قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 20 أيار 2019 10:10

فقه التكامل الطريق نحو فقه الاجتماع

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لعل من عجائب هذا العصر اجتماع الكفار على اختلاف طوائفهم و دولهم و لغاتهم في كيانات اتحادية، جعلت القرار السياسي و الاقتصادي في يد مركزية هيكلية، تُسير كبرى القضايا بسلاسة و انتظام، و تتجاوز مختلف الأزمات و المعضلات السياسية و الإخفاقات الاقتصادية، و لنا في الاتحاد الأوربي حالياً خير مثال على ذلك، فقد نجح في توحيد جهود أعضائه اقتصادياً و سياسياً، برغم اختلاف حجم مشاركة كل دولة، فنجد أن ألمانيا و فرنسا تصران على استمراره برغم معرفتهما أن باقي الدول تشارك مشاركة شبه شكلية في الاتحاد، و برغم خروج الإنجليز ظل هذا الاتحاد صامداً، أما المثال الثاني فلا شك أنه يتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فهي بلد ضخم في مساحته، متنوع في أعراقه، حديث في نشأته، غير أنه ظل إلى اليوم موحداً، بل إن سياسات حزبيه الشهيرين لم تصل حد التناقض فيما يخص المصالح الأمريكية، و لا شك أن هذه الكيانات لم يكن من الممكن ظهورها إلى الوجود لولا الجهود و الكتابات التي بذلها كتاب و بحاثو و مفكرو هذه الدول و قادة الأحزاب فيها، الذين جعلوا إنسان مجتمعهم و مصلحته و مصالح دولهم مركز أعمالهم و جهودهم و كتاباتهم.

لماذا اجتمعوا و تفرقنا؟!

السؤال الذي يطرحه نفسه هنا ما الذي جعل هذه الاتحادات تقوم و تستمر فترة زمنية لا بأس بها، بينما يظل التمزق و التشتت، بل و التحارب سمة العلاقات العربية و الإسلامية الرسمية، و إذا وجدنا أن ذلك يعود إلى مشاغبات السياسة المبنية على اللاأخلاق، فإننا نقف حيارى أمام ما يحدث في الدائرة الأقل و الأصغر، و هي دائرة العمل الإسلامي، ففي غمرة الهجمة على الإسلام، ظهر في الآونة الأخيرة هرج و صراعات خطيرة و دموية أحياناً، بين مختلف حركات التيار السني، و على سبيل المثال في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الروسية تشن غارات كثيفة على حلب، كانت بعض  الفصائل ترى أن الأولوية الآن لسفك دماء المخالف المعارض، بتهم شتى، و في الوقت الذي كشر فيه الغرب عن أنيابه في حربه على الثورة السورية، كان الكثير من الكتاب يقصفون إخوانهم بتغريدات و كتابات تخوينية لم يكن هذا وقتها و مكانها، و في الوقت الذي كان العلمانيون في تونس يدكون بقايا مكتسبات ثورة الياسمين كان الإسلاميون يتصارعون فيما بينهم حول أبجديات العمل السياسي و جدواه و فائدته، بينما شهدت ليبيا صراعاً قوياً بين بعض الفصائل التي اتفقت قبل الثورة ثم تناحرت بعدها. أما على المستوى الدعوي المحض، فالطعن الذي تعرض له العمل الدعوي من الذين ركبوا موجات التبديع و التفسيق و التجريح أفرز واقعاً مشوهاً و مأساوياً، لأن الحملة التجريحية كسرت العمل الدعوي، إذ جعلته يلتفت إلى ميدان غير ميدانه، و يترك العدو الصائل في ساحات الفكر و الأخلاق، و لم يتوقف الأمر عند هذه النتيجة التي قلبت الواقع الإسلامي و هدمت المكاسب التي تحققت زمن الصحوة الإسلامية، بل إن هيبة العمل الدعوي و رموزه قد سقطت عند غالبية العامة، و كيف لا تسقط و قد صارت الخلافات متاحة في المجالس العامة، و على مواقع الإنترنت، و كيف لا تسقط و قد أصبحت المساجد في العالم العربي مثلاً مقسمة بين الأحزاب و الانتماءات المختلفة، بل إن الحي الواحد الذي يحوي خمسة مساجد يعرف اختلافاً شديداً بين أئمته، و من أخطر النتائج التي عرفتها المجتمعات الإسلامية انتشار الفرق الضالة، و المذاهب الهدامة، و تسلل النصرانية إلى بعض الدول، فقد غزا  التشيع دول المغرب العربي، و وصلت القاديانية إلى دول عربية عديدة، و وصلت حملات التنصير في المغرب العربي حد إخراج عشرات الآلاف من المسلمين من دينهم و تعميدهم، و هذه النتائج منطقية؛ فالعدو يتمدد في الفراغ الذي يتركه أهل الحق!

و بعد هذا التوصيف، و خروجاً من هذا المسار الذي لو جئنا نستقرئ جزئياته لما أنهيناه، فإن المرور إلى الحلول العملية أفضل وسيلة لعلاج هذا الصدع الهائل؛ لأن إغلاق أبواب الجدل يفتح أبواب العمل.

