قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 03 أيلول/سبتمبر 2020 05:39

يمكن للجامعة الأميركية في بيروت أن تكون نموذجاً يُحتذى لقطاع التعليم العالي المثقلٌ بالأزمات في الولايات المتحدة.

كتبه  بقلم مروان المعشّر و سوزان ريزنيك بيرس
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في شباط/فبراير 2020، لم يكن أحد ليتوقّع أن يخلق وباء "كوفيد- 19"، و في غضون أسابيع قليلة، عاصفة كاملة من ثغرات الضعف المالي التي أشعلت أزمة مالية مريعة في العديد من الكليات و الجامعات الأميركية. فهذه المؤسسات تُواجه الآن تناقصاً في كلٍ من غُرف التدريس، و الجهاز التعليمي، و ربما أيضاً في عائدات رسوم التعليم. كما أنها تشعر بالقلق جراء مضاعفات "كوفيد- 19" على الأسواق المالية و بالتالي على قيمة الهبات التي تحصل عليها. إنها تُواجه نفقات غير متوقّعة، خاصة منها تفاقم المساعدات المالية و التكنولوجيا الخاصة بالتعليم على الشبكة العنكبوتية.

الحقيقة أن العديد من الكليات والجامعات الأميركية، الخاصة كما العامة، كانت في وضع مالي متزعزع طيلة العقد الماضي، بسبب عجوزات بنيوية قاسية هي حصيلة تراجع نسب الالتحاق، وتصاعد خفوضات رسوم التعليم، والصيانة المُرجأة، والديون المُكلفة.

اتّخذت الكليات والجامعات التي تأثّرت بهذه العوامل خطوات مطّردة لإزالة هذه العجوزات، على رغم أن بعضها عانى من مشاكل مالية لمدة أشهر فقط لا لسنوات. و في السنوات الأخيرة، عمد بعضها إلى خفض أعداد الموظفين، و في حالات نادرة حتى بعض أعضاء السلك التعليمي، و عزّزت الوظائف الإدارية، و تبنّت خدمات مشتركة. العديد من هذه المؤسسات تبنّى مقاربات دخل بديلة، كإطلاق برامج جديدة على شبكة الإنترنت، و مواصلة فرص التعليم، و زيادة درجات التخرّج و ما قبل التخرّج. إضافة، سعى البعض منها إلى اجتذاب طلاب دوليين و طلاب محوّلين إضافيين، و ركّزت جامعات أخرى على زيادة إعادة السنة الأكاديمية.

بيد أن "كوفيد– 19" عنى أن هذه المقاربات لم تعد مُجدية. بدلاً من ذلك، تتخذ الآن بعض الكليات و الجامعات، بمن فيها حتى تلك التي تحظى بمال وفير، خطوات كانت تُعتبر في السابق شديدة القسوة، على غرار الوقف المؤقت عن العمل، و إنهاء الإنفاق التقديري، و تعليق السفر، و خفض رواتب كبار الإداريين. العديد من المؤسسات أعطى الموظفين إجازات أو سرّحهم، و بعضها قلّص المزايا. و ثمة عدد لا سابق له منها يقوم بإلغاء البرامج الأكاديمية و مناصب الكادر التعليمي، بما في ذلك أعضاء هيئة التدريس الدائم. و في هذه الأثناء، تقوم حكومات الولايات، التي واجهت فجأة مشاكلها الخاصة في الموازنات، بتقليص دعمها للكليات و الجامعات العامة. و الواقع أن كل هذه الهيئات تعاني من مسألة ما إذا كان يجب، و متى، وإلى أي درجة، إعادة طلابها، و جهازها التعليمي و موظفيها إلى الحرم الجامعي.

نعتقد أن الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)لديها الكثير لترشد كليات و جامعات أخرى حول كيفية الصمود و التكيّف و تحقيق التحوّل، فيما هي تبقى أمينة كلياً على رسالتها و قيمها الجوهرية، حتى في أيام الأزمات، لا بل خاصة خلال هذه الأزمات. و الواقع أن إجراءات الجامعة الأميركية في بيروت لن تكون مصدر إلهام لكليات و جامعات أخرى حول العالم و حسب، بل نحن نأمل أيضاً (فيما تسعى الجامعة لإعادة تعريف نفسها عبر المضي قدماً) بأن تعيد توكيد الالتزام، لا التخلي عن، أنموذج القيم الليبرالية و التوق لانتاج مواطنة مُطّلعة تفيد مجتمعاتها و العالم.

