قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 28 كانون2/يناير 2022 07:09

الهجرة إلى الوطن “فريضة شرعية و ضرورة بشرية”

كتبه  الأستاذ محمد عبد الرحمن صادق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كانت العرب إذا غزَتْ، أو سافرتْ، حملتْ معها من تربة بلدها رملاً و عفرًا تستنشقه (الجاحظ)

الوطن كلمة لها جَرْس خاص في الآذان، و قبضة في القلوب و قشعريرة في الأبدان. هذه الكلمة كثيراً ما تغنَّى بها الشعراء و تفنَّن في ذكرها الأدباء و أصابت باللوعة و الأسى الغرباء.

الوطن هواء و سماء، عُشب و ماء، تراب و طين، ذكريات و حنين، ضحكات و آهات، أهل و أحباب، أبناء و أحفاد، أفراح و أتراح، عَبَرَات و ابتسامات.

إن الوطن عبارة عن مزيج من كل شيء، يسْري في العروق، فإذا حُرِم منه الإنسان سار كالطفل الذي حُرم من حنان أمه فلا يجف له دمع و لا يهدأ له حال حتى يجتمع الشمل و تلتقي النظرات و تنسكب العبرات و الزفرات فرحاً بذلك.

قال الغزالي رحمه الله: "و البشر يألَفُون أرضَهم على ما بها، و لو كانت قفرًا مُستوحَشًا، و حبُّ الوطن غريزةٌ متأصِّلة في النفوس، تجعل الإنسانَ يستريح إلى البقاء فيه، و يحنُّ إليه إذا غاب عنه، و يدافع عنه إذا هُوجِم، و يَغضب له إذا انتقص".

و قال الحافظ الذهبي رحمه الله مُعدِّدًا بعضًا من محبوبات النبيِّ ﷺ: "و كان يحبُّ عائشة، و يحبُّ أَبَاهَا، و يحبُّ أسامةَ، و يحبُّ سبطَيْه، و يحبُّ الحلواء و العسل، و يحبُّ جبل أُحُد، و يحبُّ وطنَه، و يحبُّ الأنصار" اهـ.

أولاً: قالوا عن الوطن

1- قال إبراهيم بن أدهم: "ما قاسيتُ فيما تركتُ شيئًا أشد عليَّ من مفارقة الأوطان".
2- وقال ابن المبارك: "إنَّ من أقام في مدينة أربع سنين، فهو من أهلها".
3- و قال الرافعي القزويني: "و لولا نزوع النَّفس، إلى مسقط الرَّأس، و دائرة الميلاد، لم ينـزل: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: من الآية 85].
4- و قال الأصمعيُّ: "قالت حكماء الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل تحن إلى أوطانها، و إنْ كان عهدُها بعيدًا، و الطيرُ إلى وَكْرِه، و إن كان موضعُه مُجدبًا، و الإنسانُ إلى وطنه، و إن كان غيرُه أكثرَ له نفعًا"اهـ.
و قال أيضًا: "سمعتُ أعرابيًا يقول: إذا أردت أن تعرف الرجلَ؛ فانظر كيف تحنُّنه إلى أوطانه، و تشوُّقه إلى إخوانه، و بكاؤُه إلى ما مضى من زمانه" اهـ.

ثانياً: الإبعاد عن الوطن من أشد العقوبات على النفس

لقد ضرب النَّبي ﷺ أروعَ الأمثله في الانتماء للوطن و حب الأهل و العشيرة، و لم يتبادر إلى ذهن النَّبي ﷺ يوماً أنه سيُجبَر على مفارقة هذا الوطن.

عندما قال ورقة بن نوفل للنبي ﷺ: "لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ، قالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ" (رواه البخاري).

قال السفيري رحمه الله: "قوله ﷺ: (أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟!): استفهام إنكاري على وجه التفجُّع و التألُّم؛ كأنه استبعد ﷺ أن يُخرجوه مِن حَرَم الله و جوار بيته، و بلدةِ أبيه إسماعيل من غير سبَب؛ فإنه ﷺ لم يكن منه فيما مضى و لا فيما سيأتي سببٌ يَقتضي إخراجًا، بل كانت منه المحاسن الظاهرات، و الكرامات المقتضية لإكرامه و إنزاله بأعلى الدرجات" اهـ.

لذلك كان من دعاء النبي ﷺ بعد أن هاجر للمدينة: "اللهمَّ حبِّب إلينا المدينة كحبِّنا مكة أو أشد" (صحيح البخاري).

