قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 19 تشرين2/نوفمبر 2017 18:31

قراءة في كتاب رام الله العثمانية: دراسة في تاريخنا الإجتماعي 1517- 1918 ،لمؤلفه الدكتور سميح حمودة

كتبه  الأستاذ أنس سلامة* من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(1 تصويت)

عقد نادي العلوم السياسة و دائرة العلوم السياسة بالتعاون مع الأرشيف الرقمي في معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية محاضرة بعنوان "رام الله العثمانية- دراسة في تاريخها الاجتماعي 1517-1918"
ألقاها أ. سميح حمودة/ من دائرة العلوم السياسية
قدمه  د. باسم الزبيدي/ دائرة العلوم السياسية 
و ذلك في يوم الأربعاء الموافق 8 تشرين الثاني 2017، الساعة 10:00 صباحاً تناول فيها الإستاذ سميح حمودة أهم ما جاء في كتابه الصادر حديثاً حول قرية رام الله العثمانية.

v      لماذا نقرأ التاريخ العثماني؟

  "لسنا مختلفين عن الآخرين الذين يدرسون تواريخهم"

كثيراً ما نسمع في بلادنا إعتراضات على البحث التاريخي و المناقشة في الماضي: ماذا نستفيد من النقاش عن أحوال العثمانيين؟ و ماذا يفيدنا معرفة تاريخ ولاية ما ؟ و ما هي فائدة البحث في دولة فرضت منهاج التخلف و إمتازت بالإنحطاط ؟ و ماذا ؟ و ماذا ؟ ... لنتطلع إلى المستقبل، الغرب يصنع طائرات و يصل إلى الفضاء و نحن مشغولون بما فات......

"نحن نقرأ التاريخ لنطلع على تياراته العامة و توجهاته الرئيسة و لا نغرق في لحظات البؤس العابرة أو الأفراح الموهومة".

فكتابة التاريخ جزء من تشكيل و تكوين الهوية لأن الأنسان عندما يعرف تاريخه يعرف ذاته، الحاضر مرتبط بالماضي و هما قاعدة لإستشراف المستقبل، الإنسان حينما يدرس تاريخه يدرك مكامن القوة و الضعف، يعرف من هو العدو، و الأساليب التي أتبعها و لا يزال يتبعها العدو ليتعامل معها، فالتاريخ حقل مهم جداً من حقول المعرفة فتجد الولايات المتحدة، تولي الاهتمامات التاريخية التفاتاً عظيماً، بل نجدها لإفتقادها البعد الزمني في تاريخها القصير، تحاول نحت تاريخ بأي شكل من الأشكال يصل حد الهوس بتفاصيل غريبة: أين الورقة التي كتب عليها أبراهام لنكولن خطابه؟ و ما هي النكت التي كان يتداولها؟ و من هم أبناء جيفرسون غير الشرعيين؟ و أين قضى تقاعده؟ و ما هي آخر الأبحاث و الحفريات في عظام المشاركين في معركة أو ضحايا مجزرة؟ و كيف تطورت أطلال معركة ما منذ وقوعها قبل 150 عاماً؟ و هكذا.

لكن نحن و للإسف في عالمنا العربي و الفلسطيني لا نولي أهمية كبيرة للتاريخ بدليل ذلك الضياع الذي مس العديد من وثائقنا و مصادرنا ....