نعتقد أن الولايات المتحدة تمر بمرحلة حسّاسة، يتعرّض فيها العديد من أُسس و قواعد الديمقراطية الأميركية إلى الهجوم. فمفهوم E Pluribus Unum (شعار الولايات المتحدة: "من العديد، واحد")، أخلى الساحة لاستقطاب حاد. التنوّع، و بدل أن يكون قيمة يجب الاحتفاء بها، أضحى بالنسبة إلى جمهرة كبيرة من الناس حافزاً على الانفصال و على شيطنة الآخر. و في الوقت نفسه، نشعر بالتفاؤل حين نرى أولئك المتظاهرين في طول الولايات المتحدة و عرضها الذين يحتجون على اللامساواة العرقية و عنف الشرطة خاصة بحق الأميركيين الإفريقيين، و الذين يُجسّدون التعددية الغنية في البلاد بطريقة غير مسبوقة. في مثل هذه اللحظة من التبصّر الذاتي، نأمل أن تستلهم الكليات و الجامعات الأميركية مرة أخرى الإيمان الجيغرسوني بأن التعليم "للشعب ككل"، بما في ذلك معرفة التاريخ و البلدان الأخرى، هو الترياق ضد الطغيان.

إن فهم تاريخ الجامعة الأميركية في بيروت و خياراتها الراهنة يعمّق نواحي الاستنارة. فهي بموقعها في لبنان، و ترخيصها في الولايات المتحدة العام 1863، و نيلها اليوم اعتماداً مؤسسياً من لجنة التعليم العالي التابعة لرابطة الولايات الوسطى للكليات و المدارس، أبدت تفانياً راسخاً في تمسّكها بمركزية القيم الليبرالية، و التزاماً متواصلاً و متّصلاً بتعزيز تعددية الأسرة التعليمية. و منذ تأسيسها، و في خضم الحرب الأهلية و القصف و الاغتيالات المأساوية لرئيس و عمداء، بقيت الجامعة الأميركية "ملتزمة بإنتاج خريجين سيكونون مُتمسكين بأهداب التفكير النقدي و الإبداعي، و التعلّم طيلة الحياة، و القيادة".

و هكذا، كان هذا الحرم الجامعي مكاناً يلم شمل طلاب من كل أنحاء العالم، يُمثّلون العديد من الأديان، و الجماعات الإثنية، و مختلف وجهات النظر السياسية، و يدرسون على يد جسم أكاديمي مُتعدد و موهوب بالقدر نفسه.

هذا الالتزام بالتعددية و القيم الليبرالية هو الذي جعل الجامعة الأميركية في بيروت قادرة على الحفاظ على البقاء طيلة 154 سنة، في منطقة شهدت حروباً طاحنة و اضطرابات عنيفة. كما أنها نجحت في صراع البقاء خلال السنوات الـ15 للحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، على رغم الصعوبات السياسية و الأمنية و المالية الصاعقة. إنها حققت كل ذلك بفعل التزام إدارتها و جسمها الأكاديمي بنظام تعليم يصر على تطوير إنسان يتمتع بنظرة شمولية و قادر على التعاطي مع تعقيدات الحياة، و ليس التركيز فقط على التدريب التقني.

لقد ضرب وباء "كوفيد- 19" لبنان و المنطقة، في وقت كانت تعاني فيه هذه الأخيرة من مناخات اقتصادية و سياسية في غاية الصعوبة. إذ هذه كانت الأزمة الكبرى الرابعة التي تجتاح المنطقة، و الخامسة في لبنان، خلال العقد الماضي. الانتفاضات العربية في العام 2011 كانت حصيلة مباشرة لغياب الحوكمة السياسية الرشيدة في معظم البلدان العربية. و في العام 2014 بدأت أسعار النفط بالهبوط، و معها تفككت الأنظمة الاقتصادية الإقليمية المستندة إلى الريعية التي مارست الزبائنية و المحسوبيات أكثر من اعتمادها على الإنتاجية و الكفاءة. نقص الاهتمام هذا بهذه القضايا، قذف العالم العربي إلى وهدة الأزمة الكبرى الثالثة، حين اندلعت الانتفاضات في أربع دول عربية (السودان، العراق، الجزائر و لبنان).

