قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 19 أيار 2018 09:46

في الذكري الخمسمائة لغزو العالم الجديد (1992) و الذي ترتب عليه إبادة عشرات الملايين من سكان قارتين : سلسلة نماذج من تعامل " المتحضرين" مع جرائمهم (6)

كتبه  الأستاذ أنس سلامة من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)
في الصورة المرفقة بالمقال يظهر إعدام 39 شخص من السكان الأصليين من الرجال على يد محرر العبيد أبراهام لينكولن في سنة 1862 بتهم زائفة لا أصل لها كقيامهم بمهام صيد خارج المحميات المقامة لهم !!
 
عندما نسمع ، كما سمعنا طوال حياتنا، بغض النظر عن أعمارنا أننا بلد يدافع عن الحرية، عن الحق، عن العدالة بحق الجميع، إلخ، كل هذا لا ينطبق ، بكل بساطة، على من هم ليسوا " بيض " ذوي أصول أوروبية، بكل بساطة لا ينطبق ..... فلقد كنا أشد الناس عدوانية، و إغتصاباً و تدميراً و تعذيبا و وحشية، إندفعنا من أقصى ساحل إلى أقصى    ساحل .... نقتل و نذبح و نتسبب في حالة من الفوضى الرهيبة بين " السكان الأصليين " ( الهنود الحمر ) إلا أن كل هذا لا يُكشف عنه أبداً لأننا لا نحب تلك الصورة عن أنفسنا ".
مارلون براندو و هو ناشط أميركي و من أشهر ممثلي الهوليوود خلال القرن العشرين 
 
لم تعترف الولايات المتحدة الأمريكية قط بعدد الهنود الذين أبيدوا في الشمال الأمريكي منذ بداية الغزو الأبيض الذي دشنه خوان بونس دوليون باكتشافه فلوريدا في فصح عام 1513 فيما كان يبحث عن ينبوع الشباب الأسطوري و هو ذاته الذي يذكره المغني الصهيوني عوفر ليفي في قصيدة شهيرة تعرف ب " ينبوع الشباب " و الغرض من هذا الربط أن كلا من الحضارة الأمريكية و الإسرائيلية لهما ترابط جذري فهما القائمين على أحتلال أرض الغير و إستبدال شعب بشعب و ثقافة و تاريخ بثقافة و تاريخ. و عليه فالكتب المدرسية الخاصة بالولايات المتحدة لا تعترف بتاريخ هذه المجاهل و المغامرات قبل كولومبوس فقد كانت الجزيرة شبه خاوية من البشر بحد تعبيرهم تنتظر من الإله الذي خلع عليه أوليفر كرومويل الجنسية الإنجليزية أن يهبط فيها آدمه ليؤنس وحشتها و يعمرها بالحياة. 
فالفيلم الوثائقي الذي يعرض للسياح في بليموث و هي أول مستعمرة في ما صار يعرف اليوم ب " نيو إنغلاند " و الدليل السياحي في تمثال الحرية بنيويورك كليهما يؤكدان لك أن تاريخ الإنسان في مجاهل الشمال الأميركي لم يبدأ إلا مع وصول الإنسان الأبيض في أواخر القرن السادس عشر .. أما تلك القلة الضئيلة المشاغبة من الهنود الذين لم يتجاوز عددهم في حينها المليون بحد تعبيرهم فقد حفروا قبورهم بأيديهم في حروب متكافئة شريفة شفافة كانوا هم مسؤولين عن إضرام نيرانها و حصد أضرارها أو أنهم : ماتوا كما رأينا في الحلقة السابقة قضاءً و قدراً بالأمراض التي حملها الأوروبيون معهم دون مقصد و بنية شريفة !! 
و تمضي الكتب المدرسية فتصف هذا الموت بأنه مأساة مشؤومة يؤسف لها و أنها " غير مقصودة " " ولا متعمدة " " ثم لم يكن تجنبها ممكناً " و أنها " مجرد أضرار هامشية تواكب انتشار الحضارة و طريقة حياتها " و عليه ليس لك هنا أن تلوم إذا أردت أن تلوم إلا القضاء والقدر. و بانتفاء هذه النية و القصد و المسؤولية عن فناء هؤلاء " الأشقياء " بحد تعبير رؤوساء الولايات المتحدة يصبح الحديث عن الهولوكست الأميركي : متحاملاً متهوراً سلبياً غير مسؤول و ينبع من روح الكراهية للحضارة الأمريكية و طريقة حياتها. ألا ترى معي كيف أكرموا الهنود و أبادوا أكثر من أربعمائة شعب و أمة و قبيلة ؟!!! 
