قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 10 تشرين1/أكتوير 2019 09:51

خالد محمد خالد و"أفكار في القمة" "إلينا... يا من أتعبكم الظلام"

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

"إلينا... يا من أتعبكم الظلام" ليست هي عنوان الكتاب، و إن كان العنوان "أفكار في القمة" كبيرا و شامخا.
إلا أن هذه الجملة، التي وضعها الكاتب تحت العنوان مباشرة، كانت كلوحة إشهارية، حبكت بحنكة و ذكاء.
"لست في هذا الكتاب مؤلفا، إنما أنا قارئ" عبارة استفتاحية، تجعل القارئ يستأنس الرفقة، و يتشوق جمال الصحبة، عبر صفحات الرحلة في هذا الكتاب.
"و مع الفكر الإنساني في شتى آفاقه، سنمضي معا وقتا طيبا مباركا فيه"
و هو كذلك يا سيدي، فلتأذن لنا أن نردد خلفك:
"الفكر الإنساني .. !
ترى إلام كانت الحياة ستصير بدونه.. ؟
لا شيء.. بل و بدونه، لا توجد للبشرية حياة..
الولاء للفكر إذن..
و الإجلال للكلمة..
و لكل من يقولها في شرف، و في صدق، و في شجاعة."
** ** **
مع محمّد (صلى الله عليه و سلم) ضد العجز و الكذب و الألم:
يقول المفكر الإسلامي خالد محمد خالد: "و هكذا أسعد الله صفحات هذا الكتاب ببداية سعيدة، تلك هي: مع محمّد، ضد العجز، و الكذب، و الألم"
و يبين أنه (صلى الله عليه و سلم)"حبا البشرية من قلبه الكبير، و أعطاها من ذات نفسه" و"حين كانت رأسه في السماء، ظلت قدماه على الأرض"
"سأله أصحابه يوما: يا رسول الله، أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، و عادوا يسألونه: أ فيكون بخيلا؟
قال: نعم، و سألوه للمرة الثالثة: أ فيكون كذابا؟ قال: لا."
"إن محمدا بهذه الكلمات يفضح الكذب، و يكشف عنه كشيء دخيل على الطبيعة الإنسانية."
ثم يفسر لنا الأستاذ "خالد محمد خالد" كيف أن المؤمن و هو النموذج المكتمل للإنسان عند رسول الله، قد يعتريه الضعف البشري، فيجبن أو يبخل.. "لكن هذا المؤمن لا يكذب، و لا ينبغي له أن يكذب" إذ ليس ثمة ما يسوغ له ذلك، لأنه إنما يكسب الثقة و الاحترام بالصدق.
ثم يعلل كلامه بكون الكذب " مفسدة مطلقة.. و له ضراوة كضراوة الخمر أو أشد"
مستشهدا بحديث:" لا يزال العبد يكذب، و يتحرى الكذب فينكت في قلبه نكتة سوداء، حتى يسود قلبه"
موضحا أن سواد القلب هنا، يعني مسخ شخصية الكذاب، فهو عاجز عن إبصار نفسه، لأنه مبغض لها، و عاجز عن تصديق الآخرين، انطلاقا من عدم تصديق الناس له.
و يصور مشهد هذا القلب بقوله: "يستحيل كالمرآة التي علاها الصدأ، و فقدت كل صفائها، فلم يعد ينعكس عليها شيء من مشاهد الحياة."
إذن فالتوجيه المحمدي -كما يوضح الأستاذ خالد محمد خالد- ينفرنا من كل ما يمت للكذب بصلة، سواء كان إشاعة كاذبة أو مزحة عابرة، أو حتى ثرثرة قد تفقد الفرد توازنه و ثباته.
و الرسول بحسه الإنساني العميق، يدرك أن هناك حالات نادرة قد تضطرنا أن نقول ما ليس بصدق، لكنه ليس بكذب، كحال من يحاول الإصلاح بين الناس.
