قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 20 تموز/يوليو 2019 15:38

من أعظم دروس الحياة: رحلة الإنسان نحو البطولة

كتبه  د. محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يصل عمر الأرض حسب آخر التقديرات إلى حوالي 4.5 مليون سنة، و عدد البشر الذين مروا من هنا لا يعلمه إلا الله تعالى، و التجارب البشرية على هذه الحياة أكبر من أن يحصيها كتاب أو إنسان، إلا أن الحقيقة التي يعلمنا إياها الواقع أن الكثير من البشر امتد بهم العمر امتدادا طويلا، و لكنهم لم يدركوا أهم الأسرار التي تعطي للحياة معنى، و للإنجازات قيمة، و للأحلام جمالا، تلك الأسرار أو الكنوز التي تجعل الإنسان ذكيا في طلبه للحياة، و صبورا في تحقيق مساعيه، ثم تتوجه بطلا في آخر حياته.

و لأن حياة الإنسان قصيرة جدا، و مروره بفترات ضعف-خاصة مرحلة الطفولة و الشيخوخة- فإنه لا يملك أمام ذلك سوى الاستفادة من تجارب الآخرين، و التريث قبل اتخاذ قرارات مصيرية قد تؤثر على كل حياته..  بدل معاندة الحياة، و بدل القول: يجب أن أجرب كل ما جربه الآخرون، و هذا خطأ رهيب، بل عليه الأخذ بالحكمة القائلة: الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها.

كما أن الإنسان مطالب بالتأمل في تراكمات حياته، و تجاربه، و كيف يتغير، و يتأمل كذلك في الكيفية التي تغير بها الكثير من الناس، بل و كيف تغيرت المجتمعات و الدول، ليستفيد أولا، و ليستمتع بالحياة، و إلا كانت حياته هامدة، ملفوفة برداءٍ واحد، و يغلب عليها البرودة و البلادة.

و حتى تتضح الأمور أكثر، و نخرج من التنظير إلى التطبيق، يحسن بنا ضرب أمثلة واقعية من مختلف مجالات الحياة، حتى تكون الصورة واضحة، و المعنى قريبا.

مدرسة الحياة و سلم البطولة

لا ينال أي فريق كرة قدم في العالم لقب البطولة؛ ليوصف بوصف البطل إلا بعد رحلة طويلة من المباريات، يتغلب فيها على فرق كثيرة، تختلف في عناصرها و قوتها، كما تتنوع خططها و استراتيجياتها، و يتبارى معها في أغلب فصول السنة، فينافس على اللقب في فصل الخريف و الشتاء و الربيع، و قد يصل إلى بدايات الصيف، كما أنه يصطدم أحيانا بعوائق مادية و مالية، و أحيانا يجد نفسه أمام حكام بعضهم لا ضمير له، و بعضهم يبالغ في الحزم معه، كما أن كثرة التنافس تجعل العديد من عناصره تخرج مصابة من أرضية الميدان، و قد يمر هذا الفريق بضغوطات داخلية هائلة من مشجعيه، بالتالي فإن تجاوزه لكل المصاعب و العقبات المذكورة، و تغلبه على أغلب المنافسين له، يجعله في الأخير يستحق لقب البطولة، و هذا أحد أبرز الأمثلة عن الكفاءة في الحياة، و التي تجعل الإنسان بطلا في مجاله، أو في الحياة عموما.

الطالب و قطار الدراسة

لا يتخرج الطالب من الجامعة إلا بعد أن يكون قد قضى سنوات طويلة في مقاعد الدراسة، يمر بمراحل مختلفة، بدءً من المرحلة الابتدائية وصولا إلى المرحلة الجامعية، في مسيرته هذه يكون قد تعامل مع ظروف مكانية و زمانية متنوعة، و تفاعل مع الكثير من الزملاء في حياته الدراسية، حيث يختلف كل منهم في طباعه و ذوقه و أخلاقه و اجتهاده، دون أن ننسى الإشارة إلى تتلمذه على الكثير من الأساتذة، الذين يختلفون في خبراتهم و مزاجهم و أساليبهم، و مروره على مواد دراسية عديدة، انتهت باختبارات حاسمة، كل هذه التجارب جعلته في الأخير يتوج بتلك الشهادة، لكن القليل منهم من استفاد من تجاربه بعمق؛

و لذلك فإن عدد الذين يواصلون دراساتهم العليا يكون عادة قليلا، بل و نادرا إذا كانت وفق شروط صعبة، ثم القليل من هؤلاء من يواصل رحلة البحث و التعلم إلى آخر حياته، و الحقيقة أن الفرق بين هؤلاء و هؤلاء هو مدى استفادتهم من كل تلك التجارب استفادة حقيقية منذ أول يوم وطأت فيه أقدامهم باب المدرسة إلى يوم التتويج بالشهادة.

