قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 21 تموز/يوليو 2016 07:40

في ذكرى أزمة الخليج وجذورها الاقتصادية: قراءة في الاقتصاد التقليدي قبل النفط مقارنة باقتصاد طفرة "الحداثة"1/2

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(1 تصويت)

بعد اكتشاف النفط في بعض الدول العربية مرت بطفرة تحديث نقلتها نقلة نوعية في مستويات المعيشة حتى أنها أصبحت ذات تصنيف اقتصادي مستقل لا ينتمي لدول العالم الصناعي و لكنه أيضاً لا ينتمي إلى دول العالم الثالث، و أصبحت الحياة في هذه الدول حلماً جميلاً يراود الملايين، منهم من أصبح ذلك عندهم أملاً متحققاً و منهم من ظل لديه خيالاً وردياً يداعب أذهانهم، أما أهل هذه البلاد فقد عدوا أنفسهم مخصوصين بنعمة إلهية دعوا الله ألا يغيرها، و أما دول الغرب فقد عدت هذه النعمة خطأ جيولوجياً ارتكبه الرب بوضع هذه الثروة الهائلة في حوزة متخلفين لا يستحقونها لأنهم لا يعرفون كيف يستفيدون منها على غرار حضارة الغرب التي يسير النفط في شرايينها كالدم في الكائن الحي.

اهتمام هذا المقال هو توضيح أن الاقتصاد الذي سبق النفط  لم يكن اقتصاداً متخلفاً رغم أن منتجاته لم تكن تضاهي منتجات الثورة الصناعية في الغرب، فاحتواؤه على عنصر الاعتماد على النفس في تدبير شئون المعاش كان كفيلاً لو ترك ينمو وفقاً لسنن النمو الطبيعية أن يحقق لأصحابه مكاناً بين الأمم المنتجة التي تتبادل الحاجات و الموارد مع غيرها دون أن تتكل اتكالاً حصرياً على إنفاق ثروة ناضبة سينتهي عهدها في يوم ما سواء كان قريباً أم بعيداً، بنضوبه أو بإيجاد بديل عنه، و ليس عمره المقدر أصلاً مما يحسب في تاريخ البشر زمناً ممتداً، و لو استمر الحال القائم ستحل النهاية دون أن يتمكن ملاك هذه الثروة من انتهاز الفرصة التاريخية التي وفرتها لهم إذ لم يؤسسوا بها قاعدة إنتاجية تستمر بعد أن تجف حنفية النفط، و مازال بريق الاستهلاك المفرط و النعيم المصاحب له و الاستقرار الذي يوفره الرضا الدولي عن كياناته كل ذلك مما يعمي الأبصار عن هول المصير الذي ستؤول إليه الأوضاع القائمة التي تكتفي حالياً بترديد أدعية صد الحسد و الغيرة.

●"الاقتصاد الكويتي القديم"

يطالعنا كتاب "الاقتصاد الكويتي القديم" (1987) للأستاذ المؤرخ عادل محمد العبد المغني و هو مرجع موثق بعدة مصادر و مراجع هامة، بالمميزات التالية لاقتصاد الكويت قبل النفط عندما كانت مجرد بلدة وصفت أحياناً بكونها قرية على ساحل الخليج:

1-   الاعتماد على الذات في توفير الغذاء من صيد البر و البحر: أدى فقر البيئة الصحراوية في الكويت إلى اتجاه أهلها نحو البحر، فكان السمك هو غذاءهم الرئيس، و للحصول عليه قاموا ببناء سفن خاصة بالصيد بالإضافة إلى أدواته الأخرى (ص 65) و ألحق بصيد البحر صيد البر و رعيه من لحوم و ألبان و مشتقاتها ما كان يؤدي دوراً هاماً في الاقتصاد القديم (ص 207)، و الملاحظ على عملية الاستيراد التي كانت تضم من الأغذية بشكل رئيس الأرز و البلح و الرطب و القمح و البن و الشعير و السكر أن أكثرها كانت تفوق حاجة الكويت و لهذا يعاد تصديرها مرة أخرى (ص 157).

2-   الاعتماد على العمل الشاق في تأمين موارد الحياة من البيئة المحلية : نتيجة لفقر البيئة البرية اعتمد أهل الكويت قديماً على البيئة البحرية، كان البحر كل شيء بالنسبة لهم، و كان صيد اللؤلؤ هو حرفتهم الرئيسة، و كان معظمهم يعملون في هذه الحرفة التي لم تكن هزيلة و درت "عائدات ضخمة" بالنسبة لزمنها، و لكنها كانت تقتضي عملاً شاقاً يحبس البحارة لثلاثة أو أربعة أشهر في عرض البحر مواجهين كل أخطاره من رياح و أمواج و أسماك مفترسة و سامة، و لا يكون الخروج محصوراً بفترة زمنية واحدة متواصلة بل يسبقها و يلحقها فترات أخرى أصغر زمنياً (ص 41- 44).

3-   الاكتفاء الذاتي حتى في زراعة الغذاء : و مما يثير العجب و الإعجاب معاً هو كثرة المساحات الواسعة المروية بالأمطار و مياه الآبار و المزروعة بشتى أنواع الخضروات و النخيل و الحبوب بما يفيض عن حاجة السكان المحليين (ص 185)، و قد اشتهرت عدة مناطق بالزراعة في الكويت أهمها جزيرة فيلكا و قرية الجهراء و الفنطاس بالإضافة إلى قرى الشعيبة و الفحيحيل و المنقف و حولي (ص 183)، و أن المحاصيل شملت التمور و الطماطم و الشمام و البطيخ، و كان البطيخ الكويتي من أحسن أنواع البطيخ حلاوة و طيب رائحة (ص 194)، و الفول و البامية و الباذنجان و القرع الأخضر و البصل و الثوم و الفلفل و الخيار و الفجل و الجزر، و كانت زراعة الخضراوات واسعة الانتشار و منتظمة (ص 189) بالإضافة إلى القمح و الشعير، و أحياناً كان القمح يفيض عن الحاجة فيقدم علفاً للماشية (ص 191)، و عموماً فإن المحاصيل الكويتية كانت تتميز بجودتها و تلقى إقبالاً شديداً إلى درجة أن أسعارها كانت تفوق أسعار المزروعات المستوردة (ص 185).

و يجب أن نتذكر دائماً أن هذا تم رغم الطبيعة الصحراوية لأرض الكويت و مناخها القاسي، و إذا كان الاكتفاء حدث في السابق بسبب كفاية الأرض لعدد السكان القليل فإن التطور الطبيعي هو أن يستمر الاكتفاء مع تطور وسائل الاستصلاح و زيادة رأس المال رغم تزايد السكان و لم يكن هناك عائق في ظل وفرة الاستيراد المنفلت الذي لا يترك شاردة و لا واردة مما لا فائدة منه إلا و استحضرها فمن باب أولى أن يتم المحافظة على الاكتفاء باستجلاب ما يفيد، فيمكن تحويل البيئة الصحراوية إلى بيئة زراعية بحيث تكفي السوق المحلي، فالماء يمكن الحصول عليه و التربة ممكنة الاستصلاح و الخبرة الزراعية متوفرة و الأيدي العاملة سهلة التوفر و رأس المال موجود، فلا ينقص سوى النية و التنفيذ (ص 183) .

