قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 27 نيسان/أبريل 2021 05:18

حول الثورة و العنف و إسقاط الاستبداد

كتبه  الدكتور جاسر العودة
قيم الموضوع
(0 أصوات)
مرت خمس سنوات مريرة منذ بدايات (الربيع العربي) في مثل هذه الأيام من عام ٢٠١١م، المرارة فيها كانت في كشف الأقنعة عن الواقع الحقيقي و ميزان اتخاذ القرار الحقيقي في كثير من الحكومات و الجيوش و المؤسسات و الهيئات و الأحزاب و الأشخاص عربياً و عالمياً، و مرارة أخرى كانت في إعادة رسم خارطة المنطقة كلها جهاراً نهاراً على أعين شعوب مغيبة العقل مريضة البدن باهتة التدين ضائعة القيم – إلا من رحم الله، و قد تدهورت أحوال العالم العربي عموماً و بسرعة إلى أن وصلنا إلى قاع الأمم في كل إحصاء لمعايير التعليم و التنمية و الحقوق و الأمن و البيئة، و ما زال هناك من يزين للناس أنهم يحسنون صنعاً.
و لكن المرارة الأكبر في تلك السنوات العجاف كانت في حصد الصراع مع نظم الاستبداد بصوره و أبعاده المختلفة لأفضل و أغلى ما نملك من ثروتنا البشرية من الشباب و الفتيات و الرجال و النساء في مختلف أرجاء العالم العربي، إن لم يكن قتلاًِ أو جرحاً أو سجناً أو تعذيباً أو تشريداً فبالإحباط و الحيرة و الانكفاء على الذات و التخلي لا عن الثورة فقط بل و عن الدين و الخلق والمبادئ جميعاً. هذه هي الخسارة الاستراتيجية الحقيقية جداً و المريرة جداً.
 و نكرر تكراراً – و ليس من باب التلاوم و إنما من باب النصيحة و الله تعالى أعلم – أن عدم سماع الكثير من القوى الثورية خاصة من الحركات الإسلامية لنصح الناصحين و غياب الرؤية الاستراتيجية الواقعية المدروسة لهم و للثورة بروافدها المختلفة، كانت مصيبة كبيرة و تراجعاً تاريخياً في كل محاولات و أفكار و مؤسسات الإصلاح و التدين و الأخلاق و العدالة، ليس في العالم العربي وحده بل في الدنيا بقاراتها الست و دون مبالغة. و لذلك فلابد إذن من إصغاء السمع و إعمال العقل و توسيع الصدر و التواضع قليلاً مع النصائح و النظرات الاستراتيجية التي يضعها المخلصون على طاولة الحوار المفتوح و البحث المتجرد.
و إذا كنا نتحدث عن ثورة، فأول سؤال يسأله أهل الاستراتيجيات هو: ما هو الهدف؟ لا يمكن و لا يجوز أن يحدث حراك شعبي خاصة مع الثمن الباهظ الحالي من أرواح الناس و أعراضهم و حرياتهم دون تحديد الهدف المنشود و بوضوح. و الهدف يا أيها العقلاء لا يصح أن يكون إسقاط فلان و لا رحيل علان! لا بد أن نكون قد تعلمنا خلال السنوات الماضية على الأقل أن أصحاب الكراسي مهما كانوا هم مجرد ممثلون أو ناطقون رسميون باسم جماعات مصالح أكبر منهم يحمونها و تحميهم و يعبرون عنها و يخدمون غاياتها. لا يصح أن نسمح مرة أخرى – بعد أن حدث ذلك عدة مرات و في عدة دول – أن تُستغل التظاهرات الشعبية و الخسائر البشرية في الشوارع و الميادين من أجل انقلابات تحسم صراعات داخلية مؤقتة بين أصحاب القوة الحقيقية على الأرض، و دون أي تغيير حقيقي في (النظام).
 
