قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 29 تشرين2/نوفمبر 2020 15:38

حديث السفينة

كتبه  د. غانم علوان الجميلي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تواجه مجتمعاتنا اليوم أخطاراً جسيمة تهدد كياناتها بالتمزق تحت ضغط مشاريع و أفكار غريبة حلت حلول العواصف العاتية و جعلت من الحليم حيراناً، و ليته هو الحيران فقط، بل إن أهل الفكر و السياسة أكثر حيرة في محاولتهم إيجاد الحلول للمشكلات المركبة التي تواجه المجتمعات و تدفعها للسير في الاتجاه المخالف لحركة التأريخ. يحدث ذلك في ذات الوقت الذي تسير به البشرية في خطوات حثيثة نحو التقدم العلمي و البناء و التنمية الاقتصادية، نجد أن هناك بعض المجتمعات التي آثرت السير في الاتجاه المعاكس. و نسأل عن الأسباب وراء هذه الظواهر في سبيل الحيلولة دون انزلاق عدد أكبر من المجتمعات، و الأهم من ذلك معرفة الطرق و الوسائل الواجب اتخاذها لكي نعكس حركة سير تلك المجتمعات المنكوبة و نضعها على الجادة الصحيحة.

و قد يسارع البعض الى إراحة الفكر من البحث عن الحلول باتهام المؤامرة العالمية، و لست ممن ينفي دور المؤامرات التي يحيكها الأعداء، لكنها في رأيي ليست السبب الأول في مشكلاتنا على الإطلاق. بل إن جذور المشكلة داخلية تنبع من ذاتنا و سلوكنا. و للتدليل على ما أقول لجأت إلى القرآن الكريم و السنة النبوية باحثاً فيهما عن أصول الداء و أحسن الدواء و القواعد العامة التي تساعد في تأسيس الحياة الاجتماعية و بنائها و تضع المجتمعات على جادة الأمن و التنمية. فاهتديت الى أن أهم تلك القواعد هي التأكيد على ضرورة التوافق المجتمعي و هي القضية التي تم تناولها في مواضع عديدة من أجملها الصورة الرائعة التي يرسمها حديث السفينة للمجتمع، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: “مثل القائم على حدود اللّه و الواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها و بعضهم أسفلها فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا و لم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعًا و إن أخذوا على أيديهم نجوا و نجوا جميعًا.”

فالمجتمع في هذا الحديث هو السفينة، و أبناؤه جميعا هم ركابها. و الأهم في استخدام هذا التشبيه هو المصير المشترك بين جميع ركاب السفينة. فالدوافع الفطرية التي من أقواها حب البقاء، تدفع الركاب جميعاً إلى السعي جاهدين للحفاظ على أمن و سلامة السفينة لأن حياتهم و نجاتهم مرتبطة بها. و الحقيقة الثانية هي أن الترابط المجتمعي ليس مبنياً على وحدة الفكر، بل أساسه التنوع و الاختلاف ذلك لأنه ليس لأي راكب في السفينة الحق في اختيار الركاب الآخرين الذين يأتون من كل حدب و صوب. و القاعدة الثالثة هي أن المبررات التي قد يستخدمها البعض في إحداث الأضرار بالسفينة موضوعية، فحسن النية ليس غائباً، و الدليل على ذلك أن الذين أرادوا خرق السفينة من ركاب الطابق الأسفل كان هدفهم عدم إيذاء من فوقهم عند صعودهم لجلب الماء من أعلى السفينة الى أسفلها. فالنوايا الحسنة لا تكفي و إنما المطلوب الحكمة في التعاطي مع الأمور.