و عنه (صلى الله عليه و سلم) حين يحلق في أرفع منازل الصدق، و يجلجل قائلا: "إنما أنا بشر"
يعقب الأستاذ خالد محمد خالد بقوله: "يا لجلال هذا الإنسان، في الوقت الذي يقول فيه صادقا إنه رسول من الله للناس، يقول أيضا: أنا بشر، و في الوقت الذي كان معه من الله وحي، كان أيضا يبتدر أصحابه ليستشيرهم".
إنه -حسب الأستاذ خالد محمد خالد-الصدق مع النفس بمعرفتها جيدا، و التفوق على خداعها، و احترام الحقيقة، ليترفع الإنسان عن آفتي؛ الكبر و الجبن، الكبر الذي يجعله يرى نفسه فوق الحق و فوق الصدق، و الجبن الذي يدفعه إلى الهروب من الحق، و هكذا يأخذ بأيدينا مترفقا إلى طمأنينة النفس و سكينتها فيقول(صلى الله عليه و سلم): "الصدق طمأنينة"

ثم ينتقل بنا الأستاذ خالد محمد خالد، إلى قوله (صلى الله عليه و سلم): "استعن بالله و لا تعجز"
و كيف يتعقب الرسول الكريم دواعي العجز، فيفضحها و يذروها مع الرياح، فلا تهيب من مقدور و لا تردد، بل حسم و اختيار، و لا زحف إلى الوراء و تخل عن الواجب، و لا تشاؤم و لا ندم.
ليضيف: "و ضد الألم تواجهنا وقفة بارة، إن الحياة مقدسة و كل إيلام لكائن حي، أيا كان ذلك الكائن، امتهان لحرمة الحياة" و يذكر الحديث الشريف: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا"
و يختم الأستاذ خالد محمد خالد فصله هذا بقوله: "أجل إن نار القصاص تنتظر على شوق، جميع الذين يزيدون متاعب الناس، و يدخلون على حياتهم الآلام و الفجائع"
مع الصين في حكمتها الجزيلة:
"عاشت الصين القديمة وطنا كبيرا للحكمة"" فحكمة الصين تحمل دائما توقيع حكمائها"
"و لحكمة الصين عبير خالص يقودك إليها و يدلك عليها"
بهذه الكلمات يفتتح المفكر الإسلامي خالد محمد خالد حديثه عن الحكمة الصينية، و كيف أن أهل هذه البلاد كانوا يقدسون الرجل الحكيم، فالحكمة هي دينهم الذي يحرصون عليه، و لنستمع معه لقول كونفشيوس:
"ما أشقى الرجل الذي يملأ بطنه بالطعام طوال اليوم، دون أن يجهد عقله في شيء؛ لا يتواضع في بابه التواضع الخليق بالأحداث، و لا يفعل في رجولته شيئا خليقا بأن يأخذه عنه غيره، ثم يعيش إلى أرذل العمر، إن هذا الإنسان وباء"
ثم يذكر شغف هذا الفكر بالحرية،  و بالسلام،  و بالاستقامة، قائلا: "هذه الثلاثة، هي ليلاه التي يغني لها، و يلهج بها"
و ينقل لنا دستور الحكم الصالح الذي كانت الصين تحرص عليه، و ذلك حوالي (845 ق-م): "يعرف الإمبراطور كيف يحكم إذا كان الشعراء أحرارا في قرض الشعر، و الناس أحرارا في تمثيل المسرحيات، و المؤرخون أحرارا في قول الحق، و الوزراء أحرارا في إسداء النصح، و الفقراء أحرارا في التذمر من الضرائب، و الطلبة أحرارا في تعلم العلم جهرة، و العمال أحرارا في إطراء مهارتهم، و في السعي إلى العمل، و الشعب حرا في أن يتحدث عن كل شيء، و الشيوخ أحرارا في تخطئة كل شيء."
و لأجل السلام يعلن منشيس: " أن الأبطال ليسوا هم الذين يكسبون الحروب مهما تكن عادلة، بل هم من يربحون السلام" ليقرر أن: "ليس ثمة حرب عادلة" و يقول: "من الناس من يقول إني بارع في تنظيم الجند، و إني ماهر في إدارة المعارك، أولئك هم المجرمون حقا"
أما لاوتسي فيؤكد: "عندما يسود الحق، تسخر الخيل لأعمال المزرعة، و عندما يسود الباطل، تسخر الخيل لخوض المعركة"
ليجلجل الأستاذ خالد محمد خالد قائلا: "ما أروعه من فكر!"
