قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 20 تشرين1/أكتوير 2016 10:09

المساواة والتفاوت بين الجنسين في الإسلام

كتبه  د. فريدة صادق زوزو
قيم الموضوع
(0 أصوات)

* مقدمة:

إن الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام حديث عن أول وثيقة شرعت لهذه الحقوق؛ فالرسول صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع ألقى خطبته الجامعة لمقاصد الإسلام و مبادئه العامة، و وضع في تلك الخطبة دستور العلاقات بين الناس بما فيها العلاقة بين الجنسين الذكر و الأنثى؛ المرأة و الرجل. و قد أثيرت أسئلة كثيرة عن تساوي الجنسين أو تفاوتهما في الحقوق في الإسلام، و لذلك فإن هذه الورقة تحاول أن تستجلي الحقيقة و تبين موقع كل من الرجل و المرأة فيما يتعلق بحقوقهما.

1. مبادئ أساسية حول الرجل و المرأة في الشريعة الإسلامية:

1.1. وحدة النفس الإنسانية:

المستقرئ للآيات القرآنية الكريمة، و مثيلاتها في أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم لموضوع خلق الإنسان، و طبيعة التكوين الجسماني له، يجد التركيز الدائم و الإقرار بوحدة الخلق الإلهي للإنسان؛ في خلق الرجل و المرأة من مادة واحدة، و تماثلهما التام في الهيئة التكوينية، هو ما تقرره الآيات الكريمة الآتية:

و قال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، و خلق منها زوجها، و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله الذين تساءلون به و الأرحام. إن الله كان عليكم رقيبا} (النساء: 6). فهذه الآية تبين أن الزوجين خلقا من نفس واحدة، و تأتي بعدها الآيات الأخرى توضح طبيعة الخلق، كما في قوله تعالى: {و أنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى من نطفة إذا تمنى} (النجم 45).

و قال تبارك و تعالى:{و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} (المؤمنون:12-14).

و كما في قوله تبارك و تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة، ثم من مضغة مخلقة و غير مخلقة، لنبين لكم و نقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى} (الحج: 5).

و هو نفسه ما ورد في قوله صلى الله عليه و سلم: "إنَّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا يؤمر بأربع كلمات و يقال له: اكتب عمله و رزقه، و شقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح".

فهذا الحديث و غيره من النصوص تشير إلى أن خلق الله تبارك و تعالى لعباده أجمعين كان موحدا، فلم يفرق بين رجل و امرأة، أو بين مؤمن و كافر، أو بين غني و فقير؛ بل إن وحدة الخلق لجميع المخلوقات هي المشار إليها، و هي المبينة للوحدة و الاشتراك في طبيعة الخلق.

و هو أيضا ما يتمثل في قوله صلى الله عليه و سلم: "إنما النساء شقائق الرجال"، و معنى هذا أنه لم يأت نص موحى به يقول أن الرجل خير من المرأة في أشياء، و أفضل منها في أشياء.

1. 2. تكريم الله للإنسان دون تمييز:

و اختص المولى تبارك و تعالى الإنسان من بين جميع مخلوقاته بالتكريم الرباني، فقال عز و جل: {و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء: 70). و اسكن آدم و زوجه الجنة، قال تبارك و تعالى: {و قلنا يا آدم أسكن أنت و زوجك ألجنة و كلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذه ألشجرة فتكونا من الظالمين} (البقرة: 35). فهذه من الأدلة على إكرام بني آدم رجالا و نساءًا.

و مشيئة الله تعالى في إكرام الإنسان، أمر قدري من الله تبارك و تعالى، و هذا أمر يجري على جميع ألناس عند ولادتهم…. أي على الفطرة الأصلية، و الفطرة مطابقة للدين. كما أن الله تعالى أحسن صور بني آدم نساء و رجالا، قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}(التين:5)، و قال أيضا: {و صوركم فأحسن صوركم} (غافر:64). و سخر له ما في الأرض جميعاً، و زوّده بالعقل المفكر، فقال تعالى: {و لقد كرمنا بني آدم، و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات، و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء: 70). و قال أيضا: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} (البقرة: 29).