"و هكذا كانت الزراعة قديماً عندنا و حقاً قد كانت ذات أثر كبير على الاقتصاد الوطني-إذ كانت الكويت تنتج و تستهلك و تسوق محلياً، و لقد كان الإنتاج كافياً عكس الوقت الحاضر إذ تستورد الكويت من جميع أنحاء العالم من حبوب و خضار و فاكهة" (ص 197).

4-   الاعتماد على الذات في صناعة وسائل الإنتاج : دفعت البيئة الصحراوية أهل الكويت إلى التوجه نحو البحر (ص 65 و 183)، و لكن قلة الموارد لم تحل دون اهتمام الكويتيين بالصناعة اهتماماً بالغا رغم بساطتها مقارنة بالصناعة الحديثة و لكن كل عصر يقاس بمتطلباته (ص 87)، صناعة السفن (ص 88) كانت تتوزع بين سفن صيد اللؤلؤ و سفن النقل البحري و سفن التجارة و سفن صيد الأسماك و هي حاجات المجتمع الرئيسة في ذلك الوقت، و كان الصناع من نجارين و حدادين مهرة جداً و تمكنوا من صناعة سفن كبيرة و مشهورة بمتانتها و قوتها وصلت إلى الهند و شرق إفريقيا ما أكسب الكويتيين مهارات بحرية و معارف جوية عن أحوال الطقس و اتجاهات الرياح و ارتفاع الموج و الأنواء البحرية و هو ما يجعل وصف هذا المجتمع بالتخلف و الأمية ليس دقيقاً، و كانت السفن تصنع في أحواض بلغ عددها الثلاثين على ساحل مدينة الكويت و تراوحت حمولة السفينة بين 75- 750 طناً (ص 92-95) ، و كان عدد البحارة يتراوح بين 5-70 بحاراً على السفينة الواحدة (ص 43).

و في بداية القرن العشرين تراوح الإنتاج السنوي في صناعة السفن بين عشرين و خمس و عشرين سفينة (ص 93) و وصل عدد السفن الكويتية في سنة 1765 إلى 800 سفينة و تضاعف هذا العدد سنة 1833 فبلغ 1500 سفينة (ص 172) حتى وصل الأمر إلى اشتراك الكويت في الحملات العثمانية ضد أعداء الدولة في محيطها الجغرافي مثل البصرة و الإحساء و المحمرة كما استعان و الي بغداد سنة 1219 (حوالي 1804) بسفن الكويت لجلب الأخشاب من الهند مع وجوب التذكر أن الكويت كانت في تلك الفترة مجرد قرية صغيرة بتعبير الأستاذ سيف مرزوق الشملان[1]، و مع ذلك ذكر أحد تقارير شركة الهند الشرقية أن أسطول السفن الكويتية ينافس أسطول الشركة العملاقة (ص 172) فكيف يمكن مضاهاة هذا الإنجاز بمقاييس اليوم ؟ و هذا الدور المذكور يكشف عن الطاقات الهائلة التي برزت في ذلك العصر و صنعت الكثير من شبه العدم و هو ما لا يتناسب مع الوصف الدارج للمجتمع التقليدي بالتخلف و الأمية.

و بالإضافة إلى صناعة السفن بصفتها وسائل الإنتاج في ذلك الزمن كان هناك أيضاً صناعة الشباك و أدوات الصيد و هي صناعة ذات أهمية كبيرة بسبب اعتماد أهل الكويت على غذاء البحر و كان عدد المشتغلين بها كبيراً (ص 101).

5-   الاعتماد على الذات في صناعة متطلبات الحياة اليومية: "كانت الصناعة قبل اكتشاف البترول تمثل نصيباً كبيراً من الاقتصاد الوطني و ذلك لما بها من أهمية بالغة الأثر" (ص 87)، و إلى جانب وسائل الإنتاج المتعلقة بالبحر كالسفن و أدوات الصيد، وجدنا صناعات تتعلق بمتطلبات الحياة الرئيسة و لا تترك ثغرة إلا و ساهمت في سدها مثل صناعة الغزل و النسيج و الحياكة و هي صناعة تكفي السوق المحلي و بعضها يعتمد على استيراد الغزل من العراق و إيران و بعضها يعتمد على غزل البادية الكويتية  (ص 97)، و هناك صناعة الخيام و بيوت الشعر و صناعة البسط و الحصر (ص 99-101) و الصناعات المرتبطة بالحدادة كصناعة السكاكين و المطارق و أدوات الهدم و البناء و المسامير و الحدوات و هناك أيضاً الصناعات النحاسية كالأباريق و القدور، و هي صناعات كانت تكفي الاستهلاك المحلي و تفيض عن حاجته فتصدر إلى الخارج (ص 105-106).

و لدينا أيضاً صناعات الزينة كالذهب و اللؤلؤ و الفضة بمختلف الحلي كالخواتم و القلائد و الخلاخيل و الحلقان، و من الصناعات المعدنية كذلك صناعة الأسلحة و لم يكن الأمر مقتصراً على السيوف و الخناجر بل وجدنا صناعة بعض أجزاء البنادق و صيانتها (ص 106-109) و هي حقيقة لا تتناسب مع الصورة المشوهة التي انطبعت في أذهاننا عن "تخلف" الاقتصاد التقليدي.

و هناك أيضأ الصناعات الجلدية لتوفير قرب حيث كانت هي الوسيلة الوحيدة لنقل الماء و حفظ اللبن، و صناعة النعل و الأحذية و سروج الخيل و الأحزمة و أقنعة الصقور (ص 109).

و كانت صناعة البناء تستمد موادها الأولية من البيئة المحلية إلا الأخشاب التي كانت تجلب من الهند (ص 110-112).

و هناك صناعات طحن الحبوب و الصابون و نسخ الكتب و هي في المجمل صناعات كانت تفي بحاجة السوق المحلي، و السؤال هو كيف كان "التخلف" المزعوم يفي بحاجة أصحابه ثم تعجز "الحداثة" و"التقدم" و"التطور" عن ذلك؟ و كيف يمكننا قبول أن يتمكن الطفل من الاعتماد على ذاته و لما يبلغ سن الرشد يصبح عالة على كل من حوله ؟