أما عن الاستقامة في الحكمة الصينية، فيبين أنها شيء عسير المنال، إلا على أولي العزم من الرجال، ذلك أنها: "أعمال نظيفة جدا، و بواعث نظيفة جدا"
لينقل إلينا عبارة للفيلسوف كونفوشيوس تشع بالنور: "حياتي هي صلاتي"
و يعقب عليها قائلا: "ماذا نقول في شرح هذه العبارة المضيئة، و أي كلمات تقدر على التهويم حولها، و محاولة تفسيرها؟!" "و العمل الذي هو قوام الحياة، لا يهدف لشيء سوى تحقيق الحياة الصالحة"
و يضيف: "و المجد، و الشهرة، و بقية العائلة كلها، ليست أكثر من عصابة تسرق أنبل ما في الطبيعة الخيرة، و تضلل سعي الإنسان."
ثم يذكر لنا ما تحدث به لاوتسي إلى كونفشيوس: ".. و أن الرجل العظيم بسيط في أخلاقه و في مظهره، رغم ما يقوم به من جلائل الأعمال، فتخلص من كبريائك و مطامعك الكثيرة"
و ما تحدث به يو-دزه: " من يطرح المجد و لا يعبأ به ينج من الأحزان.. "
مع بوذا في بحثه عن الحقيقة:
يقول الأستاذ خالد محمد خالد: "تلك هي الحكمة الجليلة التي عاد بها بوذا من رحلته الطويلة، و تقلبه في البلاد، و في الفيافي، و تأمله العميق.. أجل تلك هي: "أنا لا أعرف شيئا عن سر الإله، و لكني أعرف أشياء عن بؤس الإنسان"
و يستطرد قائلا: " منذ أعوام بعيدة، قرأت هذه الحكمة الفذة" "و أذكر أنني حين طالعتها، نحيت المجلة من فوري، و لم أستطع متابعة القراءة" "و من تلك اللحظة قررت أن أبحث عن بوذا في كل مكان، و مضيت أقرأ له، و أقرأ عنه"
ثم يشرح لنا الأستاذ خالد محمد خالد ذلك بقوله: " و جمال هذه الحكمة و نفعها، يتمثلان في أنها تأخذ ألبابنا عن (السفسطة) التي تكتنف تفكيرنا في ذات الله، و تتجه بنا صوب اليقين المتمثل في اكتشاف واجباتنا اتجاه الله"
و يضيف: "إن بؤس الإنسان على هذه الأرض، يتطلب كل ما للبشرية من وقت، و كل ما معها من جهد، ففيم فرار الناس من أقدس واجباتهم.. !؟"
ثم يعقب قائلا: "و الفضائل الكبرى للنفس الإنسانية، هي ما يريده بوذا للناس لكي يسعدوا.. يا له من فكر شامخٍ، هادٍ، مضيء"
و يذكر لنا هذه القصة:
"قصده ذات يوم برهمي، مستأذنا في السفر إلى (جايا) ليستحم فيه، و يطهر نفسه من خطاياها، فقال له بوذا: استحم هنا.. نعم هنا.. فليس ثمة حاجة تدعوك إلى السفر إلى (جايا)"
ثم عانقه بنظرات عينيه الصافيتين و قال: "أيها البرهمي، كن رحيما بالكائنات جميعا، و إذا أنت لم تنطق كذبا، و لم تقتل روحا، و لم تأخذ ما لم يعط لك، و لبثت آمنا في حدود إنكار ذاتك، إذا فعلت ذلك، فماذا تجني من الذهاب إلى (جايا)..؟! إن كل ماء يكون عندئذ (جايا).. !!"
و يوضح الأستاذ خالد محمد خالد؛ أن الإنسان هو من يدفع الألم عن الإنسان، و هو من يحقق عظمة الإنسان دون الاعتماد على أحد سواه..