ثم لم يتركه هائما في هذه الدنيا بل بعث إليه الرسل و الأنبياء على فترة لهدايته، ثم بعث له بالرسالة الخالدة رسالة الإسلام، قال تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين} (الأحزاب: 40).

و لم تفرق الآيات الكريمة بين الرجل و المرأة في ماهية التكريم، و لم تختص أو تميز الرجل بالتكريم دون المرأة. فالجميع عباد الله، و لكليهما أرسل و بعث الرسل و الأنبياء؛ فلم تفرق أي رسالة من رسالات الأنبياء بين الذكر و الأنثى، بل إن القرآن الكريم خص بالذكر الكثير من النساء العظيمات، فوردت فيهن قصص قرآنية تحمل الكثير من العبر و العظات، فهذه امرأة فرعون، و هذه أم موسى، و هذه مريم البتول، و غيرهن.

2. المساواة في الحقوق و الواجبات (التكاليف الشرعية):

إن نصوص القرآن و السنة تؤكدان على التكامل الفطري بين الرجل و المرأة من أجل القيام بوظيفتهما الوجودية في الاستخلاف، قال تعالى :{و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (التوبة: 71)، هذا التكامل الذي يستوجب في الوقت نفسه وجود بعض نقاط التغاير و الاختلاف كما سيأتي تبعا. من حيث أنهما يشتركان و يتكاملان في القيام بالمسؤوليات و الواجبات التي فرضها الله عليهما في هذه الدنيا. و ليس هناك فرق بين المسؤولية الأخلاقية و الاجتماعية و السياسية و العلمية و الفكرية و غيرها إلا استثناءات حدّدها الشرع بدقة.

و لهذا أيضا كان في شرع الله أحكام مشتركة بينهما تتعلق بالواجبات التي يؤديانها و يشتركان فيها، كما أن في الشرع أحكام خاصة بكل واحد منهما مما ينسجم مع فطرته و يحافظ عليها.

فمما يشتركان فيه إضافة إلى ما سبق حقوقهما المتساوية في: الأهلية و الذمة المالية مثلا و هي ما يسمى اليوم بالحقوق المدنية، فكلاهما مكلف و له أهليته المساوية تماما للجنس الآخر، و لكليهما ذمته المالية المستقلة له وحده، و المختصة به، فللمرأة مثل الرجل حقها الخالص في مالها أو مرتبها الشهري من عملها أو مالها من الميراث في أن تهبه أو تتصدق به أو تتصرف فيه كما تشاء وقتما تشاء، متزوجة كانت أو عزباء؛ لأنه عموما "إن كانت المرأة بالغة يحق لها أن تتعاقد، و تتحمل الالتزامات، و تملك العقار و المنقول، و لا يحق لوليّها أن يتصرف أي تصرف قانوني في شيء من أموالها إلا إذا أذنت له بذلك، أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة عنها". و غيرها من الأمثلة في الزواج و حقها في الاحتفاظ باسمها بعد الزواج عكس الدول الغربية إذ إن المرأة بزواجها يلغى التعامل باسم والدها و تحمل لقب الزوج!

و أخيرا فالرجل و المرأة متساويان في الجزاء الأخروي يقول تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} (آل عمران: 195). و قوله: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل: 97).. أي أن الثواب و العقاب يتساوى فيه كليهما دون نظر إلى جنسهما.

3. مبدأ التغاير بين الجنسين في الإسلام لا التفاضل:

إن المساواة التامة بين الرجل و المرأة في القيمة الإنسانية و التكريم الرباني لكليهما، و التكامل و الاشتراك في أداء الواجبات التي فرضها الشرع عليهما لم تجعل الشرع يهمل الفصل بين الاثنين فيما يتعلق بوظائفهما الفطرية و الكونية، باعتبار ما ركب الله تعالى في كل منهما من فطرة تتضمن إمكانات و استعدادات بدنية و عقلية و نفسية تميز أحدهما على الآخر.