و السؤال هو:
ما هذا (النظام) الذي تستهدف الثورة إسقاطه إذن؟
و الإجابة:
هؤلاء هم المجموعات في كل الدول العربية التي تحتكر الثروة الاقتصادية و أبواق الإعلام و وسائل العنف سواء سمّوها رسمية أم غير رسمية، و سواء كانوا من جماعات المصالح السياسية أم النخب العسكرية و الأمنية أم أصحاب الأعمال الكبار أم القبائل الحاكمة التي تحتكر الثروات باسم الإمارة و الملك، أم من يشرعن لهؤلاء جميعاً من أصحاب السلطة الناعمة سواء ممن يدعون الحديث باسم الدين – إسلاماً كان أم مسيحية – أم أصحاب القلم أم أرباب الفن. و قد لحقت مؤخراً بأصحاب السلطة الناعمة و الخشنة بعض الجماعات المشبوهة التي تسمي نفسها إسلامية و هي مجرد غطاء لعمليات كبيرة لأجهزة التخابر الإقليمية و الدولية و صناع الإسلاموفوبيا و مصانع السلاح و آلات القمع في الدول (المتقدمة) و تجار المخدرات في هذا العالم. هذا هو – للأسف – واقع موازين القوى على الأرض.
 
و قد انتشرت مؤخراً فكرة تبني العنف كوسيلة ثورية لتغيير الاستبداد من قبل بعض الشباب المحبط من الواقع الحقوقي و السياسي و الإعلامي المؤسف حقاً، خاصة مع لا إنسانية القمع في التعامل معهم و مع كل من يفتح فمه بكلمة ضد نظم (الاستبداد)، و خاصة مع إهدار أغلب الحكومات العربية لدماء و أعراض و حريات المعارضين و كل من يقترب منهم و عدم اكتراث دول العالم بذلك ما دامت مصالحهم مضمونة! و للأسف نصحَتْ بعض القيادات الفكرية و الدينية بهذا العنف في محاولة للتعامل مع الواقع الحالي بمرارته، مما كان خطأ فادحاً لم يؤدي في ما نرى إلا لنتائج كارثية، خاصة مع الأجندات الخارجية المعلنة بصراحة لسيناريوهات (الفوضى الخلاقة)، و التي ترغب في مزيد من التدمير للمنطقة العربية و دولها المحورية و جيوشها الكبيرة.
و قد سألني عن العنف عدد من الشباب من دول مختلفة – خاصة من مصر – فأجبت بتقديري لهذا الأمر و هو أن تبني العنف كسياسة ثورية بناء على واقعنا الحالي الذي نعيشه و نفهمه لن يحل المشكلات بل سيزيدها، و لن يقضي على الاستبداد بل سيدعمه، و لن يواجه قوى التدخل الأجنبي بل سيزيد من احتمالات الاحتلال الأجنبي الصريح. لابد من الحساب الدقيق للمآلات و النتائج لهذا العمل و هي في تقديري مدمرة جداً و غير مجدية. بل إنني أظن أن إعلان بعض المستبدين خوفهم من ثورة جديدة هو مجرد فخ ماكر و محسوب للقضاء على البقية الباقية من الحراك الشعبي و الإرادة الثورية، حيث أنهم يدركون جيداً قوة و نجاح آلتهم القمعية في مقابل دعوات بعض الهواة لممارسة العنف باسم الثورة.
 
