(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 29 آب/أغسطس 2021 09:12

دعوة إلى التخفيف من استعمال الهاتف الجوال

كتبه  د. حذيفة أحمد الخراط
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تظهر في وقتنا الراهن، طفرة غنيّة عن التعريف في تطوّر وسائل الاتصالات، التي قرّبتْ البعيد، و حوّلتْ العالم كما يقال إلى قرية صغيرة، يسهل على أبنائها الاتصال فيما بينهم، و تداول الأخبار و المستجدّات، عبر وسائل متنوّعة وعديدة، بدأتْ على استحياء، و سرعان ما أخذتْ ترمي عنها ثوب الخجل، لتُثْبت حضورًا قويًّا و جريئًا، ما يزال يتطوّر يومًا بعد يوم.

و ممّا زاد في الآونة الأخيرة من وسائل الاتصال: استخدام الهاتف الجوّال (النقّال أو الخليوي كما هو معروف في بعض الدول العربية)، و لا تكاد دولة حول العالم، تنجو من زحفه المستمر، و غدا الأمر ظاهرة ملحوظة، فتكاد تدخل أجهزته إلى كلّ منزل، و بخاصة إذا علمنا أنّ التقديرات تشير إلى زيادة عدد مستخدمي الهاتف الجوال، فوق المليار قبل حلول عام 2005م، و لا شكّ في أنّ هذا العدد يزيد شيئًا فشيئًا بصورة مطّردة.

و ممّا يشهد على كلامنا ذلك زيادة الشركات التي تدخل مجال الاستثمار في عالم الاتصالات، و التي أحاطتْ إعلاناتها بنا من كل جانب، و هي تحثّ المستهلك الجديد، و ترحّب به للدخول إلى عالم الاتصالات الفسيح.

و نتيجة لذلك، فقد أحاطتْ بنا أبراج تقوية بثّ الهاتف الجوال من هنا و هناك، و دعا هذا الحضورُ القويّ العلماءَ، إلى دراسة التأثيرات الحيويّة الناتجة عن تعرّض الجسم لما ينبعث من الجوال و أبراجه، من إشعاعات قد تَحمل بين طيّاتها خطرًا صحيًا كامنًا، من المحتمل أن يتمّ اكتشافه و التعرّف عليه في القريب العاجل.

تنصّ كتب فيزياء الأشعة، على أنّ هناك علاقة إرسال و استقبال بين الهاتف الجوال و أبراج تقوية البثّ الخاصة به، و بالتحديد فإنّ هذه العلاقة تخضع لتأثير مستويات منخفضة من أشعة الراديو (Radio frequency radiation)، و هي التي تقع الآن محطّ أنظار الباحثين الذين يحاولون كشف ما قد تحمله هذه الأشعة من مخاطر و مضار.

تنشأ في البيئة المحيطة بنا، و التي تكثر فيها أعداد أجهزة الجوّال و أبراج تقوية إرساله، حقول مغناطيسية كهربائيّة من الموجات الصغيرة المعروفة بموجات الميكروويف، و هي المسؤولة عن التأثيرات المرضيّة الحيويّة التي تشاهد في المرضى المعرّضين لتلك الموجات، و تعتمد شدة تلك التأثيرات على عدّة عوامل، أهمّها مدة التعرّض للإشعاع، فكلما زادتْ هذه المدة زاد الأثر السلبي الناتج عنها.

تقترح بعض التقارير الطبيّة الحديثة، وجود رابط وثيق بين استخدام الهاتف الجوال من جهة، و إصابة الجسم ببعض الاضطرابات المرضيّة العابرة من جهة أخرى، و بخاصة في مستوى الجهاز العصبي، مثل الشعور بالإرهاق و الصداع و الدوار، و اضطرابات النوم، و خلل في وظيفة الذاكرة و ضعف التركيز، و الإحساس ببعض الخدر و التنميل، و الشعور بالغثيان.

إلاّ أنّ بعض التقارير الأخرى، تُظهر بعض التخوّف و القلق، و لنقل بعض التشاؤم، بشأن توقّعات بوجود علاقة بين كثرة استخدام الهاتف الجوال، و ظهور بعض الأعراض الخطيرة، مثل الإصابة بأورام الدماغ، و ارتفاع ضغط الدم، و التعرّض لنوبات الصرع لدى الأطفال.

لم تَظهر حتى الآن، دراسات مفصّلة تختصّ بأبعاد الأضرار السمعيّة (المتعلّقة بالأذن) الناتجة عن الحقل الكهربائي المغناطيسي (Electromagnetic field)، الذي ينبعث عن أجهزة الهواتف الجوالة و أبراج التقوية، و لا يتعدّى الأمر بعض التقارير التي تظهر بين فينة و أخرى.

و بين أيدينا الآن حالة جديدة، تمّ وصفها من قبل الدكتور سريع الدوسري، المحاضر في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز، و قد تم نشر هذه المقالة الهامّة في المجلة الطبية السعودية.

تدور أحداث القصة حول رجل أعمال في الثانية و الأربعين من عمره، تمّ تحويله إلى مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بالرياض، و قد كانت الشكوى الرئيسة لهذا المريض، ضعف حاسة السمع في الأذن اليمنى منذ ثلاثة أشهر، قبل حضوره إلى المستشفى، بالإضافة إلى الشعور ببعض الألم داخل الأذن و حولها، عقب استخدام الهاتف الجوّال، و بعض الأعراض التحسّسية في الأنف، و أخيرًا نوبات من الصداع المتتالي.