6-   التطور المعيشي : لقد وجدنا أن الحياة لم تكن ساكنة و هناك مظاهر تطور في إشباع حاجاتها تؤكد أن المجتمع لم يكن راكداً، فقد تطور بناء السفن و تم تصنيع أحجام أكبر بعدما قامت الحاجة إليها (ص 146) و تطورت باستمرار مع مرور الزمن (ص 173)، و كان لدينا صناعة أجزاء البنادق و صيانتها (ص 109)، و ظهر مصنع الأحذية سنة 1942 لإنتاج أجود الأحذية الرجالية و أجملها و أخذ يعرضها على واجهة المعمل متحدياً بذلك الصناعة الغربية حتى لقي إقبالاً كبيراً (ص 109) و صناعة الصابون بدءاً من 1934 التي كانت تصدر للبلدان المجاورة و لم تستمر هذه الصناعة بسبب عدم توافر المواد الأولية (ص 113) و لكن تدبير هذه المواد كان ممكنا جدا بالتكامل الاقتصادي مع بلدان المنطقة و هو ما افتقدته بلادنا منذ حلول عصر التجزئة، و الخطوة العملاقة كانت ستحل لو وصل قطار الشرق السريع إلى الكويت لتصبح نهاية طريق عالمي يبدأ ببرلين و يمر بعواصم أوروبا ثم بعاصمة الخلافة فالأناضول فسوريا فالعراق إلى بغداد و البصرة ثم الكويت أخيراً، و لسنا بحاجة لخيال واسع كي نتصور التطور الذي كان سيحدث لو تم هذا المشروع قبل النفط بنصف قرن و كيف كان النفط سيضخ الدم في شرايينه دون أن يكون مصدر الحياة الوحيد، و لكن التآمر الاستعماري و البريطاني على وجه الخصوص دمر أحلام بلادنا لتلبية مصالح الأغراب.

●لماذا توقفت المسيرة الصناعية؟

نظرة في الأسباب المذكورة (ص 97 و 109 و 115):

تطالعنا أسباب اضمحلال الصناعة على عدة مشاكل ترجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة هي اكتشاف النفط و سهولة المعيشة التي جلبها ما أزال الحاجة للعمل الشاق في سبيل المعيشة من جهة و منافسة الصناعات الأجنبية التي سهل الحصول عليها فرفعت مستوى التوقعات من جهة أخرى، و غياب أي خطة رسمية أو قرار سياسي  للمحافظة على الصناعة أو تجديدها أو إحيائها و هذا السبب مرتبط بضعف بنية دولة التجزئة عموماً و قلة إمكاناتها المتعلقة بتوفير المتطلبات اللازمة لإنشاء أية صناعة بعيداً عن تكاملها مع محيطها كالسوق الواسع و الأيدي العاملة و الموارد الأولية و رأس المال، بل سنجد أن بعض هذه العوامل يتم توفيرها أو توفير ما يزيد عليها دون القدرة على حسن استخدامها نتيجة خضوع حكومات التجزئة لقرارات أجنبية تحظر عليها السير في طريق التطور الصناعي الذاتي لتبقى أسواقاً للصناعات الغربية، و أية أسباب أخرى لم تكن قادرة على زعزعة الصناعة دون تلك الأسباب، فقلة الموارد الأولية كان يمكن تعويضها من الخارج كما كان يحدث دائماً، و لم تقف قلة الموارد حائلاً دون سير كثير من الأمم في عملية التصنيع كأوروبا التي تفتقد أهم رافد لها و هو النفط فضلاً عن بقية الخامات، و لا يمكننا زعم إمكان توفير الصناعات الجاهزة التي لا تتوفر لدينا و الادعاء في نفس الوقت بعدم إمكان توفير المواد الأولية التي هي أرخص ثمناً قبل تصنيعها، و بشيء من التكامل فإن بلادنا تملك من الموارد ما تعجز أعتى الأمم الصناعية عن توفيره، و نفس الكلام ينطبق على زعم قلة الأيدي العاملة التي تم توفير مئات الآلاف منها للخدمات غير المنتجة فلماذا لا تتوفر الأيدي المنتجة لاسيما مع شيوع البطالة و البطالة المقنعة، أما كون الحرف غير متقنة نتيجة توارثها فهذا لم يكن سبباً للتخلي عنها قبل ظهور النفط و كل ما في الأمر أن الصناعة الأجنبية التي سبق الغرب إليها منذ الثورة الصناعية رفعت مستوى المطالب الذوقية، و بهذا يتبين أن العوامل الحاسمة في اضمحلال الصناعة المحلية هي الأسباب الثلاثة آنفة الذكر.

و نلاحظ أن أثر ظهور النفط لم يكن سلبياً على الصناعة فقط، إذ كان سلبياً على استخراج اللؤلؤ مصدر الحياة الرئيس (ص 41)، و لكن إذا كانت المشكلة في ظهور اللؤلؤ الياباني الصناعي، فكيف نفسر تراجع نسبة الزراعة التي كانت تكفي الاستهلاك المحلي؟ أليس هذا دليلاً على أن قيمة العمل هي التي ضربت بسهولة الكسب السريع بدلاً من كون النفط حافزاً على مزيد من العمل لاستخراج طاقاته المعيشية الهائلة من غير جرد البيع ؟

و تجدر الإشارة إلى أن هذا البحث ليس في التقدم الذي أحرزته الحواضر الكبرى في بلادنا سواء إلى ما قبل وصول نتائج الثورة الصناعية إلى المشرق (إذ كانت صناعاتنا و بضائعنا تضاهي الصناعات الغربية و تنافسها حتى بداية القرن 19 أو منتصفه[2]) أو حتى بعد محاولة محاكاة نتائج هذه الثورة (محاولات النهوض العثماني و ما بعدها كما في دراسة : سياسات آخر أيام الخلافة، و دراسة: لماذا يحطم الغرب نهضاتنا 1 و 2)، بل إن هذا البحث عن اقتصاد الأطراف البعيدة التي طالما وصفت بالتخلف و الركود و الأمية.

و يتبين أن المشكلة لم تكن في تخلفنا بل في قطع الطرق التي سلكناها، و إذا كانت بعض البقاع قد عانت من التدخلات المسلحة لتحطيم المنجزات (دراسة: لماذا يحطم الغرب نهضاتنا 1 و 2)، فإننا لا يمكننا أن نعد النهب الدولي لثروات البقاع الأخرى تكريماً أو تأميناً لمستقبلها و الحاصل هو عدم أو هدم الفرص الطبيعية لتطورها و تكاملها.

و أرى أن المقارنة بين ما كان قائماً زمن الاقتصاد التقليدي و ما جلبته "الحداثة" كالفرق بين خطّاب الفتاة: هناك من يعرف علماً أو صنعة و يكافح من أول الطريق ليبني مستقبله على أساس جهده و اكتفائه و معرفته التي تصلح لازدهاره أينما حل، و هو في بداية حياته العملية ليس ثرياً و لكنه جاد و مجتهد، و هناك من ورث مالاً كثيراً و لكنه لا يحسن صنعة و لا علماً فلا بد أن ينفد ماله يوماً رغم مظاهر الوفرة التي تحيط بحياته و تبهر الناس حوله و ربما فضلوه على المتعلم العصامي المجتهد، في حين أنه لا يقوم بأي جهد لتأمين مستقبله و يكتفي بالإنفاق من المال الوفير و بقراءة المعوذتين لصد العيون الحسودة عن نعمته حتى لا يتغير حاله.

