قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 21 نيسان/أبريل 2016 08:59

المطبعة الجزائرية الإسلامية بقسنطينة*

كتبه  الأستاذ عبد المالك حداد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تعد المطبعة الجزائريّة الإسلاميّة بقسنطينة من مآثر الحركة الإصلاحيّة التي خلّدها التّاريخ، أسستها نخبة من الشّبيبة لخدمة اللّغة و النّهضة الجزائريّة عام 1343 ﻫ/1925م، كما أسهمت في نشر فنّ الطباعة بين أبناء الوطن لَمَا كان الوضع في الجزائر يتسم بسيطرة الفرنسيين على المطابع، إذ لم تكن حينذاك سوى بضع مطابع عربية أنشأها جزائريون لطبع صحفهم و منشوراتهم.

و تعود فكرة تأسيس المطبعة الجزائريّة الإسلاميّة إلى الفترة التي كان فيها الشّيخ ابن باديس يكتب فصولا في جريدة النّجاح (أسست سنة 1337 ﻫ/1919 م)، و كان السبب في إنشائها حاجته آنذاك إلى وجود مطبعة تطبع صحيفة تكون لسان حال حركته الإصلاحية التي ابتدأهاعام 1332 ﻫ/1914 م، و تضمن لها البقاء و يَأمَن الضغط عليها لمعرفته بمضايقات و عراقيل الإدارة الاستعمارية، و قد عايش ذلك من تجربته مع جريدة النّجاح التي كان يأتمن إدارتها على سره في مقالاته، فأصبح معلوماً عند سلطات الاحتلال التي عرفت ميوله و مقاصده، و هذا من أسباب استقلاله عن الجريدة، و انفصال خليل ابن القشي عن مطبعة النّجاح، و يروي ابن القشي التفاصيل، قائلاً: «كنت أعمل بمطبعة النّجاح و بيني وبين إسماعيل مَامي (بن عبدي) رئيس تحرير النّجاح صلة قرابة و أتقنت فن الطباعة، و كان الشّيخ (ابن باديس) يكتب في النّجاح فصولا تحت إمضاء مستعار (ابن الإسلام، و القسنطيني، و العبسي)، و قد يتحاشى الإعلان عن اسمه، و لكن هذه المقالات كانت تصل إلى الإدارة الاستعمارية فتعرف أسرارها و أحيانا قبل أن تنشر، فكان الشّيخ يتألم، و ذات يوم قلت له: لماذا لا تنشئ لنفسك صحيفة تكون لسان حال حركتك، و تنشئ مطبعة لها؟ إنني أعدك أن أترك عملي بمطبعة النّجاح و أتعاون معك. قال: فأجابني أنه سيفكر في الأمر و يتخذ قراره بعد الاستخارة، ثم أعلن قبوله و اختيار الذين يعملون معه».

و تكونت عصبة المطبعة أول أمرها من السادة: الشّيخ عبد الحميد بن باديس، و أحمد بن إسماعيل بوشمال، و خليل (الزواوي) بن مُحَمَّد ابن القشي، و إسماعيل صحراوي، و عبد الحفيظ بن صالح صويلح (الجنان)، ثم انسحب هذا الأخير لظروف مالية قاهرة إثر وفاة والده الشّيخ صالح الجنان معلم القرآن في كتّاب سيدي فتح الله (موقعه بمقعد الحوت في رحبة الصوف)، و هو أوّل من أعطى كتّابه و صغاره للشّيخ ابن باديس لما انتصب للتعليم، و جعل من جملة دروسه تعليم صغار الكتاتيب القرآنية بعد خروجهم منها في آخر الصبيحة و آخر العشية، و كان ابنه عبد الحفيظ من تلاميذه. و في وقت لاحق بعد عودة الشّيخ مبارك بن مُحَمَّد الميلي من جامع الزّيتونة إلى قسنطينة متحصلاً على شهادة التّطويع (سنة 1342 ﻫ/1924 م)، اختاره أستاذه الشّيخ ابن باديس ليكون من أعضاء المطبعة، و قد أدرك الشّيخ مبارك أهمية الطباعة عندما كان يشاهد في تونس انتشار المطابع خاصة بجوار جامع الزّيتونة، و رجوعه حاملاً معه مسودة القانون الأساسي ليحث الطلاب و أهل العلم على إنشاء مطبعة كبرى تطبع المخطوطات و تنشر الجرائد و المجلات لتحيا أمته حياة علمية لا نظرية.