يقدم الكاتب رواية حول حقبة قرية صغيرة و هي قرية رام الله التي تتمدد الآن لتتحول في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية إلى عاصمة لها ، و يشكل الكتاب بشكل عملي حديث أوسع من الحديث فقط عن تاريخ رام الله، عن ذاتنا و عن هويتنا و عن أنفسنا، أعتمد الكاتب فيها على  وثائق و سجلات المحاكم الشرعية المدونة في المحاكم العثمانية و هي وئائق لغوية كانت تدون يومياً في القدس، تتعلق كل منها بواقع الخلافات و الميراث و الزواج و الطلاق و حالات القتل و تعليمات الحكومة و أوامرها و كلها مسجلة بهذا الديوان، و هي عبارة عن وثائق محفوظة و مسجلة بشكل مايكروفيلم تكمن أهميتها في إنها تسجيل طبيعي للحياة الإجتماعية في عهد السلطنة العثمانية، حيث لا تجد فيها تكلف و لا تصنع، و لا يجول في خاطرك أن من كتبها كان يتنبأ أن هناك من سيقرئها بعد خمسمائة عام و بهذا لم يفكروا بأنه يجب أن نغير بها أو يجب أن نبيض صفحة المجتمع بتحريف الوقائع، بل هي على طبيعتها و لا تجد بها ذلك النوع من التحريف أو التكلف، و على هذا نحن نكتشف الحقيقة من هذه السجلات، ففي تاريخنا الفلسطيني كثيراً ما نتحدث عن شخصيات قومية عاشت في فترة الأنتداب نجدها في الرواية المثالية إنهم كانوا أبطال واجهوا الإستعمار و واجهوا الصهيونية و صنعوا المجد لكننا سرعان ما نذهب للرواية الواقعية نجد أن هناك من الشعب الفلسطيني من سمسر و باع الأراضي و منهم من كان يعمل واشياً عند الوكالة اليهودية و المخابرات الإنجليزية، و من الشعب الفلسطيني من كان يبث الفساد بين المواطنين حتى يضطر الناس لبيع أراضيهم و بهذا نسعى لمعرفة الحقيقة بكافة أشكالها و السبب الذي يكمن وراء معرفتنا بها أن الآفات الإجتماعية إذا لم تعالج على حقيقتها و توصف وصفاً دقيقاً، فلن نستطيع التخلص منها و من نتائجها، فمثله مثل الطبيب الذي يأتيه مريض و لا يحسن تشخيص المرض فلا هو واصف علاج لحله و لا هو قادر على شفاءه، فإن ما يدعيه حسب وصف الأستاذ سميح حمودة أن هذا الكتاب يقدم نموذجاً ليس في تمجيد الذات و ليس أيضاً في جلد الذات بمعنى أن نرمي على أنفسنا فقط المشاكل و التخلف، و إنما هو نموذج في كشف الحقيقة و تقديس الحقيقة و إعتبار الحقيقة هي الأساس في أي بحث علمي.

الآن إحدى المشاكل التي نواجهها في الواقع المعاصر أن أغلب الكتاب العرب ينطلقون في تقييم الدولة العثمانية بأعتبارها إحتلال أو إستعمار ينظر إلى هذه الدولة على إنها فترة إستعمار لا تختلف عن غيرها من الدول المستعمرة و البلاد العربية كانت خاضعة للإستعمار لمدة 400 عام و هلم جر من الوصوفات التي تقال، طبعاً هذا الكلام غير صحيح بتاتاً لأن الحياة و المصادر و الكتب تعكس جانباً مختلفاً تماماً غير الذي يصوره هؤلاء المثقفين الذين يقصفوننا بمصطلحات عريضة دون التعمق بفهمها، بحيث تبين المصادر طبيعة هذه الحياة و التي إمتازت بنوع من الإنسجام بين الشعوب العربية و الدولة العثمانية و خاصة في جميع أنحاء الدول العربية التي حكمتها الدولة العثمانية بحيث كثيراً ما كانوا يعتبرون أنفسهم رعايا للدولة خاضعين لقوانينها متعاونين معها و لإحكامها، لم يخطر ببالهم أن يطلقوا يوماً و لم يطلقوا على هذه الدولة كلمة " الإحتلال " أو "الإستعمار "، و هكذا كانت تتمثل طبيعة العلاقة بين المركز و الشعوب بهذا الشكل في عهد السلطنة و هي عادة مما لا يلتفت الباحث العربي له، فمما يجب التركيز عليه هو فهم  طبيعة هذه العلاقة و إعادة إكتشافها و دراستها دراسة عميقة تبين العلاقات العضوية التي كانت سائدة مثلما بينها المستشرق أبراهام ماركسون في كتابه الشرق الأوسط عشية الحداثة –حلب القرن الثامن عشر، و من الطبيعي أن لا تكون هذه العلاقة بصورة وردية أو تاريخ من الملائكة فليس مطلوب من تاريخنا أن يكون كذلك و لا يخلوا من وجود توترات، و لكن هذه التوترات لا يصلح إقتطاعها دون فهم أسباب نشأتها و مجرى الأحداث التي حصلت بها و عليه إسقاط تعميمات مخلة دون فهم سائر الإحداث.