التكامل أم الاجتماع أيهما أسبق و أولى؟

قبل عن الحديث عن خطوات التكامل يجب الاعتراف أنه لا يمكن تحقيق الاجتماع دون تفعيل ما يسمى بـ«التكامل»، فالاجتماع الذي يعني التوحد تحت مشروع موحد و بقيادة موحدة لا يزال بعيد المنال لأسباب كثيرة، لكن المطلوب اليوم استحضار و صناعة فقه التكامل، لأن الملحوظ في أسباب الشقاق و الشقاوة التي غلبت على الكثير من العاملين للإسلام في مختلف أرجاء العالم الإسلامي محاولة إثبات الذات  المتضخمة أصلاً عند بعض العاملين  عن طريق ضرب مشاريع أخرى، تارة برميها بالسطحية، و تارة بتنفير العاملين منها و من الفاعلين فيها، و تارة باتهامها بتهم آثمة، كرميها بالعمالة أو الخيانة أو الضلال؛  بسبب الحسد الذي أكل قلوب بعض النافذين في الحركات الإسلامية.. و هكذا تمزق الجسد الإسلامي بدل أن يتكامل.

خطوات عملية نحو التكامل:

لأجل ما سبق فإن التركيز يجب أن يكون حول التكامل، لأن تحققه يحقق الغاية الكبرى التي هي الاجتماع، لذلك تجب تربية القادمين عليه، و إعادة بناء عقول الحاضرين على أبجدياته.

و يعتقد البعض أن الحديث عن خطوات التكامل يستلزم استحضار مصطلحات مضخمة، نفخت فيها المزايدات الكتابية، و يذهب البعض بتفكيره إلى أبعد مدى، ظاناً أن الأمة تحتاج حلولاً خارقة، بينما يغفل عن أن أسباب الداء و الدواء قد ذكرت في القرآن و السنة.

أولاًتجفيف منابع الوساوس و الأوهام النفسية:

إذ الأوهام و التوهمات و الوساوس بواعث على أمراض قلبية خطيرة كثيرة، فإن السنة الكريمة قد جاءت بعلاجها عن طريق معاملات راقية أبرزها:

إفشاء السلاميقول النبي عليه الصلاة و السلام: «وَ الَذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَى تُؤْمِنُوا وَ لَا تُؤْمِنُوا حَتَى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» (حديث صحيح)، و اللافت للنظر أن هذا الحديث كان أول حديث بثه النبي عليه الصلاة و السلام في المدينة بعد هجرته إليها، و هذا دليل على أهميته في بناء المجتمع المسلم السليم، كما أن غياب السلام في المجتمع يؤدي إلى فشو الكراهية و سوء الظن و إلى تمزق اللحمة و الوحدة الاجتماعية و الثقافية، فالمسلم و الداعية الذي لا يرد السلام على إخوانه في مختلف الحالات، و يعتاد على ذلك يجب أن يعلَّم احترام الشريعة و السنة؛ لأن استهانته بقضية رد السلام -  الذي هو واجب، و الواجب عند الأصوليين لم يرتق إلى مرتبة الواجب إلا بعد أن صارت مصلحته أعظم، و تضييعه يؤدي إلى مفسدة كبيرة  طريق إلى تهاونه في غير ذلك من المعاملات و العبادات؛ و هذه المؤشرات أبرز مقياس تقاس  به تعاملات المرء، فالمجترئ على انتهاك حرمة هذه التعاملات التي حثت عليها الشريعة، مجترئ على غيرها، لهذا وجبت التوبة من هذا الخطأ، و استحضار عظمة هذا الخلق الإسلامي الرفيع.

تجديد العمل بحديث حقوق المسلم الست في حياة المسلمينعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ الله صلى الله عليه و سلم  قَالَ«حَقُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّقِيلَ مَا هُنَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِمْ عَلَيْهِ، وَ إِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَ إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وَ إِذَا  مَرِضَ فَعُدْهُ، وَ إِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ»(حديث صحيح). و تتأكد اليوم ضرورة إعادة إحياء هذا الخلق؛ لأن الواقع يثبت أن التواصل بين أفراد المجتمع المسلم قد تقلص في كل العالم الإسلامي، و بالتالي تكريس غياب التضامن الإسلامي و قد يعتقد البعض أن هذه المسائل ثانوية وغير مؤثرة، و لو رجع إلى تفاصيل حياة القرن  الأول و الثاني و الثالث لهذه الأمة لرأى عجباً، حين يلقي نظرة عليها و يدقق فيها، فقد كانت هذه الأخلاق الأساس الذي قام عليه المجتمع المسلم.

إن محاولات رأب الصدع و توحيد الصف الإسلامي داخل دائرة أهل السنة و الجماعة عرفت فشلاً مريراً، و السبب أن أغلب المحاولات ارتكزت على تصورات تخالف هدي القرآن الكريم و السنة في الإصلاح، البعض ذهب إلى اقتراح آليات مباشرة للتكامل، بينما أهمل الإنسان الذي يمثل محور هذا التكامل، و الإهمال المقصود هنا:إهمال التزكية و غسل القلب و النفس من الذنوب و الأدران التي صارت تحجب المسلمين عن رؤية الطريق، و التمييز بين الصديق و العدو، و أبعدتهم عن واجب المرحلة، و واجب العصر، و كبرى المهمات و القضايا، و الانشغال بمسائل جرت على الأمة اليوم مهالك و مصائب عظيمة.