على مضمار الحياة

لا يتوج عادة أبطال سباقات العدو في أول سباق يخوضونه، فالتجربة و الخبرة تلعب دورها في مسارهم، و لا تكفي قوتهم و سرعتهم، لهذا كان مرورهم بمختلف التدريبات و التنافس مع مختلف السباقين و من مختلف الدول، و تجاوز الإصابات و الإحباط أحد أقوى المحفزات التي تجعله يستفيد من طاقته و قدراته، و بالتالي يصل إلى الكفاءة في مجاله، حتى يعانق البطولة.

الناس و الميكانيكي

عندما تتعطل سيارة الكثير من الناس فإن وجهتهم الأولى تكون نحو ميكانيكي متمرس، صاحب خبرة، و لا يتوجهون إطلاقا إلى ذلك الطالب الذي درس الميكانيك و لو وصل في دراسته إلى أعلى المراتب، و لو سألت الناس لقالوا: إن هذا يملك تجارب كثيرة، و كفاءته في مجاله معترف بها، إذن يدرك البشر قيمة التجارب في صقل مواهب الإنسان، حتى يصل إلى درجة الكفاءة، ثم يقف على منصة التتويج بالبطولة في ميدانه.

و إذا ادعى شخص أن يملك الكفاءة في قيادة السيارة، فإن عليه أن يكون قد قاد مختلف الأحجام و الأصناف، و في مختلف المناخات، و في مختلف الأماكن الجغرافية، فقيادته إياها في فصل الصيف و في فصل الشتاء، و في المدن و القرى، و في الدول الباردة المثلجة، و في السهول و الجبال، و في حال الضباب الكثيف، أو في ظلمة زادها تعطل الأضواء شدة، و تعلمه تصليح الأعطال، كل ذلك يجعله مستحقا للقب البطولة في حياته.

هل سافرت حقا؟

إن الذي يسافر إلى الدول و يعتاد السكن في الفنادق، و قضاء وقته في مسابحها، أو في الأماكن التي يسميها أهل المراكز السياحية للمدينة، و يستخدم مترجما، لا يستفيد من سفره كثيرا، و يمكن تسمية عمله هذا رحلة أو زيارة، و لا يصل إلى وصف السفر بمعناه العرفي، فالسفر الحقيقي هو الذي يكشف لك حقيقة البلد، و ثقافته، و واقع السكان و عاداتهم، و هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا عاش الإنسان بين الناس في ضواحي المدن أو في القرى، و بينهم في الأحياء أو العمارات، و يقف بنفسه على تصرفاتهم و عاداتهم، و ردّات فعلهم نحوه، و هذا لا يتوفر في المدينة التي اعتادت على السياح، فأصبح أهلها غير مهتمين بوجودهم، و اعتادوا على التفاعل الآلي، بينما يختلف الحال خارج الأماكن التي لم تألف وجود الغرباء من السائحين، حيث تكون مواقفهم هي التعبير الحقيقي عن حقيقة البلد و ثقافته و عاداته. و مادام الأمر كذلك فإن هذا ما يفسر لنا عدم استفادة الكثير من الناس من أسفارهم، و عدم استمتاعهم بها.. ميدان السفر و الضرب في الأرض الذي أوصى به القرآن الكريم، يعد أحد أبرز الميادين التي حُرم الناس مما فيها من فوائد و معارف.

الطيار و الطائرة

عندما تنهي شركات تصنيع الطائرات تجميع أي طائرة، تخضعها لأقسى أنواع الاختبارات، فعلى سبيل المثال: تختبر المحرك و الأجنحة و المكابح في مختلف الظروف الجوية و الأرضية القاسية، لماذا تفعل ذلك؟ ببساطة لأن هيئة الطيران المدني لن تسلمها شهادة تثبت صلاحيتها للطيران إلا بعد أن تثبت كفاءتها، لتسلم في الأخير إلى طيار مقتدر، صاحب كفاءة عالية، هذا الأخير لم تسلمه شركته قيادة الطائرة إلا بعد أن قضى آلاف الساعات كمساعد طيار، و مرّ بمختلف الظروف و الحالات.

الأم و أول مولود

عندما يولد للمرأة أول مولود ترتبك و لا تحسن التصرف معه، حتى لو كانت حائزة على أرقى الألقاب العلمية، و حتى لو كانت طبيبة، حيث تلتجئ إلى أمها أو حماتها طلبا للعون في كيفية التعامل مثلا: مع ارتفاع درجة حرارته، أو كيفية تنظيفه و تغسيله و تقميطه. ما الذي جعل هذه المتعلمة تلجأ إلى من لا تملك شهادة علمية؟ ببساطة تعاملها مع عدة مواليد جعلها تكتسب الكفاءة في ميدان الرعاية بالطفل، لتستحق في الأخير لقب البطولة