فأول فكرة يدحضها الكتاب ألا و هي وسم تاريخ 400 عام من عمر دولة بسمة "الإستعمار"، هذه فكرة مرفوضة، هناك تعقيدات كبيرة و مختلفة في علاقة الدولة العثمانية بالولايات العثمانية العربية التي كانت تحكمها و لا يصح إطلاق هذا التعميم على وجه الإطلاق دون التعمق في فهم طبيعة العلاقة السائدة فمثلاً مراجعة سجل الأوامر السلطانية التي صدرت من السلطنة العثمانية للولاة في فلسطين، نجد أن الدولة كانت حريصة على السكان، حريصة كل الحرص على رفاههم و على الأمن و الإستقرار و منع القتل و السرقات و منع الإعتداء، حريصة على أن يعيش الناس بود و أن يجد الطعام و الراحة في التنقل و الحركة دون وجود عراقيل، فهذا لا ينطبق على وصف هذه الدولة بالإستعمارية!  فالبلد التي تحرص على تقدم السكان و معاملتهم بهذه المعاملة الحسنة لا يمكن أن نعتبرها إستعمارية و لا بأي شكل من الأشكال.

و طبعاً هذا لا يعني أن تخلوا الصورة من وجود مشاكل و هذه سمة جميع المجتمعات لكن يجب أن نكتشف هذه المشاكل من خلال السجلات و ندرس الواقع كما كان و ليس كما صوره المستشرقون و المؤرخون الغربيون الذين أرادو تحقيق مآرب سياسية في عالمنا العربي أقتضت التفتيت و التقسيم حتى تسهل السيطرة عليهم، فيجب أن لا نقع فريسة لإطروحات الإستشراق و الغربيين و الذين كان هدفهم الأول و الأخير تجزئة البلدان العربية و السيطرة عليها كما هو حاصل الآن.

v      ماذا عن العلاقات الإسلامية المسيحية ؟

يتناول الكتاب بشكل مكثف مسألة العلاقة الإسلامية المسيحية و هي مسألة مهمة جداً، لأن الغرب حينما تدخل في بلادنا إتخذ من مسألة الأقليات حجة، فحينما تدخل الغربي في لبنان إنحازت فرنسا للمارونية و بريطانيا نحازت للدروز، فأصبح ما لدينا من مجازر في عام 1860م بين الدروز و الموارنة لأن فرنسا و بريطانيا كان بينهم تنافس فسعتى لبث هذا الخلاف، فعملياً مسألة الأقليات مسألة مهمة و نجد في التاريخ العثماني و كما يكشف الكتاب أن العلاقة كانت صحيحة بين الفئات المختلفة في المجتمع، بمعنى أن المسلمون لم يكونوا ينظرون للمسيحيين على أنهم أقلية بل كانوا يعتبرونهم جزءاً لا يتجزء من الشعب، فالعلاقات كانت ودية، علاقات تحالف علاقات طبيعية و زيارات و تجارة حيث يعرض الكتاب العلاقة بين أهل البيرة و هم مسلمين و أهل رام الل و هم مسيحيون و تبين وجود تحالف بين حمولة أهل البيرة و أهل رام الله، بحيث يصل هذا التحالف إلى درجة التضيحة بالدم إذا ما أحتاج طرف ليدافع عن الآخر، و لطالما كان شباب البيرة مسؤولون عن تنظيم أفراح أهل رام الله بحيث هم من يعملون الدبكة و السحجة و الأغاني و التي تتمثل في ثلاثة أيام و تمتد لأسبوع بشكل يمثل علاقة وطيدة جداً، لكن الغرب كما نجد حتى اليوم في الأعلام الغربي يصور كأن و ما يعيش في هذا الشرق وحوش، وحوش تنتظر الفرصة لتنقض على بعضها البعض، لكن التاريخ الحقيقي و الذي يمثله السجلات يعكس الصورة تماماً، فمسألة تحكيم الشريعة، نجد اليوم إعتراض كبير على تحكيم الشريعة بسبب إعتبارها أنها تفضل المسلمين على المسييحين، و تقوم بإضطهاد المسيحيين و لكن الحقيقة إذا ما رجعنا للسجلات لا نجد إلا عكس ذلك تماماً فلا يوجد أي تفضيل من المحكمة للمسلمين على المسيحيين، و هنا أذكر قصص كثيرة تناولها الكتاب، حيث كان القاضي الشرعي ملجأ للمظلومين سواء كانوا من النساء أو من أصحاب الديانات الأخرى أو الفقراء بمعنى أن حكم الشريعة في تاريخنا العربي و الفلسطيني كان حكم العدالة و إعطاء الناس حقها، و يذكر المؤرخ المسيحي وائل حلاق في كتابه ما هي الشريعة ص 55-56 بشيء مشابه للذي يذكره الأستاذ سميح حمودة قائلاً :-

