قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 08 نيسان/أبريل 2021 05:21

مترجم: إمتلاك المستقبل – عرب العصر الحديث و هاملت

كتبه  الدكتور صادق العزم ترجمه مصطفي طه
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كما نعرف جميعاً، فإن إمتلاك المستقبل دائماً ما يكون رهناً بقوة البصيرة و القدرة على تخمينه، و التى بدورها تعتمد على مدى الفطنة. بماذا تخبرنى فطتنى إذاً عن الموضوع الذى نحن بصدد مناقشته ؟ تخبرنى بأن عرب العصر الحديث هم فعلاً نسخة القرن العشرين من شخصية الأمير ” هاملت ” في رائعة شكسبير. مثلما كان الأمير، يبدو أن العرب قادرين على الجمع بين الإعتزاز بقوميتهم، و عقليتهم المستغرقة فى الأزمات، و حساسيتهم الشديدة، لينتهوا إلى مأساة طويلة لا تنتهى. تتكون هذه الماساة من حالة لا تنتهى من التردد و التسويفات و التذبذب بين القديم و الجديد، بين الأصالة و المعاصرة، بين التراث و التجديد، بين الهوية و الحداثة، بين الأديان و العلمانية.

لهذا، لا يمكن أن ينتمى القرن الواحد و العشرين إلا إلى نسخة عالمنا من شخصية فورتينبراس الغازى – الذى ذهب يحضر الجيوش لإستعادة شرف أبيه أثناء غرق هاملت فى الحزن على مصيره – و لا يكن أن يكون المستقبل ملكاً لهاملت العالق فى دوامة لا نهاية لها من الجدل الأوروبى الكلاسيكى ” صراع القدامى و المعاصرين ” الذى عفى عليه الزمن. لا عجب إذن إن إقتبسنا من الدراما الأشهر لشكسبير تعبيره بأن الوقت غير مناسب أبداً للعرب، و أن هناك شيئاً خاطئاً فى بلادهم. و لا عجب أيضاً إن أستمر العرب فى التساؤل كهاملت عما إذا كانوا هم المسئولين عن بلاياهم أم أن القوة الألهية هى التى قررت مصيرهم.

يؤدى بى هذا التشابه بين هاملت و الشخصية العربية الحديثة إلى محاولة الغوص داخل أنفسنا، و محاولة التفكير فى اننا كى نمتلك مستقبلنا و نعتبر أنفسنا مسئولين عنه، يجب ان نصل إلى حقيقة أنفسنا المدفونة بعيداً فى عقلنا الباطن. ما أقصده هو التالى : أننا كعرب و مسلمين ما زلنا مستمرين فى تصور و تخيل أنفسنا فى صورة الغزاة و صناع التاريخ، و رواد الحضارة، و قادة العالم، و أننا نحن من يتحكم فى النمط الذى تسير به الأحداث.

التوفيق بين الحقيقة و صورتنا الذهنية عن أنفسنا

بداخلنا، مازلنا نرى أنفسنا كفاعلين فى التاريخ و ليس مجرد مفعول به، أطباؤه و ليس مرضاه. لم نصل بعد إلى حقيقة هامشية وضعنا فى العالم الحالى و أننا مجرد رد فعل. فى الحقيقة فإننا – فى لاوعينا الجمعى – غير قادرين على تقبل بشاعة حقيقة أن أمتنا تقف الآن بلا حول و لا قوة على هامش التاريخ المعاصر، و ليس فقط تاريخ العالم عموماً و لكن ايضاً تاريخنا الخاص.

لا نستطيع أيضاً تقبل حقيقة أننا الآن لا نتعدى مفعولاً به فى تاريخ يتم صناعته، يتم قيادتنا و التحكم فينا ببراعة و الفصل فى نزاعاتنا من قبل آخرين، و خاصة حين نتذكر أن هؤلاء الأخرين كانوا ( و يجب أن يكونوا كما هو مقدر لهم طبقاً لما نعتقد ) هم هدفاً فى تاريخاً نحن نصنعه، يتم قيادتهم و التحكم فيهم من قبلنا. أضف إلى ذلك معتقداً لا يتزعزع لدينا أن هذا الموضع فى قيادة التاريخ و أمجاده تم إغتصابه بطريقة ما منا من قبل أوروبا، ” فى غفلة من التاريخ ” كما نقول. و أقول تم إغتصابه لأننا – كهاملت فى محنه و تجاربه – نعتقد خطئاً أن هذا الموضع ملكنا بالطبيعة، من حقنا، قرره القدر و المصير لنا، و إختاره لنا الله.

