قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 18 آذار/مارس 2018 10:34

داعش ستفني نفسها

كتبه  الدكتورة رغداء زيدان
قيم الموضوع
(0 أصوات)

عندما ظهر تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف إعلاميًا باسم داعش، بشكل كاسح في العراق و سورية وجد تشجيعًا كبيرًا في بقاع كثيرة من العالم، و بين فئات مختلفة من الناس، و قد سمعت سوريين (و هم من غير المتدينين) وقتها يقولون إن "داعش الأصلح للمرحلة"!

كان نظام الأسد يزداد إجرامًا في سورية، و كانت الفصائل المسلحة تزداد تشرذمًا، و جاء ظهور داعش ليعطي تصورًا أن هناك تنظيمًا كبيرًا قادرًا على هزيمة نظام الأسد و إبعاد كل متلاعب عن الساحة السورية.

و الناس - ليس في سورية وحدها - الذين حُرموا من ممارسة شعائرهم الدينية دون خوف، و حرموا من تطبيق العدل و الشعور بالكرامة و ممارسة الحرية و الإحساس بالعزة، و قُسّمت بلادهم و عاشوا متفرقين متشتتين، متشوقين لدولة تحقق لهم ما حُرموا منه، و تشعرهم بالقوة و النصر، و من ستكون غير دولة الإسلام بعد أن رأوا بأعينهم عوار الدول الأخرى، و ماديتها و نفاقها.

لذلك فقد كان للتوسع الكبير، و تلك الشعارات البراقة، و الاستعراضات العسكرية المهيبة، و الفيديوهات المتقنة، التي قدمها التنظيم، و التي أنعشت النفوس المتعطشة للفوز و الانتصار، أثر كبير في العقول المخدوعة، و كانت كفيلة بحشد الأتباع من كل بقاع الأرض، دون تفكير بما وراء الأحداث، و لا كيفية ذلك الظهور الكاسح، و لا مآلات أفعال التنظيم المستقبلية على السوريين خاصة و المسلمين في كل مكان.

لكن مناظر الدماء المسفوحة، و الرؤوس المقطوعة، و التفنن بأساليب القتل من حز و حرق و رمي و رجم و تضحية... إلخ و تصويرها و بثها مع ما يتبعها من خلفيات تشريعية تكفيرية تجتزئ النصوص و الأحداث، و تُغيّب التاريخ و ظروفه، و تميت التشريع و مقاصده، على أنها طريقة لإرهاب الخصوم، و دك معاقلهم بالخوف قبل السيف، و تصوير ذلك على أنه إقامة لحدود الله، و تطبيق للشريعة، جعلت كثيرين يترددون، أو بالأحرى يقعون فريسة صراع نفسي، بين فطرة تكره القتل و استباحة الدماء و تمجّ تكفير الناس، و بين شعارات براقة، تحمل اسم الإسلام و تقاتل باسم الدين، و تتحدث بنصوصه، و تعلن أنها جاءت بخلافة باقية و تتمدد.

حتى المشايخ، أو من يسمون بالعلماء، لم يظهروا انتقادًا واضحًا لذلك التنظيم، و لممارساته رغم وحشيتها، و كل ما سمعناه وسم لهم بالتخطئة، و بيان شيخ من هنا، و آخر من هناك تحركه سلطة بلاده الخائفة على عروشها، مما كان له أثر عكسي جاذب و ليس منفر، لذلك التنظيم.

أما حشد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد التنظيم، و اجتماع أكثر من ستين دولة في وقت قصير لحرب تنظيم واحد لا يزيد عدد أعضائه عن آلاف، فكان أشبه بمسرحية ساخرة، هوليودية، فاشلة، لم تقنع حتى الآن القائمين عليها، فضلًا عن غيرهم.

و بعد هذه السنوات أظهر توسع التنظيم في أعمال القتل و التدمير، و تركيزه على قتال فصائل المعارضة المسلحة في سورية بشكل أساسي، و عدم تورعه عن قتل أي مخالف بتهم متعددة بعضها يقوم على الغدر و الاغتيال (لا ننسى مجموعة الاغتيالات التي قام بها التنظيم لصحفيين و إعلاميين سوريين في تركيا مثلًا)، و تكفير الخصوم و استحلال دمائهم، بالإضافة لتلك الممارسات الشاذة عقلًا و ذوقًا و فطرة، من تدمير للآثار، و إغلاق للمدارس، و سن قوانين مثيرة للسخرية، بحجة الدفاع عن الإسلام، و حفظ الفضيلة، كل ذلك دفع للسؤال عن حال هؤلاء، و موقف الشرع منهم، و هل هم على حق أم على باطل، و هل هذا الذي يمارسونه هو من الإسلام، أم ماذا؟