لذا فقد رسم صديق الإنسان الحميم بوذا، نهجا للتعايش و التعامل: "على الإنسان أن يتغلب على غضبه بالشفقة، و أن يزيل الشر بالخير، إن النصر يولد المقت، لأن المهزوم في شقاء، و إن الكراهية ليستحيل عليها في هذه الدنيا أن تزول بكراهية مثلها، إنما تزول الكراهية بالحب"
مع مصر القديمة و هي تفكر:
يقول الأستاذ خالد محمد خالد: "قبل الميلاد بآلاف من الأعوام، كانت مصر القديمة تفكر تفكيرا عاليا مضيئا، و كانت الحكمة تستوطن معابدها و أبهاءها، و كان ورق البردي يحمل في أمانة و رشد أجل تبعات التاريخ على صفحاته العريقة بأنباء القرون و آياتها.."
و يضيف: "إن الإحساس الإنساني في الفكر المصري القديم ينبض نبضا قويا، بارا، رحيما." لينقل لنا نماذج من هذه التعاليم التي كانت تمثل مستوى عاليا من الفكر الأخلاقي و الاجتماعي، و قد قيلت قبل الميلاد بحولي ألف عام.
"احذر أن تسلب فقيرا بائسا، و أن تكون شجاعا أمام رجل مهيض." " و لا تسخرن من كلمة رجل هرم، و لا تكن قط رجل سوء، و من فعل فاحشة فإن المرفأ يفلت منه.." "لا تشتبكن في جدال مع أحمق و لا تجرحه بالألفاظ، تأنّ أمام متطفل، و اعرض عمن يهاجم"
و عن الأناة في الكلام، و عدم التسرع في الرد، ينقل هذه الحكمة المضيئة المتألقة:" نم ليلة قبل التكلم، لأن العاصفة تهب مثل النار في الهشيم، و الرجل الأحمق في ساعة غضبه، يجب أن تنسحب من أمامه، و تتركه لحماقته، و الله يعلم كيف يجزيه"
"لا تمنعن أحدا من عبور النهر، إذا كان في زورقك مكان" "لا تفضين بقرارة نفسك لكل إنسان"
أما عن مهمة الحاكم في مؤازرة الرجل العادي، و منحه فرصته في الحياة، فينقل لنا هذه الحكمة الجليلة: "إن الله خلق الناس منه.. و إنه ليسمعهم حين يبكون، و حين يشكون، و ما جعل فيهم رؤساء، إلا ليسندوا ظهور الضعفاء منهم"
مع توم بين صديق البشر:
هنا أجدني عاجزة حقا عن الاختيار، إذ كل ما ذكره الأستاذ خالد محمد خالد عن هذه العبقرية الفذة كان باهرا و عظيما.
انظر إلى قوله: "كان شعار جميع الرواد الأفذاذ الذين سبقوه مبشرين بالحرية و بالإخاء الإنساني، كان شعارهم: "حيث توجد الحرية يوجد وطننا"
فجاء (توم بين) نسيج وحده، و لخص شعاره و عقيدته، و سلوكه في عبارة أخرى باسلة شاهقة عظيمة هي: "حيث لا حرية، فثم وطني"
يا للرجل و يا للعملاق"
إذن فحرية (توم بين) كما يفسر الأستاذ خالد محمد خالد هي: في أن يكون الناس جميعا أحرارا، و حيث لا حرية فثم أرض المعركة المقدسة.
و لننظر إلى رده حينما جاءه الإمبراطور بونابارت زائرا.. بونابارت الذي يُرهب و يُرغب، فها هو يقول لصاحبة البيت التي أذهلتها المفاجأة، فجاءت تنبئه أن الإمبراطور بالباب يود لقاءه، فقال لها:
"بونابارت..؟ و ماذا يريد مني هذا الوغد؟ ارجعي و قولي له: إن وقت "بين" لا يتسع للقاء الأشرار و قطاع الطرق"
و من أقواله التي يذكرها الأستاذ خالد محمد خالد:" أنا أكره الحرب، إنها أسوأ الطرق لإبقاء الإنسان في هوة الاحتقار، و لتحويله إلى وحش ضار"
مع جوركي صديق المستقبل:
في التعريف به يبين الأستاذ خالد محمد خالد أنه عاش للأمل و للمستقبل، و تقديس كل ماله صلة بهما.