"كان كل شخص على يقين من أن أي ظلم يقع على الضعيف سوف يتم تعويضه و أن تعديات الأقوياء سوف تُكبح. و الحال أن ذلك كان أمراً متوقعاً أكدته قرون من الممارسة، حيث كان الفلاحون ينجحون دوما في الاقتصاص من أسيادهم الجائرين، و حيث كان اليهود و النصارى لا يُنصفون أمام قرنائهم المسلمين، رفقائهم في العمل، و جيرانهم فقط، و إنما أيضا أمام أشخاص لا يقلون نفوذاً عن حاكم أو والي منطقة ما.
وفرت المحكمة الإسلامية - أو مجلس الحكم الشرعي إذن نوعاً من الساحة العمومية المتاحة لأي شخص يريد أن يستخدم هذه الساحة و فقهها في الدفاع عن حقه. لقد كان مسار عمل المحكمة الحديثة بالغ الرسمية، و بنية التمثيل القانوني فيها -المكلف مادياً-، و الذي ينزع إلى كبت أصوات المتقاضين ناهيك عن كبت حسهم الأخلاقي أمورا لم يعرفها قط القضاء الشرعي، و بالتالي لم يكن يعرف أيضا المحامين و لا تكاليف التقاضي الباهظة الكفيلة بتثبيط عزم الضعفاء و الفقراء عن المطالبة بحقوقهم .... لقد نجحت المحكمة المسلمة إذن في ما فشلت فيه المحكمة الغربية الحديثة".

و عودة سريعة للأمثلة التي يوردها كتاب رام الله العثمانية، فحينما كان يأتي النصراني في المحكمة الشرعية للشهادة لكي يشهد ، و الإشاعة تقول أن الشهادة الخاصة بالنصراني لم يكن القاضي يقبلها، و هذا غير صحيح ، السجلات تثبت أن شهادة النصراني كانت مقبولة عند القاضي و لكن بدلاً من القسم على القرآن كان يقسم على الإنجيل الذي أُنزل على عيسى أبن مريم، و تشير إحدى القصص إلى وجود أحد الإشخاص من قرية رام الله كان له بقرة حمراء اللون، هذه البقرة قام إثنين بدو بسرقتها و قاما ببيعها للحام في القدس، فقام اللحام بذبحها و جلس يبيع بلحمها، فذهب  الرجل الذي من قرية رام الله و تتبع أطراف الخيط حول سرقة بقرته حتى وصل للحام، فوجد رأسها و جلدها عند اللحام و قام بأخذها و ذهب للقاضي و قدم شكوى للقاضي ضد اللحام كان مفاد الشكوى بأن هذا اللحام ذبح البقرة و قام ببيعها، و عمل القاضي يقضي بالفصل بهذه المنازعة و النظر بها، فقام الرجل الذي من قرية رام الله بجلب شهود بأن هذه البقرة كانت له و أكدوا أنها تعود له من رأسها و جلدها، فحكم له القاضي و طلب من اللحام بدفع حق البقرة للرجل و تعويضها عن ثمنها، و حقه الذي دفعه للسارق هو يقوم بتحصيله و لا علاقة للرجل به و فعلاً قام اللحام بالدفع كما تشير سجلات المحاكم... فقضايا كثيرة نجد أن حكم الشريعة لا يعني ظلم أحد بل على العكس منه نجد أنها دائماً تعطي الحق للآخرين، فالكتاب يسرد عدة قضايا للنساء من رام الله أيضاً في قضايا التوريث و ذلك لأن العرف كان يقضي من حرمانها من حقها و هذا عرف و ليس حكم الشريعة و ذلك لأن المرأة تتزوج من أسرة أخرى فتصبح ملكية الأسرة ملك لعائلة أخرى و هذا مما لم يكن مقبولاً، فعدة قضايا قدمت للمحكمة من نساء نصرانيات في الميراث في إستيلاء أخوها أو عمها أو أحد أقاربها و قيامه بحرمانها من الميراث و الإستيلاء عليه و كان دوماً القاضي ما يحكم لها و يسعى إلى إنصافها بما تمليه عليه إحكام الشريعة الإسلامية.

