قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 15 آذار/مارس 2019 18:24

تطرف الغرب يصنع تطرف الشرق 2/2

كتبه  الدكتور محمد الأحمري من قطر الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

و كان المهاتما غاندي يقول إنه قضى وقتاً للبحث في سبب قدرة الإنجليز على التحكم في

الهند رغم قلة العدد و بعد المسافة و سفاهة بعض المحتلين، فخطر بباله يوماً أن كون الإنجليز  يأكلون اللحم هو سبب قوتهم، و كون الهنود نباتيين -خاصة الهندوس- هو سبب

استعمارهم للهند[13]. إن جيشاً من الألفاظ و المعاني و الانطباعات و الصور ترسل في البدء

قصداً، ثم تصبح عادة ثقافية توجه إليه بدون قصد إلى عقل المهزوم فتشل قواه، و توحي له

دائماً بضعف المقدار و عدم الأهلية و قصور الحجة، تفقده الثقة بالنفس و الثقة بالفكرة و

الموقف و اللغة، فضلاً عن القدرة على تغيير مكانه في سياق التاريخ، و حتى حين تنفتح له

الفرصة التاريخية للوجود أو التعبير عن النفس لا يحسنها، لأنه لم يتعود أن تكون له فكرة أو

موقف، فضلاً عن مكان في العالم فهو لا يراه، و يلجأ للشكوى و عيب الذات، فهو مأسور بقيوده

العقلية وبزبانية وعملاء الأقوياء، وبميراث الاستبداد المسلط عليه، لذا كان تحريره الفكري من

الغضب و من الغياب ضروريا للمشاركة الواعية و المغالبة و المجاذبة الإنسانية التي يجب عليه

أن يتعلمها لا من العنف و لا من الغضب، و لا من الكراهية، و يستوي عنده تصحيح الفكر مع

تصحيح اللغة و المصطلحات و الخطاب نحو نفسه و نحو الاخرين، فما يحيط بنا ليس شراً موجهاً

دائماً، و ليس جنة أرضية ندعى إليها بلا ثمن من الوعي و المعرفة و حسن السلوك، و مهما

صب عليك آخرون أذاهم فتعلم كيف تعرف نفسك أولاً و يعرفونك ثانياً في عالم تنزع أنت عنه

ثقافة التوتر؛ لأن ثقافة التوتر قد تكون غاية منافسك أو خصمك ليلغي الوعي عندك و يجعلك

تعيش عالم الغضب الدائم و الاندفاع الدائم و الكراهية و بالتالي العمى عن الغايات. إن حمولة

الفكر العائد بالانتقام منا اليوم و كل يوم -كما يفعله بعضهم- هو فكر التطرف و الانحياز

و الهجوم، و يبلغ حد التطهير العرقي المنظم في مناطق من عالمنا، و لكنهم لا يجيزون

تسميته باسمه إن فعلوه، و علينا -أيضاً- أن نقبل تسميتهم لنا بما شاءوا، و في هذا الحال،

و حين نكون صدى فإننا لا نكون مشاركين في هذا العالم بالوجود فكيف بحضور الحقيقة

و المعلومة أو الصراحة، و نغش أنفسنا و نغش خصومنا يوم نستسلم لخطاب مخادع و مستبد،

و نفتح بالصمت و الاستسلام للخطاب المُستتبِع طريقاً للتطرفات من الطرفين، و كل من

الطرفين أحوج للحقيقة من نظيره؛ ذلك لأن خطاب الإدانة الشاملة للضحايا، و خطاب العصمة

التامة للمعتدي لا يخلو أن يكون تغريراً بالجانبين. إنذار مبكر استبق كليم صديقي رحمه الله

ظاهرة التطرف اليميني الغربي الجديدة منذ زمن، و تحدث في أواخر الثمانينيات الميلادية

متسائلاً عن من سيكون ضحايا "المحرقة" أو الهولوكوست القادم في أوربا؟ و كان يشير إلى

أن التحفز الذي رآه يغلي ضد المسلمين في بريطانيا و ضد موقفهم إثر احتجاجهم على كاتب

رواية مثيرة للفتنة، أن الاحتجاج سوف يؤدي إلى احتمال مفارقة ثقافية، يُقصى المسلمون