و لأن الإبعاد عن الوطن من أشد العقوبات على النفس، نجد أن قوم لوط عليه السلام قد هددوه بقولهم: {لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [الشعراء: 167].

و هذا فرعون اللعين يُحَرِّض قومه ضد نبي الله موسى عليه السلام زاعماً أن موسى عليه السلام ما جاء إلا ليُخرجهم من أرضهم و يحرمهم من وطنهم، فـ: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ {34} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الشعراء: 34-35].

من هنا كان إجلاء اليهود عن المدينة أقسى عقاب لهم على ما اقترفوه من إيذاء للمسلمين.

قال تعالى: {وَ لَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} [الحشر:3].

ثالثاً: دعوها فإنها منتنة

إنَّ الانتماء و حبَّ الأوطان ليس مَدعاةً للانسلاخ من الدِّين أو التنازل عن قيمه و مبادئه، و ليس مدعاة للذَّوبان في مجتمع قد طُمستْ فيه الهوية و ضاعت فيه القيم، و ليس مدعاةً لتقديم العصبية و القبَليَّة على العقيدة و الدين .

عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "مَن قُتِلَ تَحْتَ رايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ" (صحيح مسلم).

من هنا نعلم أنه إذا وجدت العصبية و خِيف على الهوية الإسلامية فإن الإسلام في هذه الحالة لا يَعترف بالحدود الجغرافيَّة، و لا يعتبر الفوارق التي تقوم على الأعراق و الجنسيات، و يعتبر المسلمين جميعًا أمَّة واحدة، و يعتبر الوطن الإسلامي وطنًا واحدًا مهما تباعدَتْ أقطاره، و تناءت حدوده.

إن البعد عن العصبية هو الذي صهر صُهيب الرومي و بلال الحبشي و سلمان الفارسي في نفس البوتقة التي فيها أبو بكر و عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم أجمعين، و هو الذي أخرج أمة قوَّضت عروشاً و ممالك ظنت أنها تستعصي على الفناء.

إذا وجدت العصبية و خِيف على الهوية الإسلامية فإن الإسلام في هذه الحالة لا يَعترف بالحدود الجغرافيَّة، و لا يعتبر الفوارق التي تقوم على الأعراق و الجنسيات، و يعتبر المسلمين جميعًا أمَّة واحدة، و يعتبر الوطن الإسلامي وطنًا واحدًا مهما تباعدَتْ أقطاره، و تناءت حدوده

رابعاً: المفهوم الصحيح لمعنى الوطن

إن النبي ﷺ قد مكث ثلاثة عشر عامًا في مكة يدعو أهلها إلى الإسلام، فلم يؤمن معه إلا قلة قليلة من المُستضعفين، و نزر يسير من أصحاب القوة و النفوذ.

و لما عانى المسلمون ويلات الاضطهاد و التنكيل و القتل من أهل مكة كان الحل هو الهجرة.

هاجر النبي ﷺ مُكرهاً من وطنه الذي كذبه و آذاه، و ارتحل هو و من معه إلى المدينة المنورة، حيث رحَّب أهلها به و بدعوته، و أكرموه ﷺ و أصحابه أيَّما كرم، و آثروهم على أنفسهم أيَّما إيثار.

عن عبدالله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنَّهُ قال: "رأيتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ واقفًا على الحَزْوَرة فقالَ: و اللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ، و أحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، و لولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ" (رواه الترمذي). * الحَزْوَرةُ: مُرتفِعٌ يُقابِلُ المَسعَى مِن جِهَةِ المشرِقِ، كان سُوقًاً مِن أسواقِ مكَّةَ.

بعد أن مرَّت ثمانية أعوام من الدعوة و الجهاد في المدينة، و بعد أن أصبح للإسلام دولة واضحة المعالم و مُهابة الجانب، قرَّر النبي ﷺ أن يعود إلى مكة فاتحًا، و أمام قوة المسلمين حينئذ خضعت قريش كلها خضوعاً خضد شوكتها و أزال هيبتها و قطع دابر مُجرميها و أصبحت الكلمة الأولى في مكة للإسلام و المسلمين، لهذا كان فتح مكة فتحاً مُبيناً.

