قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 13 تموز/يوليو 2016 08:20

للعاقلات فقط، 100 وقفة تربوية للمرأة مع رسول الله (1)

كتبه  الشيخ جمال عبدالرحمن
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ... ﴾ الآية [البقرة: 226] قصة في المراقبة لله و الخوف منه[1]، حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و قد كان يعس بالمدينة كعادته، فسمع امرأة كان زوجها قد خرج غازيا في جيش عمر؛ تقول:

طال هذا الليل و ازورَّ جانبه 
و ليس إلى جنبي خليل ألاعبه
فو الله لولا الله أني أراقبه 
لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي و الحياء يصدني 
و أُكرمُ بعلي أن تُناَلَ مَراكِبُه 

فمراقبة تلك المرأة ربها و خشيتها إياه كانت حائلا بينها و بين دخول أجنبي عليها.

2- العاقلة و الثقة فيما عند الله

روى البخاري[2] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء إبراهيم عليه السلام بأم إسماعيل "هاجر" و ابنها إسماعيل، و هي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة "شجرة" فوق زمزم في أعلى المسجد، و ليس بمكة يومئذ أحد، و ليس بها ماء، فوضعهما هناك، و وضع عندهما جراباً (كيساً) فيه تمر، و سقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم عليه السلام منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب و تتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس و لا شيء؟! قالت له ذلك مراراً و هو لا يلتفت إليها!! فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذاً لا يضيعنا.

فهل ضيعها الله؟ كلا؛ لقد أكرمها إكراما تتحدث به الدهور و الأيام و الخلق والأنام؟! فالله لا يضيع أجر المحسنين و لا إيمان المؤمنين.

و هذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سألها مسكين و هي صائمة و ليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيه إياه، ففعلت، قالت: فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدى لنا، شاة و كفنها، فدعتني عائشة فقالت: كلي من هذا فهذا خير من قرصك.

قال العلماء: هذا من المال الرابح و الفعل الزاكي عند الله تعالى، يعجل منه ما يشاء و لا ينقص ذلك مما يدخر عنده، و من ترك شيئا لله لم يجده فقده، و عائشة رضي الله عنها في فعلها هذا من الذين أثنى الله عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم مع ما هم فيه من الخصاصة، و أن من فعل ذلك فقد وقي شح نفسه، و أفلح فلاحاً لا خسارة بعده، و معنى شاة و كفنها؛ فإن العرب أو بعض العرب أو بعض وجوههم كان هذا من طعامهم، يأتون إلى الشاة أو الخروف إذا سلخوه غطوه كله بعجين البر، و كفنوه به ثم علقوه في التنور فلا يخرج من ودكه شيء إلا في ذلك الكفن، و ذلك من طيب الطعام عندهم [3].

3- العاقلة و ثمرة حفظها لربها

عن أنس قال: قال صلى الله عليه و سلم:{صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و الآفات و الهلكات، و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة}[4].

انظري يا أختاه لما صنعته أم شريك من المعروف.

عن ابن عباس قال: وقع في قلب أم شريك الإسلام و هي بمكة و هي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤي، فأسلمت، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعوهن و ترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها و قالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك و فعلنا، و لكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ و لا غيره، ثم تركوني ثلاثاً لا يطعمونني و لا يسقونني، قالت: فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنـزلوا منـزلاً و كانوا إذا نـزلوا أوثقوني في الشمس و استظلوا و حبسوا عني الطعام و الشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيء علي برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلاً، ثم نـزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلاً، ثم رفع، ثم عاد أيضاً، ثم رفع، فصنع ذلك مراراً، حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي و ثيابي، فلما استيقظوا، فإذا هم بأثر الماء، و رأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقالت: لا الله ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا و كذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، و اسلموا بعد ذلك[5].

4- العاقلة و الحرص على طلب العلم و السؤال عن الدين

جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك - أي سمعوه و تعلموه - فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتي فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال عليه الصلاة و السلام:{اجتمِعن يوم كذا و كذا} فاجتمَعن، فجاء صلى الله عليه و سلم فعلمهن مما علمه الله[6].

و هذه بعض أسئلة نسائية:

 عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمرق شعرها - تقصف و سقط - و إني زوجتها، أفَأَصِلُ فيه؟ فقال صلى الله عليه و سلم:{لعن الله الواصلة و الموصولة}[7] يعني صاحبة الشعر و التي تصل لها.

 امرأة أخرى تسأل عن كيفية غسل الشعر عند الاغتسال، فتقول: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي - أجعله ضفائر - أفأنقضه للجنابة؟ يعني أأفُكُّهُ؟ قال:{إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك، فإذا أنت قد طهرت}[8].