لذلك المسألة الأساسية التي يرسخها الكتاب أن أحق الناس هم نحن من يروا عن تاريخنا و عن هويتنا و عن علاقاتنا و يمنعوا التدخل الغربي الذي يستخدم قضايا مزيفة و قضايا أسطورية، فيقوم بأطلاق الإشاعة و يشيعها بين الناس و الناس تقوم بتصديقها فوراً و يقوم بالتطبيق إثناء إطلاق هذه الإشاعة، و هذه من السياسة التي حصلت في التاريخ المعاصر فما حصل في العراق دليل على هذه السياسة المزيفة و التي قامت على إطلاق كذبة و التي تلخصت بوجود أسلحة دمار شامل و التي أطلقها بوش و توني بلير، فكانت كفيلة بالتدخل و إحداث كل هذا الخراب فماذا حصل و يحصل نتيجة هذه الإشاعة ؟ و كم من الدمار حصدنا بفعل هذه السياسة في أوطاننا العربية؟

"هذا الكتاب هو نموذج لكل إنسان فلسطيني و عربي يهمه الواقع، يهمه شعبه يهمه قضاياه بحيث أن نقوم نحن برواية التاريخ و أن نستند إلى مصادرنا و لا نتفاخر بالنقل عن المستشرق فلان و المستشرق علان القائل، فيعلمنا هذا الكتاب أن نعتمد على هذه المصادر التي تشكل تاريخنا و أن نعتمدها في كتاباتنا التاريخية".

إضافة للقضايا العديدة التي يتناولها الكتاب و بشكل خاص سياسة الدولة العثمانية و التي تمتاز بأنها دولة تحكم عن بعد، و التي لم تأتي بجيوش تتمركز في الولايات العربية، بحيث تركت للناس أمر حكمهم بأنفسهم و من الطبيعي أن يترتب عليهم بعض الواجبات لهذه الدولة و الحقوق التي تؤديها لهم مقابل هذه الواجبات، و لكن يسمى هذا الحكم بالحكم السطحي أي لا يدخل في المجتمع و يترك المجتمع يدير ذاته بذاته و لكن هو يقوم بالإشراف العام، و بعودة سريعة لما يتناوله الكتاب كما أسلفنا في مسألة العلاقات المسيحية-المسلمة و التي يتناولها الكتاب بصورة مغايرة للصورة التي يقدمها الغرب، بحيث إمتازت بالإنسجام و التعاون و الوئام الذي لا يخلوا منه أي مجتمع طبيعي حيث تحدث الكتاب تفصيلاً عن حملة نابليون أيضاً و آثرها على زعزعة بعض العلاقات المسيحية الإسلامية في مصر و ذلك لأن بعض النصارى اختاروا أن ينضموا إلى صفوف نابليون و أنحازوا له، و هذا أثار غضب على النصارى بشكل عام في مصر و بعض التحريض ضدهم و الذي أدى لحصول إضطهاد و لكن و سرعان ما عولجت تلك القضايا بسرعة، لكن الأمر الذي يثير الحيرة حينما تجد أن أهل رام الله في الوسط الذي كانوا يعيشون به لم يحدث أي صراع بينهم و بين المسلمين بالعكس يذهب رجل أسمه أبو حنا أحد مشائخ رام الله أمام القاضي في محكمة رام الله مع مختار آخر و يتعهد أمام مجموعة القرى الموجودة بتنظيم خمسمئة متطوع نصراني من المنطقة ليقاتلوا نابليون في صفوف المسلمين بمصر!  فهذا الشعور لا يعكس شعور أقليات أو شعوب لا ينتمون إلى نفس ذلك المجتمع بل هم ينتمون له و لنفس الحضارة و الفكر و الوعي و يتشاركون نفس المصير فيما بينهم، بحيث لم يظهر هناك تمييز أو مشاكل على أساس الدين كما حصل في بلدان أخرى بحيث تجد في الكتاب أن المسيحييون من رام الله الروم الأرذثوكس حينما بدأت الحملات التبشيرية الغربية على فلسطين بدأت تظهر الخلافات بينهم و بين المسيحيين أنفسهم من المذاهب الآخرى بمعنى أن الغرب هو من زرع التقسيم الديني بين أصحاب الديانة الواحدة، و عليه يتلخص مجمل الموضوع أن المواجهة الحالية التي نواجهها مع الغرب ممتدة الجذور و هي ليست حديثة، و هي ليست فقط مواجهة سياسية عسكرية إقتصادية و إنما أيضا مواجهة معرفية، بمعنى حتى حينما نريد أن ندرس أنفسنا على من نعتمد ؟  هل نعتمد على الغرب و روايات الغرب ؟ أم نعتمد على سجلاتنا و التي تعكس هويتنا و ذاتنا ؟