اجتماعياً و يكونون ضحاياه المنبوذين في دار هجرتهم. و بعد موت كليم صديقي حدث

الهولوكوست ضد مسلمي البوسنة في بداية التسعينيات، و ظن بعضهم ذلك تصديقاً لنبوءته،

و لكنا نرى اليوم في عالم المسيحية ما يوحي بخطر قادم على المسلمين عموماً في

المجتمعات المسيحية، و هي مجتمعات تعودت التصفية و المطاردة للمختلف سواء كان مسلماً

أو يهودياً، و ما كانت مذابح الأندلس و إجلاء المسلمين عنها في الحركة التي سموها

"الاستعادة" إلا صورة مكررة للمذابح المسيحية لليهود في ألمانيا، مدفوعين بعقدة النقاء

العرقي و الديني، و هذا هاجس يتجدد اليوم، و يزيد التواصل الإعلامي العالمي الكاسح من

شيوعه و تنفيذه، فقد كانت جريمة بريفك سفاح النرويج الذي قتل 77 نرويجياً بحجة تسامحهم

مع المهاجرين، فكيف بموقفه من المهاجرين أنفسهم! و قد تبين أثناء محاكمته و قبلها تأثره

بأفكار اليمين الأمريكي، و صلته الشخصية ببعضهم، و أن التحريض وصله من هناك و عبر

مثقفي اليمين الذين كانوا يحيطون بجورج بوش الابن، و هؤلاء أسوأ تأثيراً في أيامنا، و من

المؤكد أنه لا ينالهم على التحريض حتى عتاب فضلاً عن معاقبة. و توحي الحملات العنصرية

التي بلغت أن تكون خطاباً سياسياً عالياً و أحياناً غالباً في المجتمعات الغربية، و تفسر

الفقر و الفشل الاقتصادي في بعض المجتمعات الغربية أحياناً بحجة المهاجرين و بخاصة

المسلمين، و تصدر أكثر الدول متاجرة بشعار الحريات و العالم الحر قرارات دينية و عنصرية

متطرفة ضد جنسيات مسلمة، و لا ترى عيباً في ذلك، و يحسب -هنا- للأحرار و العقلاء وقفتهم

ضد التبجح الذي يلغي عقلانية و علمانية و حرية مجتمعاتهم، و يودي بحقوق الإنسان المسلم.

إن تماسك العنصري العرقي بالديني عندهم أمر واضح، و لا معنى للمواقف الساذجة التي

يزعمها بعضهم أن هتلر خارج عن المسيحية، فمنبع ذلك أعمق، و الأفكار العنصرية وجدت في

الدين بداية طورها المتطرفون القوميون، ثم ماذا عن بريطانيا التي أخرجت اليهود من أرضها

عام 1290م، و بقوا خارجها محرومين من دخولها لأكثر من ثلاثة قرون و نصف حتى سمح لهم

كرومويل بالعودة، و ماذا لو كان اليهود مجرد مسيحيين في أوروبا؟ و ماذا لو كانت العنصرية

اليمينية مارين لوبين ملحدة فتطرفها ضد الإسلام و المسلمين هو نفسه؟ إنه لا يغير من كونها

حروباً تستغل الأعراق و الأديان حين لا تكون في الحقيقة كذلك. إن فشل الأفكار الحديثة،

الإنسانية و المادية، جعل الثقافة الغربية العامة تتجه لتعيد مرة أخرى تجذرها في المسيحية،

و رؤية العالم بعين دينية ترى الخير في المسيحية الغربية و الشر في الآخر، مع بقاء العرقية

رافداً آخر، و لأثر الإحياء الديني دور أساس في التحولات الفكرية، عند الأذكياء من المراقبين،

و يعترف هنتنغتون أحد أهم علماء السياسة الأمريكيين بقوله: "يميز التدين أمريكا عن معظم

المجتمعات الغربية الأخرى، و الأمريكيون أيضاً مسيحيون بأغلبيتهم الساحقة، مما يميزهم عن

الشعوب غير الغربية، و هذا التدين يقود الأمريكيين إلى رؤية العالم بلغة الخير و الشر إلى

مدى أبعد مما يفعل الآخرون"[14]. ثم يقول: "لقد سار الدين و القومية يداً بيد في تاريخ

الغرب". و ينقل هو عن مؤرخ آخر: "شكّل الدين كل إثنية تماماً كما شكلتها اللغة.. و في أوروبا

صاغت المسيحية التشكيلة القومية". و يتابع: "و قد كانت العلاقة بين الدين و القومية حيوية