يصاحب هذا المعتقد معتقداً أخر لا يقل عنه ثباتاً لدينا، أنه فى النهاية ينبغى أن تصحح الأمور نفسها بعزل هؤلاء المغتصبين من السلطة التاريخية و العالمية، الذين شارف وقتهم على الإنتهاء على أى حال، و إعادة قادة التاريخ الحقيقيين و الشرعيين إلى مكانهم الصحيح سابقاً، و وظيفتهم الطبيعية التى خلقوا من أجلها.

هذه الطريقة فى التفكير و الحنين إلى الماضى تظهر جلية فى أعمال مؤلفين كثر مثل المصرى حسن حنفى، و أخر أعمال أنور عبد الملك، و أيضاً فى أثار و تحليلات و دعايا المفكرين و المنظرين الإسلاميين.

يمكن تلخيص المنظومة الفكرية التى يرتكز عليها هؤلاء المفكرون فى عنوان الكلاسيكية الأوروبية الشهيرة لسبنجلر : إنحدار الغرب، حيث يستنتج هؤلاء المفكرون خطأ أنه مادام الغرب ينحدر، فإن العرب و الإسلام فى صعود. أو – كما فى عنوان كتاب المؤلف أنور عبد الملك : ريح الشرق – إن كانت رياح التاريخ قد هجرت أشرعة الغرب، فإنها بالتأكيد تملاً الآن أشرعة الشرق، الشرق الذى يعنى بالضرورة العرب و الإسلام. و لو إستخدمنا عنوان الكلاسيكية الإسلامية لمحمد قطب ” جاهلية القرن العشرين ” ، فسوف تكون الصورة هو كيف أن الحداثة الأوروبية قد وصلت إلى حالة الجاهلية كما كانت من قبل، و أن العرب و المسلمين الآن على وشك قيادة البشرية مرة ثانية لإنتشالها من براثن الجاهلية التى خلقتها أوروبا و يحميها الغرب عموماً.

القومية العربية : إستعادة الدور المغتصب فى قيادة العالم

و لكن هذا ليس مجمل المشكلة. بالنظر إلى القومية العربية، يبدو الآن أن الهدف الأساسى من وراءها لم يكن الوحدة العربية كغرض نهائى، و لكن كوسيلة لإستعادة هذا الدور المغتصب فى قيادة العالم و صناعة التاريخ. فى الحقيقة، يمكننى القول بأن الغرض النهائى هنا لم يكن مقاومة الإستعمار و الإمبريالية و الإحتلال الأجنبى، و التحرير و الإستقلال و الرخاء و العدالة الإجتماعية و الحرية، و لكن إستعادة هذا ” الحق ” المغتصب من هذه الأمة العظيمة لتمارس دورها التاريخى و العالمى و تعمل فى المهمة التى تناسب طبيعتها. ففى النهاية، كل الحضارات التاريخية فى جهتنا من العالم  كانت دائماً متعلقة بالغزو و التوسع : فارس تتجه إلى اليونان، الإسكندر يغزو فارس و كل ما تصل إليه يده، حنبعل، روما، الإسلام، العثمانيين، الحداثة الأوروبية، و هكذا.

عندما تصطدم هذه الصورة الذهنية لدينا عن أنفسنا – بقوتها و عدم محاولتنا التحقق منها أصلاً – مع الحقائق الجلية اليومية عن ضعفنا و تخلفنا و استسلامنا كعرب و مسلمين، و هامشيتنا على مستوى العلاقات الدولية خصوصاً، عندها يصبح أى شىء ممكناً فى الجانب العربى. و هذا يتضمن أوهامنا الكبرى التى نحاول أن نعوض بها أنفسنا ما فقدناه، و عقدة النقص الشديدة لدينا، و التهورات السياسية، و العنف اليائس الذى لا طائل من وراءه، و غيرها. من الواضح، أن كل هذا لا يشكل وصفة ناجحة لإمتلاك الحاضر و لا حتى المستقبل. هى بالأحرى وصفة للتنازل عن مسؤوليتنا فيما يتعلق بالحاضر و المستقبل

التناقض الذى أحاول إيضاحه و الذى ينبغى أن نتقبله و نتفهمه إن أردنا أن يكون لدينا أى مستقبل على الإطلاق يمكن إختزاله فى عنوان كتاب المؤلف و المؤرخ و الدبلوماسى المصرى حسين أحمد أمين ” دليل المسلم الحزين إلى مقتدى السلوك فى القرن العشرين ”. يذكرنا هذا العنوان بكلاسيكية موسى  ابن ميمون ” دلالة الحائرين ”، و هو ما يجعلنا نرى عنوان الكتاب بشكل مختلف ” دليل المسلم الحائر الحزين فيما يتعلق بالسلوك المطلوب فى القرن العشرين ”.

