قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 13 آب/أغسطس 2022 07:57

الدعوة إلى تدريس العلوم باللغة الأجنبية .. الأصول و الأبعاد

كتبه  الأستاذ عبد المنعم أديب
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قرأنا في الأيام الماضية نيَّة وزارة التعليم المصرية -في قادم السنوات- التحويل الكامل لتدريس العلوم و الرياضيات باللغة الإنجليزية؛ بغضّ النظر عن مستوى المدرسة أو نوع التعليم (كالتعليم التجريبي مثلًا). و سبَّبت الوزارة هذا التصرف بتحسين أداء التعليم المصريّ، و رفع مستوى الطالب المصري. هذا التصرف حدث -تصوُّرًا أو تجربةً- عددًا من المرات في البلاد العربية، بل طُرح للنقاش على أكبر المستويات جديةً؛ حتى ضغط كثيرٌ من المثقفين العرب في هذه القضية لتصدُّر المشهد الثقافي العربي، و أقنعوا الكثير من العرب الأفراد بها. و صار هؤلاء يتناقشون بها في أحاديثهم الخاصة؛ فيقول أحدهم للآخر: كيف نتوقع النجاح أو التقدُّم و نحن لا ندرس العلم بلغته؟! و كأنه بهذا القول قد حسم الموقف، و أبان عن حقيقة المعضلة التي تواجهنا.

و المقصود هنا أن تصريح الوزارة في الأيام الفائتة ليس بدعًا من الأمر، بل القضية أعظم و أجلّ من هذا الموضع؛ فقد كانت من القضايا شبه الرئيسة في هذا المجال. و لعلَّ بدءها كان مع بدء الاتصال العميق بين الحضارة العربية و الغربية قبل ما يقرب من قرنين؛ و لعلَّ ما قد واراها عن الظهور العنيف على يد حفنة المثقفين -و ليس كلهم بالقطع- المنسحقين حضاريًّا هو فكرة العروبة التي سيطرت على الحضارة العربية في عقودها الأخيرة، و التي وهنت في العقدين الأخيرين. فلم يكن أحد يستطيع أن يصرح مواجهًا المجتمع الذي يؤمن بالعروبة أنْ نقتل اللغة العربية و نحلَّ محلها لغة أخرى، بل كان الحديث يدور دورانًا على سبيل التفكير البعيد، و على سبيل العلوم نفسها لا لغة تدريسها و التعامل معها.

و هنا أنوِّه أن القضية التي نناقشها جميعًا و نقف أمامها أكبر من قضية اللغة العربية، و دورها، و مستقبلها. لأنها قضية حضارية تمسُّ جوهر الحضارة طعنًا في القلب مباشرةً. و في السطور القادمة سأناقش الفكرة باختصار؛ محاولًا بيان بعض أبعادها -القضية أكبر من أن تناقش في مقال مهما كان- التي تضفي رؤية أوضح لها.

الفكرة الأصيلة من وراء هذه الدعوة

إن أكبر تناول للتصرفات هو تحليل فلسفتها و فكرتها التي من أجلها جاءت، و برُوحها أدخلتْ عنصر الإقناع إلى عقول المُتلقِّين. و الفكرة و الفلسفة وراء هذه التصرفات و الدعوات العربيَّة المتناثرة هنا و هناك؛ هي تصوُّر الإنسان و كأنه سلعة، و تصوُّر التعليم و كأنه عملية تصنيع.

أقصد هنا أن التعليم مجرد تراتيب متى رُتِّبتْ على ما هو صحيح أنتجت سلعةً مُوحدةً عالية الجودة. فتتصور هذه الدعوات أن التعليم عملية صناعية محضة، آليَّة محضة؛ فإذا أتينا بالمواد الخام (الطلاب العرب هنا)، و ركبَّنا الآلة تركيبًا صحيحًا (منها تعليم العلوم باللغة الإنجليزية)؛ فماذا ننتظر غير النجاح و الثمرة الصالحة (إخراج طالب عربي عالي الجودة، يتقن العلوم و الرياضيات، أو على الأقل يعرفها معرفة ملائمة)، ثم ماذا ننتظر إثر هذا الإنتاج المصنعيّ الفاخر على المجتمع إلا التقدُّم و التحضُّر يسودان مجتمعنا فيما بعد!

هذه هي الفكرة من وراء مثل هذه الدعوات. و بيِّنٌ واضحٌ كل الوضوح فساد هذه الفكرة؛ فلا الإنسان سلعة تُصنَّع، و لا التعليم تصنيع للإنسان. بل الإنسان كائن هائل الغور، متوغِّل في العُمق لا يمكن معاملته معاملة الآلة و الصناعة. بل الصناعة نفسها لا يمكن قياسها على بعضها ؛ فما يصلح تصنيعه في قارة قد لا يصلح في أخرى (بسبب نقص المواد الخام أو غيره). و هذه طبيعة الحياة البشرية التي خلقها الله قائمة على تبادل المصالح بين البشر و احتياجهم لبعض.