لقد كان بإمكان النبي ﷺ أن يظل في مكة مُستمتعاً بنشوة النصر و التمكين، و مُستعيداً لذكريات الطفولة و الشباب و الأهل و الأصحاب، و لكنه ﷺ آثر العودة إلى المدينة المنورة، وطنه الحقيقي الذي آواه و صدَّقه و آمن به و أكرمه، ليعيش فيها البقية الباقية من حياته، و يموت و يُدفن بها.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ بالمَدِينَةِ ضِعْفَيْ ما جَعَلْتَ بمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ" (صحيح البخاري).

هكذا عبَّر النبي ﷺ عن مدى حبِّه للوطن، و علَّمنا كيف يكون الانتماء بمفهومه الشامل و الصحيح؛ فلا إفراط في حب الوطن يصِل لدرجة الغلو و التقديس، و لا تفريط يصِل لدرجة الاستهانة و الانتقاص.

من هنا نفهم أن وطن الإنسان ليس هو مكان نشأته، و لا هو الحدود التي عاش بداخلها، إنما الوطن الحقيقي هو المكان الذي يعيش الإنسان فيه مُستمتعاً بالحرية و بكافة حقوقه كإنسان كرَّمه الله تعالى .

إن الوطن ليس مُجرد جمادات صمَّاء، و لكن الوطن في المقام الأول هو المكان الذي يشعر فيه الفرد بكيانه، و بدون ذلك يُصبح الوطن سِجناً كبيراً مهما اتسعت رقعته و ترامت حدوده و كثرت خيراته.

إن الإنسان إذا حُرم المؤهلات التي تحفظ هويَّته و تشعره بكيانه و آدميته و إنسانيته أصبح لزاماً عليه أن يبحث عن وطن حقيقي يُهاجر إليه، و أصبحت الهجرة إلى الوطن الذي يحفظ عقيدته و كرامته فريضة شرعية و ضرورة بشرية و غاية مشروعة و هدفاً نبيلاً و  حقاً أصيلاً.
قال تعالى: {وَ جَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ {20} فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {21}} [القصص: 20-21].

وقال تعالى: {.. الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَ اجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَ اجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً} [النساء: من الآية 75].

قال أبو تمَّام الطائي (أبرز شعراء العصر العباسي)
بالشَّام أهلي وبغداد الهوى وأنا *** بــالــرقمتــين وبـالفسطـاط جـيرانـي
فأينمـــا ذُكــر اســمُ اللهِ فـي بلـدٍ *** عددتُ ذاك الحِمى مِن صُلبِ أوطاني

أخيراً أقول: إنّ كلمة الوطنية لا يمكن أن ننظر إليها بعين الاتّهامِ بل يجب أن ننظر إليها بعين الاعتدال، و مراعاةِ ماذا يراد بها، و إلى ماذا تؤول الأمور عند ذكرها و استعمالها.

إنَّ حبَّ الوطن ليس معناه السَّير في قطيع، و اعتناق مباديء القطيع، و التحدُّث بلسانه، و اقتفاء أثر الآباء و الأجداد دون إعمال للعقل.

إنَّ حبَّ الوطن ليس معناه السَّير في قطيع، و اعتناق مباديء القطيع، و التحدُّث بلسانه، و اقتفاء أثر الآباء و الأجداد دون إعمال للعقل

إنَّ حب الوطن يعني غَرس و اقتلاع، و ليس مجرد اتباع أعمى.

إنَّ حب الوطن يعني غرس كل ما هو في مصلحة أفراد الوطن و أجيال الوطن المتلاحقة، و تراب الوطن، و الحفاظ عليه، و الدِّفاع عن حياضه مهما كانت التضحيات، و توريث ذلك للأجيال.

و غرس قيَم المواطنة الصحيحة البنَّاءة، التي لا تصطدم مع الدين و لا مع الموروثات الصحيحة.

و حبَّ الوطن يعني اقتلاع كل ما من شأنه إحداثُ ضرر بأفراد الوطن و أجيال الوطن، أو بتراب الوطن، و توريث ذلك للأجيال.

و اقتلاع كل ما من شأنه إلحاق الضَّرر العاجل أو الآجل، بالوطن أو بأفراده و معتقداتهم.

اللهمَّ احفظ أوطاننا من شرِّ الأشرار، و كيد الفجَّار، و شرِّ طوارق الليل و النهار.

الرابط : https://basaer-online.com/2022/01/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86-%d9%81%d8%b1%d9%8a%d8%b6%d8%a9-%d8%b4%d8%b1%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%b6%d8%b1%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a8%d8%b4/

قراءة 601 مرات آخر تعديل على السبت, 05 شباط/فبراير 2022 19:06

أضف تعليق


كود امني
تحديث