و لعل من أهم الأخطار التي تواجه مجتمعاتنا اليوم هي أمواج و أعاصير الفرقة و الاختلاف التي تهدد النسيج الاجتماعي بالتمزق، و قد حذر القرآن الكريم من ذلك بعبارات واضحة لا لبس فيها، “و أطيعوا اللّه و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و اصبروا إنّ اللّه مع الصّابرين” (الأنفال- 46) قوله تعالى: “و أطيعوا اللّه و رسوله و لا تنازعوا”: أي لا تختلفوا، (فتفشلوا) أي: تجبنوا و تضعفوا، “و تذهب ريحكم”: قال الأخفش: دولتكم. إذاً فهذه الآية تدل دلالة واضحة على أن نتيجة التنازع و الفرقة و الاختلاف هي الفشل و ذهاب الدولة التي هي رمز القوة و السيادة. و هذا الارتباط الوثيق الذي توضحه الآية سببي، بمعنى أن الفشل الذي يؤدي إلى غياب الدولة سببه اللصيق الفرقة، و هذه السببية علاقة قوية جداً كما توحي الآية، فالله سبحانه لم يقل إذا اختلفتم ربما يصيبكم الفشل، بل قال سبحانه “فتفشلوا” و الفاء تفيد السببية كما و أنها تفيد القرب و الالتصاق بين السبب و النتيجة، فلا شك في النتيجة و لا بحتميتها، كما و أن هذه السنة تجري على الأمم بغض النظر عن العقيدة التي تؤمن بها، ذلك أن السنن الربانية لا تحابي أحداً كائناً من كان، و لقد أرشد الله رسوله إلى الانتباه إليها و عدم مخالفتها لأنها غلابة لا تطوى و لا تعدل لصالح أحد مهما علا قدره و زادت قوته.

هذه القاعدة التي تصل إليها الآية في الربط بين الفرقة داخل أبناء المجتمع و فشل الدولة حقيقة مهمة يجب أن نتوقف عندها طويلاً. فمن الناحية السياسية ليس هناك تعريف متفق عليه للدولة الفاشلة، و لكن هناك سمات عامة يتفق أهل الرأي عليها، مثل:

  • فشل الدولة في توفير الاحتياجات الأساسية التي تتطلبها حياة الناس و معاشهم مثل توفير الأمن و الأمان و كذلك الخدمات الأساسية من طعام و شراب و فرص العمل.
  • عدم قدرة الدولة على ممارسة صلاحياتها الأساسية على أرضها و حماية مصالحها الوطنية.
  • قصور الدولة في بسط سيادتها الوطنية و عدم قدرتها على التعامل مع الدول الأخرى في مستوى الندّية.

إن هذه المصالح التي قد لا يبالي البعض بها في زحمة الصراعات الفكرية و النزاعات المذهبية، هي العواقب التي يحذر منها القرآن الكريم و حديث الرسول صلوات الله و سلامه عليه عن السفينة. إن الإسلام عندما يدعو إلى وحدة الكلمة لا يغفل الحقائق الأساسية عن الخلق و طبائع البشر، فالإسلام لم ينزله الله على ملائكة بل هو للبشر بكل ما فيهم من صفات حميدة و تناقضات أوجدها فيهم خالقهم من أجل عمارة الحياة على الأرض، ومنها أن الخلاف سنة من سنن الخالق سبحانه الذي خلقهم وأودع فيهم هذه الطبيعة، ” و لو شآء ربّك لجعل النّاس أمّةً واحدةً و لا يزالون مختلفين” (هود-118). لا بل إن الله سبحانه جعل اختلاف الناس آية عظيمة من الآيات الدالة على عظمة الخالق، “و من آياته خلق السّماوات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم إنّ في ذلك لآيات للعالمين” (الروم-22).

هذه المعاني وجب التذكير بها في هذه الأوقات التي تتعالى فيها الصيحات هنا و هناك التي تريد أن تمزق الأمة شيعاً و أحزاباً و طوائف متناحرة متقاتلة بينها، فهذا إسلامي و هو بالضرورة إرهابي تجب محاربته، و ذلك علماني كافر يجب أن يقام عليه الحد. أما المذاهب و الملل فحدث عنها و لا حرج، كل واحد يريد إخراج الآخر من الملة، حتى أوشكنا أن نفقد الإحساس بالانتماء إلى الملة. و كل هؤلاء و أولئك يتناسون أنها سفينة و أننا جميعا ركابها. إن مصيرنا واحد و إن غايتنا واحدة و إننا بذلك أحوج ما نكون إلى بعضنا البعض لكي نبقى. و أن الاحتراب و الفرقة مهما كانت مبررارتها و تحت أي شعار، لا تريد الخير للمسلمين و إنما تدفعهم نحو مقتلهم. من أجل ذلك فإن المطلوب اليوم هو إسكات صيحات الفرقة و العمل الجاد نحو جمع الكلمة و وحدة الصف بغض النظر عن المواقف العقدية و الفكرية لأبناء الأمة، لكي نحافظ على السفينة و نوصلها إلى بر الأمان.

الرابط :http://feker.net/ar/2014/03/06/354126/

قراءة 802 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 02 كانون1/ديسمبر 2020 08:38

أضف تعليق


كود امني
تحديث