و تبين الآية في قوله تعالى: {و ليس الذكر كالأنثى} (آل عمران: 35)، أن المبدأ الذي تقرره الشريعة الإسلامية في الاختلاف بين الرجل و المرأة أو التمييز بينها لا يعدو أن يكون إلا بيانا لأوجه التغاير و مميزات التفريق بين الجنسين، إضافة إلى تحديد أهم الفوارق الطبيعية أو الجبلية بينهما في ظل التكريم الرباني لكليهما، مع الأخذ بعين الاعتبار علة وجود هذا التفاضل؛ و لا يمكن توظيف الآية الكريمة توظيفا و فهماً سيئاً؛ " فإن الذي يتأمل القرآن الكريم يحس المساواة العامة بين الذكور و الإناث، و أنه إذا أعطى الرجل حقاً أكثر فلقاء واجب أثقل، لا لتفضيل طائش". و هو ما سنراه في النقاط التالية، و كما تحدد في المبدأ القرآني {الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم} (النساء: 34).

4. مظاهر التفاوت بين الجنسين:

يمكن استنتاج مظاهر التفاوت بين الجنسين من خلال استقراء الآيات الكريمة في الموضوع، فقد قرر المولى عز و جل: {و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجة} (البقرة: 228). 4

. 1. القوامة:

تعتبر القوامة هي المسؤولية الأولى للرجل، في قيامه على شؤون أسرته و متطلباتها المعنوية و المادية، الداخلية منها و الخارجية، و إن الزوجة و الأم و إن كانت مطالبة بأداء دورها في شؤون البيت و الأولاد و هو القوامة الداخلية البيتية، فإن الزوج مطالب بكليهما.

و يقول محمد عبده في تفسير {و للرجال عليهن درجة}: "إن الله يوجب على المولى شيئا و على الرجال أشياء. ذلك أن هذه الدرجة هي درجة الرياسة و القيام على المصالح المفسرة بقوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم}، فالحياة الزوجية حياة اجتماعية، و لا بد لكل اجتماع من رئيس؛ لأن المجتمعين لا بد أن تختلف آراؤهم و رغباتهم في بعض الأمور، و لا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم رئيس يرجع إلى رأيه في الخلاف... و الرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة، و أقدر على التنفيذ بقوته و ماله". و هذه هي القاعدة العامة من دون الاستغناء عن شواهد التشاور بين الزوجين في أمور حياتهما، و تعاونها من أجل المقدرة على الإنفاق على أسرتهما، "و ليس معنى القوامة على الأسرة أنه يجعل المرأة كما مهملا لا تستشار في أمر"، فنيابة المرأة زوجها في شؤون البيت حال غيابه، و غيرها من المسائل التي لا تخالف القاعدة العامة للقوامة. 4

. 2. الميراث:

جاء الإسلام و كرم المرأة تكريما لم تأت به شرائع سابقة في إعطائها حقها من ميراث الزوج أو الأب أو الأم، قال تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون، و للنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا}(النساء: 7).

و إن كانت القاعدة العامة في الميراث أن المرأة على النصف من الرجل، جاء قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} (النساء: 11)، و قال أيضا:{و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} (النساء: 176)؛ لأن المبدأ الشرعي قائم على أساس أن المرأة مكفولة لا كافلة، فمالها لها وحدها، و مال الرجل له و لها و لأقربائه أجمعين. "فالشريعة الإسلامية بمنح الذكر بعض الامتيازات، قد فرضت عليه مسؤوليات كثيرة، و كلفته بالنفقة على الزوجة و الأطفال و رعاية الوالدين و الأقربين، لقد حُمل أعباء كثيرة لا خيار له في ذلك، و مجازاته بذلك النصيب هو من أجل تعويضه عن التكلفة، بينما لم تكلف المرأة حتى بالنفقة على نفسها، و نصيبها يمكن ادخاره و الاحتفاظ به".

