(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 11 أيلول/سبتمبر 2021 09:36

مقاومة التطبيع... رباط و هدم للمشروع الصهيوني

كتبه  الأستاذ محمد سبرطعي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يرى الصهاينة التطبيع معهم ضمانَ استمرار لوجودهم فوق أرضنا الفلسطينية المغتصبة، و يعتقدوا أنّ قبولهم من طرف عدوّهم المسلم الأكثرِ منهم عددا و الذي يحيط بهم من كل جانب و يختلف عنهم في اللغة و العادات و الدين و المصير، و يحمل في صدره عليهم كل الكره و الغيظ و الرغبة في الانتقام اللامحدود، يعتبر قبولهم – كما أسلفت – طوق النجاة لهم و تأشيرة الحياة.

و منذ عقود ثلاثة تقريبا لاحظت الإدارة الاستراتيجية الصهيونية أن مستوى الثقة و القبول بين الأنظمة العربية و شعوبها في مستوى متدنّ و أصبحت ترى أن قبولها من طرف الحكومات و الأنظمة فقط لا يشكل راحة لها على وجودها فوجّهت خطتها لغرس عدد من القيادات الشعبية لا صلة لهم بأنظمتهم يروّجون لقبول هذا الكيان الغريب في جسد الأمة الإسلامية و يتعاملون معه على أنه كيان مقبول كغيره، و من بين أهم هذه القيادات الشعبية طبقة الرياضيين، و هذا لعدة أسباب...

فالمجال الرياضي من أول المجالات الذي اهتمت العصابة الصهيونية منذ ما يزيد عن قرن من الزمن على التواجد بها على الساحة الدولية، ففي 1921 أقيمت حركت "مكابي" و هي منظمة يهودية عالمية لرعاية الشؤون الرياضية، أعلن عن تأسيسها في المؤتمر الصهيوني الثاني عشر

و في سنة 1911 تأسس أول نادي رياضي ل "مكابي" في القدس و مع بداية الحرب العالمية الأولى كان عدد الفرق اليهودية في فلسطين حوالي عشرين.

و كذلك مما يعرف الصهاينة به أنهم مولَعون بالرمزيات و يعتبرون تحقيقها إنجازا و نصرا ناعما، ففي أولمبياد طوكيو وقف المشاركون دقيقة صمت تخليدا لذكرى مقتل 11 لاعب إسرائيلي في العملية الشهيرة التي قاتها مجموعة الفدائيين الفلسطينية التي سمت نفسها مجموعة أيلول الأسود في ميونيخ عاصمة ألماني الغربية سنة 1972.

و السبب الثالث إدراك عصابة الصهاينة أن الرياضة من بين أهم مجالات القوة الناعمة المؤثرة في العالم العربي بل العالم أجمع فالمشهور في المجال الرياضي له من الأهمية المعنوية و الحظوة في المجتمع ما يفوق مكانة العالم الشرعي و الرجل السياسي و الدكتور الاقتصادي و المصلح الاجتماعي، و هذا ربما ما يتوافق مع الكلمة الخالدة التي أطلقها حكيم الأدباء " توفيق الحكيم منذ عقود حين قال: لقد انتهى عصر القلم و بدأ عصر القدم.

من هذه الأسباب مجتمعة ندرك أن الذي حدث مؤخرا في أولمبياد طوكيو يعتبر هزيمة استراتيجية للصهاينة و أذنابها، هزيمة للصورة التي يراد لها أن تترسخ، هزيمة للأموال الطائلة المهدرة على تلميع صورة الصهاينة في أذهان الشباب و الأطفال عبر كل الوسائط الممكنة.

كما يعتبر حصارا نفسيا و إشعار لهم أنهم منبوذون و أن القضية متوارثة كابرا عن كابر و أن فكرتهم القائمة على أن " الجيل الكبير سيموت و الجيل الصغير سينسى" فكرة أثبت الواقع استحالتها.