ما هو الهدف إذن؟ و كيف نحققه؟
الهدف لابد أن يكون تغييراً جذرياً في (النظام)، و هذا يعني التغيير ليس فقط في الأشخاص بل يتعدى الأشخاص إلى النخب التي يمثلها الأشخاص، بل يتعدى النخب إلى نظم الحكم التي يمسك زمامها النخب، بل يتعدى نظم الحكم إلى النعرات الوطنية الموهومة التي حكمت داخل أسوارها المؤصدة تلك النظم دون تاريخ و لا منطق، بل يتعدى التغيير تلك النعرات الوطنية الضيقة إلى الأفكار و الإيديولوجيات التي قامت عليها تلك النعرات، و التي تعود كلها لثقافة الاستبداد السائدة في مناحي الحياة و على كل المستويات. الاستبداد هو (النظام) و هو العدو الأول للثورة، و الهدف الاستراتيجي من الثورة لابد أن يكون سقوط الاستبداد – لا في صورة أشخاص و لا نخب و لا هويات وطنية مزعومة فقط بل كفكرة و ثقافة و ممارسة و شرعية و(نظام) له أبعاد سياسية و اقتصادية و كهنوتية!
 
و لكن حتى لو وجدت الثورة أنصاراً في هذه الظروف الصعبة فلابد أن نكون واقعيين. لا يمكن أن نتصور أن النظم الاستبدادية (الوطنية) الحالية يمكن أن تتحول بين عشية و ضحاها بتلك الثورات الشعبية المحدودة إلى نظم ديمقراطية داخل نفس الحدود (الوطنية)، و تنتخب فجأة حكومات تمثل الشعوب فعلاً و تتداول السلطة بين أحزاب سياسية تمثل فلسفات اقتصادية و اجتماعية مختلفة على طريقة الديمقراطيات الغربية. هذا كلام أثبتت الأحداث القريبة عدم واقعيته، و ذلك في نظري لسببين: أولهما أن هناك إشكالية أساسية في تقسيم تلك الدول الوطنية العربية و في نظمها كدول أصلاً، و ثانيهما أن الاستبداد كنظام سياسي يتجاوز قضية عدم تداول السلطة ديمقراطياً إلى أنواع أخرى من الاستبداد تحتاج إلى أن تمتد إليها الثورة لتغييرها، بل تبدأ بها أولاً و قبل أي تفكير في تغيير سياسي في أعلى هرم السلطة في دولة وطنية معينة.
 
أما بالنسبة للدول الوطنية، فلا ينبغي أن تكون شعارات الثورة (وطنية) أي تقتصر على الثورة في دولة بعينها، و إنما (إنسانية) و(قيمية) تمتد وراء الانتماء الوطني الضيق. هذا هو الأساس الصحيح للثورة و هذا هو الذي سيحميها في نهاية المطاف. هذه الدول (الوطنية) هي كيانات سياسية دولية من مخلفات مرحلة (الاستعمار) و ما زالت مربوطة به ربطاً بكل أنواع القيود الاقتصادية و السياسية و التقنية و العسكرية، بل إن تقسيم و قيام هذه الكيانات (الوطنية) الحديثة لم يكن على أنها دول بالمعنى المعاصر – أي أدوات لتحقيق الصالح العام، و إنما على أنها بالأساس أدوات لإدارة الشعوب العربية في غياب الاحتلال العسكري، بناء على توازنات قوى داخلية و خارجية في مرحلة (ما بعد الاستعمار)، و لهذا فقد زرع و حرس الاستبداد فيها (الاستعمار) نفسه في صوره الجديدة.
 
هذه ليست دولاً حديثة بالمعنى المعاصر الذي يقتضي دستوراً يمثل هوية الدولة و لو كان فيه بعض التأويل، و سيادة قانون عادل يطبق على الجميع و لو كان فيه بعض التجاوزات، و حكومات تعمل من أجل الصالح العام و لو كان فيها بعض الفساد، و مؤسسات مدنية تراقب السلطة و تكامل دورها و لو كان فيها بعض القصور، و إعلام مهمته نقل الحقائق للمواطنين و تحري الفساد و لو كان فيه بعض التحيز، و مؤسسات دينية تستمد سلطانها من الدين و الأخلاق و لو كان فيها بعض الانحراف، إلى آخره. تلك (الدولة الحديثة) غير موجودة في الوطن العربي إلى حد كبير، و إنما هي نظم إدارية ذات أهداف محددة و تخدم مصالح محددة داخلية و خارجية، و لذلك فليس واقعياً أن نتصور أن الثورة ستبني (دولة حديثة) بمجرد تغيير بعض الأشخاص أو الحكومات. الفساد عميق و في الأصل، و ما بني على باطل فهو باطل.
 