v      علاقتنا بالوثائق و السجلات التاريخية :-

 تتمثل علاقتنا بالوثائق أو بالسجلات المحاكم الشرعية بعلاقة سطحية بعيدة كل البعد عن الأهتمام الجاد بها و بدراستها، و لطالما ينظر الإستاذ سميح حمودة للأكاديمين الإسرائيليين و المؤرخين الصهاينة، فدراسة التاريخ العثماني كما يقول تفوق علينا الإسرائيلييون بها بدرجات هائلة و كبيرة، ففي الجامعات الإسرائيلية كان يدرس التاريخ العثماني في فلسطين و غير فلسطين منذ الستينيات، بينما نحن في عالمنا العربي كان لدينا رفض شديد ببحث التاريخ العثماني بأعتباره كله تاريخ تخلف و سبب التراجع و الإنحطاط بحيث حكمنا على 400 عام  و شطبنا عليها بجرة قلم!  بينما الإسرائيليون من الأمور التي عملوها و هو مشروع مذهل حقاً، قاموا بجمع سجلات 400 عام و هي سجلات كبيرة جداً كانت عبارة عن 430 سجل و يشكل كل سجل ما حجمه بالعرض حجم طاولة صغيرة و صفحته تحتوي عشر صفحات من الكتب التي ننشرها اليوم، بحيث يحتوي السجل على 600-700 صفحة، بحيث قام المستشرقون الإسرائيليون و على رآسهم آمن كوهن بجمع كل الحجج التي تتعلق باليهود أي قضية لها صلة أو علاقة باليهود قاموا بتدوينها و تسجيلها و ترجموها باللغة العبرية و نشرت بما يقارب ال36 مجلد باللغة العبرية، بحيث تمكن أي باحث إسرائيلي يريد دراسة تاريخ اليهود في فلسطين و القدس أن يستند إلى هذه السجلات و ليس هذا فقط بل ذهبوا أيضاً إلى مراكز الأرشيف العثماني و إستخرجوا جميع الوثائق التي تتعلق باليهود و قاموا بترجمتها و بحثها و تدقيقها و نشر كل التفاصيل التي تتعلق بحال اليهود في عهد السلطنة العثمانية!

v      ما الخطورة التي تكمن وراء هذا الأمر ؟

لنفترض أنني باحث إيطالي أو أمريكي أو فرنسي أريد دراسة تاريخ فلسطين حينما أذهب للمكتبات العالمية ماذا أجد أمامي ؟