ثم نتابع بهذا التكريم لهذه الأمم بوصف الجنرال وليام شيرمان و هو أحد القادة البارزين في الحرب الأهلية الأمريكية بدعوى تحرير الرقيق ثم كان قائد الحروب على الهنود للقضاء على حريتهم فبعد الحرب الأهلية مارس أساليبه العنيفة في إخضاع الجنوب على الهنود الحمر و كان هو أول من إستخدم عبارة " الحل النهائي " و التي تشير إلى إبادة عرق محدد و هي نفس العبارة التي عرفت عن النازية فيما بعد و لهذا يرى مؤرخون و مفكرون كبار أن الإبادة ظاهرة متكررة في الحضارة الغربية و ليست سمة محصورة في النازية و أن النازية وليدة هذه الحضارة و ليس ظاهرة معزولة عنها ، يقول شيرمان " لقد أخذنا أرضهم و وسائل معيشتهم، ثم حطمنا أسلوب حياتهم و عاداتهم و أدخلنا الأمراض و التحلل بينهم و ضد كل هذه الأشياء شنوا حربهم هل  يمكن لأي أحد أن يتوقع أقل من ذلك ؟ " ثم يتابع مبرراً سبب الجريمة عملياً بقوله " إن سبب فشل السياسة الأمريكية تجاه السكان الأصليين أمر يتعلق بطبيعة الأمور و ليس برغبة في إرتكاب الأخطاء " و هو هنا يقصد أن هذا هو القضاء و القدر و ليس خطيئة الأيادي الأثمة من المستوطنين و الذين لطالم أسسوا جرائمهم على هذا الإعتقاد أصلاً.
و يتابع وليم برادفورد حاكم مستعمرة بليموث الذي يتعلل بالقدر بنشر الأوبئة و الحروب الجرثومية قائلاً " مما يرضي الله و يفرحه أن تزور هؤلاء الهنود و أنت تحمل إليهم الأمراض و الموت، هكذا يموت 950 من كل ألف منهم و ينتن بعضهم فوق الأرض دون أن يجد من يدفنه ... إن على المؤمنين أن يشكروا الله على فضله هذا و نعمته " و يتابع كوتون ماذر أحد أنبياء و دعاة الإستيطان في أمريكا الجديدة " إن ظن هؤلاء الشياطين ( و يقصد الهنود الحمر ) أن بُعدهم عن العالم سينقذهم من الإنتقام فهم مخطئين فالله إستطاع أن يحدد مكانهم و يكتشفه و أرسل قديسيه الأبطال من إنجلترا و أرسل معهم بعض الأوبئة السماوية القاتلة التي طهرت الأرض منهم .... إن الله يفسح مكاناً لشعبه في هذه المجاهل إذ هو يقتل الهنود بأوبئة من أنواع مدمرة لا يعرف لها البشر مثيلاً إلا ما تحدثت عنه التوراة ". 
و يصف المؤرخ دوبينز أنواع الحروب الجرثومية الشاملة التي تعرض لها الهنود خلال القرون الأربعة الماضية و التي أصبحنا نملك بعض المعلومات عنها و تمثلت ب 93 وباءا شامل منها 41 مرض بالجدري و4  بالطاعون و17  بالحصبة و10  بالأنفلونزا  و25  بالسل و ديفتريا و تيفونس و الكوليرا... و قد كان لكل من هذه الحروب الجرثومية آثار وبائية شاملة تجتاح المساحات الشاسعة و الأراضي من فلوريدا في الجنوب إلى شرقي الأورغون في الشمال الغربي بل أن بعض الجماعات نقلت لها الأمراض من غير أن ترى وجه الإنسان الأبيض لإبادتها قبل مجيئهم !! 