العلم ليس له لغة مخصوصة

و تنبني الدعوة إلى تعليم العلوم و الرياضيات باللغة الإنجليزية على وهم زائف أيضًا؛ هو أن العلوم مرتبطة باللغة التي تُدوَّن بها. و لعلَّهم يقصدون تُدوَّن بها “الآن”. و هذا محض زيف و تسطيح لفكرة العلم؛ فالعلم جهد الإنسان في اكتشاف الأشياء و اكتشاف نفسه -على وجه و مناهج، و ليس على كل وجه. و الكلام هنا دقيق جدًّا-، و ليس العلم لغةً يُدوَّن بها. وإلا فأين كانت هذه الإنجليزية قبل هذا؟! كانت موجودة لكن أهلها و أصحابها لم يكونوا روَّاد علم و اختراع. و أين اللغة العربية الآن من اللغة العربية قبل؟! هي موجودة بكامل قوتها؛ تُكتبُ بها المناهج، و تُدوَّن بها الكتب و الجرائد، و تُطالع العربيَّ في كل مكان؛ لكن أهلها و حضارتها كفَّت -على تصور ووجه- عن تصدير العلوم بالشكل الظاهر الذي به يجبرون الآخر على الانصياع لهم.

و كذلك تستطيع أن تقرر بشأن كل لغة مهما كانت؛ فليست القضية قضية لغة و حسب، بل الأصل أنها قضية إنسان و حضارة، و قِيَم تهيمن على هذه الحضارة، و رغبة إدارية حقيقية في التحقيق و النجاح. و لا أقول بهذا التقرير أنْ ليس لبعض العلوم لغة مخصوصة تشبه لغة الشيفرة؛ بل أقول إن اللغة المشفرة لبعض العلوم قائمة، و هي أيضًا صنيعة اتفاق أهل العلم أنفسهم؛ فمتى اتفقوا على شيفرة و لغة صالحة، و أقاموا ممارستهم عليها صلح لهم طريقهم، و صحَّ منهم بعض ملامح منهجهم.

هذه الدعوة قصور في نظر المنظومة العلمية

وهذه الدعوة أيضًا تمثل في ذاتها جهلًا ناصعًا مبينًا لا محيص عنه. حيث ترى قصور التقدم و الرفعة على علوم دون علوم، و على علوم دون فلسفة و فكر. فهذه الدعوة التي تتستر قائلةً: نحن نقصد التقدم كالأمم الأخرى، عن طريق استيراد “لغة العلم” إلى بلداننا؛ تصرِّح من وراء هذا الفهم -بمفهوم المخالفة- أن التقدم ابن لمنظومة ضيقة كل الضيق، و صنوفٍ واحدة من العلوم. و بهذا تغفل بقية المنظومة العلمية؛ بل الأشنع أنها تغفل دور الفكرة في التقدم. فتذهب تستورد لغة و منظومة آخرين و كأنك إذا نقلتها عنهم قد عبرتَ حيز الجهالة إلى أنوار التقدُّم.

هذه الدعوة تحتقر اللغة العربية

فضلًا عن أن أصحاب هذه الدعوة يحتقرون اللغة العربية بدعوتهم؛ فمُقتضى الدعوة قصور اللغة العربية عن إدراك العلوم و التعبير عنها. و هي قضية قديمة تعود للوقت نفسه الذي بدأ فيه اتصالُ العرب بالغربيين؛ على تصور السيادة الغربية التي يجب أن تُنتهج و يُشد لها الرحال.

و هذه القضية (مسألة قصور اللغة العربية عن إدراك العلوم الحديثة) مسألة قُتلتْ بحثًا في أروقة النقاش العربيّ. و المقرر - والذي يجهله السادة الأفاضل أصحاب هذه الدعوة- أن اللغة العربية تمتلك من المقومات الضخمة ما يجعلها صالحة لاحتواء العلوم و الفنون و الآداب و الفلسفات.

فإنها ليستْ لغةً قَبَليَّة (أيْ لغة قبيلة محدودة)، أو لغة طائفة من سكَّان (كاللغات في الهند مثلًا)، كما أنها ليستْ لغة جامدة -صوتيًا و صرفيًّا-؛ بل هي لغة ضخمة، بل من أشد اللغات ضخامةً و فٌتوَّةً و صحَّةً. و ليس أدلَّ على هذا من أنها استطاعتْ -و تستطيع- هزيمة لغات كاملة (الفارسية، العبرية، السريانية، القشتاليَّة….) في عقر دارها، و ارتضى أهلها أن ينفضوا عن لغاتهم القديمة و يتحدثوا العربية. و ليس أدل على هذا من أنَّها لغة الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب قبل الإنجليزية، و بعد اللاتينية.