أثار الوضع السياسي و الاقتصادي في لبنان و مضاعفات "كوفيد- 19" مخاطر نشوب اضطرابات واسعة، في بلد كانت تعدديته الثقافية و الدينية بمثابة شعاع نور لبقية أنحاء المنطقة. و الجامعة الأميركية في بيروت لم تصمد و حسب، بل أنتج تعليمها الليبرالي، و هو عملة نادرة في الشرق الأوسط، العديد من السياسيين البارزين و رجال الأعمال و الأكاديميين و الفنانين و قادة الفكر في المنطقة. كان ما لايقل عن 19 خريجاً من الجامعة الأميركية مُنتدبين للتوقيع على ميثاق الأمم المتحدة العام 1945، أي أكثر من أي جامعة أخرى في العالم.

إن التزام الجامعة الأميركية بهذه القيم، و دورها في مواصلة العمل كمنتج أول لقادة مبدعين و خلاقين يتمتعون بفكر نقدي في المنطقة، سيكون مسألة حاسمة بالنسبة إلى مستقبل هذا الإقليم.

الجامعة الأميركية في بيروت تنطلق مجددا من منصّة هذا التعليم الليبرالي لمساعدة المنطقة على خوض غمار هذا البحر اللجب من الاضطرابات. و على رغم الانخفاض الكبير في قيمة الليرة اللبنانية، ما أدى إلى تقليص موازنة الجامعة الأميركية إلى النصف و إلى صرف أكثر من 1000 موظف، إلا أن هذه الجامعة تنطلق ثانية مُستندة إلى تاريخها لتتخذ موقفاً صلباً لا تردد فيه لصالح التوجهات الليبرالية. و هي طرحت خطة ستضمن، على رغم شدّتها، بقاء الجامعة و قيمها.

الجامعة الأميركية في بيروت هي اليوم أقوى مؤسسة أكاديمية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا. و هي توفّر برامج ممتازة ليس فقط في الفنون و العلوم بل أيضاً في الطب و الهندسة و الهندسة المعمارية و الزراعة و علوم الغذاء و العلوم الصحية و التمريض و إدارة الأعمال. و المركز الطبي للجامعة، الذي يضم 365 سريراً، يُعتبر المركز الطبي الريادي و مؤسسة الرعاية الصحية الأولى في المنطقة. و ثمة هنا أولوية استراتيجية ثانية للجامعة الأميركية: ترقية نوعية الصحة و الطب إقليمياً.

كانت الجامعة الأميركية قبيل انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019 و بروز جائحة كوفيد- 19 تمر في حالة ازدهار. ففي خريف 2019 تم تسجيل 9499 طالباً، كان نحو ثلاثة أرباعهم تقريباً طلاباً و الباقون خريجون و طلاب طب. 22 في المئة من الطلاب جاءوا من 89 بلداً، و نسبة الإناث إلى الذكور كانت 52 إلى 48. كما حصلت الجامعة على نحو 580 مليون دولار في حملة تبرعات كان هدفها 650 مليون دولار، و هي اليوم تضع اللمسات الأخيرة على خطتها الاستراتيجية التالية و الطموحة: VITAL. كما أطلقت الجامعة أيضاً برامجها في مجال التعليم و الرعاية الصحية للاجئين السوريين الذي يعدّون اليوم زهاء 1.5 مليون شخص أو 25 في المئة من سكان لبنان.

