قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 07 أيار 2017 12:56

نخبة العالم الإسلامي و عالم الأشياء

كتبه  الأستاذ محمد الأمين مقراوي الوغليسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

النخبة و النخب كلمات تتردد على مسامعنا يوميا، و نلتقي بها كثيرا عند قراءاتنا لمختلف المصنفات الفكرية و المؤلفات الإنسانية، و يوهم هذا الزخم الكبير الذي يتزاحم تارة في أعيننا و تارة في أسماعنا بوجود نخب حقيقية،  فاعلة تؤدي دورها الفكري و الاجتماعي المنوط بها في مختلف مؤسسات المجتمع و على شتى المستويات، ابتداء ً من توجيه مسارات المجتمع، و ترشيد الحاضر إلى استشراف المستقبل و مرافقة الأمة في أحلامها و في مشاريعها، و لكن الناظر في واقعنا الحالي يدرك أن ما يتصور عن النخبة بعيد كل البعد عن الحقيقة التي هي في الواقع.

و في مثل هذه المواضيع و المواضع نحتاج إلى أن يكون أسلوب الخطاب مباشرا و واضحا، و لا نحتاج إلى المصطلحات الأكاديمية أو اللغة الرسمية؛ لأن الخطاب هنا يتوجه إلى إيقاظ إنسانية هذه الفئة، التي يحدد تفاعلها مع الواقع مصير ملايين البشر، فإن كانوا في المستوى تحرك قطار النهضة و البناء، و تزينت الحياة بالعدالة و الكرامة، و نال المجتمع حقوقه، و إن كانت النخبة دون المستوى، تسببت بتقاعسها عن البذل، و تكاسلها عن التلبس بمعاني الرسالية في تغوّل الظلم، و تمكن أهل الشر من معاقد الحياة، و عانت المجتمعات، و هذا الذي يغلب على هذه الفئة اليوم.

النخب و الانفصام عن الواقع:

فغالبية النخب المعاصرة خامدة الهمة، مقصرة في واجباتها الكبرى، و المتمثلة أساسا في الالتحام بالواقع، و التشابك مع كل تعقيداته، و التلبس بمواقع الفاعلية الاجتماعية، بل إن الذي يثير الشك و الريبة هو انزواء غالبية النخب في مواقع لا محل لها من الإعراب إذا قورنت بواجب الوقت و فروض المرحلة التي تعيشها أمتنا، حيث يغرق الكثير منها في زاوية التنظير لقضايا لا طائل من وراءها، و لا يبنى عليها عمل، بل إن علمها داخل هذه الزاوية الحادة أدى في غالب الأحيان إلى إشغال مجموع الأمة بمسائل لا تحتل حتى مرتبة التحسينيات بالمقارنة مع ضرورات المرحلة التي تعيشها الأمة، فهي ضرورات مهملة، و إن جرت محاولات لمعالجتها فإنه تقع عادة في فخ السطحية و الترقيع و التقصير.

النخب و الأبراج العاجية:

و عند البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انفصام النخب عن واقع الأمة، فإننا نصطدم بحقائق مرعبة، يدرك المتأمل فيها الخطورة التي تعيشها أمتنا في ظلّ فقدانها لطاقتها التوجيهية، حيث يأنف الكثير ممن يحسبون على نخبة المجتمع عن النزول للواقع، الذي يعد محل التفاعلات الاجتماعية المختلفة  أفقيا و عموديا، باسم التعالي على العامة تارة، و باسم الانشغال بالتراث تارة، و باسم الأكاديمية و العلمية  تارة و باسم الأستاذية و المشيخة تارة أخرى، و قد صدق فيهم قول نبينا محمد -عليه الصلاة و السلام-: "ما ذئبان جائعان ضاريان أرسلا في غنم بأفسد لها من حب الشرف و المال لدين المؤمن".