إن تحرُّك اللغة العربية في المكان و الزمان مُذهل بكل المقاييس، بل أشبه بالمعجزة حقيقةً. و ليس هذا التطاول -زمانًا و مكانًا- إلا مُعبرًا صادقًا على مدى كفاءة هذه اللغة. و لعلِّي هنا أذكِّر بتجربة لغة -لا تقارن باللغة العربية- و هي اللغة العبرية الحديثة؛ التي استطاع الكيان الصهيوني إحياءها من الموات، و قرَّر مزاحمتها لغيرها من اللغات (أهل الكيان الصهيوني لا لغة لهم، و لا أصل لهم؛ فهُم أشتات الأرض كلٌّ يتحدث لغته حتى اللحظة مع اللغة العبرية بالنسبة للأجيال الجديدة لفرضها عليهم في التعليم و التعامل المجتمعي). و يعنُّ لي سؤال: هل الإشكال في اللغة أمْ في أهل اللغة؟!

فوائد التعليم باللغة الأم

اللغة الأمّ” هي اللغة التي يولد عليها الإنسان؛ كالعربية بالنسبة للعرب، و كالفرنسية بالنسبة لأهل فرنسا. و قضية فوائد التعليم باللغة الأم من القضايا التي بُحثت كثيرًا في مجالَيْ علم اللغة و التربية و التعليم. و هذا البحث الطويل -الذي يستطيع القارئ مطالعة بعضه بسهولة متى بحث عن الموضوع على منصات البحث الإلكترونية- يُغنيني عن أن أطيل في الإيضاح. لكنْ ما أودُّ إضافته للمشهد هو السرّ من وراء التعليم باللغة الأم للطلاب. و هو في رأيي عنصر الانسجام و التضامّ الذي يضيفه هذا التعليم لسلسلة المعارف التي يدرسها الطالب في المدرسة.

أقصد هنا أن تدريس الطالب كل المعارف و العلوم باللغة التي فتح عينيه عليها، و التي يُطالعها في كل محيطه تُحدث انسجامًا معرفيًّا لا يُحدثه هذا التشتيت الذي في تدريس موادَّ بلغة و موادَّ أخرى بلغة أخرى. علمًا أن المقصود هنا تدريس المواد، لا اللغات. فلا مانع من تدريس لغات أخرى للطالب أبدًا، بل هو أمر ضروري يحدث في كل منظومة تعليمية. لكنْ فارقٌ بين تدريس لغة على أنها لغة أجنبية مُضافة، و تدريس بعض موادّ بلغة و أخرى بلغة أخرى.

التعليم قضية هوية خالصة

التعليم عملية دقيقة كل الدقة، و مخصوصة كل الخصوصيَّة. لأن التعليم هي عملية نابعة من هويَّة كل قوم؛ فهي عملية “نابعة من أنفسهم”، لا “مفروضة مطبقة عليهم” من الخارج. و يقصد بهذه العملية تقويم هوية الإنسان، و تهذيبها؛ كما يقصد منها تحصيل المعارف الفكرية، و معرفة العلوم العملية و غير العملية، و تنمية مهارة الفرد الاجتماعية و النفسية؛ بناءً على مُقوِّمات حضارته و الفكرة العُظمى التي أنشأتها و تسيطر عليها. و إذا نظرنا إلى هذه الأصول المتعارف عليها علمنا أن التعليم قضية هُوِّيَّة خالصة، و أن القصور كل القصور في معاملة الإنسان كالآلات؛ فيُبتَعَث الطلاب بلا ضوابط إلى بلاد حتى يتعلموا و يعودوا و كأنك بهذا قد حللتَ الأمر، أو أن تطبق مثل هذه الدعوة السقيمة التي عليها المقال.

بل التعليم هو إنشاء بنية رُوحية و فكرية و معرفية و مهارية؛ أيْ بنية تمشل الإنسان من شتَّى جوانبه، و لا يصلح إلا بهذه الرؤية الشاملة. لينشأ الفرد عارفًا لأُسس هُوِّيَّته، فاهمًا للمحيط من حوله، مُستطيعًا أن يتعامل مع أهله و مجتمعه و يتواصل معهم بطريق صحيحة، واعيًا لمشكلاته، قاصدًا حلولها. و ليست هذه الدعوة من هذا التصور في شيء. بل هي دعوة مبتورة تعالج حجرًا -إنْ سمينا هذا علاجًا على قولهم- و تغفل الجبل الذي نَتَأَ عنه هذا الحجر.

الرابط : https://tipyan.com/teaching-science-in-a-foreign-language

قراءة 694 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 17 آب/أغسطس 2022 07:40

أضف تعليق


كود امني
تحديث