بيد أن الجامعة الأميركية تأثّرت فجأة و بشكل سلبي بالاحتجاجات التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر 2019. فمثلها مثل باقي الجامعات اللبنانية أقفلت أبوابها لبرهات وجيزة. ثم جاءت جائحة كوفيد- 19 في آذار/مارس 2020 لتحمل الجامعة على إغلاق أبوابها ثانية وعلى العمل حصرياً عن بُعد، فعاد العديد من الطلاب الدوليين إلى بلدانهم.. بيد أن مستشفى الجامعة الأميركية بقي قيد العمل. لقد أدى هذا المزيج من عوامل كوفيد-19 و مشاكل لبنان السياسية و الاقتصادية إلى بطالة و فقر في البلاد عصيين على التصوّر.

إضافة إلى العمل عن بعد على الشبكة العنكبوتية، اتخذت الجامعة الأميركية خطوات فورية عدة. فهي جمعت على عجل 10 ملايين دولار لتغطية تكاليف منح دراسية و مرضى محتاجين، و تعهّدت بألا تدع أي طالب يتخلّى عن تحصيله العلمي لدواعٍ مالية. و لكي تبقى مُخلصة لالتزامها بالرعاية الصحية، أقامت الجامعة في غضون عشرة أيام عيادة خاصة بجائحة كورونا في المستشفى تضم قسماً خارجياً للتصوير و الفحص و كذلك العناية المركّزة و أسرّة العناية الفورية، هذا إلى جانب غرف إضافية لمرضى مستقرين. كما سعت كلية الطب في الجامعة الأميركية إلى تحسين مستويات الرعاية في مخيمات اللاجئين.

بدوره، كان رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري صريحاً في الحديث حول المشهد المتغيّر بشكل هائل و حول الخطوات التالية. ففي 5 أيار/مايو 2020، كتب في مذكرة حملت العنوان Memo to the campus أن الجامعة الأميركية في بيروت تتوقع هبوطاً بنسبة 60 في المئة في عائداتها خلال السنة المالية التالية، و أنها مُنفتحة حيال الخطوات التي تشتد الحاجة لاتخاذها. شكّل خوري فرق عمل استشارية من الأمناء، و الإداريين، و الكوادر التعليمية، و الطلاب، لتقديم توصيات حول الأولويات الاستراتيجية للأعوام الخمسة المقبلة، و أوضح أن الهدف هو اتخاذ قرارات حول المهام الحرجة و المدروسة المتعلّقة بمجالات الجامعة كافة و ليس فقط بإجراء تخفيضات واسعة.

قد لا تكون هناك لحظة مشؤومة أكثر من تلك التي تواجهها الجامعة الأميركية في بيروت الآن في خضم الأزمات الراهنة. في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ثمة حاجة ضخمة ماسة و أكثر من أي وقت مضى لجيل جديد من القادة المؤمنين بالتعددية، و حرية التعبير، و الالتزام بعالم أكثر عدلاً. و وفق تعبير خوري:" لدي إيمان عميق بأن لبنان و المنطقة لن يكون لهم أمل قط، إذا لم يكن بمقدور الجامعة الأميركية في بيروت أن تقوم بمهمتها. إن إنقاذ هذه الجامعة يجب أن يكون أولويتنا الأولى و القصوى، و نحن سنفعل ذلك".

يُقدّم "كوفيد 19" أيضاً إثباتاً على أنه ليس في وسع المنطقة أن تواصل العمل كالمعتاد، و على أنها في حاجة ماسّة إلى نظم سياسية أكثر شمولاً و نظم اقتصادية أكثر إنتاجية. إنها في حاجة إلى جيلٍ يفكّر نقدياً و بحرية، جيلٍ ُمبتكِر و مُؤمن بالتنوّع و بضرورة مشاركة الجميع. هذه الخصال ضرورية للغاية من أجل شرق أوسط ينعم بالاستقرار و الازدهار. كانت الجامعة الأميركية في بيروت رائدة في تخريج أشخاص يتّصفون بهذه المزايا، و يجب تطبيق نموذجها على نطاق أوسع في النظم التعليمية التي عفا عليها الزمن في المنطقة.