الإنسان العربى المعاصر : حزين، سوداوى، حائر، محبط ؟

يتصف الإنسان العربى و/ أو المسلم المعاصر بالحزن، السوداوية، الحيرة و الإحباط فى رأى أمين، لأن معتقداته و قناعاته الغريزية، و صورته الذهنية العميقة و أوهامه التى يعتز بها عن أمته و دينه و ثقافته و حضارته و العناية الإلهية التى تحيط به، و دوره و وظيفته فى التاريخ الحديث، كلها تبدو منظومة من الكذب نتيجة للوقائع و الأحداث التى يصطدم بها فى العالم المعاصر فى كل دقيقة من حياته. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحولات الجذرية و الثورات و التضحيات و الخسائر المطلوبة ليخرج بها من هذه الحالة المتناقضة تبدو بالنسبة له لا يمكن تحملها و خارج إمكانه، و غير مرغوب فيها نتيجة لإحباطه و يأسه. ماذا تبقى له أن يفعل إذن سوى أن يعبر بهذه الحالة الفوضوية من الحزن و الحيرة و اليأس و السوداوية إلى القرن الواحد و العشرين، حاملاً معه قناعةً ما أنه يوماً ما سيقوم الإله أو القدر أو التاريخ أو حتى نظام العالم نفسه بإسقاط هذا المغتصب و رفع أمته إلى منصبها فى قيادة العالم و التاريخ مرة ثانية. و فى أثناء تلك الحالة العقلية، يستمر فورتينبراس هذا العالم بإمتلاك الأرض على حساب تخاذله.

الحداثة هى فى الأساس إختراع أوروبى. خلقت أوروبا العالم الحديث بدون إستشارة العرب أو المسلمين أو أى أحد آخر، و خلقته على حساب العرب و المسلمين أيضاً. لا هرب من حقيقة أن العرب فعلياً تم جرهم و هم يصرخون إلى الحداثة من ناحية، و فُرِضَت عليهم نتيجة لقوتها و كفاءتها و أدائها من ناحية أخرى

بالفعل تم رد الحملات الصليبية، و لكن بعثة بونابرت فى مصر و فلسطين لم تفز فى نهاية اليوم فقط، و لكنها اكتسحت كل ما لم يعد قادراً على الصمود فى جانبنا من البحر المتوسط. هذا الفارق الشاسع بين نتائج الحملات الصليبية و نتائج البعثات الفرنسية فى 1798 يلخص جوهر الحداثة الأوروبية و يضعها أمامنا لنستخلص الدرس.

فى الحقيقة فإنه يمكن إعتبار أن التدخل الأوروبى العنيف فى المنطقة الإسلامية و العربية قد أحدث فاصلاً بين الوضع الحالى و الماضى لا يمكن مقارنته سوى بالتدخل العربى الإسلامى العنيف فى تاريخ حضارة فارس الساسانية. كما أن تاريخ فارس التالى لذلك التدخل العسكرى لم يعد ممكناً فهمه بدون العرب و المسلمين و ظهورهم على الساحة الفارسية، فإن تاريخ المنطقة العربية ما بعد بونابرت لا يعنى أى شىء بدون أوروبا و حداثتها و ظهورهما فى الساحة العربية. فى رأيى لا يمكن الهرب من هذه الحقيقة مهما حاولنا صياغة الواقع بطرق مختلفة أو حتى ذكر ذاك التبرير الأعرج بأنه فى النهاية فإن أوروبا قد أستلهمت نهضتها كلها منا : ابن رشد، و الحضارة الأندلسية، و العلم العربى و الرياضة و الفلسفة و غيرهم.

بدون الإعتراف بهذه الحقائق المؤلمة فعلاً و تقبلها و التعامل معها بصدق و مع تناقضاتها و إشكالياتها و توابعها، لن يمتلك العرب مستقبلهم، و لن يكونوا مسئولين يوماً عن حاضرهم. بكلمات أخرى : إما أن نبدأ التعامل بشكل عقلانى و صادق مع هذه القناعات و المعتقدات و المشاعر المترسخة فى أذهاننا، و مع هذه الصور عن أنفسنا التى تضفى القدسية و و الثبات على أوهامنا التى ورثناها، و مؤسساتنا المهجورة، و منظومتنا الفكرية المختلة، و نظام معيشتنا و حكمنا العزيز علينا الذى عفا عليه الزمن، أو أن فورتينبراس سيفوز فى النهاية و يكون له الحكم الأخير.

أو كما قال ممدوح عدوان فى نسخته من مسرحية ” هاملت ” التى ظهرت منذ  فترة فى دمشق ” حين يصحو الأمير، سيكون الوقت قد فات ”

قراءة 668 مرات آخر تعديل على الخميس, 08 نيسان/أبريل 2021 13:51

أضف تعليق


كود امني
تحديث