يواصل المريض عرض شكواه، و يَذكر أنّ الأعراض المرضيّة تبدأ عادة بعد استخدام الجوال بدقائق، و قد تستمر في بعض الأحيان مدة ساعة متواصلة، كما لاحظ المريض أنّ استخدامه لهاتف المنزل العادي، لا يسبّب له في العادة مثل تلك الأعراض المزعجة.

و بسؤال المريض حول مدة استعماله للهاتف الجوّال يوميًّا، أفاد بأنّ هذه المدّة تصل في الغالب المتوسّط إلى ساعة و نصف، كما أنّه اعتاد على استخدام الأذن اليمنى تحديدًا لسماع صوت المكالمات.

تمّ إجراء فحص طبي كامل للمريض المذكور، مع التركيز على فحص الأذن المصابة، و أجري تقييم لقياس حدّة حاسة السمع باستخدام أجهزة متخصّصة، تكشف ما يُصيب هذه الحاسّة من خلل و اضطرابات، و قد جاءتْ النتائج مشخّصة لحدوث حالة مرضيّة تُعرف بفقد السمع الحسي العصبي (Sensorineural hearing loss)، في الأذن اليمنى التي اعتاد المريض استخدامها، أثناء إجراء المكالمات الهاتفية عبر جهازه الجوال.

تمّ لاحقًا متابعة تطوّر حالة المريض الصحيّة، مرّة واحدة كلّ ثلاثة أشهر، و قد لوحظ تدهور مستوى السمع لدى المريض، مع استمراره باستعمال هاتفه الجوال على وتيرته السابقة، و في إحدى الزيارات اللاحقة، اقترح الطبيب المعالج أن يستخدم المريض أذنه اليسرى لتلقي المكالمات الهاتفيّة، و إيقاف استخدام الأذن اليمنى لهذا الغرض، و استمرّ الوضع الجديد على هذه الحال مدة ستة أشهر، تمّ بعدها إجراء تقييم جديد للحالة الصحيّة للأذنين معًا.

و جاءتْ النتائج مدهشة، إذ تحسّنتْ حالة الأذن اليمنى بصورة ملحوظة، و ذلك لعدم استخدام صاحبها لها أثناء حديثه عبر الجوّال، بينما بدأتْ حالة الأذن اليسرى تتدهور تدريجيًا لتصاب بأعراض فقد السمع الحسيّ العصبيّ سابق الذكر.

جاءتْ الخطوة التالية بعد ذلك، باقتراح من الطبيب بأن يتمّ الرجوع إلى الأذن اليمنى من جديد، و إيقاف استخدام الأذن اليسرى لسماع المكالمات الهاتفية، و بعد ثلاثة أشهر لوحظ عودة الأخيرة إلى حالتها الطبيعية من جديد، و عادتْ وظائف الأذن اليمنى لتتدهور من جديد.

أصدر هنا الطبيب تعليمات جديدة إلى مريضه، مفادها ضرورة الحدّ من استخدام الجوال، و استجاب المريض لذلك، فلم يتجاوز مجمل مكالماته الهاتفيّة اليوميّة خمس عشرة دقيقة، و استخدم لذلك سمّاعة خاصّة و مكبّرًا للصوت، و يكون بذلك قد قلّل من مدّة التعرّض للجوال، بالإضافة إلى بُعد المسافة الفاصلة بين الجسم و الجهاز، و تمّ فحص المريض لاحقًا فلوحظ تحسن وظيفة السمع لدى أذنه اليمنى من جديد.

أوضحتْ الدراسات الطبيّة الحديثة، أنّ لقوقعة الأذن (Cochlea)، المقدرة على امتصاص جزء كبير من الموجات الناتجة عن الحقل الكهربائيّ المغناطيسيّ، و يقود هذا إلى ارتفاع ملحوظ في درجة حرارة أنسجة القوقعة و ما جاورها، و هذا بدوره يؤثّر سلبًا في صحّة خلايا خاصّة، تعرف بالخلايا الشعرية (air cells)، ممّا يضعف حاسة السمع بصورة تدريجيّة ملحوظة.

بقي لنا أن نختم حديثنا هذا، بأنّ أصابع اتّهام قوية أخذتْ في الآونة الأخيرة، تشير نحو جهاز الجوال، واصفة إياه بالخطر الكامن الذي شرع يتّضح شيئًا فشيئًا، و لعلّنا قد لاحظنا أنّ جانبًا كبيرًا من ذلك يقترب نحو الصواب، و لذلك يجب أن ننوّه إلى أهمية التخفيف من استخدام هذا الجهاز، و الاقتصار على ذلك عند الحاجة إليه، مع ضرورة استخدام السمّاعات الخاصة التي تُبعد عن أجسامنا هذا الجهاز، و التشجيع على التحدّث عبر خط الهاتف الأرضي ما أمكن ذلك.

و علينا أن نذكر دائمًا أنّ جهاز الجوال لا يزال بعد اختراعًا حديثًا نسبيًّا، و الدراسات ما تزال محدودة حول ضرره، و لم يتمّ حتى الآن إعطاء الموضوع حقّه من البحث، لأنّ ذلك يحتاج إلى مدّة طويلة و إلى المزيد من التنقيب، و قد تكشف قادمات الأيام المزيد من الأضرار في هذا المجال.

الرابط : https://www.alukah.net/culture/0/148947/

قراءة 661 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 01 أيلول/سبتمبر 2021 11:11