و سألتني إحدى النساء؛ ماذا تفعل لكي تمسح برأسها أثناء الوضوء لأنها لو مسحت برأسها مدبرة مقبلة بيدها يتفرق شعرها و يسبب لها مشقة؟

و أجبتها بما ذكره الشوكاني في {نيل الأوطار}: عن الربيع بنت معوذ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ عندها و مسح برأسه فمسح الرأس كله من فوق الشعر، كل ناحية لمنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته[9]. و في هذا بلا شك تيسير عظيم.

• و ها هي أم سليم رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه و سلم: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال:{نعم، إذا رأت الماء}. متفق عليه.

و من عظيم الأسئلة التي وجهت للنبي صلى الله عليه و سلم و تحمل الدلالة على الفقه و الحس الديني، هذا السؤال: و فيه أن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت: يا رسول الله، إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي، و على مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال و النساء، فآمنا بك و اتبعناك، و نحن معشر النساء مقصورات مخدرات {في الخدر و هو الستر} قواعد بيوت، و إن الرجال فضلوا بالجمعات، و شهود الجنائز و الجهاد، و إذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، و ربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه فقال:{هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟} فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:{انصرفي يا أسماء، و أعلمي من رواءك من النساء أن حُسن تَبَعُّل - أي معاشرة - إحداكن لزوجها و طلبها لمرضاته، و اتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت}. فانصرفت أسماء و هي تهلل و تكبر استبشاراً بما قال لها عليه الصلاة و السلام[10].

لماذا فرحت أسماء رضي الله عنها؟

لأنها رأت فضل الله عز و جل و هو القائل: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

فالأجر الذي تناله المرأة في ترتيب مسكنها و تربية أولادها، و رعاية بيت زوجها و ما له يعدل أجر المجاهد في جهاده و يعدل شهود الرجل الجمع و الجماعات، كما تبين من الحديث.

و أخرى من العاقلات تطلب العلم و تستفسر عن حقوق الزوج و عدم غشه:

فعن سلمى بنت قيس - و كانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه و سلم قد صلت معه القبلتين، و كانت إحدى نساء بني عدي بن النجار -  قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه و سلم فبايعته في نسوة من الأنصار، فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئاً و لا نسرق و لا نزني و لا نقتل أولادنا و لا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا و أرجلنا، و لا نعصي في معروف، قال:{و لا تغشنن أزواجكن}، قالت: فبايعناه، ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن: ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما غش أزواجنا؟ قال:{تأخذ ماله فتحابي به غيره}[11].

و قد ذكر الحافظ ابن عساكر - و هو أحد رواة الحديث - أن عدد شيوخه و أساتذته من النساء، كان بضعاً و ثمانين أستاذة.

5- العاقلة و معالجة مشاكل الحيض و الاستحاضة

جاءت امرأة - و هي خولة بنت يسار - تقول للنبي صلى الله عليه و سلم: إني امرأة أحيض و ليس عندي غير ثوب واحد فلا أدري كيف أصنع يا رسول الله -ـ أي عند الصلاة -؟ فقال:{إذا تطهرت فاغسلي ثوبك ثم صلي فيه}. قلت: يا رسول الله، إني أرى الدم فيه، فقال" {اغسليه و لا يضرك أثره}[12].

سبحان الله! لا تملك غير ثوب واحد تحيض فيه و تصلي فيه!! و نساء كثيرات في هذا الزمن امتلأت بيوتهن بالثياب، بل لا تقبل الواحدة منهن أن تكرر لبس الثوب في مناسبتين، و لا بد من ثوب جديد، و النبي صلى الله عليه و سلم دعا بالتعسة و النكسة على عباد الثياب، عباد الموضة، و اللاهثات خلف كل جديد، فقال صلى الله عليه و سلم:{تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة[13]، تعس و انتكس، و إذا شيك فلا انتقش}[14] أي: إذا أصيب بشوكة فلا برأ منها.

و الحديث يعم الرجال و النساء، و لا نحرم زينة الله التي أخرج لعباده، و لكن نقول فقط: هل من تعظم الدنيا إلى هذا الحد تعظم دينها و تقف عند حدوده؟!