و هذه ليست دعوة للعودة إلى الغوص على اللؤلؤ و لا هي حنين إلى ماض مثالي بل هو دق لناقوس التنبيه أننا لم نعرف كيف نتصرف بمواردنا الهائلة رغم أن أسلافنا برعوا في استغلال مواردهم القليلة و صنعوا منها ما لو أردنا مقاربة نسبته لظل اقتصادنا في هذا الزمن معتمداً على جهدنا وفقاً لوفرة الموارد حالياً لا لشحها فيما سبق، أي أن المطلوب منا هو إعادة الحياة للطاقات الهائلة التي صنعت من القليل جداً كثيراً جداً، و إحياء القيم السابقة التي سيرت حياتنا في الماضي و جعلتنا نعتمد على أنفسنا و نطور أدواتنا و نكتفي بإنتاجنا و نمارس العمل الشاق في حياتنا هذا هو المطلوب بالتحديد و ليس العودة إلى فرش الحصير، و محل استنكار هذا البحث أن يكون النفط سبباً في انقراض الأسطول التجاري و اضمحلاله و انصراف الناس عن المهن البحرية و الحرف اليدوية القديمة التي قام عليها الاقتصاد القديم (ص 174) دون أن يتبع ذلك ببناء مستقل جديد محله يتناسب مع الإمكانات الضخمة التي استجدت، و كأن منطق هذا التحول هو أن يكون الفرد مستقلاً و معتمداً على ذاته و منفقاً على أسرته و هو لم يزل في سن الطفولة، فلما كبر و بلغ سن الرشد و كبرت إمكاناته أصبح كسولاً و عالة على غيره في كل شئون حياته بدلاً من تطوير قدراته الفذة التي ظهرت مطالعها منذ الصغر، و كأن السلاح الذي أصبح بيده بعدما نضج طعن به نفسه أو خدر به حركته بدلاً من عدوه.

المجتمع الذي وصف بالأمية و الركود و التخلف كانت أطرافه القصية تعتمد على أنفسها و تصنع حاجياتها و تزرع طعامها رغم شح الموارد و قسوة الظروف، و لم تكن الأمية تعني التراخي و الكسل فقد كانت الصناعة لا تعتمد على الشهادات الدراسية أو المعاهد الصناعية بل كانت خبرة يتوارثها الأبناء عن الآباء (ص 87) و نتج عنها سد متطلبات الحياة (ص 113)، أما المجتمع الذي وصف بالعلم و النهوض فإنه يعجز رغم كثرة الشهادات عن صناعة أقل حاجياته شأناً و عن زراعة ما كان متوفراً في أرضه أصلاً، و وجدنا أن ظواهر الكسل و الاتكالية و التراخي و البدانة و الأمراض الناتجة عنها تظهر في المجتمع الحديث المتطور المتعلم، و في المحصلة لا نرى المجتمع التقليدي حتى في الأطراف أبعد تقنياً عن عصره من المجتمع "الحديث" عن عصره هو إلا إذا عددنا شراء المعدات و استعمالها حداثة و لو دون أي سبر لأغوارها أو فهم لأسرارها أو قدرة على التعامل بكفاءة معها مع الحاجة المستمرة للاستعانة بالمرجعية التقنية الأجنبية.

و لعل أوضح الأمثلة مثال الاكتفاء الذاتي المزعوم في تأمين رغيف العيش و الأغذية الرئيسة في المجتمع النفطي الحديث حيث يزعم أن شركات المخابز الكبرى توفر الأمن الغذائي، و لكن كيف يستقيم هذا الزعم مع الاعتراف أن القمح مستورد و آلات صناعة الدقيق و مشتقاته مستوردة وفق نظام تسليم المفتاح حيث لا مكان لأي جهد محلي في تصنيعها و إدارتها و صيانتها، فمن أين أتى الأمن إذن؟

●المعجزة الاقتصادية الأسطورية في زمن الحداثة

جاء في كتاب "معضلة التنمية الاستعمارية: نظرات في دعاوى إيجابيات الاستعمار"[3]: لا يملك الكتاب الغربيون إلا التعبير عن الانبهار عند الحديث عن الكويت و ثروتها و تطورها[4]، فقد قال الكاتب الفرنسي جان جاك بيربي تحت عنوان "الكويت الأسطورية" في كتابه "جزيرة العرب" الذي ألفه في نهاية العقد السادس من القرن العشرين أي بعد العدوان الثلاثي و قبل استقلال الإمارة عن بريطانيا: "الكويت هي أشهر إمارات الخليج العربي على الإطلاق، و ثروتها البترولية الهائلة و تطورها بالغ السرعة يجعلان من العسير، إن لم يكن من المستحيل، التحدث عنها دون استعمال ألفاظ التفضيل و المبالغة (أي أغنى و أكبر و أكثر و أعلى...إلخ) : لقد غمرت الثروة الكويت كالوباء، و لم ينج شخص تقريباً من غنغرينا الذهب، و الأساطير العربية المذهلة تبدو هزيلة باهتة، و مغامرات علاء الدين عقيمة صغيرة أمام "المعجزة" الكويتية، و قد جمع أميرها، المهراجا الحديث، عام 1956 بالدولار و السترليني ما يوازي أربعمائة مليون فرنك يومياً (هكذا في الأصل)، و إنتاج البترول ينتظر أن يزيد ثلاثة أضعاف في السنوات الخمس القادمة، إن مساحة الكويت أصغر بمئة مرة، من مساحة العربية السعودية و مع ذلك تنافسها على المركز الأول في احتياطي بترول العالم" ثم يروي طرفة فريدة شاعت في زمنه عن العثور على النفط فيها كلما حُفر بئر للعثور على الماء، و مهما كانت حقيقة هذه القصة "فهي توجز حكاية الكويت وطن الذهب الأسود الأسطوري، الذي لم يعد يعيش إلا بالبترول و من أجل البترول، و حول مرفأ طبيعي صغير على الخليج الهادئ الأزرق، تحول البحارة اليائسون، و صيادو السمك في ظرف عشر سنوات، إلى تجار، و مقاولي بناء، و رجال أعمال، و أصحاب الكفايات المحدودة منهم يعملون لحساب الشركات البترولية أو الشركات الخاصة بأجور خيالية، و مدينة الكويت العاصمة القديمة هُدمت كلها تقريباً و أُقيم مكانها مدينة حديثة بأبنية بيضاء فخمة، و شوارع عريضة مستقيمة، و على الشوارع العريضة الجميلة المزفتة التي حلت محل طرقات القوافل القديمة، تسير متهادية سيارات البويك و الكاديلاك التي أرغمت الكويتي على أن ينسى الجمل، و الماء العذب هذا السائل النادر الثمين، الذي كان يستورد من العراق، يسيل الآن من الحنفيات المنكلة في بيوت مكيفة بالهواء، و اللافتات الضوئية التي تفترس الليل بأنيابها مختلفة الألوان تذكر بمحطة سان لازار أو بيكاديللي أكثر مما تذكر بسوق شرقي، لقد جعلت الظروف الاستثنائية، الكويت أكثر بلدان الشرق الأوسط تقدماً، و فيه تحدث تجربة اجتماعية خيالية يعيش فيها الإنسان خلال بضع سنوات عصوراً طويلة من التطور".