و لتحقيق مشروع المطبعة كانت هناك حاجة إلى مقر و أموال. أما المقر فقد اشترى أحمد بوشمال باسمه مناصفة مع خليل ابن القشي المحل التجاري الذي كان يشتغل فيه مع والده في صناعة الأحذية ليكون مكانا للمطبعة، و هو الكائن بالنهج المسمى سابقا اليكسيس لاﻣﺒﭙﺮ عدد 33 حذو محكمة القسم الأول قسنطينة، و اليوم نهج عبد الحميد بن باديس حذو الأربعين الشريف. و أما المال فقد ساهم كل عضو بقدر المستطاع لتغطية النفقات الباهظة - لمثل من كان في وضعيتهم - على المعدات و آلات الطباعة, و يبدو أن الشّيخ ابن باديس الذي لم يكن له مال و لا دخل قد استعان بوالده صاحب الأملاك و الثروة لدعمه ماديا، كما استعان بذهب زَوْجَته التي تبرعت به عليه، و قدمته له عن طيب نفس و إيمان بعظمة مقاصده.

و هكذا استطاع الشّيخ ابن باديس و رفقاؤه في المشروع تجهيز المطبعة، و من تمَّ تركيب الآلات و وضعها في أماكنها في شهر رمضان 1343 ﻫ/أفريل 1925 م، و قد اختاروا لها التسمية التي تعبّر في حدّ ذاتها عن برنامج له أبعاد، و جعلوا شعارها "النظام و الإتقان"، و قُيد نشاطها التجاري (R.C.C) تحت رقم 2505، و تولت طباعة جميع أنواع المطبوعات بالعربية و الفرنسية و بجميع الألوان بعد فترة تجربة الآلات و الحروف و توزيع العمل حيث أصبح خليل ابن القشي مديرا للمطبعة و إسماعيل صحراوي مدير المستخدمين، و قد أشرفا معا على الطباعة لخبرتهما السابقة بمطبعة النّجاح، فيما أشرف الشّيخ ابن باديس على صحفه التي صدرت لاحقا و أسند إدارة شؤونها لأحمد بوشمال، و انضوى الشّيخ مبارك الميلي تحت لواء أستاذه يكتب فيها.

جاءت أولى إصدارات المطبعة في خاتمة شهور عام 1343 ﻫ/2 جويلية 1925 م، ممثلة في صحيفة "المنتقد" التي دخل بها الشّيخ ابن باديس عالم الصحافة، مستسهلاً  كل الصعاب في سبيل الغاية التي كان يسعى إليها. و لم تعاني "المنتقد" من نقص في المال و لا من عراقيل مطبعية، و إنما عانت من قرار الإدارة الاستعمارية التي عطلتها في مدة قريبة بما تملك من قوانين بعد صدور 18 عددا، فأصدر بعدها جريدة "الشّهاب" في 26 ربيع الثاني 1344 ﻫ/12 نوفمبر 1925 م، و بسبب ضائقة ماليّة نقلها بعد أربع سنوات (1347 ﻫ /1929 م) إلى مجلّة شهرية، و استمرت في الصدور إلى أن أوقفتها السلطة الفرنسية غداة اندلاع الحرب العالمية الثانية.