4. 3. الشهادة:

هل لأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل تعني أن المرأة مطعون في أهليتها و قد عرفنا أن لها الأهلية الكاملة، أو هو طعن في إنسانيتها و كرامتها و قد عرفنا أن كرامتها مثل كرامة الرجل، و أنها و الرجل متساويان في الإنسانية و وحدة الخلق.

إن علة و مقصد عدّ شهادتها بنصف شهادة الرجل لما تتصف به من صفات فطرية، فالضعف الذي تتصف به لا ينتقص منها، و إنما هذا الضعف هو قوتها و زخم عاطفتها، و لأن هذه العاطفة هي الصفة الغالبة في المرأة، فكانت علة للتخفيف عنها في بعض مسؤوليات الأمور الخطيرة.

4. 4. الولاية في الزواج و حرمة تزوج المسلمة بغير المسلم:

4. 4. 1. الحكمة من الولاية:

عندما جعلت الشريعة الإسلامية الولاية على المرأة في أمر الزواج، ليس ذلك بسبب نقص فيها، و لكن لاعتبارات مهمة جدا، نلاحظها في آراء الفقهاء التالية:

يرجع التعليل العقلي لمقصد الولاية في النكاح عند الشافعية إلى اعتبارات عرفية، قال الشربيني: "لا تملك المرأة مباشرة ذلك بحال لا بإذن و لا بغيره، سواء الإيجاب و القبول، إذ لا يليق بمحاسن العادات دخولها فيه". و لا فرق عند الشافعية بين تزويج المرأة نفسها بالكفء أو غير الكفء، "فالكفاءة المعتبرة في النكاح دفعا للعار، و ليست شرطا في صحة النكاح، بل هي حق للمرأة و الولي فلهما إسقاطها".

- في حين أن الحنابلة ردوا الأمر إلى ما يرجع إلى صيانة كرامة المرأة و مروءتها. إذ يقول صاحب المغني: "و العلة في منعها صيانتها عن مباشرة ما يشعر بوقاحتها و رعونتها و ميلها إلى الرجال و ذلك ينافي حال أهل الصيانة و المروءة و الله أعلم".

- و أما تعليل المالكية فنلحظ من رأي الإمام ابن العربي أنه تعليل مقصدي، حيث قال: "النكاح أصوله عند علمائنا خمسة: المتعاقدان المتأهلان لذلك، و الصداق الذي يصلح أن يكون صداقا، و الولي للزوجة الذي يتولى العقد، و الإعلان المفرق بينه و بين السفاح". و يعلل ابن العربي ما ذهب إليه المالكية بقوله: "فلم يجعل الله تعالى العقد إلى المرأة أولا مخافة أن تغلب شهوتها عقلها فتضع نفسها في غير موضعها… و لما كانت فائدة الولي في النكاح حفظ المرأة من الوقوع في غير الكفء فتلوث نفسها و تلحق العار بحسبها".

4. 4. 2. رأي الحنفية:

إن الحنفية و خلافا للجمهور لا يرون بأسا في أن تولي المرأة نفسها في الزواج؛ لأن الولي ليس من شروط صحة عقد نكاح البالغة العاقلة، استنادا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم: "الأيم أحق بنفسها من وليها"، فالحديث جعل المرأة أحق من وليّها، "و ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت، و يترجح هذا بقوة سند الحديث و الاتفاق على صحته"، ثم هذا العقد كغيره من العقود لها الحق الخالص فيه. يقول المرغيناني: "و وجه الجواز أنها تصرفت في خالص حقها، و هي من أهله لكونها عاقلة مميزة، و لهذا كان لها التصرف في المال، و لها اختيار الأزواج". و يرى السرخسي أن "المرأة إذا زوجت نفسها أو أمرت غير الولي أن يزوجها فزوجها جاز النكاح، و به أخذ أبو حنيفة رحمه الله تعالى سواء كانت بكرا أو ثيبا. إذا زوجت نفسها جاز في ظاهر الرواية سواء كان الزوج كفئا لها أو غير كفء، فالنكاح صحيح إلا أنه إذا لم يكن كفئا لها فللأولياء حق الاعتراض" .