النخب بين الأفكار الميتة و الأفكار القاتلة:

و يؤكد ما سبق أن نخبنا قد وقعت ضحية لنوعين من الأفكار:

النوع الأول: و هي الأفكار الميتة حيث ترى أن الكثير من القضايا و المسائل لا تستحق المشاركة أو الاهتمام أصلا؛ لأنها قضايا مصنفة -حسب هذا النوع من النخب- ضمن المسائل التافهة أو ضمن القشور العلمية السطحية حسب ظنهم، و بالتالي فإنهم يرون أن الاهتمام بهذا المجال من الواقع غير مقبول، باعتباره يستوعب الأفكار الميتة، و التي لن تلد إلا ميتا حسبهم دائما.

 و النوع الثاني: هو الأفكار القاتلة و التي تعني العجز أمام المسائل العظيمة التي تحتاج همما تناطح الجبال، حيث تستسلم النخب أمام القضايا المصيرية و المسائل الكبرى بحجج واهية، أهمها أن الخوض فيها مستحيل، أو أن الصعوبة المحيطة بها أكبر من قدراتهم على ممارسة النحت و التفتيت الفكري من أجل توجيهها و استغلالها و ترشيدها.

و بالتالي تضيع نخبنا بين ما تراه سهلا سطحيا لا يستحق الالتفات إليه، و بين ما تراه صعبا عظيما مهيبا لا تود الاقتراب منه، و يتحدث القرآن الكريم عن هذه النظرة السطحية التي يتبناها هذا الصنف، يقول الله تعالى: "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا".

 و يرجع القرآن الكريم سبب قعود و انحراف هؤلاء عن المنهج الرباني في التعاطي مع شؤون الحياةـ و تركهم واجباتهم، إلى اغترارهم بأنفسهم، و اعتمادهم غالبا على عقولهم و ذكائهم، و ظنهم بأنفسهم خيرا، و الاستناد إلى الهوى في بناء تصوراتهم عن الواجبات، أو إصدار أحكامهم وفق منهج التشهي، ما جعل بصائرهم تعمى عن الحقائق الراسخة في الكون و في الحياة.

النخبة و مصدر الهداية:

لا يمكن للمسلم أن يكون موفقا النظر و التفكير في شؤون الحياة الصغرى و الكبرى إلا إذا اعتقد أن مصدر التوفيق و السداد هو خالق الكون و مدبر شؤون، و هذه حقيقة ربانية خالدة، يحث القرآن الكريم النخبة على استحضارها، و التمسك بها، و تعليمها للناس، يقول الله تعالى: "قل إن هدى الله هو الهدى"، فكل من يتصور إمكانية الاهتداء دون توفيق الله، و دون الامتثال إلى أوامره، يوكل إلى نفسه، فيضل في معرفة الحق في مسائل الحياة، و تضل مواقفه و تنحرف، و قد تضرّ به و بأمته؛ و لذلك وجب التذكير دائما بأن اعتماد المسلم على ما يعتقد أنه كاف للتصدي لقضايا الحياة هو مصدر غفلته الحضارية و بعده عن الرسالية، فالقصور و المحدودية سمة البشر، و لا يمكن أن يقفز الإنسان على هذه الحقيقة، و إن من يدعي أن عقله و فكره كاف لفهم كل أمور الحياة، و استشراف المستقبل، يكون كمن يريد وضع البحر العظيم في دلو من الدلاء.

نخبهم و نخبنا إلى متى؟

لو أجرينا مقارنة بسيطة بين النخب الغربية و بين نخب العالم الإسلامي لأذهلتنا النتائج التي نتوصل إليها، فنخبهم تدور حيث يدور الواقع المتجدد، بل إن النخبة الغربية تعتبر الإنسان القضية المركزية التي تدور حولها المشاريع الغربية، فالإنسان الغربي مركز الاهتمام، و عليه تبنى المشاريع و الأطروحات؛ لذلك نجد المدخل الحقوقي و الفكري و السياسي كله في خدمة الإنسان الغربي، بينما نجد العكس في عالمنا العربي و الإسلامي، حيث يعد عالم الأشياء المركز الذي تدور عليه اهتمامات مثقفينا و نخبنا، و نعني بذلك انشغالهم بتحصيل المكاسب الدنيوية، و جعلها محور الشغف الأول و الأخير، و تغييب قيم الآخرة، حتى يحق قول الله تعالى فيهم: "نسوا الله فنسيهم"، فيوكلون إلى أنفسهم حتى ينقلب الواحد فيهم على قيم الحق و الصلاح، و يتلبسون خصال الشر و الحرص و الأنانية، حتى يحق فيهم قول النبي -عليه الصلاة و السلام-: "تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة  إن أعطي رضي و إن لم يعط سخط تعس و انتكس و إذا شيك فلا انتفش".