هذه الغاية التاريخية و أبعادها لم تكن لتخفى على إدارة الاحتلال و أعداء الحركة الإصلاحية، لذا جاء رد فعلها سريعا كما يشهد بذلك الاعتداء الذي استهدف الشّيخ ابن باديس بالاغتيال في 9 جمادى الثاني 1345 ﻫ/14 ديسمبر 1926 م على خلفية اشتداد الحملات في "المنتقذ" ثم "الشّهاب" على الطرقية التي شوّهت محاسن الإسلام، و نشره رسالة "جواب سؤال عن سوء مقال" التي طبعت في المطبعة ردا على شيخ الطريقة العلوية الذي تَجَرَّأَ على مقام النّبيّ صلى الله عليه و سلم في أبيات باللّسان العَامِّيِّ، و كذلك استهدف أحمد بوشمال ناحية الجلفة سنة1345 ﻫ/1927 م. ثم تعطيل صحف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي كان يترأسها الشّيخ ابن باديس، و كانت تلك الصحف تطبع في المطبعة منذ سنة 1352 ﻫ/1933 م، و هي: السّنّة المحمّديّة (صدر منها 13 عدداً)، و الشّريعة المطهّرة (صدر منها 7 أعداد)، و الصّراط السّويّ (صدر منها 13 عدداً)، فيما أفلتت "البصائر" من توّقيف الإدارة الاستعمارية.

و يبدو أن الشّيخ ابن باديس قد تعرض منذ بداية المشروع إلى ضغوط كبيرة لتركه، حيث كشف في مراسلة لصديقه الشّيخ الطيب العقبي مؤرخة في 3 صفر 1345 ﻫ/12 أوت 1926 م أن بعض الأفراد و الدوائر دفعت والده مُحَمَّد المصطفى بن باديس إلى أن يأمره بترك المشروع، فيقول: «أخي، إن سيدي والدي رأى أن أترك هذا المشروع، و أمرني بذلك فأبيت، و صمم على رأيه و صممت، حتى أدى ذلك إلى انفصالي عنه، و إعلانه البراءة منّي، راعى ما يرضي بعض الأفراد، و ما يحمي سمعته و سمعتي، في تلك الدوائر، و راعيت مصلحة الأمة، و الدّين و الواجب و المبدأ، فضحيت بكل شيء في هذا السبيل غير متألم إلا تألمي الذي اضطرني إليه، فأنا اليوم يا أخي ناءٍ عن الأهل، صفر الكف منفرد في سبيل المبدأ و الواجب». و كان من تداعيات ذلك أن طالبه والده بسداد المبلغ التي أقرضه إياه و المقدر بـ21 ألف فرنك، و قرر الوالد سنة 1352 ﻫ/1933 م أنه في حالة عجز ابنه عن السداد أن يحجز المطبعة، و قد أعان الشّيخ ابن باديس على سداد المبلغ بعض الإخوان الصادقين في خدمة الدّين و الوطن.

هذا و كانت مداخيل المطبعة لا تغطي النفقات، و ليس لها موارد أخرى، و حتى بعد انتصار الفكرة و نجاحها في الثلاثينات ما فتئت أن عطلت بسبب الحرب العالمية الثانية و ما رافقها من تضييق، ما أدى إلى زيادة التكاليف و الأعباء حتى صارت تدفع رواتب العمال من رأس مالها، و للخروج من هذه الضائقة قام أحمد بوشمال و باقتراح من مُحَمَّد الصالح رمضان بجمع المقالات التي تتناول موضوعا واحدا من أعداد مجلّة الشهاب في كتاب مفرد يباع و يدر على المطبعة أرباحا تستطيع بواسطتها الاستمرار في العمل. و قد تجسدت هذه الفكرة فصدر كتاب يجمع بعض دروس التفسير للشّيخ ابن باديس، و طبع بمناسبة الذكرى الثامنة لوفاته سنة 1367 ﻫ/1948 م، و قد قدم لهذا الكتاب الشّيخ مُحَمَّد البشير الإبراهيمي.