أجد أمامي كتب تتحدث عن تاريخ اليهود بحيث يصبح اليهود هم تاريخ فلسطين و تاريخ فلسطين هو تاريخ اليهود، أين العرب لا أحد يكترث للعرب ! أين السكان الأصليين لا أحد يكترث للسكان الأصليين ! فلذلك نجد عشرات الكتب التي كتبت عن اليهود في فلسطين لماذا ؟ لأن المؤرخين الصهاينة أنتبهوا للسجلات و أخذوا يدرسونها و يبحثون بها  و ينشرونها، بحيث يشكل ما لا يقل عن 13 رسالة دكتوارة في الجامعة العبرية أستندت على سجلات المحكمة الشرعية في القدس! و عليه دائماً ما يوجد يهود يدرسون السجلات العربية لماذا ؟ لأن تاريخ اليهود موجود داخل هذه السجلات و التركيز عليها بالنسبة لهم يعني الحق و أنهم موجودين، و أنهم لطالما كان لهم إرتباط بفلسطين، و حينما تنظر لهذا في الجانب العربي تجده قليل و شحيح، و على هذا نحن نعاني من مسألة المصادر فمصادرنا تضيع و تتلف و تحرق و تباع للمصادر الخارجية و لا يقتصر هذا الأمر فقط على مجمل التاريخ العثماني، فما نعرفه عن التاريخ العثماني قليل جداَ جداَ، لماذا ؟ لأن الناس إعتادت على أتلاف هذه الوثائق و لم تعتد على حفظها، حتى يومنا هذا لا يوجد أي أرشيف حقيقي و لو وجد فتجده في عناوين عريضة و حينما تقرر الذهاب و البحث بها لا تجد فيها الشيء الكثير الذي يعينك على كل هذا الفهم.

v      فما يريد قوله الأستاذ بهذا الكتاب و هي عبارة عن رسالة أخيرة من الأستاذ سميح حمودة :-

أنني أتحدث في كتابي ها هنا إلى فئة تهمها المعرفة فئة يهمها أن تعرف ذاتها و تاريخها، لذلك هي دعوة لأخوتنا و طلابنا الأعزاء أن يدرسوا تاريخ الدول العربية و خاصة تاريخ الدولة العثمانية بشكل خاص، و أن يهتموا بمشاكلنا الحقيقة التي تواجهنا في الحياة، فالتاريخ العثماني مهم جداً في فلسطين لفهم العلاقة المتوترة جداً بين الريف و المدن، فتلك العلاقة كانت أحد أسباب نكبة 48 و ذلك لأن الريف لم يكن يثق بنخبة المدينة و نخبة المدينة كانت تحتقر الريف بحيث تعتبر الفلاحين متخلفين متوحشين و بالتالي لم تقم علاقة متوازنة رغم تشكيل الريف نسبة ثلثي المجتمع الفلسطيني، و بالتالي هذا عامل التوازن أدى إلى مشاكل و خصومات و إغتيالات، و بهذا حينما جاء إلى الحرب جاء مفككاً متشرذماً و بهذا إستطاعت الصهيونية أن تقترب، و إستخدمت هذه الخلافات لتجنيد النصارى ضد الشعب الفلسطيني بعضه البعض، و أنا أشير لكتاب شخص يهودي و الذي تحدث عن كتاب جيش الظل العملاء الذين خدموا الوكالة اليهودية قبل ال48 و كتب كتاباَ آخر بعد نكبة ال48، فهنا نجد أن المعرفة تتحول بيد الإسرائيلي إلى أداة للحكم إلى أداة للسيطرة إلى أداة لتفريق الناس و زرع التفرقة فيما بينهم، فما هو مطلوب فلسطينياً و عربياً أن نحول هذه الأداة إلى أداة للمقاومة، إلى أداة للنهوض و إلى أداة للتخلص من الأمراض و هذا لا يكون فقط بالتمني !  هذا يكون بالعمل المضني و الإهتمام و الجهد بكافة المصادر التي تتحدث عن التاريخ و العمل على تنقيحه بكل إخلاص و جد بعيداً عن التحيزات النفسية و الإسقاطات الإيدولوجية و أوجه لكم خالص الشكر و التحيات.

*كتبه و حرره أنس سلامة – طالب إدارة عامة في جامعة بيرزيت – سنة رابعة.

قراءة 2113 مرات آخر تعديل على الجمعة, 24 تشرين2/نوفمبر 2017 07:16

أضف تعليق


كود امني
تحديث