قبل تفشّي جائحة "كوفيد 19"، كانت التهديدات الخارجية، على رغم كونها على قدر من الأهمية بالنسبة إلى عدد كبير من الكليات و الجامعات الأميركية، أقل بكثير من حجم التهديدات التي تواجهها الجامعة الأميركية في بيروت. مع ذلك، رأينا في الأعوام الأخيرة أن عدداً كبيراً من الجامعات الأميركية ضحّى بالقيم الليبرالية التي كانت تُعَدّ سابقاً مكوِّناً أساسياً من مكوّنات التعليم العالي، و ذلك انطلاقاً من النظرة المخطئة التي تعتبر أن مصلحة الطلاب و المجتمع تتحقق على نحوٍ أفضل من خلال التدريب التقني و التحضير ما قبل المهني.

المثال الأبرز في هذا المجال هو جامعة تلسا التي تضم 4000 طالب. فعلى الرغم من أن في حوزتها صندوقاً وقفياً بقيمة مليار دولار، و مع أنها كانت ذات سمعة راسخة سابقاً في مجال تدريس القيم الليبرالية، إلا أنها عمدت مؤخراً إلى إلغاء شهادات الإجازة في اختصاصات الفلسفة و الدين و الدراسات الصينية و الروسية، و جميع برامج الماجستير و الدكتوراه في اختصاصات الفنون و الكيمياء و التاريخ و الفيزياء، و مجموعة أخرى من شهادات الإجازة في الموسيقى و اللغات، لصالح التركيز على العلوم و التكنولوجيا و الهندسة و الرياضيات و الدراسات المهنية.

ثمة شكوك متزايدة أيضاً بأن قيمة التعليم العالي لاتبرّر كلفته التي تسجّل زيادة مطّردة. و قد أبدى بعض المسؤولين الحكوميين ازدراءهم للتعليم العالي عموماً و للقيم الليبرالية على وجه الخصوص. على سبيل المثال، زعم السناتور الأميركي ماركو روبيو، في تصريح شهير، أن "مزاولي مهنة التعليم يجنون أموالاً تفوق تلك التي يكسبها الفلاسفة. نحتاج إلى مزيد من العاملين بالتلحيم و إلى عدد أقل [كذا] من الفلاسفة". و لاحقاً قال روبيو: "غيّرت رأيي بشأن الفلسفة، إنما ليس بشأن العاملين بالتلحيم. نحتاج إلى الاثنين معاً! يجب إجراء تدريب مهني للعمّال و الفلاسفة من أجل فهم العالم".

يراودنا القلق من أن عدداً كبيراً من الجامعات الأميركية ضحّى بالتزامه التاريخي بالحرية الأكاديمية و حرية التعبير و التفكير النقدي و تثمين الخطاب شديد الحماسة أحياناً إنما المتمدّن و الخلاف المعلَّل، على مذبح التعصّب تجاه ذوي الآراء السياسية أو الاجتماعية المختلفة. و مع أننا نؤمن بأن حرم الجامعة يجب أن يكون مكاناً جامعاً، إلا أننا نؤمن أيضاً بأنه يجب أن يكون مكاناً حيث يمكن مناقشة وجهات نظر مختلفة، بتمدّن و احترام متبادل. لكننا نرى الآن المخاطر الناجمة عن نظامٍ تربوي لم يعد بمثابة خزّان جماعي للقوة الفكرية و الأخلاقية.

في هذه اللحظة، ندرك أنه ليس بمقدور أحد أن يتوقّع ما سيكون عليه التعليم العالي في المستقبل المنظور و ما بعده. لكن فيما تعيد الكليات و الجامعات حكماً تعريف أولوياتها و طريقة عملها، نأمل بأن تلك المؤسسات التي قامت في الأساس على تقاليد القيم الليبرالية كما هو حال الجامعة الأميركية في بيروت، سوف تتبنّى من جديد أهمية تنشئة مواطنين مطّلعين يفهمون المثل العليا الديمقراطية و يلتزمون بتقديم مساهمةٍ لعالمنا.

الرابط : https://carnegie-mec.org/diwan/82623

قراءة 984 مرات آخر تعديل على الخميس, 03 أيلول/سبتمبر 2020 06:34

أضف تعليق


كود امني
تحديث