و عليه فإن إصلاح النفوس، و تغيير الإنسان المسلم من حالة الخراب الأخلاقي، و الغرق في أمراض القلوب إلى سعة الفضائل و الرحمة خطوة أولى صحيحة نحو تفعيل فقه التكامل بعد ذلك.

ثانياًالعودة إلى الدعوة:

فقد انشغلت جل الحركات الإسلامية عن التنبيه و التكوين لصالح السياسة، و كأن المطلوب من كل فرد أن يكون سياسياً أو مُنظِراً أو مفكراً، فيجب العودة إلى حلقات القرآن و تدارس سيرة النبي عليه الصلاة و السلام و شمائله؛ حتى تلين القلوب، و تعيد وصالها بالسيرة العطرة للنبي عليه الصلاة و السلام و المجتمع النبوي الذي يمثل النموذج الأول للمسلمين.

ثالثاًتكريس برامج مشتركة لأجل التكامل:

لا شك أن لكل فريق عامل جانب قوة و جانب ضعف، و جانباً مشرقاً و جانباً مظلماً، و الاعتراف بهذا النقص فريضة شرعية، و ضرورة حياتية، الإيمان بها يجعل الجميع يطلب التكامل مع غيره، سداً لهذا النقص، و قد يكون ذلك في طلب التعاون في مجال نظري تعليمي، كطلب عون جماعة معروفة بتفوقها في علوم التربية، أو كان طلب التعاون في المجال العملي التدريبي، كطلب المساعدة و التأطير من جماعة عُرفت بتفوقها في أعمال ميدانية معينة، كأن تطلب جماعة علمية من أخرى تدريبها على تنظيم أعمال إغاثية أو تطوعية ما، و بالتالي يحصل التكامل المعرفي و التقارب الإيجابي الذي يذيب الحساسيات،  و يربي الجيل على معرفة قيمة التكامل و من ذلك أيضاً:

- تأسيس أعمال مشتركة، كالدعوة إلى مخيمات جماعية مشتركة، أو جامعات صيفية متعددة، يحصل بها التدافع المحمود في الأفكار و الاقتراحات و الرؤى و الوسائل المقترحة.

- الدعوة إلى تأليف جماعي بين بعض الجماعات و المؤسسات العاملة.

تبادل الخبراء و الأئمة، فلو كان في حي من الأحياء خمسة مساجد، و اتفقوا على تبادل الخطب في المساجد في بعض الأحيان فإن هذا مما يهدئ العامة و الساحة، و يمهد لتحقيق تعاون أكبر.

- عقد دورات علمية أو ملتقيات مشتركة، و إقامة معسكرات مغلقة في مجال عملي، يفيد منه الجميع.

- طلب الشفاعات من أي جماعة قد تفيد فرداً من أفراد جماعة أخرى في ميدان معين، كطلب مساعدته في إيجاد عمل، أو حل لمشكلة معينة، و هذا له أثر واضح في معرفة أهمية التكامل.

- تجميع الجهود و صهرها في قالب عملي، مثلاًكل جماعة و لها ما يميزها في مجال معين، فلو وصل أفراد بعضها إلى الثانوية العامة  و نجحوا فلا بأس بالاتفاق على مساعدتهم على التوجه نحو الرغبة التي يريدونها، و الاستعانة بأهل الخبرة و الاختصاص من الغير، ثم فرزهم بحسب التخصص، و العمل على التعارف بينهم؛ حتى يكونوا مستقبلاً نواة لخبراء في ميدانهم، بدل أن يلتقوا في الجامعة غداً و هم يعتقدون أنهم أعداء.

إجراءات لتثبيت الوفاق و إبعاد الخصومة:

يظل الاحتكاك بين البشر سمة الحياة، و قد تنجر عنه خصومات و خلافات صغيرة أو كبيرة؛ لذلك وجب تحديد العقلاء في المجتمع المسلم، و بين العاملين للمجتمع المسلم، و وضع إطار معين لهم لطلبهم عند الخصومات التي قد لا يحلها من هو أقل منهم، و الهدف من ذلكتفتيت المشكلات، و منعها من التراكم القاتل.

أخيراًإن تجسيد هذه المقترحات يحتاج إلى جلسات معينة تحدد الوسائل و الطرق و الصيغ وفق خطط مرنة واقعية معقولة يكون هدفها الأول تحقيق التكامل، و لو ساد هذا الفقه فإن فقه  الاجتماع يصبح على الواقع حقيقة مجسدة.

الرابط : https://www.albayan.co.uk/mobile/MGZarticle2.aspx?ID=5523

قراءة 1235 مرات آخر تعديل على الإثنين, 02 آذار/مارس 2020 21:10

أضف تعليق


كود امني
تحديث