كان المتدينون من الشباب و غيرهم منجذبين للنقاشات الفقهية التي لا تنتهي، فكلما ظهر فيديو لعملية إعدام جديدة يقوم بها التنظيم مدعومة بقصص تاريخية، أو فتاوى فقهية قديمة، دخلنا في متاهة نقاشات لا تنتهي، كلها تستل القصة أو الحدث أو الحكم استلالًا من سياقه، و تتعامل معه معاملة مادية ضحلة، لا تنظر إلى ما خلفه و لا إلى ما بعده، و لا تقيسه بمقياس الشريعة و مقاصدها، و لسان حالهم يقول "إنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"، ليصير فعل خليفة أو قائد مر قبل مئات السنين مقياسًا للتصرف الصحيح، و لتغدو فتوى فقيه مجتهد صدرت قبل قرون مرجعًا لا محيص عنه.

و بالمقابل يجد أعداء الإسلام فرصة للهجوم على الدين و نبيه و المسلمين عمومًا، و تراث الإسلام و فقهائه، و وصمه بشتى التهم المقززة المنفرة، وعده دينًا عنفيًا عفا عليه الزمن، لا يصلح للمدنية و لا للحضارة.

لا أريد لهذا المقال أن يدخل في مناقشة أفكار التنظيم و أصوله، و لا أريد البحث في خلفيات وجود التنظيم و من المستفيد منه سياسيًا و اقتصاديًا و اجتماعيًا و دينيًا، كل ما أريده هو التنبيه إلى أن داعش ستفني نفسها لا محالة.

لأن دين الإسلام بواقعيته و مرونته و قابليته للتعامل مع الحوادث و الأحداث، لا يمكن تصنيمه و تجميده ضمن قوالب تاريخية جاهزة، يسحبها من يشاء و كيفما يشاء من التاريخ ليصبها على الحاضر بطريقته دون منهج يقوم على أسس و مقاصد بيّنها الله في كتاب جعله هدى و نورًا للعالمين.

دين الإسلام بنصوصه و ثوابته الواضحة الموجودة في كتاب الله، أعطى إمكانية واسعة للتشريع في الفروع ضمن القواعد العامة الناظمة للحياة، و القابلة للاستنباط بما يوائم حياة الناس و مصالحهم، في نظام رباني رحيم حكيم.

دين الإسلام ليس دين فئة تدعيه لنفسها، و تسلبه من الآخرين اعتمادًا على مهاترات و مناقشات و تأويلات قُدّمت في فترات تاريخية و بظروف خاصة، بل هو دين الرحمة للعالمين، دين الواقعية الحاضرة، القادرة على التعامل مع مشاكل الحاضر برؤية الحاضر، اعتمادًا على نصوص واسعة محددة، تحرم الظلم و الاستبداد و الاستغلال و قتل النفس و الاعتداء، و تمنع الدخول في نوايا القلوب و تفكيرات العقول و محاسبة الناس بالظن و التأويل.

لذلك فإن داعش أسوأ تجلٍ للانتقال من رحابة التشريع الحكيم إلى ضيق التأويل الفاسد، و هي أفضل طريقة لتطبيق مشوه يمسخ صورة الدولة الحاكمة بالإسلام إلى عصابة للقتل و التدمير و الفساد في الأرض.

و هي أوضح مثال على ما ينتجه تفكير ضحل ونظرة قاصرة مدعمة بالسلاح و القوة، من كوارث يستغلها الخبثاء و المتسلطون و يدفع ثمنها الأبرياء و الضعفاء. 

و قبل كل هذا هي أفضل سبيل لتحقيق ما عجزت عنه المادية الفجة من قتل للفطرة الإنسانية، التي توصل الإنسان للدين القيّم، و تحميه من الارتداد إلى أسفل سافلين، لكنها رغم ذلك هي مجرد زوبعة ستنتهي، فعوامل فنائها موجودة في ثناياها، في تفكير أتباعها، و في تصرفات قاداتها.

قد تكون تسونامي مدمرة تحصد ما أمامها، لكنها ليست باقية، ستختفي كما اختفى مثيلاتها من مجرمي التاريخ و الإنسانية.

الرابط : https://www.noonpost.org/content/14124

قراءة 1597 مرات آخر تعديل على الإثنين, 26 آذار/مارس 2018 15:12

أضف تعليق


كود امني
تحديث