فالأم مقدسة عند جوركي، لأنها وعاء المستقبل: " لنرفع عقيرتنا بالمديح للمرأة الأم، المصدر الذي لا ينضب للحياة المنتصرة"
و عن المستقبل و الحقيقة يقول: " إن الظلمة تنزاح شيئا فشيئا، مفسحة المجال للنور في بيت الله، و بيت الله هو الأرض بأسرها"
و لجوركي رأي مغاير في الكاتب الذي يبحث عن الحقيقة، ليضيء بها نفسه، و يقدمها للناس.. إذ يجمل به ألا يستهدف الإعجاب و الشهرة:
"ليس من المستحسن أن يكون للكاتب كثير من المعجبين، و كل رجل ذي عمل مع الجمهور، يجب أن يطهر الهواء المحيط به بمطهر الحقيقة"
كما يقول أيضا: "إني أقدس الاستياء الذي يشعر به الإنسان اتجاه نفسه، و الذي يدفعه إلى الأفضل دوما"
و يعلل الأستاذ خالد محمد خالد جمال فكر جوركي.. بكونه فكرا سائرا لا واقفا.. وجهته الأمام دوما: "ليس لنا سوى اتجاه واحد نتحرك فيه، و هذا الاتجاه، هو الأمام..!"
مع إقبال في فلسفته الدينية:
يبين الأستاذ خالد محمد خالد أن محمد إقبال –شاعر الهند  و باكستان و فيلسوفهما الكبير- كان يفكر تفكيرا عاليا في طبيعة الدين، و في تطوره، و وظيفته، و أن نقطة انطلاق هذا التفكير هي قوله:
"إن السمو إلى مستوى جديد في فهم الإنسان لأصله، و لمستقبله؛ من أين جاء؟ و إلى أين المصير؟ هو وحده الذي يكفل له آخر الأمر الفوز على مجتمع يحركه تنافس وحشي، و على حضارة فقدت وحدتها الروحية بما انطوت عليه من صراع بين القيم الدينية و القيم السياسية."
و ينقل له أيضا: "نستطيع القول بأن الحياة الدينية من الوجهة العامة، يمكن أن تنقسم إلى ثلاثة أطوار؛ طور الإيمان، و طور الفكر، و طور الاستكشاف."
و عن طور الاستكشاف يقول: "و هنا يصبح الدين مسألة تمثل شخصي للحياة و القدرة، و يكتسب الفرد شخصية حرة، لا بالتحلل من قيود الشريعة و لكن بالكشف عن أصلها البعيد في أعماق شعوره.."
ليضيف:" و صدق الصوفي المسلم الذي يقول: "لا يتيسر فهم الكتاب الكريم حتى يتنزل على المؤمن، كما تنزل على النبي"
و يوضح الأستاذ خالد محمد خالد أن الدين كما يراه إقبال في طوره الأخير هو: "نشاط صوفي يستهدف رؤية الحقيقة، و التفوق على كل ضعف بشري"
و يذكر قول إقبال: "و كل طلب للمعرفة، هو في جوهره صورة من صور الصلاة، و المتأمل في الطبيعة تأملا علميا، هو نوع من الصوفي الباحث، و تأمله هذا صلاة، و الصلاة؛ سواء كانت صلاة فرد أم جماعة، تعبير عن مكنون شوق الإنسان إلى من يستجيب لدعائه في سكون العالم المخيف"
و هكذا يدعو إقبال -كما يبين الأستاذ خالد محمد خالد- إلى احترام رياضة الباطن، أي التجربة الدينية الصادقة التي تستهدف رؤية الحقيقة و معانقتها، لتزودنا بالمعرفة و الإدراك، بل و بمواقف ثابتة مع الحق و الفضيلة.
و يرى أن هذه التجربة الدينية الصادقة تعتمد حديثا على مصادر للمعرفة تلائم وجهتها الجديدة، في ظل العقل الاستدلالي الذي يجب علينا مؤازرته، و كبت كل أسلوب للمعرفة لا يعتمد عليه.
