قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 16 كانون2/يناير 2022 09:39

مقومات نهضة المجتمعات عند الإمام الماوردي

كتبه  الأستاذة إحسان الفقيه
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يقول المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي خلال سرده أساليب الغزو الفكري: «تشويه عقائد المسلمين و مفاهيمهم الفكرية، و تشويه النظم الإسلامية، و سائر أحكام الإسلام و شرائعه و أخلاقه، و كل ما يتعلق بالتراث الإسلامي  و تاريخ المسلمين».

و قد حظي تراث الأمة الإسلامية و علماؤها بنصيب هائل من تلك الاتهامات التي تشبه ما اتهم به الذئب و هو بريء من دم ابن يعقوب، و من أبرزها أن علماء الإسلام، الذين تركوا لنا هذا الإرث الفقهي و الفكري الغزير، كانوا بعيدين عن الأخذ بأسباب القوة و الحضارة، و أنهم دعاة تخلف عن ركب التحضر و التمدن، جل بضاعتهم تزهيد الناس في الدنيا و حثهم على الإقبال على الآخرة.

و لئن كانت هناك نماذج يصدق عليها هذا الادعاء بسبب الفهم الخاطئ لنصوص الشريعة و التلبّس بضلالات فكرية، إلا أن الحقيقة التي تثبُت كالشمس في رابعة النهار، أن علماء الأمة المعتبرين، أوْلوْا قضايا الإعمار و النهضة و إصلاح شؤون الحياة أهمية بالغة في إنتاجهم الفكري، و لا أدل على ذلك من ابن خلدون، الذي وُصف برائد علم الاجتماع، قد أصبحت مؤلفاته مرجعا في الحديث عن أحوال الدول و قيامها و أسباب سقوطها. و بين أيدينا في هذه السطور عالم جهبذ من علماء الإسلام، الذين اهتموا بالنهوض و الإصلاح، و هو الإمام الماوردي، صاحب كتاب «أدب الدنيا و الدين»، الذي ضمّن كتابه هذا سردا لأسباب نهوض المجتمعات و صلاح الدنيا، كان مُوفقا في الفكرة و المضمون و العرض، يقول في هذا الجانب: «اعْلَمْ أَنَّ مَا بِهِ تَصْلُحُ الدُّنْيَا حَتَّى تَصِيرَ أَحْوَالُهَا مُنْتَظِمَةً، وَ أُمُورُهَا مُلْتَئِمَةً، سِتَّةُ أَشْيَاءَ هِيَ قَوَاعِدُهَا، وَ إِنْ تَفَرَّعَتْ، وَ هِيَ: دِينٌ مُتَّبَعٌ، وَ سُلْطَانٌ قَاهِرٌ، وَ عَدْلٌ شَامِلٌ، وَ أَمْنٌ عَامٌّ، وَ خِصْبٌ دَائِمٌ وَ أَمَلٌ فَسِيحٌ».

ست قواعد لانتظام أحوال المجتمعات و صلاحها، ذكرها الماوردي، تنبئ عن فكر عميق، و فهم للسنن، و دراسة وافية للتاريخ و أحوال الدول، فصل فيها القول بما يمكِّن القارئ من هضم مقصوده و التفاعل مع مكونات خطابه. أول هذه القواعد (دين مُتَّبع)، و علل الحاجة إليه من منظور إيماني و اجتماعي في آن واحد، فالدين «يَصْرِفُ النُّفُوسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا، وَ يَعْطِفُ الْقُلُوبَ عَنْ إرَادَتِهَا، حَتَّى يَصِيرَ قَاهِرًا لِلسَّرَائِرِ، زَاجِرا لِلضَّمَائِرِ، رَقِيبا عَلَى النُّفُوسِ فِي خَلَوَاتِهَا، نَصُوحا لَهَا فِي مُلِمَّاتِهَا، وَ هَذِهِ الْأُمُورُ لَا يُوصَلُ بِغَيْرِ الدِّينِ إلَيْهَا، وَ لَا يَصْلُحُ النَّاسُ إلَّا عَلَيْهَا». و هو هنا يبين حاجة المجتمعات في رحلة نهوضها و صلاحها إلى الضمير الحي و السيطرة على الأهواء و حظوظ النفس، و الواقع أن غياب هذه القيم هو من أعظم أسباب الفساد التي ضربت في مجتمعاتنا اليوم، و نعاني منها بشكل واضح، يتمثل في فساد الذمم و الرشوة، و تأخير ذوي الكفاءات، و عدم إتقان العمل و نحو ذلك. و ما ذكره الماوردي يتوافق مع قوانين النهضة التي تحدث عنها علماء الاجتماع، و بيان حاجة النهضة إلى الدين، و منهم المؤرخ و الفيلسوف البريطاني أرنولد توينبي، الذي قال: «إذا ما ألقينا ببصرنا على الحضارات التي ما برحت قائمة حتى يومنا الحاضر، نجد أنه يكمن وراء كل منها نوع من العقيدة الدينية العالمية، و على هذا النحو تصبح العقيدة الدينية جزءا من نظام الاستيلاد الحضاري». و في هذا السياق يؤكد الماوردي في صلاح المجتمعات و شؤون الدنيا على ثنائية إصلاح الدنيا و العمل للآخرة، حيث نقل عن بعض الحكماء قولهم إن الأدب أدبان: أدب شريعة، و أدب سياسة، فأدب الشريعة أداء الفرائض، و أدب السياسة ما عمّر الأرض. فجعل الماوردي هذا التلازم ضرورة لصلاح الدنيا و نهضة المجتمعات، لأن المجتمع بحاجة إلى مرجعية خارجة عن إطاره البشري، ليست نتاجا لتجربة أو قوانين العقل و المادة، بحاجة إلى مرجعية تحدد معايير الحسن و القبح، يرتكز عليها في صياغة تصوراته و نظامه الحياتي، و هو ما سماه العالم الموسوعي الراحل عبد الوهاب المسيري بالمرجعية النهائية، التي هي سابقة على كل عقد اجتماعي، و يعني بها الدين.