و في شأن الاستحاضة - و هي استمرار نـزول الدم على المرأة و جريانه في غير أوانه -، فقد قالت حمنة بنت جحش[15]: كنت أُستحاض في حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أستفتيه و أخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة و الصوم، فقال:{أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم}، قالت: هو أكثر من ذلك، قال:{فاتخذي ثوبا}، فقالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجاً، قال صلى الله عليه و سلم:{سآمرك بأمرين، أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، و إن قويت عليهما فأنت أعلم}. قال لها:{إنما هذه ركضه من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت و استنقأت فصلي ثلاثا و عشرين ليلة، أو أربعا و عشرين ليلة و أيامها وصومي فإن ذلك يجزيك، و كذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء و كما يطهرن ميقات حيضهن و طهرهن، و إن قويت على أن تؤخري الظهر و تعجلي العصر فتغتسلين و تجمعين بين الصلاتين الظهر و العصر، و تؤخرين المغرب و تعجلين العشاء، ثم تغتسلين و تجمعين بين الصلاتين فافعلي، و تغتسلين مع الفجر فافعلي و صومي إن قدرت على ذلك}. قال صلى الله عليه و سلم: {و هذا أعجب الأمرين إلي}.

قال الخطابي تعليقا على الحديث: إنما هي امرأة مبتدأه - يعني من يوم بلغت المحيض و هي على هذه الحال فلم تجرب أيام الحيض بعددها - لم يتقدم لها أيام و لا هي مميزة لدمها - يعني لون دم الحيض من دم الاستحاضة، و قد استمر بها الدم حتى غلبها، فرد رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرها إلى العرف الظاهر و الأمر الغالب من أحوال النساء... الخ [16].

6- العاقلة و حب التنزيل

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه و سلم يدخل على أم أيمن فقربت إليه لبناً، فإما كان صائماً و أما قال:{لا أريد}، فأقبلت إليه تضاحكه، فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو بكر لعمر: انطلق بنا نـزر أم أيمن كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزورها، فلما دخلا عليها بكت، فقالا: ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله؟ قالت: أبكي أن وحي السماء انقطع، فهيجتهما على البكاء، فجعلت تبكي و يبكيان معها [17].

و في رواية [18]:{و لكني أبكي على الوحي..} و أم أيمن هي مولاة النبي صلى الله عليه و سلم و حاضنته، و كانت مولاة لأبيه عبدالله، و هي أم أسامة بن زيد رضي الله عن الجميع.

فأم أيمن رضي الله عنها حين تبكي يظهر من بكائها هموم المرأة المؤمنة العاقلة و أحزانها، تبكي لأنها تابعت القرآن و هو ينـزل آية آية و لم تعد ترى من التنـزيل المزيد.

و قد بكت أيضاً لما قتل عمر؛ لعلمها أن عمر كان حصناً للإسلام و نصراً، و لذلك قيل لها في بكائها على عمر، فقالت: اليوم و هَى الإسلام، أي ضعف[19]. فما هي آلامك و أحزانك أيتها المسلمة؟ لأي شيء تذهب دموعك و تسح عبراتك؟ نريدك باكية على الخطيئة، نادمة على المعصية، نريدك باكية من قراءة القرآن، فإن لم تقدري فمتباكية.

أيتها المسلمة! هل تقرأين من القرآن شيئاً في اليوم و الليلة؟ هل أبكتك  بعض آياته، و مواقفه الجليلة؟ هل تعلمين بأحكامه، و تهذبين نفسك، و تطهرين سلوكك و قلبك بتوجيهاته و أوامره و نواهيه؟ هذا ما نريده منك أيتها العاقلة.

7- العاقلة و فداؤها لرسول الله -صلى الله عليه و سلم- بنفسها و أهلها

عن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة - أمه - رأيتني و انكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد، فما بقي إلا نُفَير - نفر قليل - ما يتمون عشرة، و أنا و ابناي و زوجي بين يديه نذب عنه - ندافع عنه - و الناس يمرون منهزمين، و رآني و لا ترس معي - و هو درع يحمي المقاتل من الضربات - فرأى صلى الله عليه و سلم رجلاً مولياً - هارباً - و معه ترس، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم:{ألق ترسك إلى من يقاتل}، فألقاه، فأخذته فجعلت أترس به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، و إنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل - تقصد اشتد عليهم في القتال راكبو الخيل من الكفار - لو كانوا رجّالة - أي على أرجلهم مثلنا - أصبناهم إن شاء الله، فيقبل رجل على فرس، فيضربني، و ترست له - بالدرع - فلم يصنع شيئاً و ولى، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يصيح:{يا ابن أم عمارة، أمك، أمك} أي عاونها على قتل الرجل، فعاونني عليه حتى أوردته شَعوب - اسم للموت[20]. ما شاء الله!