و جيدة في نهاية القرن العشرين، وجد استطلاع أجري في (41) بلداً أنه في تلك المجتمعات

التي يعطي الناس فيها نسبة عالية لأهمية الله في حياتهم هي أيضاً تلك المجتمعات التي

تفخر شعوبها جدّاً ببلادها، و في البلدان [نفسها] الأفراد الذين يميلون إلى التدين أيضاً يكونون

أكثر قومية، فقد كشف استطلاع أجري عام 1983 أنه في كل بلد شارك في الاستطلاع، تبين

أن أولئك الذين قالوا إنهم ليسوا متدينين هم الأقل احتمالاً للفخر ببلادهم"[15]. و هنا نرى

الوطنية المتطرفة المعادية للمهاجرين ترتبط بالدين و المتاجرة به سياسياً و عرقياً. إنه يجوز لنا

في مجلة أو كتاب وفق الرؤية المسيحية الغربية أو الشرقية الروسية أن نسب و نبحث و

نعاتب و نكفر و نقصي أي تصرف إسلامي يضر بهم، و لكن لا يجوز لنا و لا يليق و قد لا يحق

لمثقف و كاتب من خارج السياق المسيحي و دوائر نفوذه نقد حقيقتهم، أو نقد دوافعهم

و تصرفاتهم، يرحبون بك شامتاً لتطرف إسلامي، حسناً، و لكن ماذا عن تطرف معلن و موقف

ديني مشهور، و ادعاء رئيس مسيحي أن الله أوحى إليه أن يغزو العراق (بوش)، و كذا بلير كان

صريحاً في شرح دوافعه الدينية في الحرب على العراق، و أخيراً ترامب يوم منع سكان سبع

دول إسلامية من دخول أمريكا. لا يجرؤ كثير من الناس عندنا بهذه الحقائق لأن هناك فكرة

مسبقة مصدرة لنا عن أسس التفكير الغربي مخادعة و غير إنسانية، يوم تجعلهم كلهم في

سياق لا ديني، أو حين تجلعهم كلهم في سياق ديني فقط، ثم لأن المغلوب لم يتعود أن يقول

خطابه هو، والغالب قد لا يسمح للمغلوب بالتنفس و التعبير عن رأيه، و دائماً كانت الحرية في

المستعمرات أضيق جداً من مجاله في بلاد المحتلين؛ ذلك لأن الشعوب المستعمرة حين تهاجر

أو تعمل في بلد المستعمر فإنه ينالها -قديماً على الأقل و بحكم تمتع المجتمع بالحرية- شيء

من حرية و كرامة المستعمِر في بلده، و لكن في أراضها التابعة و المهزومة هي مدانة

و ملحقة، و تحل على رقاب أهلها كل صنوف الإدانة و الاستتباع و التهديد و الحرمان من أي

نفَس حر، و أحياناً يخاف أن ينتقد مستعمراً أو مستبداً فسرعان ما يتهم بتأييد الإرهاب أو

ثقافته، و لعل هذا ما يجعل المثقفين في دوائر التغلب الغربي و المستعمرات عالة في نقد

الغرب على جهود نقاد الغرب في داخله، إضافة لفارق توفر المعلومات و أجواء الثقة بالنفس

و القوانين الحامية لسكان البلاد الغالبة في أرضهم. قديماً، كان أعلام الإصلاح و التحرير من

المسلمين و الهندوس لهم الحق أن يعيشوا بحرية في بلاد المحتل، و لكن ليس لهم حق

الاحتجاج و لا القول و لا النشر و لا التجمع في بلادهم المستعمرة؛ لأن هذا تهييج للمقهورين

ضد قاهرهم، و لم يتغير القانون إلى اليوم، بل أصبحت الحالة أسوأ، فلما تقارب الناس

و تحسنت وسائل الاتصال زاد حرمان المقهورين من التعبير، بمقدار ما زادت غلبة و صدى صوت

الغازين القاهرين. لكنهم اليوم بصعود من يرون أن بلادهم مقتحمة بمهاجرين فقراء و مرضى

و مقهورين و هاربين من الموت، و من سلاحهم و من غزوهم و من جورهم و من عملائهم، فإن

الهروب من الموت و الاستسلام للعمل في مصانعهم يصبح جريمة، فيقوم متطرفوهم بدفع

اللاجئين المهاجرين للخارج. و تقوم عندهم أحزاب و حملات و برامج لمطاردة الهاربين الخائفين