وضع الماوردي «الدين» على رأس القواعد التي تصلح بها شؤون الدنيا في المجتمعات، لأنه الضامن لتوجيه الضمائر إلى الوجهة الصحيحة، و من ثم يكون هناك رقيب داخلي في كل نفس إنسان، يمنعه الشطط في التعامل مع غيره أو العبث في المصالح العامة. تصلح شؤون الدنيا بالدين ليس فقط عن طريق ارتباط سلوكيات العباد بنظام حياتي ينبثق من الدين يحدد قوانين الثواب و العقاب، و إنما الأهم منه هو ارتباط هذه السلوكيات بالجزاء الأخروي، الذي يحض على إتيان الفضائل طمعا في الثواب، و اجتناب المظالم و الفساد، خوفا من العقاب، خاصة أن الدين لا يترك الإطار القيمي و الأخلاقي فريسة للنسبية و لا للأذواق و الأهواء و ظروف المجتمعات، و إنما صاغ هذا الإطار و أوضح ملامحه بصورة كاملة شاملة، تصلح لكل زمان و مكان، لأن هذا الإطار رباني المصدر، يراعي الفطرة البشرية. لذلك ليس هناك حاجة تنويرية للفظ الدين أو اختزاله في بعض الشعائر و القيم الروحية،  و لو بحجة تعدد المشارب و الاتجاهات العقدية في المجتمع الواحد، و إلا كان ذلك تجنيا صريحا على تاريخ يعرفه القاصي و الداني، من اندماج المسلم مع غير المسلم في مسار حضاري واحد، فكان بالنسبة للمسلمين مرجعية دينية يدينون بها للخالق في إعمار الدنيا و نيل ثواب الآخرة، و كان لغير المسلمين مرجعية حضارية ساهموا فيها و انتفعوا منها و تميزوا بها في أوطانهم.

الدين كمرجعية دينية للمسلمين و مرجعية حضارية لغير المسلمين، هو الضامن لوحدة الرؤية تجاه النهوض بالمجتمع، و في هذا السياق يقول الماوردي حول القاعدة الأولى «لذلك لَمْ يُخْلِ (يترك) اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَهُ، مُذْ فَطَرَهُمْ عُقَلَاءَ، مِنْ تَكْلِيفٍ شَرْعِيٍّ، وَ اعْتِقَادٍ دِينِيٍّ يَنْقَادُونَ لِحُكْمِهِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِهِمْ الْآرَاءُ، وَ يَسْتَسْلِمُونَ لِأَمْرِهِ فَلَا تَتَصَرَّفُ بِهِمْ الْأَهْوَاءُ». تلك هي القاعدة الأولى من الست التي ذكرها الماوردي لصلاح شؤون الدنيا، بما يؤكد تعاطي علماء الأمة المعتبرين مع الواقع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي في عصورهم، و التفكير خارج قفص الانغلاق على فهم الدين، على أن نستكمل في مقالات لاحقة هذه القواعد الماوردية، و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون.

الرابط : https://ehssanalfakeeh.com/?p=6082

قراءة 796 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 19 كانون2/يناير 2022 09:34

أضف تعليق


كود امني
تحديث