ثم إن الإشكالية الأكبر في الاستبداد كنظام هو أنه يتجاوز قضية احتكار السلطة إلى نوعين آخرين من الاستبداد: الاستبداد الديني و الاستبداد الاقتصادي. هذان النوعان من الاستبداد لابد أن تمتد إليهما الثورة، بل إن النظر الواقعي يقتضي أن تبدأ بهما الثورة.
 
أما الاستبداد الديني، فالأوروبيون لم يستطيعوا بناء حضارتهم الحديثة و لا الوصول إلى الديمقراطيات المعاصرة إلا بعد أن مروا بمرحلة ما يسمى (الإصلاح الديني). و الإصلاح الديني – من وجهة نظر إسلامية – لا يكون بالانحراف عن قيم الإسلام و ثوابته و تشكيك الناس في نصوص الوحي الإلهي للرسل عليهم الصلاة و السلام و في مقدسات الأمة في الأمكنة و الأزمنة و الشعائر و الرواد التاريخيين، و في زعزعة قيم الخلق و الأسرة و العفة و الصدقة و الرحم و الإخاء، و إنما الثورة على الاستبداد الديني تقتضي ثورة على كل من يشرعن للاستبداد السياسي باسم الدين، و الاستبداد الاقتصادي باسم الدين، و التفكير في قضايا العصر من منطلق أخلاقي و قيمي دون جمود على التراث و دون تضييع للثوابت. هذا هو الإصلاح الديني الحقيقي.
 
و هذه الثورة تقتضي المطالبة بتغيير مظاهر الاستبداد الديني في المؤسسات الإسلامية التعليمية و العلمية و العلمائية. لا يصح و لا يجوز أن يعمل العلماء الذين يمثلون الشريعة لصالح سلطة سياسية استبدادية جمهورية كانت أم ملكية، و لا يتلقوا من المستبدين راتباً و لا امتيازاً و لا دعماً مباشراً، و ينبغي أن يكون من أولويات الثورة أن تسقط كل مؤسسة دينية مدعومة من الساسة المستبدين إلا أن تعود تلك المؤسسات إلى نظام الأوقاف المستقلة عن الحكومات و الحكام و تدار بشفافية و تجرد. لابد أن تحمي الثورة الاستقلال المادي و المعنوي للمؤسسات الدينية، و أن تدعم المؤسسات الدينية و العلمائية لتكون في وضع متوازي مع النظام السياسي لا أن تكون فوقه و لا تحته. لا يصح أن تهدأ الثورة حتى يتحقق هذا الاستقلال لمن يحمل أمانة الدين و إلا فلنقل على الدين و على الثورة نفسها السلام.
 
و يلحق بهذا الإصلاح المنشود الجماعات التي اختارت أن تسمي نفسها إسلامية، و لكنها تدار على نفس طريقة (ما أريكم إلا ما أرى). ولّى زمان (السمع و الطاعة) لهذا الأسلوب العقيم في إدارة العمل الإسلامي، و لابد أن تستهدف الثورة سقوط ذلك الوجه الآخر من عملة الاستبداد الديني، و إلا فلن يسقط الاستبداد السياسي و الإداري لا داخل المجتمعات الإسلامية و لا داخل مؤسسات الدولة. (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
 