و أنقل هنا مقولة إقبال: "ليس منتهى غاية الذات أن ترى شيئا، بل أن تصير شيئا" "ترى الدليل على حقيقتها في قول كانت "أنا أقدر" لا في قول ديكارت "أنا أفكر" ".
مع فرويد في مجاهل النفس:
يقول الأستاذ خالد محمد خالد: "و لقد كان فكر فرويد و هو يتعقب الكبت و يمسك بخناقه، واحدا كبيرا من أبطال المعرفة الإنسانية" ثم ينقل قول فرويد عن الميول المكبوتة: "إنها لا تتلاشى، بل تبقى حية في اللاشعور و تظل مستمرة في نموها" و يقول عنه:" إنه ينادي باحترام الغرائز، و على رأسها غريزة الجنس، و يكشف عن الصداقة العريقة التي بيننا و بين غرائزنا، إنها ليست شياطين كما كنا نظن، و لكنها قوانا التي نتحرك بها و نعمل"
ثم يوضح الأستاذ خالد محمد خالد أن فرويد لا يقصر الميول المكبوتة على الجنس، كما توهم كثيرون، بل أعطى الجنس المكان الأول، و يرى أن ذلك أقرب إلى الحق، لأن الكبت هو ثمرة التحريم و المنع.
ليؤكد أن ليس ثمة غريزة من غرائز البشر نالت من المنع و الحظر و المقاومة، مثل ما نالت غريزة الجنس.
ليصل إلى القول بأن: "خير صورة للتكيف الأخلاقي عند فرويد هي تلك التي لا تبالغ في الحرمان و لا تبالغ في الإشباع، فإرضاء جميع الميول الغريزية إرضاء غير محدود ينتج من الألم مثل أو أكثر مما يسبب من لذة، و الحب العظيم الصادق من خير ما تظفر به الحياة السوية"
و يضيف الأستاذ خالد محمد خالد معقبا: "كانت الحرب العالمية فجيعة مرهقة لفرويد، لأنها تمزيقا عنيفا و رجيما لأوصال الحب الذي يطمح فيه لبني الإنسان" لينقل عنه تهكما جادا.. عن وحشية الناس خلال الحرب: " إن مواطنينا في العالم الذين ارتكبوا تلك الأعمال، لم يسقطوا في الواقع إلى درك بعيد كما كنا نظن، و ذلك لسبب بسيط، هو أنهم لم يكونوا في مستوى رفيع بقدر ما كنا نتصور..!"
مع ديهاميل في دفاعه عن الأدب:
تلخيصا لكلام الأستاذ خالد محمد خالد أقول:
إنه ديهامل صاحب الإيمان بالكلمة، و بالفكر، و بالأدب، و الذي يقدس روح الكاتب و الأديب، و يرى أن شر أعداء هذه الروح هو النجاح و في ذلك يقول: "لو غامر أحد أولادي يوما و احترف الأدب و سألني أن أنصحه، لما قلت له غير هذه العبارة: احذر النجاح"
إن ديهامل يقصد هنا النجاح التجاري الذي يجرف الكاتب بعيدا عن الأصالة و الخلق، و عن كل جهد يتطلبه التجويد و الإتقان، لأنه يطالبه باستمرار بتموين السوق الرائجة، و من هنا لا تكون أعمال هذا الأديب ضحلة فحسب، بل ستصاب موهبته بالاضمحلال، إذ أن العمل الفني لم يكن يوما سلعة تصنع على عجل.
