قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 28 آذار/مارس 2019 15:58

زمن المصلحة...

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مرّ على هذه البسيطة الملايير من البشر، عاشوا و عمّروا ثم ما لبثوا أن غادروا.. رحلوا و ما ارتحلت معهم الدنيا و لا الذي منها و لها جمعوا، و اليوم  يعيش عليها أكثر من ستة ملايير من البشر، تختلف دياناتهم، و تتنوع لغاتهم، و تتباين ثقافاتهم، و يختلف سعيهم في الحياة بين السعي نحو امتلاك أفخم السيارات، و بين السعي نحو الحكم و الجاه، و بين السعي نحو امتلاك تجارات و شركات و كبرى العقارات، و منازل فخمة و قصور مشيدات، قد اختلفت أمانيهم؛ و لكن غالبيتهم اتفقت على انتهاج منهج واحد لتحقيق ذلك، و هو نهج البراغماتية. و  لا يختلف اثنان على توصيف العصر الذي نعيشه بعصر الماديات، فالسمة الأبرز و الأقوى للأيام التي تمضي على الناس سراعا؛ هي الجري وراء المنفعة الشخصية، فقد تحولت الحياة الإنسانية إلى حياة تدور حول مركز واحد عنوانه البراغماتية، و غدت معها  ممارسات الناس تقول بوضوح "كل الطرق اليوم يجب أن تؤدي إلى تحقيق المصلحة"، و  المتأمل في تصرفات الناس يجد أن أفعالهم تعني أن كل شيء يهون في سبيل تحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة، مهما كان نوعها و أثرها؛ فالدوس على أصالة الإنسان مباح بضرورات المصالح، و إذا تقاطعت المبادئ مع خطوط المنفعة، فإن ممحاة الأخلاق هي الطريق المثلى لإزالتها. لفسح الطريق نحو المكاسب المادية. بل صار الواحد يبيع عرضه لنيل مآربه، و أصبح المسؤول يبيع مقدسات أمته لأجل نيل غرض من أغراض الدنيا، و غدا الحاكم يقتل شعبه و يشتته لأجل البقاء في الحكم، و لو مات و تشرد الملايين من بني قومه، و لو بحث العاقل في أسباب ذلك لاختصرها في أمر واحد؛ و هو الحرص على الدنيا، و قد حذر النبي عليه الصلاة و السلام أمته من الحرص على الدنيا،"فوَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُمْ و لكنِّي أَخْشَى أن تُبْسَطَ الدُّنْيا عليكُمْ كما بُسِطَتْ على مَنْ كَانَ قبلَكُم فَتَنافَسُوها كَما تَنافَسُوها فتُهْلِكَكُمْ كما أهلَكَتْهُم" متّفَقُ عَليهِ و هو حديث هام جدا، حيث يكشف عن سنة كونية لها تأثيرها المباشر على حياة الناس، و هي أن التنافس على الدنيا مآله الدمار و الخراب، و هذا أمر منطقي و معقول؛ فمن المستحيل أن تلتقي مصالح الشخصية للناس أبدا، بل إن الصدام و انهيار الوشائج و الروابط، و سقوط القيم  هو المنتظر من هذا التنافس المتغول على كل الأخلاق و القيم الانسانية.

و إن المتأمل في حركة الحياة اليوم؛ يلحظ و يتأكد أن النشاط الإنساني العالمي، ليس أكثر من السير في اتجاه تحقيق المصلحة المادية النفعية الشخصية و الفئوية الضيقة، و كل من تخلف عن هذا الخط، كانت نعوت الغباء و الحماقة و التخلف هي نصيبه، أما الحديث عن عالم الروح و الأخلاق و الذوق الجمالي للحياة، فأصبح ضربا من التهكم المثير للشفقة و السخرية عند الأغلبية، بل إن الناس لا يعدون الشخص ذكيا إلا إذا تجاوز إشكالية الأخلاق، و لن يكون بطلا إلا إذا رفس برجله الشرف، و لن يكون ألمعيا إلا اذا تخلص من عمق الروح الانسانية بوجدانها و رقتها و نبلها و عنفوان الجمال فيها.

لقد صار المال اليوم هو الصنم الأكبر، و إليه يحج الناس زرافات و وحدانا، حيث توحدت حوله أهدافهم و أحلامهم، و تقربوا إليه بقرابين الدين و المبادئ السامية، فترى الناس تقدم ذبائحها، من شرف و شهامة و سمو و رفعة و صدق و أخلاق؛ لأجل أن تنال شفاعة تقضي بها مصلحتها، أو وساطة تيسر  أو تحسن أمورهم في أقصر زمن، و قد حذر الإسلام من هذه العبودية المهينة لكرامة الإنسان، فقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي عليه الصلاة و السلام: " تعس عبد الدينار و عبد الدرهم و عبد الخميصة" و هو وصف دقيق جدا لحالة الإنسان عندما تنتكس فطرته، و تضمر  فضائل الروح أو تختفي من حياته، و تصبح قوانين المادة هي الأعلى صوتا و الأقوى حضورا و تأثيرا، و يصير الإنسان عبدا و خادما لهذه الماديات و الأشياء من حيث لا يدري، و هو في نفس الوقت يظن أنه يسيطر عليها و يتحكم فيها، و هذا قمة الحرمان، و قمة التعاسة، لأن الإنسان في هذا المستوى ينزلق من عالم الروح و القيم لعالم الغريزة المظلم.

إن الحياة الغنية بتعدد ألوانها و أصواتها و أطيافها تكاد تختصر في معنى واحد " المصلحة قبل كل شيء"، حتى أصبحت بلا طعم، بعد أن فقدته وسط صخب الصراع حول المادة و عالم الأشياء، الذي أعمى البصائر ببريقه، و أصم الأذان برنينه، و أخذ لباب العقول بسطوته.

و المشاهد اليوم أنه كلما تقدمت البشرية في التكنولوجيا و التحضر المادي؛ كلما تردت في عالم الغريزة، و زادت حدة الروتين و الملل و التفاهة والسآمة و الضنك، و هذه سنة كونية لا تتخلف، فكلما ابتعد الناس عن عالم الأفكار و الروح، و تمركزوا حول عالم الأشياء؛ كلما زادت عبوديتهم للمادة، و افترستهم التعاسة بنص الحديث. إن البشرية لم تجن من الجري وراء عالم الأشياء سوى الخراب و الشقاء، بل إن انتكاس الفطر و خرابها يبقى أكثر ما نال من إنسانية البشرية؛ بعد أن ارتضت الحياة وفق قانون الماديات و حاولت القفز على دستور الأخلاق الذي وضعه الخالق، لذلك يبقى التركيز على إصلاح فطرة النّاس من أوجب الواجبات على المصلحين، فأغلى ما يشتغل به المصلحون عند تردي البشرية في أسفل السافلين إرجاع الناس للقيم و الأخلاق التي من دونها لا يمكن أن تحل الطمأنينة و السكينة في حياتنا.

الرابط : http://awda-dawa.com/Pages/Articles/default.aspx?id=31493

قراءة 1243 مرات آخر تعديل على الخميس, 04 نيسان/أبريل 2019 07:56

أضف تعليق


كود امني
تحديث