دلت آراء الفقهاء المشترطين للولي في عقد النكاح على استظهار مقاصد الشارع من اشتراط الولاية؛ بأن يتميز عقد الزواج عن غيره من العقود التي تشابهه معنى لا شرعا؛ فالاتصال الجنسي الشرعي الذي تعتبره أحكام الشريعة هو الذي يظهر فيه قبول ولي المرأة خصوصا؛ و إلا لما اشترط لصحة النكاح شرط الكفاءة في الحسب و النسب، "و لأن ذلك أول الفروق بين النكاح و الزنا، و المخادنة، و البغاء، و الاستبضاع، فإنها لا يرضى بها الأولياء في عرف الناس الغالب عليهم".

و يفصل الإمام الغزالي في مقصد الولاية بتوضيح رتبتها من أقسام المقاصد فيقول: "و تقييد النكاح بالولي لو أمكن تعليله بفتور رأيها في انتقاء الأزواج و سرعة الاغترار بالظواهر لكان واقعا في الرتبة الثانية (أي الحاجيات)، و لكن لا يصح ذلك في سلب عبارتها في نكاح الكفء فهو في الرتبة الثالثة (أي التحسينيات)؛ لأن الأليق بمحاسن العادات استحياء النساء عن مباشرة العقد لأن ذلك يشعر بتوقان نفسها إلى الرجال، و لا يليق ذلك بالمروءة، ففوّض الشرع ذلك إلى الولي حملاً للخلق على أحسن الحاجات".

4. 4. 3. و أما عن حرمة زواج المسلمة بغير المسلم فإن:

" المرأة المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج بيهودي أو نصراني.. و الرجل المسلم له أن يتزوج بيهودية أو نصرانية.. ذلك أن للرجل حق القوامة على المرأة.. و لا يتأتى من الرجل المسلم أن يجرح مشاعر امرأته غير المسلمة إذ هو مطالب في الإسلام أن يحترم كل الرسالات السابقة و أن يؤمن بكل الأديان و الأنبياء الذين بعثوا قبل الإسلام..أما اليهودي و المسيحي فإنهما لا يؤمنان بالإسلام و لا بنبي الإسلام، و هما بهذا قد يطعنان و يجرحان دين زوجتهما المسلمة مما يؤدي إلى شقاق دائم و خلاف مستمر".

4. 5. الطلاق:

لما أباح العلي القدير الطلاق جعله مشروعا للرجل، فالطلاق حق للزوج، فهو الذي يوقع الطلاق إذا كانت الظروف تحتم و تلزم إيقاعه، و في المقابل شرع الخلع حقا للمرأة المتضررة؛ فالرجل يدفع متعة المطلقة و المرأة تدفع بدل الخلع، كما شرع الفسخ و غيره من أنواع التفريق القضائي للمرأة المتضررة لأي سبب من الأسباب.

و إن آيات الطلاق أكثرها جاء الخطاب فيها موجها للزوج.

قال تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} (الطلاق: 1).

و قال تبارك و تعالى: {و لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} (البقرة: 226). قال ابن عاشور" فالتخلص قد يكون مرغوبا لكلا الزوجين، و هذا لا إشكال فيه، و قد يكون مرغوبا لأحدهما و يمتنع منه الآخر، فلزم ترجيح أحد الجانبين: و هو جانب الزوج لأن رغبته في المرأة أشد، كيف و هو الذي سعى إليها، و رغب في الاقتران بها؛ و لأن العقل في نوعه أشد، و النظر منه في العواقب أسد، و لا أشد احتمالا لأذى، و صبرا على سوء الخلق من المرأة، فجعل الشرع التخلص من هذه الورطة بيد الزوج" .

و قوله:{يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات و آتيتم إحداهن قنطارا} (النساء: 20 )

و أما أسباب جعله بيد الرجل فهي:

4. 5. 1. قوامة الرجل: "و من لوازم هذه القوامة أن يكون الطلاق بيد الرجل أيضا"، قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم} (النساء: 34).