و لو كان النساء كمن ذكرنا 
لفضلت النساء على الرجال 

و لكن أيتها المسلمة، هل تعرفين لماذا هذا الحب كله و الفداء كله لرسول الله صلى الله عليه و سلم؟ اقرئي الفقرة التالية.

8- العاقلة و منـزلة النبي -صلى الله عليه و سلم- عندها

لما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من دفن شهداء أحد انصرف راجعاً إلى المدينة، و خرجت النساء تتفقد أحوال المسلمين، فمر النبي صلى الله عليه و سلم بامرأة من بني دينار، و قد أصيب - قُتل - زوجها و أخوها و أبوها بأحد، فلما نعوا إليها - أبلغت بموتهم - قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه - و كانت لا تعرفه - فأشير إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل - أي هينة[21].

سبحان الله ! تلك المرأة من بني دينار يقتل زوجها و أخوها و أبوها و لا تبالي، و كل همها الاطمئنان على رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلما رأته بعينها سالماً معافى سكن روعها و هدأت نفسها.

سيدي يا رسول الله، لقد كان أصحابك يعرفون حقاً قدرك و منـزلتك عند الله و عندهم، ففدوك بأنفسهم و أزواجهم و آبائهم و إخوانهم، لكن لما ضعف الإيمان و قلت الهمة و خارت العزيمة تجرأ البعض على أمرك و نهيك و على سنتك، بل على شخصك الجليل. و حسبنا الله و نعم الوكيل.

9- العاقلة مستجيبة لله و لرسوله -صلى الله عليه و سلم-

قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]. فاستجابت أم حُمَيد رضي الله عنها و عن زوجها أبي حميد الساعدي، جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم يوما فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك. فقال لها:{قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، و صلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، و صلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، و صلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، و صلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي}[22].

قال الراوي عبدالله بن سويد: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها و أظلمه، و كانت تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى. و بيت المرأة هو المكان الذي تبيت فيه، و هو أستر مكان في المنـزل كله، فهل تستجيب أخواتنا لتوجيهات النبي صلى الله عليه و سلم فيما يخص الخروج إلى المساجد و آداب ذلك، في الوقت الذي كثر فيه الاختلاط و السفور و الفتن، و غابت الضوابط الشرعية التي تضبط خروج المرأة، و كثر مرضى القلوب و المتعرضون ؟ و إن العاقلة لتختار بيتها لتصلي فيه إذا عرفت أن زمننا أشد و أفظع من زمن أم حميد.

و لما خطب النبي صلى الله عليه و سلم في النساء يوم عيد قائلاً:{يا معشر النساء، تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم}[23]، تأثرت النساء جداً بهذا الخبر، فكانت الاستجابة سريعة جداً أيضاً، و في نفس الموقف، فجعلن يتصدقن من حليهن وي لقين في ثوب بلال رضي الله عنه من أقراطهن و خواتيمهن - و القرط هو الحلق، و فعل النساء هذا الشيء يوم عيد و فرحة و زينة و تباهي بالحلي يدل على سرعة الاستجابة لله و رسوله، و الخوف من جهنم، و لو طلب النبي صلى الله عليه و سلم أرواحهن لقدمنها رخيصة افتداء من عذاب النار.

إنها القلوب الحية التي تستجيب لله و رسوله و تختار ما عند الله.

و الحديث كما أسلفنا كان من النبي صلى الله عليه و سلم إلى النساء في يوم عيد، حيث قام صلى الله عليه و سلم يعظهن و يذكرهن بالله. و ها هو بتمامه:

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{يا معشر النساء، تصدقن و أكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار}. فقالت امرأة منهن جزلة[24]: و ما لنا يا رسول الله؟ قال:{تكثرن اللعن و تكفرن العشير، و ما رأيت من ناقصات عقل و دين أغلب لذي لب ٍمنكن}. قالت: يا رسول الله، و ما نقصان عقلها؟ قال" {أما نقصان العقل؛ فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل[25]، فهذا نقصان العقل، و تمكث الليالي ما تصلي؛ و تفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين}[26].

10- العاقلة و التعبد بالليل

قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَ قَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَ يَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ... ﴾  [الزمر: 9]. ها هي حفصة بنت سيرين الأنصارية العالمة الزاهدة العابدة تحفظ القرآن و هي بنت ثنتي عشرة سنة، و عاشت سبعين سنة، عمرت كلها بالعبادة و القرآن، مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة - الراحة وقت القيلولة - أو قضاء حاجة كما قال عنها مهدي بن ميمون. و يقول عنها إياس بن معاوية: ما أدركت أحداً أفضله عليها.