فالذي يتساءل عن قيمة ما فعله فتحي نورين و صاحباه إثر انسحابهم من مواجهة اللاعب الصهيوني نجيبه أن هذا يعتبر رباطا، و قد يستغرب مني القارئ هذا الحكم و يعتقد أن الرباط لا يمكن إطلاقه إلا على من رابط على أبواب المسجد الأقصى المبارك و عطّل سير اقتحامات الصهاينة و أزعج المستوطنين، و لكن هذا فهم مصغر جدا عن الرباط، فلو كان ذلك كذلك فإن مرابطي أمة محمد صلى الله عليه و سلم قليل لا يتجاوزون العشرات، و هذا لا أساس له من الصحة، فالذي فعله هؤلاء الرياضيون هو الدفاع عن القضية و الرباط على ثغر من أخطر ثغورها المستباحة الآن ألا و هو ثغر شرعنة الاحتلال و تلميعه و قبوله بين ظهرانينا، إن ما فعله فتحي و زميلاه في طوكيو من عدم اعتراف بالصهاينة و عدم سيادتهم على أرضنا و عدم أحقيتهم في التواجد فيها و عدم شرعيتهم في ادعاءاتهم و قدموا من أجل ذلك التضحيات هو عينُه ما تنادي به هنادي حلواني من أبواب المسجد الأقصى و ما يعاقَب عليه الشيخ رائد صلاح و هو أسير في محبسه.

إن هدف الصهاينة الاستراتيجي و من وراءهم من القوى الغربية هو ضمان اعتراف الدول و الشعوب بالكيان الغاصب، و هذا كان هدف كل حملات التطبيع بداية من " كامب ديفيد" مرورا بـ " وادي عربة "و "أوسلو" وصولا إلى الهرولة التطبيعية المقيتة الأخيرة التي تلطخت في حمأتها دول الامارات، البحرين، سلطنة عمان و المغرب.

ففي مذكرات الرئيس جيمي كارتر – مهندس اتفاقية كامب ديفيد - يقول بالحرف " كانت اتفاقية كامب ديفيد خطوة تاريخية أولى باتجاه الاعتراف بمصالح إسرائيل في المنطقة... السادات رجل صعب و شجاع و لعل البداية التي انتظرناها جميعا لكسر الحواجز، و هذا أول اعتراف للعرب بأن إسرائيل دولة ذات وجود رسمي رسميا "

و قد يتساءل مُتذاكٍ عن سبب حثنا على المقاطعة الرياضية و هل هي مسبَّبة عن قمع إسرائيل للفسطينيين فقط؟ و قبل الإجابة يمكننا طرح السؤال بصيغة مغايرة، هل لو كان تصرف الصهاينة مع الفلسطينيين جيدا كان التطبيع معهم أمرا عاديا؟

فنجيبه إن التطبيع مع الصهاينة لا علاقة له من الناحية المبدئية بمستوى تعاملهم مع الفلسطينيين، فهذا التعامل هو عامل تقوية للموقف لا غير، بينما الموقف المبدئي الذي لا يقبل مواربة و لا أخذا و ردا أن الصهاينة كيان إرهابي سرق الأرض و قتل الشعب و زوّر التاريخ و انتهك الحرمات و يهدد المسلم في أرضه و مقدساته و دينه و مستقبله.

كما نؤكد أن الرياضي الصهيوني ما جاء إلا لتمثيل قومه و بلده الغاصب بكل ما يحمله هذا البلد من تاريخ و عادات و معتقدات، و إن معنى قبول إقامة مقابلة بين لاعب مسلم و لاعب إسرائيلي يعني أن اللاعب المسلم يعترف بذاك اللاعب الصهيوني و بدولته و بوجودها و بطبيعيّتها و أن لها حقا في العيش و التعامل كسائر الدول الباقية، و هذا عين الخيانة لقضية فلسطين التي تعتبر من أبجديات النضال ألا نعترف بشرعية وجود هذا الكيان المسخ و لا أحقيته في العيش.

هذي مساهمة بسيطة لتأصيل مسألة المقاطعة الرياضية و لتبيين بعض الجوانب الخفية التي قد لا تصل لكل متلق للأخبار و الأحداث، ذلك أننا نعتقد أن حسن الفهم يؤدي إلى حسن التصور و هذا الأخير هو السبيل الوحيد لحسن التصرف و العمل.

قراءة 672 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 15 أيلول/سبتمبر 2021 09:14