ليوضح ذلك بقوله:
"إن الأفكار التي يمكن أن تكون مادة لعمل فني، تحتاج دائما إلى نضوج بطيء، فهي تولد فينا كالنطف، و تبقى زمنا طويلا بغير حراك.. و مع هذا يمضي زمان قبل أن يتهيأ الكائن للمجيء إلى الضوء.. فتبدأ عملية الوضع الشاقة، و نحن نستطيع أن نفسد كل شيء، و لكننا إذا انتظرنا حتى نهاية الحمل، فستكون لدينا الفرصة لأن نخرج إلى العالم كائنا قابلا للحياة، كاملا حسن التكوين"
أما الكتاب عند ديهاميل؛ فهو وعاء الثقافة الذي يصونها عن التبدد و الضياع، و يقول عن المكتبة: "هي ذلك المكان الجليل الذي يحتفظ فيه الرجال بتجاربهم، و أحاسيسهم و اكتشافاتهم و مشروعاتهم"
و يتساءل: "إلام يصير العالم لو علق فجأة بالورق مرض جديد يحيل كل المكاتب ترابا..!؟"
ليكون الجواب: ".. و لن تكون تصرفاتنا عندئذ إلا تصرفات وحوش تعسة"
مع إمرسون في تفكيره المغرد:
سأكتفي هنا بذكر بعض أقواله: "إن الثبات السخيف على رأي واحد هو غول العقول الصغيرة"
"لكي تكون عظيما لا بد أن يساء فهمك" "إن من يختار الراحة، لا يشاهد الحقيقة، و من يختار الحقيقة يظل جوابا، سابحا، بعيدا عن كل مرفأ" "ليس في الدنيا الواسعة مكان يختبئ فيه إنسان سافل، و إن ارتكبت جرما، وجدت الأرض كأنها مصنوعة من زجاج، إنك تستطيع أن تقذف حجارة إلى أعلى، و لكنها بعد لحظة ستعود إلى الأرض" "الصديق الجديد، عندي حادث عظيم"
و مع تولستوي في شموخه:
ينقل لنا الأستاذ خالد محمد خالد قول تولستوي: "من أنا؟ جزء من اللانهائي؟ ألا إنه في هذه الكلمات الوجيزة جدا، لتنحصر المشكلة بأسرها.. !"
ثم يضيف: "أمن الجائز أن الإنسانية لم تسأل نفسها هذا السؤال إلا منذ الأمس القريب!؟"
ليجيب: " إن فكرة الإله الذي ليس له نهاية، و قدسية الروح، و العلاقة بين الله و الناس، و فكرة الإنسان عن الخير و الشر، كل هذه أفكار صيغت في الضمير البشري السحيق، و هي أفكار لا يمكن لي و لا للحياة بدونها بقاء، و مع هذا فقد نبذت جهد الإنسانية بأسره و أردت أن أصوغها من جديد بنفسي"
و يعقب الأستاذ خالد محمد خالد على هذا الكلام قائلا: "هذه هي محاولة تولستوي الجريئة، و هذه آية شموخه"
ثم يضيف: "في رأيي أنه يكفي من تولستوي هذا الموقف الفكري الباسل، حتى إن ضل بعده الطريق، فكيف و هو يخبرنا أنه لم يضل و لم يَحْتَوِشهُ التّيه"
ليذكر بقوله: " إن معرفة الله و الحياة شيء واحد، أو قل: إن الله هو الحياة" "و هدف الإنسان في الحياة إنقاذ روحه" "و لكي يفعل عليه أن يعيش عيشة ترضي الله"
و بعد أن يطل بنا الأستاذ خالد محمد خالد على الجانب الإيجابي في تفكير تولستوي و حياته.
يختم بقول تولستوي: " فالناس يمجدونني و يحتفون بي كما لو كنت أكثر البشر نبلا.." "بينما أعلم حق العلم أني لا أزال في بداية البداية"
و يختم المفكر الإسلامي خالد محمد خالد كتابه "أفكار في القمة" بهذه الكلمات:
كل كتب تولستوي الشامخة..
وكل سلوكه القوي الطاهر..
كل هذا.. لا يمثل في رأيه سوى "بداية البداية"..!؟
* * *
و بعد..
فلتطو صفحات هذا الكتاب هنا..
عند "بداية البداية".. !!
(*) أم وفاء خناثة قوادري: أستاذة تعليم ثانوي، ليسانس آداب إسلامية ودراسات قرآنية، كاتبة في الأدب الإسلامي

الرابط :

https://www.djazairess.com/djelfa/10944

قراءة 1020 مرات آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين1/أكتوير 2019 06:27

أضف تعليق


كود امني
تحديث