و تحت عنوان "التقدم الخيالي" يقول بيربي إن الكويت أنتجت في سنة 1956، 55 مليون طن رغم هبوط الإنتاج بسبب أزمة السويس و قد جلبت هذه الكمية مبلغ 300 مليون دولار للأمير بالإضافة إلى إيجار و عائدات المنطقة المحايدة" و تطلعت شركة نفط الكويت إلى زيادة الإنتاج بحلول سنة 1962 إلى 180 مليون طن "أي ما يوازي إنتاج الشرق الأوسط لعام 1956 بأسره"، و تستبدل الكويت الغنية بذهبها الأسود منتجات مختلفة زاد حجمها بمرور الزمن "و تقتسم الولايات المتحدة الأمريكية مع بريطانيا القسم الأكبر من هذه المبيعات المختلفة".

و تحت عنوان "الدولة المثال" تحدث عن "التطورات المذهلة التي تحصل في الكويت" و عن قرار الأمير عبد الله السالم بجعل إمارته مثالاً للدولة الحديثة، فقد أنفق القسم الأكبر من العائدات في مشروعات ضخمة أحدثت انقلابات في مستوى معيشة الكويتيين، و وُفّق و لكن بتكاليف باهظة إلى أن يجعل عاصمته أحدث عاصمة في العالم "بعد أن أمر ببنائها من جديد و زودها بشوارع و طرقات و ميناء و مطار و مستشفيات و مدارس و شبكات لتوزيع المياه العذبة و الغاز و الكهرباء و مجارير و تكييف هواء، و بهذه الوسائل حول المدينة الصغيرة القديمة الفقيرة القائمة على الرمال إلى جنة في منطقة الخليج" و أصبحت مضرب المثل في التقدم الصحي و انتشر التعليم فيها مجاناً كالخدمات الصحية.

و يرد على توقعات الثورة سنة 1957 بالقول إن الكويتيين "مشغولون دائماً بالأعمال و جمع المال، لذلك لم يعيروا كبير اهتمام مغريات القومية العربية"، و إذا كانت ستقوم ثورة فضد من؟ و تؤكد المؤرخة الأمريكية مريم جويس أن كثيراً من مؤيدي الرئيس جمال عبد الناصر في الكويت صاروا في تلك الفترة "محررين من السحر و الوهم، لقد أدركوا أن مشاركتهم في وحدة عربية واسعة سيترتب عليها تضحيات اقتصادية كبيرة" و قد "كان الكويتيون يرفلون بنعمة و راحة لا تجعلهم يتحمسون للوحدة العربية"، مما جعل السفارة البريطانية في الكويت تقوّم الوضع فيها سنة 1960 بالقول إن بعض القوميين المتحمسين قد فتر حماسهم كثيراً في السنة الأخيرة[5]، و في تقويم أمريكي لسنة 1962 أن دعوة القوميين العرب الكويتيين لم تهيمن على مجموع الكويتيين "كان الكثير من سكان الكويت يؤيدون مصر، لكن لم يكن لدى ناصر أي شيء يقدمه للكويت و ليس متوافراً لدى الكويتيين، كان الكويتيون فوق جميع القوميين العرب الكويتيين، فهم لم يكونوا يريدون من ناصر أو من أي أحد آخر أن يهيمن على بلدهم، كانت الانتخابات تقترب، و حتى أكثر المتطرفين من القوميين العرب كانوا راضين أن يكونوا رعايا الأمير عبد الله السالم"[6]، و هذا هو نفس السبب الذي سيجعل الحماس يفتر تجاه العلاقة مع العراق كما سيأتي.

و عن الحماية البريطانية يقول بيربي إنها هي التي حمت استقلال الإمارة رغم "الغارات و الهجمات و الضغط الشديد من قبل العراق و السعودية سنة 1919 و 1922 و 1928" و إن بريطانيا هي التي رسمت الحدود السياسية في مؤتمر العقير سنة 1922 حين كانت البلاد العربية الأخرى كالسعودية و العراق و الأردن إما تحت النفوذ البريطاني الشديد أو تحت الانتداب البريطاني، و إن حاكم الكويت يفضل "أن يبقى مستقلاً عن العراق و العربية السعودية و سائر البلدان العربية الأخرى، و اليوم (1960) كما كان بالأمس، هو في أمس الحاجة إلى الحماية البريطانية و لكن هذه الحماية تحمل بذور ضعفها معها"، و قد بقي استقلاله الداخلي محافظاً عليه و عهد بالشئون الخارجية و الدفاعية إلى بريطانيا الحامية.

ثم يتحدث عن الانقسام الذي قسم المجتمع الكويتي قبل النفط بين مؤيدي الحكم و الحفاظ على الاستقلال من جهة و المعارضين المؤيدين للانضمام إلى العراق من جهة أخرى، لأن مطالب هذه المعارضة الاجتماعية و الاقتصادية كانت تجعل "من مصلحة الكويت الفقيرة آنذاك أن تتحد مع العراق" و يجب أن نلاحظ أن الحماية البريطانية آنذاك لم تنجز شيئاً يذكر للكويت الفقيرة بعدما منعت وصول سكة بغداد إليها زمن العثمانيين، و جعلتها تفضل الهروب من هذا الواقع للانضمام إلى بلد عربي مجاور، و لكن حلول عصر النفط غيّر حسابات بريطانيا و الأهالي أيضاً و "حوّل الكويت إلى بلد الأساطير و الثروات و السحر، و نتيجة لهذا التطوير أصبح الطلاب (المعارضون سابقاً) رجال أعمال في وطن منظم يعطي أصدق مثال للازدهار منقطع النظير" مما جعل المشكلات السياسية ليست أساسية و مستعجلة و لكنها قد تصبح كذلك مع موجة العداء الذي يتزايد ضد بريطانيا في العالم العربي (آنذاك).

و هنا نصل إلى الثمن الذي دفعته الإمارة قبل الاستقلال للحصول على الحياة الأسطورية، و تحت عنوان "الكويت و اقتصاد المملكة المتحدة" يقول بيربي إن بريطانيا تعد الإبقاء على نفوذها في الكويت "أكثر الأمور أهمية...إن الإمارة الصغيرة تزود المملكة المتحدة بنصف حاجتها من البترول، و هذا السائل الحيوي، يدفع ثمنه بالجنيهات السترلينية في الكويت، الأمر الذي يوفر على الخزينة البريطانية مبالغ طائلة من النقد النادر، و علاوة على هذا الوفر، تزود الكويت خزينة بريطانيا بمبالغ طائلة من النقد النادر، و أرباح الأمير المحولة إلى نقد نادر تودع في مصارف لندن، و ما من أحد في سوق لندن يجهل أن مجلس التوظيف الكويتي هو أفضل مشتر فردي، و الأعمال الكبرى التي تنفذ في الإمارة تشترك فيها عدة شركات أجنبية أكثرها بريطانية، و شركة البترول البريطانية تملك نصف شركة بترول الكويت، لها صوت راجح فيها، تشرف عليها حكومة لندن من خلال الأسهم العائدة للأميرالية البريطانية، و أهم مصالح هذه الشركة التي توزع نشاطها في شتى أنحاء العالم متجمعة في الكويت...و في عام 1956 بلغ إنتاج الشركة البريطانية للبترول في العالم تسعة و أربعين مليون طن، أكثر من نصفها –سبعة و عشرين مليون طن- جاءت من الكويت وحدها".

