربوع أرض الوطن. تراهم، تحسبهم مختلفين، لكنَّهم على قلب رجل واحد، تسكنهم و يهيمون بها، محبوبتهم الفاتنة، سيِّدة الغيد، و سلطانة الحسان: الجزائر! تقدّموا لصُعود الطائرة، كانوا في صف واحد، لم ينسَوا أخذ صوّر للذكرى، أُرْسِلَتْ إلى الأحبَّة، و كل الجزائر أحبّة، بقيت شاهدا و عنوانا! تقدّموا من حتوفِهم، دخلوا جوفَها، لطالما برقتْ آمالُهم في غد مشرق، و حياة كريمة، كيوم اختاروا خدمة الوطن، و الذّود عن حياضه، لم تكسرْهم معاناة و لا قسْوة تدريب، لمْ تثنِ عزائمَهم غربة في الصّحراء، و لا خطر العصابات المسلحة فيها، لا، ما فتَّ ذاك في عضُدهم، و ما صدَّهم عن التّقدم للخلود.

دخلوا جوفَها، و أُوصِدت الأبوابُ، و أَعلَنت الطائرةُ عبر المكبّر بداية الرّحلة، و حلّقت نحو المجهول.
دخلوا جوفها و يا ليتهم ما دخلوه! و أُوصِدَت الأبوابُ على آمالهم الجميلة، و أحلامهم المُرَفْرِفة، على قلوبهم المغرّدة، بالحب و الابتسام، و أعلنت الطائرة بداية الرّحلة إلى عالم الاحتراق و الأشلاء، و حلقت بهم نحو الشهادة و الخلود.
 
لمْ يطل مكثهم بها، فها هو مكبّر الصّوت يحمل إليهم نعيَهم، يخبرهم بالحقيقة، و ما جدوى السّتر و الإخفاء الآن، نادى قائد الطائرة: لا وقت للرسميّات! و اعذروني أن أنقل إليكم هذا الخبر، فقد أفلت منّا زمامُ قيادة الطائرة، إنّنا نحلق الآن فوق منطقة عمرانية، أحاول تفادي مزيدا من الأرواح، لذا سنسقط في منطقة خالية من السّكان.

أبنائي الأعزاء، لا تنسوا الشهادة..!
ساد الوجوم للحظات، لترتفع الأصواتُ بالصّراخ، فالخبر مفجع، و الصّدمة حادة، إنّها النهاية! تعالت الأصوات و اختلطت، امتزج البكاءُ بالأنين، و الشّهادة بالتّكبير، إنَّها لحظاتُ الحَسْم، و يا لَها من لحظات مُفزِعة مُرعِبة!

  
هي الأقدار
تنأى بنا بعيدا
عن الصّحْبِ و الأهلِ و الولد
ترسُمنا على صفحاتِ الذِّكرى
أيّتها الأقدار
هلمِّي فاغْسلي أوْصالي
بماء و ثلج و بَرَد
نقِّني من ذنوبي و خطاياي
و اتركيني
كثوب أبيض نـُقِّيَّ من دَنَس
أيتها الأقدار
خذي بيدي 
إلى ساحة المجْد و الخلود

 
انزوى مُتَعَـثِّـرًا قرْب الكَفَن، شيخ ثمانيني، و على صفحاتِ الشَّيْب خطَّـتْ دموعُه اسمَ المُجـنَّد بـاسـم، أمّا هي، ذات السّبعين خريفا، فظلّتْ تزورُ القبْرَ لا تفارقه إلاّ لِمَاما، على أمل ألاّ يطول الفراقُ، لعلَّ في اجتماع الشّمْل غدا بعض عزاء.

 

الرابط : http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/5/1/%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%86%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%85

قراءة 1238 مرات آخر تعديل على السبت, 19 أيار 2018 10:24

أضف تعليق


كود امني
تحديث