المقهورين الجوعى، و هذا نفسه الذي يطرد من لجأ إليه و هرب من سلاح القاتل و قتله و

جوره إليه، فهرب من نار عدوه و قاتله إلى أمن في دار القاتل، فيلجأ منه إليه، بعد أن استباح

وطنه و أباد جيشه و دمر بلاده! فماذا يصنع؟ إنه يلجأ هارباً من نار عدو لجنة متخيلة قد يلقاه

فيها أسوأ، فالعراق و أفغانستان و سوريا يهرب سكانها من نار عدوهم لجنة عدوهم المتخيلة

ليكون في النهاية متهماً خائفاً مطارداً أو محجوزاً في المطارات، و مع هذا فإن لجوءه إلى بلاد

من يقاتل بلاده أرحم له من بلاد يصب عليها الجحيم ليل نهار، و سيجد كساء و طعاما كان قد

حرمه الغازي منه؛ لأنه في بلده ليس إنساناً، و يوم لجأ يصبح جديرا ببعض العطف الإنساني.

و إلا ما هو منطق محافظ جديد دمر العراق و أفغانستان، لمدة سبعة عشر عاماً، و دمر مصادر

الرزق و العمل، و صنع الفتن و نصّب العملاء، فلما هرب المقهور من قهره لأرضه سد عليه

الطرق، و قال عليك أن تبقى تحت ناري و حرماني و نهبي و إهانة وكلائي. هذا بعض من

منطق اللجوء و الهجرة الذي يحاول كثيرون التغطية عليه، و ما انتقام أحزاب اليمين من

المهاجرين و اللاجئين إلا انتقام من جهتين: من اللاجئ من جهة، و من جرائم حكوماتهم في

الخارج من جهة أخرى، و كي لا تتحمل الشعوب و حكوماتها أي عبء أو مسؤولية تجاه الهاربين

من نيرانهم. إن المسيحي الغربي لا يوقف ناره المصبوبة على المسيحي في بلادنا، بل يتفرج

و يمدد له المدة، أو يميزه بحق الهجرة و اللجوء، بل و من الأحزاب المتطرفة المسيحية و

العرقية الغربية من لا يرى مشكلة في إبادة مسيحيي الشرق، و كأن الحروب الصليبية تجدد

بعض وجوهها، فهل يصح أن نتهم قوماً بحرصهم على استمرار برنامج الإبادة في سوريا مثلاً

لتقليل السكان، كما هي الحكمة المالتوسية و لتقهر من بقي و تفقره، فلا الطائرات القاتلة

توقف، و لا طائرات البراميل توقف و لا السياسة تعمل، و لا نظريات حقوق الإنسان، بحسبهم،

قابلة للنقل إلى عالمنا. تلك حقيقة موجعة لمن تعود أن يبيد و يبقى بعيداً عن آثار الإبادة،

و يقتل و لا يحاكمه أحد، و ينهب و لا يلحق منهوباته لينال منها إزاراً أو رداء من مصنوعات خامات

بلده، و لا من ثمار تجارة غبن لعالمه، و يوم هاجر أو هرب من بأس الغزو أصبح مجرماً و قامت

عصابات و أحزاب تسر موقف الاستئصال أحياناً، و تهدد بالتهجير و تنفذه أحياناً، لكنها تستميت

في حرية تجارتها و اقتصادها في العالم الإسلامي. لقد فقد اليمين المسيحي لغة السياسة

و دهاء خطاب المستعمرين، و أصبحت السياسة العليا شعبية معلنة، إنه زمن الحمقى -كما

يراه إمبرتو إيكو- و الأحمق وصف للصريح أحياناً، ذلك الذي لا يختبئ وراء لغة حذق و لا نفاق.

إن موقف القوم يعلنه سفهاؤهم كما هو المثل المعروف. و ما عقدتهم الكبرى إلا استمراء الغزو

الدائم و القهر المتواصل للآخرين، مع ادّعاء مبررات و عصمة لكل جريمة يفعلونها، و مع سوء

عمله و مقصده تستمر جريمة تأييده و ثقته بالمنافقين و الأتباع و السماسرة، و كل هؤلاء

يطيلون زمن خديعته، و يرون بقاء المظالم عند الآخرين، و تعطيل القوانين الإنسانية من بلاد

