(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 02 كانون2/يناير 2020 17:16

سلميتنا أروع وسام ..

كتبه  الأستاذة صباح غموشي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بسم الله الرحمن الرحيم

أخواتي في موقع نظرات مشرقة سلام الله عليكم . أكرر اعتذاري أتعبتكم معي .. لعل الأيام تسعفنا بمتسع من الوقت نتفرغ فيها لرسالة القلم .

سلسلة " حكايا الانتظار "

في قاعات الانتظار قد تختم قراءة رواية كاملة .. ثمّ تستمع لحكايات من حولك فتلهمك بكتابة ألف رواية ..

كانت الجمعة الثالثة بعد انتخابات مررت خلاف الإرادة الشعبية، و قلبت موازين المفاهيم الديمقراطية و غلّبت رأي الأقلية في حكم الأغلبية الرافضة لها و التي عبرت عن رأيها الرافض بقوة في مسيرات سلمية دامت أشهرا و عبرت بعزوف غالبية الشعب عن الاقتراع الذي أسفر عن رئيس اختاره أربعة ملايين شخص ليحكم أربعين مليون جزائري عبر عشرون مليون منهم عن رفضهم المطلق للعملية برمتها في ظل تلك الظروف ..

و كانت الجمعة الأولى بعد وفاة قائد الأركان – رحمه الله – و الذي رافق الحراك في جمعاته الأولى و تناغم مع بعض مطالبه التي حققها الحراك بضغطه الشعبي الكبير، ثم دار بينه و بين الحراك سجالا طويلا دام أشهرا ليقف عند وقاته لحظة صمت إجلالا لمصيبة الموت التي يقف عندها المسلم عامة و الجزائري خاصة وقفة عبرة وترحم بعيدا عن أي شماتة أو ذكر مساوئ، و كذلك كانت روح الحراك يومها لم يذكر فيها شيء من ذلك أبدا و واصل شعاراته بعيدا عن الرجل الذي أفضى إلى ربه و لم يعد له في الدنيا و من الدنيا شيء.

و كنا نجوب الشارع الرئيسي في المدينة التي صمدت على غرار المدن التي صمدت في حراكها على مر الشهور حرا و قرا و وفرة و قلة و في كل الظروف و برغم كل التحديات و التضحيات، و حافظت على نفس نسق سلميتها مند أول يوم و في كل يوم و إلى آخر يوم .. و كنا في بدابة المسيرة في انتظار التحاق بقية الركب، و لم تكن النساء قد التحقن بعد لبعد المساجد التي يصلين بها و تأخر النقل الذي يصلن من خلاله، و كنت قد وصلت سريعا بسيارتي بعد صلاتي الجمعة في أحد المساجد البعيدة .. فكنت أسير في مؤخرة المسيرة لوحدي و تأخذني الخواطر و الهواجس و الآمال مأخذها و يمر بخلدي شريط أحداث جسام حبلت بها أشهر الحراك من بدايته إلى الآن .. و كيف كان محطاته و مواقفه و مطالبه و إنجازاته و إخفاقاته و انقساماته و سيوله الجارفة لمنابع الفساد التي أهلكت البلاد و العباد .. ثم تأخر زوجي عن رفاقه لما رآني وحدي و سار معي قليلا حتى التحقت النساء فأكملت المسير معهن ..

و في تلك اللحظات لم أشتغل كثيرا بالتصوير كعادتي و شغلتني الأفكار و الخواطر و الناس المتفرجون على قارعة الطريق و في ملامحهم ألف قصة و قصة عن ثبات الثابتين و تضليل المضللين و استغفال آلة التضليل الإعلامي للمغفلين – و هم قلة – و مؤامرات المتربصين و حقد الحاقدين .. و سمعنا أصواتا خافتة لا تكاد تسمع نفسها تهتف حينا و تشتم حينا و تسب حينا و تستفز صبر السائرين بكل طريقة في كل حين، أصوات صمتت لأشهر كأنها دخلت لجحور ترقب المشهد من ثقبها الضيق لترى لمن تكون الغلبة في الأخير فتصفق له و تهتف معه و ترفع حناجرها بمسايرته .. و لأن آلة الأعلام المضلل تفعل فعلها بمن غيب عقله عن التحليل المنطقي و اتبع هوى الكبار فقد بدى لها المشهد على غير حقيقته فأخرجت أعناقها على خجل خوفا و ترددا و قناعة بصدق المشهد لم تسكن دواخلها بحق و لم تستقر بعقلها بعمق ..

كان الاستفزاز للسائرين كبير و لو قورن بما تحمله النفوس في تلك المرحلة من إحباط أو لنقل قلة النصير و كثرة التضليل لكان المشهد الأقرب إلى تنفيس تلك المشاعر الغاضبة بردود فعل لا تحمد عقباها خاصة و الكل يعلم أن دم الجزائري حار و ليس ببارد و لا يرضى الشتم والسخرية بأي حال .. لكن حال هؤلاء الأحرار مختلف .. كأن شيئا قد روض بداخلهم فأكسبهم خلق كظم الغيط بشكل رائع .. أو أن شيئا ثمينا يقدسونه و يخشون أن يخدش فيتحملون كل السباب و الشتم و الاستفزاز في سبيل الحفاظ عليه معافى من كل خدش .. تلك هي السلمية التي رفعها الأحرار في حراكهم المبارك من أول يوم و في كل يوم و إلى آخر يوم .. سلمية أعطوا بها دروسا للعالم كيف يكون النضال السلمي و كيف تكون الأنفاس طويلة و الصبر جميل لتحقيقه و الحفاظ على مكاسبه، و استحقوا بذلك ترشيحهم لنيل جائزة نوبل للسلام لسلميتهم الرائعة طوال أشهر الحراك.. سلمية أظهروا فيها رقي الشعب في المطالبة بحقوقه و وعيه في الحفاظ على و ظنه الذي يحبه و يدافع عنه و يأبى أن تلطخ شوارعه بقطرة دم واحدة بل لا تكسر فيها زجاجة واحدة .. تلك السلمية التي تربى عليها جيل الحراك و عض عليها بالنواجذ رغم المستفزات المهلكات، و غدت شعاره و روحه و مكسبه الذي لا يفرط فيه بأي ثمن .. سلمية حقنت دماءه فكانت له أروع وسام.

 

*تتحمل السيدة عفاف عنيبة المشرفة العامة مسؤولية نشر هذه المقالة القيمة للأستاذة الكريمة السيدة صباح غموشي

قراءة 1068 مرات آخر تعديل على الخميس, 09 كانون2/يناير 2020 05:02