ثم يبين "أن الخروج من هذه المنطقة غير وارد بالنسبة لبريطانيا" و"قد تحارب بضراوة الوحش المفترس الجريح للإبقاء على نفوذها و وجودها في الخليج الذي لا تستغني عن بتروله"، و لمواجهة الوضع السياسي الذي قد يحمل الكثير من المفاجآت يميل الساسة البريطانيون إلى إجراء تعديل جذري على سياستهم تجاوباً مع تطورات الأحداث و الزمن، و يبدي قناعة باستحالة الاستمرار في تطبيق السياسة الاستعمارية القديمة لأن هذا الاستمرار سيعرض النفوذ البريطاني للتلاشي من المنطقة إزاء القوى الجديدة التي لم تعد بريطانيا تملك السيطرة عليها[7].

و سنجد أن بريطانيا ستنهي انسحابها العسكري من منطقة الخليج بعد عقد من الزمان من كتابة السطور السابقة و لكنها ستقوم بترتيبات تضمن بها استمرار مصالحها بعد خروج جيوشها[8]، و من ضمن ذلك "تشجيع الكويت على الاستقلال مع الحفاظ في الوقت ذاته على العلاقة الطويلة العريقة بين البلدين" كما تقول المؤرخة الأمريكية مريم جويس[9]، و سنجد أن الملامح الرئيسة في وضع المنطقة ستستمر كالماضي و من ذلك في موضوع حديثنا: ارتباط الاقتصاد الكويتي بالاقتصاد البريطاني ثم الأمريكي، و استمرار دفاع الغرب بعصبية عن استقلال الإمارة[10]، و استمرار اتخاذ هذا الاستقلال ذريعة للدفاع عن مصالح غربية لا علاقة للكويت بها.

و قد جاء في كتاب "السلطان و المنزل: الحياة الاقتصادية في آخر أيام الخلافة" عن الملمحين الأول و الثاني أي استمرار الارتباط الاقتصادي و دفاع الغرب عن هذا الواقع :  "لقد كانت ثروات العرب منذ ظهورها في دول التجزئة رهينة للمصالح الغربية إذ لم تستطع دولة الاستقلال استثمار إمكاناتها الكبيرة في مجالها الصغير و لم يكن من الممكن في ظل ارتهان القرار السياسي للقُطرية و النزعة الأجنبية استثمار هذه الموارد في المجال العربي أو الإسلامي و ذلك رغماً عن كل أحاديث الأخوة و التضامن، و من أمثلة ذلك ما قاله الدكتور حسن علي الإبراهيم في دراسته السياسية عن الكويت أثناء حديثه عن الأزمة التي نشبت بينها و بين العراق سنة 1961: " كان موقف المملكة المتحدة من بين الدول العظمى موقف تأييد كامل لموقف الكويت، لقد كانت مصالح المملكة المتحدة في الكويت بالغة الأهمية " ثم ينقل عن مرجع أمريكي: " أن الكويت تساوي حوالي بليار دولار في السنة و هي اليوم (زمن الأزمة) أكثر ما تكون أهمية للبريطانيين ... إن احتياطي الكويت من الجنيهات الاسترلينية في بنك إنجلترا، حسب ما أوردته مجلة الإيكونومست البريطانية، يعادل حوالي ثلث مجموع احتياطي بريطانيا من الجنيهات الاسترلينية، و تزود الكويت بريطانيا بحوالي 38 بالمائة من حاجاتها النفطية، و تقدر الأموال الكويتية الموظفة في بريطانيا بأكثر من مئة مليون دولار في السنة، و إذا كان دخل شيخ الكويت من أرباح النفط كبيراً فإن العائدات البريطانية عائدات ضخمة أيضاً" [11].

"و عند حديثه عن الانسحاب البريطاني من الخليج و نفقات القوات البريطانية في نهاية الستينيات قال إن الدافع لانسحاب بريطانيا سياسي لأن نفقات بقاء قواتها تقارب 12 مليون دولار في السنة، و يعلق: " إن هذا المبلغ أقل بكثير من المبالغ التي تجنيها بريطانيا من نفط الخليج و يبلغ تقديرها 500 مليون دولار في السنة" [12].

"و استمرت ثروة الكويت مرتبطة ببريطانيا و الغرب عموماً حتى بعد الاستقلال، و قد جاء في دراسة (للمؤلفة الأمريكية آنفة الذكر مريم جويس) عن الرؤية الإنجليزية الأمريكية للكويت بين 1945 – 1996: "ففي نهاية آذار / مارس من عام 1965 قدر أحد الشيوخ احتياطي الإمارة بمبلغ 400 مليون جنيه استرليني يتم استثمار نصفه في لندن و الباقي في اليابان و سويسرا و الولايات المتحدة الأمريكية" و تقارن المؤلفة هذه المبالغ بما حصل عليه المجال العربي: "و ما بين يناير (كانون الثاني/ جانفي) و سبتمبر (أيلول) من عام 1965 تلقت الحكومات العربية زهاء 35 مليون جنيه استرليني من الاحتياطي الكويتي " ثم أشارت إلى دور العوامل السياسية و حرمان حكومات عربية أخرى من " سخاء و هبات الكويت"[13] و قد صرح السفير البريطاني في الكويت فرانك بيكر في 10/8/2011 أن "الكويت مهمة جداً لبريطانيا، و حماية أمنها و استقرارها واجبة" [14] و كان قد قال في نوفمبر من عام 2010 إن "العلاقات الكويتية البريطانية "فريدة من نوعها عالمياً" و "إن هذه العلاقة فريدة لأنها تتجاوز مجرد السياسة و الدفاع، و من المؤكد أنه ما من بلد خارج الخليج يمتلك مثل هذه العلاقة"[15]، و أشار الناطق الرسمي باسم الحكومة البريطانيــــة في الشــرق الأوســط مارتـن داي إلى صــور من هذه العلاقـة بوجــود "استثمــارات كويتيــــة ضخمـــــة في الســـوق البريطانــي" طامعاً في المزيـــد و أن "يصل حجم التجارة المتبادلة بين الكويت و بريطانيا إلى أربعة مليارات جنيه استرليني سنوياً بحلول 2015"[16]، و هو ما أكده وزير شئون الشرق الأوسط البريطاني إليستر بيرت في 1/12/2011 [17]، و هذا ما تحقق بالفعل قبل الموعد المأمول فوصل حجم التبادل إلى أربعة مليارات في عام 2014 [18] (و بهذا نلاحظ أن تطور العلاقة مع الأجانب يفوق التوقعات أما المشاريع العربية البينية، و ما أكثرها من المواصلات إلى الدفاع، فتظل حبيسة الأدراج عشرات السنين تسير في مكانها)، كما أشار وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي إلى أن "الكويت من أكبر الدول استثماراً في العقار ببريطانيا" [19]، و قال عمدة الحي المالي في لندن في سنة 2006 اللورد جون ستوترد إن "دولة الكويت ممثلة بقطاعها الحكومي و الخاص تعتبر من أكبر المستثمرين في بريطانيا لاسيما في القطاعين المالي و العقاري إلا أنه يصعب تقدير حجم هذه الاستثمارات"[20] ، و قد قال السفير البريطاني في الكويت (2015) ماثيو لودج ان الهيئة العامة للاستثمار تعد شريكاً استثمارياً كبيراً لبريطانيا و لديها علاقات قديمة مع مدينة لندن و تعدى حجم استثماراتها 150 مليار جنيه استرليني [21]، و لهذه الأسباب كان الإنجليز يتصرفون بعصبية عندما يتعرض نفوذهم في الكويت للتهديد، و في هذا السياق قال الرئيس جمال عبد الناصر صاحب التجارب المريرة مع بريطانيا للوفد العراقي لمحادثات الوحدة الثلاثية سنة 1963: "إنكم لا تعرفون مدى حساسية الغرب في موضوع الكويت" ثم قص على أفراد الوفد قصة عودة العلاقات المصرية البريطانية بعد أزمة السويس و طلب بريطانيا فتح خمس قنصليات لها في الجمهورية العربية المتحدة و رد المصريين بطلب فتح خمس قنصليات عربية في بريطانيا و ممتلكاتها و من ضمنها الكويت، و عندما ذكر اسم الكويت للمبعوث البريطاني  كولين كرو "انتفض كأن عقرباً لدغه و قال لنا: أبداً ... كله إلا الكويت، لم يكونوا على استعداد لقبول قنصلية لنا في الكويت، فهذه بالنسبة لهم مناطق ليس فيها "هزار" (!)" و نقل الرئيس كذلك عن خروشوف سكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي: "إن الغرب يمكن أن يدخل الحرب بسبب خوفه من أي تهديد على مصالح البترول" [22].

