قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 14 تموز/يوليو 2018 12:18

بين الضَّحِك والبكاء

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(0 أصوات)
بين الحين و الحين، نُسرَق مِن ها هنا، نجيب نداء الفطرة فينا، فتجنح النفسُ بنا إلى الابتسامة؛ لتجلوَ الهم، و تبرح الحزن.
نتشوَّق إلى الفكاهة و الدعابة، و نزيح التبرُّم و الكدر.
و ما عساها أن تكون الخشونة و التزمت، إلا مجافاةً للطباع السليمة، و سوقًا لِما يُنفِّر الخالق و الخَلْق معًا.
ترى ما موقف الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم مِن الابتسامة الراقية، و الضحكة الحانية، التي لا إيذاءَ فيها و لا إسفاف؟
أوَ لم يضحك صلى الله عليه و سلم و الصَّحب الكرام و يتندروا؟!
بلى، لقد عَدَّ الإسلامُ الابتسامةَ عبادةً يؤجر المرء عليها و يثاب؛ فقد جاء في الحديث الشريف: ((تبسُّمُك في وجهِ أخيك صدقةٌ))[1].
و هِي مِن الإحسان و المعروف؛ لِما لها مِن أثر إيجابي في إرساء الأخوَّة و التسامح بين الأفراد؛ قال صلى الله عليه و سلم: ((لا تحقِرَنَّ مِن المعروف شيئًا، و لو أن تلقى أخاك بوَجْهٍ طَلْقٍ؛ "أي: ضاحك مستبشر"))[2].
و معلوم أن الإسلام يبيح كل طيب تلتذُّ به الحواس، و في عطف اللهو الحلال على التجارة ما يؤكد ذلك؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجَارَةِ ﴾ [الجمعة: 11].
كما أنه دِين الفِطَر السليمة؛ قال تعالى: ﴿ وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكَى ﴾ [النجم: 43]؛ فالإنسانُ قد جُبِل على الصِّفتين؛ الضحكِ و البكاء، و لن تتوازن شخصيةُ الفرد حتى يأخُذَ بنصيبه من كلٍّ منهما.
و قد سُئِل ابن عمر رضي الله عنهما: هل كان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحكون؟ قال: نعم، و الإيمان في قلوبهم أعظمُ مِن الجبل.
و مِن ذلك ما رُوِيَ أنهم كانوا: (يتبادَحون بالبِطِّيخ، فإذا كانت الحقائقُ كانوا هم الرجالَ)[3].
و قد وصَف أحدُ الصحابة حُسنَ تعامل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: و لا رآني إلا تبسَّم، و كان يمازح أصحابه و يخالطُهم و يحادثهم، و يداعب صِبيانهم و يُجلِسهم في حجره.
و مِن مزاحه صلى الله عليه و سلم أنه كان ينادي أنسًا رضي الله عنه: ((يا ذا الأُذُنَينِ))[4].
و استأذَن يومًا عمرُ رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه و سلم و عنده نساءٌ مِن قريش يُكلِّمْنه، و يستكثِرْنَه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمرُ، قُمْنَ يبتدِرْنَ الحجاب، فأذِن له رسول الله صلى الله عليه و سلم، و رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحَك، فقال عمرُ: أضحَك الله سنَّك يا رسول الله، قال: ((عجِبْتُ مِن هؤلاء اللائي كنَّ عندي، فلما سمِعْنَ صوتَك ابتدَرْنَ الحجاب))، قال عمر: فأنت يا رسول الله كنتَ أحَقَّ أن يَهَبْنَ، ثم قال: أيْ عدوَّاتِ أنفسِهن، أتهَبْنَني و لا تهَبْنَ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم؟! قلن: نعم؛ أنت أفظُّ و أغلظُ مِن رسول الله صلى الله عليه و سلم[5].
و عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا رأيتُ مِن النبي صلى الله عليه و سلم طِيبَ نفسٍ، قلت: يا رسول الله، ادعُ اللهَ لي، قال: ((اللهم اغفِرْ لعائشة ما تقدم من ذنبها و ما تأخَّر، و ما أسرَّت و ما أعلَنَتْ))، فضحِكَتْ عائشةُ حتى سقط رأسها في حجرها مِن الضحك، فقال رسولُ الله صلى الله عليه و سلم: ((أيسُرُّكِ دعائي؟))، فقالت: و ما لي لا يسُرُّني دعاؤك؟! فقال: ((و الله إنها لَدَعْوتي لأمَّتي في كلِّ صلاة))[6].
هكذا كان صلى الله عليه و سلم - و في جميع أحواله - رفيقًا حليمًا، عطُوفًا وَدُودًا.
أين ذاك أين ممَّن ضيَّقوا الدِّين و فصَّلوه على مقاييسِ طباعِهم الفظَّةِ الغليظة المستخشنة؟!
♦♦♦♦
أجل، هو الحق يرفع عاليًا تلك النفوسَ، يسمو بها؛ لتعرج إلى عالم الملائكة الأطهار، فتصافحها أو تكاد، لكنها تبقى بشريةً، تنزِعُ فطرتُها إلى حقيقةِ النَّفْس الأولى، حين كان أبونا آدمُ في الجنة، حيث الانطلاق و المرح و السعادة، و هل يعبَّرُ عن السعادة بغير الضحكة و الابتسامة؟!
لكن و كما أن لكل شيء ضوابطَ و حدودًا، فكذلك بالنسبة للضَّحِك و المزاح.
فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا!؟ قال: ((نعم؛ غيرَ أني لا أقولُ إلا حقًّا))[7].
و في الحديث أيضًا: ((إياك و كثرةَ الضَّحِك؛ فإنه يُميتُ القلبَ، و يذهَبُ بنورِ الوَجْه))[8].
و قال رجلٌ لسفيان بن عيينة: المزاح هُجْنةٌ؛ "أي مستنكر"؟ فقال: بل هو سنَّة، و لكن لِمَن يُحسِنه و يضَعُه في موضعه.
أجل، يُحسِنه و يضَعه في موضعه، فلا يقول إلا حقًّا، و لا يتطاولُ على مَن هم أكبر منه مكانةً و قدرًا؛ إذ ليس أقسى على العالِمِ و العاقل أن يمازِحَه ثقيلٌ متطاولٌ عليه.
كما أن رفعَ الصوت بالقهقهة و المنكَر ليس مِن الأدبِ في شيءٍ؛ فالرسولُ الكريم -كما هو ثابتٌ عنه –كان أكثرُ ضحكِه التبسُّمَ، و لم يُرَ مُقَهْقِهًا أبدًا.
فالتبسُّمُ سلوكٌ إيجابي، يرفَع معنوياتِ الشخص، و يُرغِّبُ الغيرَ فيه، أما غيرُ ذلك فقد يُسبِّبُ إيغارَ الصدور، و إماتةَ القلوب.
و ينبغي أيضًا مراعاةُ الأوقات؛ إذ لا يصحُّ المزاحُ وقت الجِدِّ.
ورَد عن الإمام عليٍّ (كرَّم الله وجهه): (أعط الكلامَ مِن المَزْحِ بمقدار ما تُعطي الطعامَ مِن المِلْحِ).
و نصَح أحدُ الصالحين ابنه فقال: (اقتصِدْ في مزاحك؛ فالإفراطُ فيه يُذهِب البهاءَ، و يجرِّئُ عليك السفهاءَ، و تركُه يَقبِضُ المؤانِسين، و يُوحِش المخالِطين).
♦♦♦♦
أوَ يبكي الرِّجال؟! إي و الله يبكُون، إذا كانت الحقائقُ مُفزِعات، و المدلهمَّاتُ خُطوبًا.
و أيُّ شدة أكبرُ و أيُّ هولٍ أعظَمُ مِن يومٍ قال فيه الحق سبحانه: ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1]، و قال: ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَ تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَ مَا هُمْ بِسُكَارَى وَ لَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2]؟!
حُقَّ إذًا لقلوب العارفين أن تفزَعَ و تستطيرَ، و تتجافى عن دارِ الغرور؛ لتتعلَّقَ بمالكِ المُلْكِ و الملكوت؛ فمخافةُ الله هي دواءُ القلوب، و البكاء بين يديه ثمرتها.
قال تعالى: ﴿ وَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾ [المعارج: 27]، و قال: ﴿ وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109].
و ليس الخائف مَن يبكي و يمسح دموعَه، بل الخائف مَن هجَر ما نُهِيَ عنه، مسارعًا إلى الطاعات، متفقدًا أحوالَ قلبه، مشفقًا مما قد يكونُ داخَلَ نيتَه و إخلاصَه؛ إذِ اللهُ وحده المطَّلِعُ على السرائرِ، المُمحِّصُ لها.
قالت عائشة رضي الله عنها: قلت: يا رسول الله، ﴿ وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] هو الرجل يسرق و يزني؟ قال: ((بل الرجل يصوم و يُصلِّي و يتصدَّق، و يخاف ألا يُغفَرَ له))[9].
و رُوِيَ أنه صلى الله عليه و سلم - و هو مَن هو، و قد غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبه و ما تأخَّر - كان إذا دخَل في الصلاة (يُسمَع لجوفه أزيزٌ كأزيزِ المِرْجَلِ مِن البكاءِ)[10].
و في الحديث: ((عينانِ لا تمَسُّهما النارُ؛ عينٌ بكَتْ مِن خشية الله، و عينٌ باتَتْ تحرُسُ في سبيلِ الله))[11].
و يأتي العلماءُ بعد الأنبياء في مقامِ اطِّلاعِهم على سرِّ قوله تعالى: ﴿ وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران: 28]، و قوله: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ [آل عمران: 102].
فعن عبدالله بن عمر قال: (لأن أدمَعَ دمعةً مِن خشية الله: أحبُّ إليَّ مِن أن أتصدَّقَ بألفِ دينارٍ)[12].
و كان عمرُ رضي الله عنه يقول: (لو نُودِيَ: لِيدخُلِ الجنةَ كلُّ الناسَ، إلا رجلًا واحدًا، لخشيتُ أن أكونَ أنا ذلك الرجلَ).
أما شيخُ الإسلام ابن تيمية، فكان إذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤُه حتى يميلَ يَمنةً و يَسرةً[13].
و سُئل أحدُ العارفين: مَن آمَنُ الناسِ غدًا؟ قال: أشَدُّهم خوفًا اليوم.
و قال آخرُ: خطَرُ الثباتِ و عُسرُ الخاتمة، يزيدانِ نيرانَ القلبِ اشتعالًا!
♦♦♦♦
مولاي، خافَك مَن عرَفك، فاستحَثَّ السيرَ إليك.
بَتَّ "جَناح البعوضة"[14]، و تجافَى عن الشَّهوات.
أحبَّك لكمالِك، و تمامِ إحسانِك و جمالِك.
و أنِسَ بحُسْنِ الظنِّ فيك.
فحاشاك أن تُخيِّبَ كسيرًا يقرَعُ بابَك.
فزِعًا منكَ إليك.
قراءة 1180 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 25 تموز/يوليو 2018 10:42

أضف تعليق


كود امني
تحديث