نخبة أم آغاوات و باشاوات؟

إن الواقع يظهر اليوم أن نخبة –الغالبية- العالم العربي و الإسلامي تهرول في كل الاتجاهات المؤدية للغنى و الثروة و الجاه و السيادة، و تنكص على أعقابها كل ما برزت إليها مشاهد التحديات الداخلية و الخارجية للأمة، يجتهدون في جعل فكرهم الوسيلة التي بها ينالون الحظوة و الجاه، و النفوذ و السلطة، و المال و السيادة بين الناس، و يسخرون كل ما يجدونه في طريقهم لمصالحهم الضيقة، و حاديهم في ذلك فقه المصلحة و فقه التنازلات و المذلات، الذي يجتهدون في تبريره و صبغه بصبغة ظاهرها الخير و باطنها المصلحة الشخصية الضيقة، حتى يصير الواحد فيهم منكرا للمعروف و منظرا للباطل، و الله المستعان.

ماذا خسرنا بانحراف نخبتنا؟

إن الأمة دفعت و تدفع أثمان باهظة بترك النخبة لمراكزها الحقيقية، و انشغالها بترهات الأمور، و السعي لمكاسب كانت ابتداءً تبعية ثم صارت مع الوقت هي المقصودة أصالة، و أقل ضريبة تدفعها الأمة اليوم -جراء هذا الانقلاب الخطير في قيم المثقف و النخبة- أن دعاة الانحراف قد تمكنوا فعلا من إشاعة بضاعة الفساد و الإفساد، و الترويج لقيم مناهضة للقيم الإسلامية الراقية، مما خلق واقعا مصادما لما يجب أن يكون عليه المجتمع الإسلامي، حيث صارت المادية السّمة الأبرز في حياة المجتمع الإسلامي رغم وجود نصوص الوحيين بين يديه، و صار امتهان الإنسان هو الأصل بدل تكريمه، و تقديس الأشياء جعلها الغاية التي دونها ضرب الرقاب، بدل أن تكون وسيلة حياتية يستعان بها على مآرب العيش، و صارت الأمة تتخبط أمام كل تحد و عاجزة عن مقارعة التهديدات الحضارية المسمومة، حتى غدت كاليتيم الذي لا يعرف سبيلا إلى أخذ حقه من المفسدين.

النخبة القادمة:

لقد أثبتت الأيام أن الأمة تمرض و لا تموت، و أنها أمة ولادة لم تعرف العقم قط، أمة تتعثر و لا تسقط؛ لذلك فإن الأمل في الله كبير بعوننا على إحياء تلك القيم الأصيلة، التي تربت عليها النخب المسلمة التي صنعت أمجادا خالدة، و سطرت بسيرتها أروع الأمثلة، و أنبل النماذج، إن أملنا كبير في رجال القدر الذين يسخرهم الله تعالى لإحياء موات الأمة، و تجديد دينها، فرسان بعث الأمة من سباتها و رقادها، الذين يعيشون في عالم القيم و الأفكار، و لا يبيعون مبادئهم مقابل أشياء لا تساوي عند الله جناح بعوضة.

إن سنة الاستبدال ماضية ، و ليستبدلن الله هؤلاء برجال تسعد بهم أمتنا و تهنأ، و السعيد من أدرك اعوجاجه، و قوَّم مسيره في الدنيا، و جعل خدمة الأمة و السعي في حاجاتها هدفه الأسمى، و غايته الأنبل.

قراءة 1412 مرات آخر تعديل على الجمعة, 12 أيار 2017 07:39

أضف تعليق


كود امني
تحديث