"و لعل هذا هو سبب التشنج البريطاني عندما اندلعت أزمة الخليج سنة 1990 التي أدت فيها رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر دور المحرض على التصدي للعراق و ما قام به من ضم الكويت[23] ، ثم كانت المصالح النفطية البريطانية وراء التخطيط للإطاحة بالنظام في العراق قبل 18 شهراً من الاحتلال عام 2003 [24]"[25].

أي أننا وجدنا الدفاع الغربي عن استقلال الإمارة في عهود الاستقلال ظل كما كان في عهود الحماية البريطانية زمن الدولة العثمانية لمنع تحقيق سكة حديد بغداد، ثم في زمن مشاورات "الحلف العربي" سنة 1935 [26]، و زمن مطالبات الملك غازي[27] و زمن محاولات نوري السعيد المجهضة لضم الكويت إلى الاتحاد الهاشمي[28]، و ستكون الولايات المتحدة في صف الموقف البريطاني المدافع عن الاستقلال منذ زمن الاتحاد الهاشمي الذي توجست من خطر دعمه بأموال الكويت[29] و فضلت أمريكا و بريطانيا تقديم الدعم المالي للاتحاد لإسقاط حجته بشأن الحاجة إلى أموال الكويت[30]، ثم تكرر التأييد الأمريكي لبريطانيا "إلى أقصى حد ممكن" في زمن عبد الكريم قاسم[31] و استمر إلى ما بعده (1990)[32] كما مر، و إذا كان هذا الدفاع في عهد الاستقلال لأسباب استراتيجية و اقتصادية (نفط و أسواق و استثمارات)[33] فقد كان فيما سبق لأسباب استراتيجية تتعلق بسكة حديد بغداد ثم بعد ذلك بالنفط و عوائده و استثماراته.

المهم فيما سبق أن هذه الوفرة الاستهلاكية التي تمتعت بها الإمارة حققت مصلحة مادية آنية للسكان المحليين، هذا إذا كانت حياة الترف و الدعة و الراحة مصلحة حقيقية في تواريخ نهوض الأمم، مما جعل هذا الوضع ينطبق عليه وصف الدكتور عبد الوهاب المسيري للدول الوظيفية في الزمن المعاصر عند حديثه عن أشكال جديدة من الجماعات الوظيفية في المجتمعات الحديثة:"يمكن تحويل دولة صغيرة ليست بالضرورة استيطانية، إلى دولة وظيفية، و تتم عملية التحويل هذه عن طريق عملية رشوة لشعب هذه الدولة، بحيث يرتفع مستوى معيشته و يتزايد اعتماده على قوة خارجية تضمن بقاءه و استمراره بحيث لا يمكنه أن يحقق البقاء كدولة مستقلة دون استمرار الدعم الخارجي"[34] و ذلك في سبيل تحويل هذه الدولة إلى جماعة وظيفية "تعمل لصالح النظام الاستعماري الجديد"[35]، و قد ربط الموقف البريطاني من قضية استقلال الكويت سنة 1961 بشكل واضح بين مفردات الثراء المحلي و الاستقلال عن الجوار و تحقيق المصالح البريطانية وفق ما جاء في تعريف المسيري لعملية رشوة النخبة في سبيل الحصول على خدمة النظام الاستعماري، ففي تلك الأزمة ألفت الحكومة البريطانية لجنة برئاسة وزير الخارجية لاقتراح السياسة المثلى التي يتوجب اتباعها تجاه الكويت، فخلصت هذه اللجنة إلى أن التهديدات التي تواجه المصالح البريطانية في الكويت هي استحواذ العراق أو السعودية على الإمارة، و أن الوسيلة الأفضل للحفاظ على المصالح البريطانية هي الاستعداد الدائم للدفاع عن الكويت "الغني، المستقل، الصديق لبريطانيا"، و إقناعه بالاتكال على المساندة البريطانية في اللحظات الحرجة لئلا يتجه إلى السعودية أو مصر للحصول على الضمانات السياسية و الأمنية[36]، و لهذا لوحظ أن التدخل في أزمة 1990 كان أجنبياً و كان الحضور العربي ملحقاً و ثانوياً و غير فاعل إلا في إسباغ الشرعية على التطفل الأجنبي.