شركة تبحث عن خبراء

جرت عادة البشر على تسليم أموالهم أو حكمهم إلى الأكثر كفاءة، فتجد الأب يسلم الابن الأصغر مقاليد إدارة الشركة، في وجود أخوته الآخرين، و سبب ذلك هو وضعه جميع أولاده في ميزان الخبرة و الكفاءة، و ليس هذا في الأسرة و حسب، بل لو أن رجلا افتتح مشروعا ما، فإن أهم ما يركز عليه هو البحث عن الكفاءات التي تمتلك خبرة كبيرة في المجال الذي يريد الاشتغال فيه، و هذا ما يفسر عادة جذب العديد من الشركات خبراء شركات أخرى مقابل مرتبات أكبر، فهم يعلمون أن هذه الخبرات نتيجة سنوات طويلة، و نفقات تكوين عديدة، بالتالي فاستقطابهم لهؤلاء هو بالنسبة إليهم أحد ضمانات النجاح، التي تقود شركاتهم نحو البطولة.

الحياة بطولة

من الأمثلة التي سقناها في هذا المقال نصل إلى حقيقة هامة و هي أن المرور الواعي بمختلف تجارب الحياة، طريق نحو الكفاءة في الحياة، و الكفاءة جسر نحو البطولة، و لذلك جاء في الحديث النبوي الصحيح قوله عليه الصلاة و السلام :"ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه و أنت فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" قد يعتقد الكثيرون أن سياسة الغنم و الرعي أمر سهل، إلا أن هذا اعتقاد خاطئ، فرعيها هو عين الرعاية، فالراعي مطالب أولا بالتكيف مع الظروف البيئية المتنوعة، و التنقل، و التكيف مع المناخ، و مع الجوائح السماوية، فهو مطالب بتوفير الأكل لها ففي كل الظروف و هذا يعني أن يفكر و يبذل وسعه و طاقته في إيجاد مواطن الكلأ و إلا هلكت ماشيته، كما عليه أن يتعلم الصبر و الحلم عليها فهي بطيئة في مشيها و تنقلها و أكلها، و عليه تعلم الرحمة فهو الذي يشرف على أكلها و نومها و ولادة صغارها، و على علاجها و علاج صغارها إن أصيبت بمرض أو حمى، و هذا يعلمه مراقبة الأمراض التي تهجم على قطيعه، و تهدده بالفناء، و هذا ينمي فيه حس المراقبة، و يقوي بصيرته، و يفيده الرعي في تعلم الصبر و الهدوء؛ فالغنم معروفة ببطء حركتها و تنقلاتها، و إذا تعلم التصبر، أتاح له ذلك فرصا للجلوس و القعود و الإبحار في عالم الأفكار ليلا و نهاراً، متأملا في الحياة و أسرارها، و عليه أن لا يهتم باحتقار الناس لهذه الحرفة.

و لاحظ أن الراعي يتعلم كيفية التعامل مع المخالفين و المتخلفين، فهو حريص على مراقبة القطيع ببصره، ثم يتعلم مع الأيام كيف يرد الشاردة إلى القطيع، قد ترجع بالصوت الصادر عنه أو عن يديه، و قد ترجع بالكلب الراعي، و قد ترجع بالعصا، و من هنا يتعلم الراعي سياسة ما بين يديه، و من فوائد الرعي أنه يعلم الراعي التواضع، و يطرد من قلبه الجشع، فهذه المهنة لا تدر أرباحا طائلة، فهو في آخر الموسم يود بيع ما بين يديه؛ ليجدد قطيعه مرة أخرى.

إذن لم يرسل الأنبياء لسياسة البشر إلا بعد أن تعلموا و تأهلوا لسياستهم، و هذا يعني لنا أن التجارب و الكفاءات قيمة حقيقية، لا يمكن النجاح من دونهما.

إنه مهما اختلفت الميادين، و مهما تنوعت المجالات الدنيوية، إلا أن البشر جميعا يدركون في الأوقات الحاسمة أهمية الكفاءة و الخبرة و التجربة، و يندم الكثير منهم على عدم امتلاكها في تلك اللحظات الحرجة؛ ذلك أن الكثير من البشر عاشوا عيشة سطحية، لا يعرفون من الحياة إلا ظاهرها، بعد أن ارتضوا أن يعيشوها بسهولة، بعيدا عن نصبها و تعبها، و لم يتحققوا بأحد المعاني التي حث عليها الإسلام، أي معنى الإحسان الذي بمعنى الإتقان، و فقدان المسلمين هذا المعنى جعلهم ضحية لسقطات و نكبات كثيرة، تعرضت لها الكثير من مشاريعهم، سواء أكانت مشاريع فردية، أو أسرية، أو مجتمعية، أو مشاريع نهضوية امتلكت الكثير من الخطط، لكنها كانت فاقدة للكفاءة في الحياة..

الرابط :

http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-43-238891.htm

قراءة 1015 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 06 آب/أغسطس 2019 19:30

أضف تعليق


كود امني
تحديث