و مما يذكر في هذا الصّدد أن الشّيخ ابن باديس كان يتناول مرتباً أسبوعياً من المطبعة و الشّهاب – مائة فرنك فقط – و بعد وفاته رحمه الله سنة 1359 ﻫ/1940 م بقيَ هذا المرتب يخرج من الميزانية و يدفع كصدقة عليه، و هذه حقيقة ذكرها لأول مرة تلميذه الشّيخ أحمد حماني. و إبان ثورة التحرير وضعت المطبعة في خدمة الثورة حيث كان أحمد بوشمال يمارس أعمالا سرية بطبع بياناتها و بعض وثائقها على غرار بطاقات جنود جيش التحرير الوطني، و قد استقطب نشاط أحمد بوشمال و بعض رفاقه بدعمِ الثورة شبهات الأمن الاستعماري ما أدى إلى اعتقاله، و توقيف نشاط المطبعة سنة 1376 ﻫ/1957 م.

المطبعة تنتظر من ينفض عنها غبار الزمن

الواقف اليوم أمام باب المطبعة الجزائريّة الإسلاميّة بقسنطينة يجدها موصدة بالسلاسل و دون استغلال أو حتى تحويلها إلى متحف، و الأدهى و الأمر تدهور حالتها على ما كانت عليه بعد ترميمها من قبل المجلس الشعبي الولائي لولاية قسنطينة سنة 2005 م، أما ورشة الترميم المخصصة لها في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 فلا أثر لها، و ها نحن في ختام سنة التظاهرة.

لقد أتيح لنا رؤية بقايا المطبعة، فوجدنا بداخلها آلات كانت مخصصة للطباعة يعود تاريخها لأواخر القرن 19 م، منها آلة لطباعة الصحف ذات تغذية ذاتية من الورق الملفوف على بكرات، و آلة "مقطع الورق  George Lhermite"، و مكينة قص الأحرف، و أخرى لثقب الورق و مكتب و نماذج من الأحرف الخشبية التي كانت تستخدم في الطباعة و قوالب الطباعة الحجرية، و يظهر جليا أن هناك معدات أخرى قد اختفت من المطبعة مقارنة بما شهدناه سنة 2005 م ،أو حتى من قبل، مقارنة بمطابع مماثلة.

للأسف.. اليوم نجد هذه المطبعة تنتظر من ينفض عنها غبار الزمن و يعيدها إلى الوجود، لتروي تاريخ مكان شكّل حقبة من الزمن في تاريخ الطباعة و الصحافة بالجزائر، فهي مما خلف العظامُ من ميراث أعمال يُحتذى بها من بعدهم، و أفكار يُهتدى بها في الحياة، و آثار مشهودة ينتفع بها، و أمجاد يعتزّ بها.

فإلى متى تظل المطبعة مغلقة يأكلها الغبار ! لا أحد من المسؤولين تجرأ لنفض الغبار عنها، لا الولاية، و لا المنتخبون، و لا وزارة الثقافة و لا السياحة و لا التربية و لا الشؤون الدينية و الأوقاف، و لا حتى مؤسسة ابن باديس، و لا حتى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أو لم يكن جديرا بدل صرف الملايين على تمثال العلاّمة ابن باديس ترميم المطبعة و جعلها متحفا لأثاره ما دام الجميع فشل في تحقيق هذا الحلم..

المصادر:

أحمد حماني: صراع بين السنّة والبدعة، ج1، وج2.

تقارير سرية من الأرشيف الفرنسي رقم: 1492 بتاريخ 14/06/1933 م، و رقم: 1865 بتاريخ 19/07/1933 م.

الشّهاب: ج1، م5، رمضان 1347 ﻫ/فيفري 1929 م.

عبد الحفيظ الجنان: أطوار من حياة الشّيخ مبارك، البصائر، 15 ماي 1948 م.

مُحَمَّد عباس: الشهيد بوشْمال الساعد الأيمن لابن باديس، الشروق اليومي، 12 جويلية 2015 م.

المنتقد: س1، ع1، ذي الحجة 1343 ﻫ/2 جويلية 1925 م.

* راجعوا ألبوم الصور و الذي يتضمن صور للمطبعة الإسلامية.

قراءة 2772 مرات آخر تعديل على الجمعة, 22 نيسان/أبريل 2016 07:23

أضف تعليق


كود امني
تحديث