المقهورين و تفعيلها فقط في بلاد الغالبين، فلو حرض أحد من عامة المقهورين المسلمين

تحريض قادتهم و حكامهم لنال عقوبة في المستعمرات جائرة، و لما وصل لأي مكان سياسي

و لا إعلامي و لا اجتماعي، و لكن من يحرض و يهيج و يستفز منهم و يقرر طرد الضعفاء، حتى

من تحصل على هجرة قانونية يصل إلى القمة السياسية الشعبوية في عالمهم الجائر، و قد

يُحرم المستضعف حتى من حق الحياة و لو بلا جريمة، و يوم يُقتل مسلمٌ عدواناً صريحاً فقد لا

يعوض أهله، و أحياناً تكون الدية سخرية و إهانة، فإن دية البريء أحياناً أقل من ثمن خروف في

أفغانستان، أي مائة دولار فقط[16]، و أقل من سنت عند حليفهم الصهيوني[17]. و إن كانت

هناك حوادث قليلة دفعوا أكثر. إن الحرب المستمرة علينا أحياناً ضرورية للقهر و لتطوير

الأسلحة و لتجربتها، و لبقاء المصانع و دورة رأس المال و التنافس عندهم، و استتباع الأتباع

في كل مكان، و مع هذا فإن العالم الإسلامي ما زال مصراً على سلوك و خطاب السلم و

الأمن، و ما الهجرة إلا دليل خوف و استسلام و خروج من مسؤولية لم يعد قادراً على مواجهتها

فيستسلم لموت في البحار أو للغربة، و سؤاله هل سيسمح له. إن من يقرأ كتابات

تشومسكي و كتاب جيرمي سكاهيل الثري بالمعلومات حروب قذرة[18]، يعلم أن الكتابة حلال

لعالم الغلبة و حرام على العالم المهزوم، بل أحياناً يجرمون من يعبر عن رأيه. و إن إطباق

العالم المسيحي على حرمان المسلمين من التعبير يحول دون كشف هذه المآسي المتبادلة

و يقلل فرص السعي إلى حلها. و الأمل في يوم يهدأ عالم الإسلام و عالم المسيحية من إثارة

الفتن. و حين يسود الصمت على الغبن و المظالم فهذه خيانة للطرفين و أذى على الجانبين.

و لا نضر أنفسنا و شعوبنا بالصمت عن الحقيقة، و القبول بإغواء مجتمعنا عن الصواب فقط، بل

إننا نشارك في تضليل العالم المسيحي و إغفاله عن مصائبه التي يعلقها برقاب شعوبنا

و مهاجرينا، و نسهل بالصمت على التطرفات بقاء إن لم يكن صعود لغة الانتقام المتبادل، و

الكل أحوج للوعي و لفهم الموقف و سماع صوت العدل و الحق، و أن يقام له منبر، و لأواصر

الحق و العدل أن تسود، و ليتراجع ضجيج البهتان المضلل في العالم. ------------

[1]فريدريك نيتشه.

ما وراء الخير و الشر: تباشير فلسفة للمستقبل. ت. جيزلا فالور حجار. بيروت: دار الفارابي، 2003. ص118.

[2]فرانتز فانون، معذبو الأرض، دار القلم، بيروت، ، د. ت. ترجمة الدروبي و الأتاسي، ص 152.

[3]بريان ديميرت، المعادي لأمريكا، 427-455، من كتاب: أدب الحرب الباردة: كتابة الصراع

الكوني، تحرير أندرو هاموند، ترجمة طلعت الشايب، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2015،

ص 442.

[4]مونيكا علي. شارع بريك لين. ت: عبده عبد العزيز أحمد عبد الفتاح. الكويت: المجلس

الوطني للثقافة و الفنون و الآداب/ إبداعات عالمية. يونيو، 2009. 1/30.

[5]عادة تستخدم كلمة لوكل، و يترجمها بعضهم بالأهالي، و المقصود سكان الأرض الأصليين،

و ينظر إليهم بدونية، من قبل المكتشف قديماً و المستثمر حديثاً، أو الموظف الغربي الفقير

الباحث عن العيش، و لكنه أصبح ابن الغالب و ابن الفاتح المستكشف لهذا الإنسان و ثروته

و أرضه فما زال يرى صاحب الأرض محلياً من المهم مراعاة حاله ليرتقي لحال الغازي. في

جامعة في بلد عربي قال مدرس جامعي إنجليزي في اجتماع قسم دراسي: "علينا أن ندرس

باللغة الإنجليزية المحليين ليجدوا فرص عمل". و لاحظ أن فرص العمل التي يتحدث عنها هي

فرص العمل في بلادهم و بثروتهم.