أما المصالح الحقيقية التي تحققت فهي كما سبق ذكره مصالح الغرب الذي استولى على النفط ليسير في شرايين اقتصاده، و على عوائد هذا النفط و استثماراته و التجارة بالأموال التي حصل عليها ملاك النفط و اشتروا بها السلع المصنعة الغربية، و الأهم من كل ذلك الحؤول دون ظهور قوة محلية تمسك بزمام هذه الثروة و ترفع من شأن الأمة التي تملكها، و قد حقق الغرب ذلك دون أن تحقق البلاد النفطية أية مصلحة عليا بعيدة المدى و بديلة عن نموذج الاستهلاك في حال نضوب السائل الأسود، و ليس ذلك من قدراتها أصلاً لقلة قاعدتها السكانية و ضحالة عمقها الجغرافي و خفة وزنها الدولي و تشرذمها السياسي، و لو طالعنا سلسلة المصالح الغربية التي كانت الوفرة الاستهلاكية ثمنها لوجدنا أن هذا الثمن الذي "سمح" لنا الغرب به كان ضئيلاً جداً مقابل الفوائد الجمة التي سبق ذكرها و التي جناها من الدفاع عن الاستقلال و التجزئة، و إذا قارنا ذلك بالخيارات الأخرى لمسيرة تاريخ المنطقة و التي تم إجهاضها لصالح الخيار الغربي، فإننا حينئذ سنشعر بفداحة الخسارة التي قبضنا ثمنها سيارة أو هاتفاً أو أية سلعة استهلاكية مترفة.

الكويت في ظل الدولة العثمانية قرية تواجه الإمبراطورية البريطانية: حاول الإنجليز اختراق "قرية الكويت" ( كما جاء وصفها في وثيقة تعود لسنة 1848 و نشرتها صحيفة الوطن الكويتية في 8/9/2011) زمن شيخها الثالث جابر بن عبد الله بن صباح (1813-1859) فكان ما رواه الشيخ عبد العزيز الرشيد في تاريخه[37] و الأستاذ سيف مرزوق الشملان في تاريخه:"في سنة ما، جاء الكويت جماعة من الإنجليز و حاولوا إقناع الشيخ جابر برفع العلم البريطاني، فلم يقبل و قال:إن الدولة العثمانية جارتنا و كل ما نحتاجه يأتينا من البصرة، فقالوا:إن الهند من مستعمرات بريطانيا و أنتم محتاجون لها، فلم يجبهم، و أخيراً استأذنوه في البناء فلم يسمح لهم، ثم قالوا:أتمنع الدولة العثمانية كما منعتنا ؟ فقال: إذا رأينا في ذلك ضرراً على البلدة منعناها. و قد حاولوا أن يعطيهم ورقة بأنه يمنع الدولة عن ذلك فلم يعطهم، و رجعوا أدراجهم. لما بلغ النبأ متسلم البصرة جاء الكويت زائراً و شكر الشيخ جابراً على موقفه الصلب من الإنجليز، و يقال إن الدولة العثمانية لم ترتب للشيخ جابر المائة و الخمسين كارة من التمر و الفرمان الشاهاني و العلم الأخضر (علم الخلافة الإسلامية) إلا نتيجة لموقفه من الإنجليز بجانبها"[38]، و في هذه الحادثة رد على منطق التجزئة الذي يجيب على طلب مساعدة الإخوة اليوم بالقول: و أين كان إخوتنا المزعومون عندما كنا فقراء لا ثروة لدينا؟ فالحقيقة غير ذلك تماماً، عندما كنا في كيان واحد كان الإخوة حاضرين دوماً كما شهد الشيخ نفسه، و الكويت نفسها لم تكن تتسول المساعدة في ذلك الزمن، كانت تتاجر و تتبادل مع إخوتها و وصلت بضائعها عاصمة الخلافة نفسها بالإضافة إلى الشام و العراق و اليمن و الحجاز و نجد[39]  و جنوب الجزيرة و البحر الأحمر و شرق إفريقيا بل الهند نفسها[40] في أزمنة الحروب و الحصار، و قد أثرى تجارها من التكامل مع إخوتهم و لم يكونوا بحاجة لمساعدة أو صدقة من أحد، و تصوير ذلك الزمن بصورة الفقر و الفاقة و الحاجة لا ينطبق على الواقع و يجب قياس غنى كل عصر بوقته.

 و في زمن الشيخ مبارك الصباح أرادت الدولة العثمانية تحويل الكويت إلى محطة نهائية لسكة حديد بغداد و بذل الإنجليز جهوداً كبيرة في التآمر بحجة الدفاع عن "استقلال" الكويت عن العثمانيين ليمنعوا وصول السكة إليها مع أنها كانت ستحول الإمارة إلى محطة نهائية لطريق تجاري عالمي يقطعه قطار الشرق السريع من برلين مروراً بعواصم أوروبا ثم اسطنبول فبغداد فالكويت مما كان سيمنح ميناء الكويت أهمية اقتصادية كبيرة قبل ظهور النفط بعشرات السنين، و لعل ذلك أفضل من أحاديث التنمية الاستعمارية الزائفة بهيئة بريد[41]، أو بخط تلغراف[42] أنشأته بريطانيا لمصالحها، أو بمحطة تحلية مياه لم تقم بعملها أصلاً[43]، و ما يؤكد ذلك ما جاء في تقرير مؤسسة ماكينزي الاستشارية لسنة 2008 عن الإصلاح الاقتصادي في الكويت:"التجارة من العراق و إليه عبر الكويت تصل قيمتها إلى 40 مليار دولار(سنوياً) ، و حتى يكون ذلك لا بد من السكك الحديدية"، هذا ما ستصنعه سكة محدودة، مع العلم أن مجمل التجارة الكويتية بلغت حتى ذلك العام 70 مليار دولار(سنوياً)[44] ، فما هي القيمة التي كانت التجارة ستصلها لو أن الكويت أصبحت محطة نهائية لطريق عالمي كسكة تمتد عبر القارات من برلين إلى بغداد منذ مائة عام؟ أي قبل النفط بعشرات السنين فتنهض البلد بإمكاناتها و يأتي النفط ليدعم هذا النهوض كبقية البلاد التي نهضت بعملها ثم دعم اكتشاف الثروات اقتصادها و لكن لا يكون هذا الاقتصاد بعد ذلك معتمداً على تصدير منتج واحد ناضب لأن هناك بنية تحتية مستقلة و سابقة للعمل به و دونه، و هو أمر تحاول الكويت العودة إليه اليوم و لو بصورة جزئية بواسطة مشاريع السكك الحديدية الإقليمية التي مازالت في عالم التخطيط، فكان هذا الاستقلال المحتفى به من مستلزمات المصالح الغربية على حساب مصالح السكان المحليين و إن صورت السياسة عكس ذلك.

فلقد اقترن الحلم العثماني بإعادة إحياء الدولة بواسطة ربطها بشبكة واسعة من خطوط الحديد مع رغبة ألمانية بدعم هذا المشروع بعيداً عن أطماع بقية أوروبا، تم تنفيذ سكة حديد الحجاز و أجزاء من سكة بغداد، و كان السلطان عبد الحميد الثاني يحلم بربط السكتين كما كانت ألمانيا تحلم بامتدادات إفريقية، الكويت كانت محطة هامة في هذا الحلم و لكن بريطانيا أجهضته في سبيل مصالحها.

قراءة 2005 مرات آخر تعديل على الجمعة, 22 تموز/يوليو 2016 06:36

أضف تعليق


كود امني
تحديث