و ليس معنى هذا دعوة النساء إلى الرهبنة، {فلا رهبانية في الإسلام}[27]، فالإسلام لا يدعو إلى التبتل و الانقطاع و ترك الأعمال و التربية و الخدمة و غير ذلك من الأمور الاجتماعية و الحياتية، لكن لا يبغي أحدها على الآخر.

و نموذج آخر هو امرأة رياح بن عمرو القيسي و هو رجل صالح أراد أن يختبر عزيمة امرأته على قيام الليل، فتناوم، فقامت هي تصلي و أيقظته، فادعى التثاقل و أنه سيقوم، فكررت إيقاظه بعد ما مضى ربع الليل، و هكذا إلى أن مضى الليل و لم يقم، فقالت: مضى الليل و عسكر المحسنون و أنت نائم! ليت شعري من غرني بك يا رياح، من غرني بك[28]؟

إن هذا المرأة ما هي إلا نموذج عملي لقول النبي صلى الله عليه و سلم: {رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، و أيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء}[29] أي رشت عليه من الماء.

و امرأة رياح تأسف على زواجها منه لما رأته لا يقيم الليل، فعلى أي شيء تأسفين في زوجك أيتها المسلمة؟ ألأنه فقير، أم لأنه لا يمتلك سيارة، أم لأنه ليس من أسرة عريقة مرموقة، أم لأنه ضعيف في دينه؟! هذه الأخيرة التي نريد أن تكون مصدر قلق و انـزعاج المسلمة العاقلة.



[1]تلخيص الحبير لابن حجر (ج 1 ص 220)، و المغني (ج 7 ص 416)، و قال: روي أن عمر رضي الله عنه كان يطوف ليلة في المدينة، فسمع امرأة تقول... و ذكر الأبيات السابقة، فسأل عمر نساءً: كم تصبر المرأة عن الزوج ؟ فقلن: شهرين، و في الثالث يقل الصبر، و في الرابع ينفد الصبر. و في التلخيص: فكتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أربعة أشهر أن يردوهم. و يروى أنه سأل عن ذلك حفصة، فأجابت بذلك.

[2] البخاري (ج 3 ح 3184).

[3] تفسير القرطبي (ج 18، ص 26).

[4] صحيح الجامع (ح 3795).

[5] الإصابة (ج، ص 238).

[6] مسلم ج 4 ح 2633.

[7] البخاري ج 5 ح 5889، ومسلم ج 3 ح 22/2.

[8] مسلم ج 1 ح 330 وغيره.

[9] رواه أحمد (ج6 ص 360)، و أبو داود (ج1، ص 31)، و قال الألباني في صحيح أبي داود: (حسن) (ح 134).

[10] الاستيعاب لابن عبد البر ج 4 ح 2233.

[11] رواه أحمد و أبو يعلى و الطبراني و رجاله ثقات. و انظر مجمع الزوائد (6/38).

[12] صحيح أبي داود للألباني ح361.

[13] الخميصة: أي القطعة و هي نوع من الثياب.

[14] البخاري ج 3 ح 2730 عن أبي هريرة.

[15] صحيح أبي داود (ح 280).

[16] تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ج 1 ص 337.

[17] أخرجه مسلم (7/144)، و أحمد و أبو يعلى من هذا الوجه.

[18] الإصابة لابن حجر ج 8 ص 172.

[19] المصدر السابق نفس الصفحة.

[20] سير أعلام النبلاء للذهبي (2/279)، طبقات ابن سعد (8/413).

[21] سيرة ابن هشام ج 4 ص 50.

[22] صحيح ابن حبان (ج 1 ح 2217).

[23] البخاري (ج 1 ح 298)، و مسلم (ج 1 ح 79)، و غيرهما.

[24] أي: تامة الخلق.

[25] و قد يستخدم بعض البسطاء هذا الحديث مدعاة للتنقيص من شأن المرأة و تعييرها بنقص العقل و الدين، و هذا لا يجوز، و إن كان المراد بنقصان العقل قلة الضبط، و كثيراً ما يقع في هذا رجال.

[26] مسلم ج 1 ح 79.

[27] لا رهبانية في الإسلام، و الرواية الصحيحة: (و لا تكونوا كرهبانية النصارى). صحيح الجامع ح 2941.

[28] صفوة الصفوة ج 4 ص 44.

[29] صحيح الجامع عن أبي هريرة ح 3494.

قراءة 1768 مرات آخر تعديل على الجمعة, 15 تموز/يوليو 2016 07:38

أضف تعليق


كود امني
تحديث