[6]بريان، السابق، ص. 424

[7]مقدمة سارتر لكتاب فانون: معذبو الأرض، ص 15.

[8]قدري قلعجي، جيل الفداء، قصة الثورة الكبرى و نهضة العرب، دار الكاتب العربي، بيروت، د.

ت. ص 383.

[9]نعوم تشومسكي، صناعة المستقبل، ترجمة محمد شومان، شركة المطبوعات للتوزيع،

بيروت، 2016، ص234.

[10]معنى كلمة قرهملي بالتركية يشير إلى هذا الأصل المشترك بين الترك و السكان

المحليين لكنه حدث منذ قرون.

[11]في لقاء لها مع برنامج "60 دقيقة"، بتاريخ 12 مايو/ آيار1996.

[12]كان من الغريب أن تحتفل أمريكا و تنشر كتاباً و فيلماً عن قناص أمريكي احترف قنص العراقيين، و زعم أنه قتل 280 عراقياً، و أخرج كتاباً يتبجح بجرائمه و ينساق شعب للإعجاب به،

حتى دار عليه من أمثاله من قنصه، راجع القصة كاملة في:كريس كايل (Chris Kyle,

American Sniper: The Autobiography of the Most Lethal Sniper in U.S. Military

History, William Morrow and Company, an imprint ofHarperCollins) كتب الكتاب عام 2012، و خرج فيلم عام 2014، رشّح لجائزة الأوسكار و فاز بجوائز عدة.

[13]غاندي، السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة. ت. محمد إبراهيم السيد. القاهرة:

كلمات عربية. ط2، 2011. ص54.

[14]صموئيل ب. هنتنغتون، من نحن: التحديات التي تواجه الهوية الامريكيةت. حسام الدين

خضور.دمشق: دار الرأي للنشر، 2005. ص366.

[15]المصدر السابق، 365-366. [16]انظر هذا التقريرhttps://theintercept...ns-

afghanistan/ [17]إشارة لحادثتين شهيرتين: فقد دفعت أمريكا تعويضاً في إحدى المرات

لقتلى أبرياء أفغان ألف دولار عن الفرد و أقل أحياناً و غالباً لا تدفع تعويضاً للقتلى الأبرياء

المدنيين، لكنها أجبرت على دفع التعويضات رمزية بسبب ما تدفعه طالبان للضحايا الأبرياء، و

لما طالب أحد الأفغان بالتعويض للمتضررين فقد طرد من عمله في التدريس، و هناك حالات

شهدت ضجة إعلامية فاضطرت الحكومة الأمريكية لإعلان تعويض لبعضهم بلغ ستة آلاف دولار

للمتوفين و ثلاثة آلاف للجرحى، و هذا خروج عن المعتاد، و هو عدم التعويض للأبرياء أو مبالغ

أدنى بكثير. و في المقال التالي المنشور من قبل رويترز 20 مارس 2017م عرض موجز لطرف

من قصة التعويضات في أفغانستانhttp://www.reuters.c...s-idUSKBN16R0A5 و كذا

حكمت محكمة صهيونية على جنود صهاينة قتلوا فلسطينيين لمجرد متعة القتل بما يقارب سنتات (أجزاء من الشيكل، عملة اليهود)، دية قتل متعمد لبريء، و كان الحكم مثيراً للسخرية

من أحكام المحتلين و عنصريتهم و استخفافهم بغيرهم، حتى إن شيمون بيريز يرى ذلك

مؤسفاً! انظر كتابه:الرحلة الخيالية مع تيودور هرتزل إلى إسرائيل، الأهلية للنشر و التوزيع،

عمان، 2000 بينما عوضت السلطة الفلسطينية عائلة قتيل صهيوني بمليوني دولار خارج

المحكمة، بعد حكم له بـ:مائة و اثنين و تسعين مليون دولار و ثلاثمائة ألف دولار. عن: المركز

الإعلامي الفلسطيني 19 فبراير 2010.

[18]جيرمي سكاهيل، حروب قذرة، ميدان المعركة: العالم، ترجمة سعيد الحسنية، شركة

المطبوعات للتوزيع، بيروت، 2016.

رابط المادةhttp://iswy.co/e265nt

قراءة 1159 مرات آخر تعديل على الخميس, 21 آذار/مارس 2019 08:21

أضف تعليق


كود امني
تحديث