و قال أيضا: {و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجة}، "و هي درجة تجعل له حقوقا، و تجعل عليه واجبات أكثر...فإن كان للرجل فضل درجة، فعليه فضل واجب" .

4. 5. 2. تحمل الرجل و صبره: تختلف الخصائص الفطرية للإنسان من الرجال للنساء؛ فإن الرجال يتصفون بقوة التحمل، و الصبر عند الشدائد، و التأني و كظم الغيظ، و التريث عند الغضب. أما النساء و لأن لديهن غريزة الأمومة فإنهن اتصفن طبيعةً بالحنان و الرأفة، و رهافة الحس، و رقة الشعور، و الاندفاع وراء العواطف، و سرعة التأثر، و غيرها من الصفات الرقيقة.

فلهذه الخصائص و الطبائع جعل الطلاق بيد الرجل لأنه سيفكر مليا و بروية في التطليق، أما المرأة فإنها و بدافع الأحاسيس الفياضة فإنها لن تتوانى عن التطليق لأتفه الأسباب و أبسطها إن لم يكن أسذجها.

4. 5. 3. تحمل الرجل للتبعات المالية للطلاق: يعتبر جعل الطلاق بيد الرجل شيئا منطقيا لأن الزوج و منذ الأيام الأولى للخطبة و حتى الطلاق هو المسؤول عن التبعات المالية للزواج و من بعده الطلاق، فهو الذي يدفع المهر، و هو الذي تجب عليه النفقة على الزوجة و الأولاد، و هو الذي بعد الطلاق يدفع متعة المطلقة إضافة للنفقة، و التنازل عن بيت الزوجية لمطلقته طلاقا رجعيا، أو المبتوتة الحامل. فكان له حق الطلاق نظير ما سبق من التزامات مالية؛ لأن المرأة ليس لها أي التزام مادي أمام الزواج فإنها لن تتوانى عن الطلاق متى شاءت، و لأي سبب كان، " و ليس هناك ما يحملها على التروي و الأناة حيث لا تغرم شيئا" . أما الزوج و لأنه المسؤول ماديا فإنه يفكر مليا قبل إيقاع الطلاق.

و إذا كان الطلاق شرع أصالة بيد الرجل للحكم السابقة الذكر؛ فإنه عند الإضرار بالمرأة و رفض الزوج الطلاق، يمكنها اللجوء إلى الخلع كحل مقابل دفعها مقدارا معينا من المال لزوجها.

و أما الحل الثالث للتفريق بين الزوجين فهو الحكم القضائي، و هو في أكثره يعتمد على الفسخ بسبب عيب من العيوب، و غيرها من الأسباب، فيكون للقاضي حق التفريق بين الزوجين، أو تطليقهما، و في هذا دلالة على أن الإسلام لما جعل الطلاق بيد الرجل لم يبخس بحق المرأة و إنما نظر في مصلحة الزوجين و أسرتهما؛ و إن تعسف الزوج في استعمال حقه فإن أمام الزوجة خيارين اثنين؛ إما أن تخالع نفسها، أو تلجأ للقضاء.

5. خاتمة:

في ختام هذه الورقة يتأكد لنا أن "النساء شقائق الرجال" و يستويان في الحقوق الإنسانية المتعلقة بالإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن كونه ذكرا أو أنثى، غير أنه "ليس الذكر كالأنثى" فبينهما اختلافات فسيولوجية، و اختلافات نفسية، و اختلافات في شخصيتهما و دورهما الاجتماعي، و بالتالي فإن التسوية في بعض الأمور فيها ظلم و إجحاف، و لهذا فالمطلوب هو العدل و ليس التسوية المطلقة، فبينهما تفاوت؛ حيث تختص المرأة بحقوق و يختص الرجل بحقوق أخرى، و ليس بينهما تعارض، بقدر ما بينهما تكامل، من اجل تحقيق فطرة الإنسان و بناء المجتمع الفاضل القائم على التعاون و التكامل بين الجنسين.  

الرابط :http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=5060

قراءة 2270 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 06 تشرين2/نوفمبر 2018 18:51

أضف تعليق


كود امني
تحديث