و الثورة لابد كذلك أن تستهدف القضاء على الاستبداد الاقتصادي في شكله الديني. فقد صور الاستبداد الديني في أبواقه الإعلامية أنه يجوز أن يكون صاحب الملايين المملينة (متديناً) و(خيّراً)، و أنه ما دام (يتبرع) لعمل الخير و المؤسسات الإنسانية فهو أشبه بعثمان بن عفان أو سعد بن أبي وقاص في غناهم و تقاهم. و نسمع الفتاوى الطويلة العريضة في صغائر الأمور و لكننا لم نسمع بفتوى تحريم الانتفاع الشخصي للحكام بمال الأمة أو المال العام، و لا تحريم الاحتكار في أشكاله المعاصرة الذي ولد كل هذا الغنى الفاحش لقلة من الناس، و لا تحريم زواج المال و السلطة و تداخل المصالح بينهما، هذا الانحراف بالفتوى هو من شرعنة الاستبداد الديني للاستبداد الاقتصادي، و ينبغي للثورة أن تستهدف القضاء عليهما معاً، ذلك لأن تلك الثروات الهائلة التي يملكها قلة من الأفراد ليست (بركة) و لا ذكاء و لا يمكن أن تتحقق إلا بالاحتكار أو الفساد أو كلاهما معاً، و بالتالي فجموع الناس لها حق أصيل و شرعي في هذا المال.
 
و معنى هذا أن تتبنى الثورة بكل روافدها – بما فيها الرافد الإسلامي – مقاطعة الأذرع التجارية للاستبداد الاقتصادي و توعية الناس بفساد ملاكها، و أن تتجدد مطالب (العدالة الاجتماعية) و تميل لليسار الاقتصادي بوضوح و لو في إطار الدول الحالية مؤقتاً، و تطالب بدرجات أساسية من الضمان الاجتماعي الشامل على الأقل. كفانا شرعنة للاستبداد الاقتصادي عن طريق تفسير رأسمالي و استبدادي منحرف للإسلام و ظالم لجموع الناس و مضيع لمال الأمة، و لو تسمى بأسماء إسلامية و أفتت له هيئات (شرعية).
 
و الثورة لابد كذلك أن تستهدف القضاء على الاستبداد الاقتصادي في أشكال أخرى خطيرة مثل امتلاكه لوسائل الإعلام و مؤسسات التعليم و مرافق الصحة و خدمات أساسية كثيرة. لابد أن تستهدف الثورة أولاً تخليص المؤسسات العامة من سلطان أصحاب المليارات، سواء تمثلوا في النخب السياسية الحاكمة التي سرقت المال العام باسم إدارة (الدولة) أو تمثلت في الشركات الضخمة الإقليمية و الدولية التي تلوث البيئة و تفسد الجهاز التشريعي و تغسل الأموال. لا بد أن تستهدف الثورة القضاء على هذه الصور من الاستبداد الاقتصادي بكل الوسائل المتاحة.
 
و بعد، فالمقام لا يتسع و الحديث ذو شجون. و لكن خلاصة القول أن:
 
الثورة مطلوبة و لكن ينبغي أن تكون واقعية، فتتجنب الوقوع في فخ العنف، و تتجنب أن يكون همها هو تغيير الأشخاص أياً كانوا خاصة مع الثمن الفادح في الأرواح الذي يدفعه الشباب في هذه المرحلة من عمر الثورة. لا يصح التضحية بأرواح  و حريات المزيد من خيرة أبناء الأمة من أجل صراعات داخلية بين المستبدين، بل ينبغي أن يطور المؤمنون بالثورة استراتيجياتهم  و يستهدفوا بالأساس المصالح الاقتصادية للمؤسسات الاحتكارية الفاسدة خاصة تلك التي تحتكر صناعة الرأي العام و تمتلك الخدمات العامة، و يستهدفوا كذلك بالتحرير و التغيير الهياكل الاستبدادية في المؤسسات الدينية الرسمية و الشعبية و الجماعات الإسلامية. فلتبدأ الثورة بإزالة الطواغيت الصغار عن استراتيجية واعية حتى تسقط الطواغيت الكبار مع الوقت و دون رجعة.
قراءة 628 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 27 نيسان/أبريل 2021 05:37

أضف تعليق


كود امني
تحديث