و عليه لم يخفي حاكم ولاية كاليفورنيا بيتر بيرنت عن حاجتهم لإبادة هذا الجنس اللعين بحد وصفه و وجه رسالة إلى المجلس التشريعي في عام 1860 قائلاً " إن الرجل الأبيض الذي يعتبر الوقت ذهباً و الذي يعمل طول نهاره ليبني حياة سعيدة لا يستطيع أن يسهر طوال الليل لمراقبه أملاكه و لم يعد أمامه من خيار سوى أن يعتمد على حرب إبادة ... إن حرب الإبادة قد بدأت فعلاً و يجب الإستمرار فيها حتى ينقرض الجنس الهندي تماماً " 
و عليه مارست جموع المستوطنين سياسة التجويع و التدمير الشامل للبنى الإقتصادية اللازمة لحياة كل من الهنود الحمر و التي أستخدمتها الولايات المتحدة كسلاح من أسلحة الإبادة و يروي كينيث كارلي حول إنتفاضة شعب سو في سنة 1862 حول تعرض هنود سانتي داكوتا المسالمين للتجويع و القتل و التشريد و كيف أن أندرو ميريك مفوض الدولة الإتحادية للإعاشة أجاب على إحتجاجتهم مخاطباً زعيمهم الغراب الصغير " أذهب أنت و شعبك فكلوا من حشيش الأرض و إذا شئتم فكلوا فضلاتكم" !! فعندها لم يتمالك هذا الزعيم أعصابه و هاجم المفوض و قتله ثم حشا فمه و كان أكثر تهذيباً منه بالحشيش فقط و هذا أدى بعدها إلى تعليق مشانق كل زعماء السانتي و قتلهم و إندلاع انتفاضة شعب سو الشهيرة في حينها.
و لقد زينت أول مستعمرة إنجليزية دائمة في شمال أميركا المعروفة بمستعمرة جيمستاون بيانها الذي نشر في لندن سنة 1622 تحت عنوان حق الحرب، حيث أعلنت هذه السياسة أنه من حق الإنجليزي بأعتباره شعب الله المختار المتفوق بالوراثة في أن يجتاح البلاد و يدمر أهلها و حيثما تحلو لهم مواطنهم الخصبة و أراضيهم فسوف يستوطنوها بعد تطهيرها من سكانها " و قد وصف البيان إن هذه المسائل مجرد إضرار هامشية ترافق أنتشار أي حضارة و إثبات طريقة حياتها وأن تحقيق هذه السياسة التوسعية يحتاج إلى موجات متلاحقة من الترحيل القسري و المذابح الجماعية و التي يعللها الغربي دوماً بسياسة " القدر المتجلي " 
و يصف المؤرخ روبرت بيفرلي انتشار الحضارة و طريقة حياتها في إمبراطورية البوهاتن  بالمعجزة الألهية و العناية المحيطة بهم فلم يبقى بحد تعبيره أكثر من 600 إنسان حي و قد جعلت العناية الألهية بلادهم مغطاة بالهياكل و الجثث التي لم تجد أحداً يدفنها 
و بعودة مع إبتهاج حاكم بليموث وليم برادفورد فلقد اعترف في يومياته أن الأغطية الملوثة بجراثيم الجدري و التي أعطيت للهنود هي السبب في إنتشار وباء الجدري المتعدد بينهم و قال مبتهجاً " الذين نفقوا بسرعة كبيرة كانوا مثل الأغنام الموبوءة فلم يعد هناك أحد يستطيع مساعدة المرضى أو يأتيهم بشربة ماء أو يدفن موتاهم " و هذه السياسة و التي كانت من فكرة اللورد إمهرست طالباً من الكابتن بوكيه الإستجابة بنشرها فكان رد الكابتن على اللورد " سأحاول جهدي أن أسممهم ببعض من الأغطية الملوثة التي سأهديها إليهم و سأتخذ الإحتياطات اللازمة حتى لا أصاب بالمرض " و لم يخفي اللورد فرحه بهذا التعبير و طلب منه أن يستخدم كل وسيلة ممكنة لإستئصال هذا الجنس " اللعين " 
و لم تقتصر إشكال الإبادة على هذه المسألة فحسب بل تعدتها للقتل و القتل المباشر و إستخدام كافة أساليب التنكيل و التفنن  بتشويه الجثث بوصفها نوعاً من الهواية الرياضية !! فبعد مذبحة الركبة الجريحة و التي ترتب عليها قتل و ذبح مئات من شعب لاكوتا كتب باوم مزهواً بنشوة الإنتصار " لقد فعلنا حسناً ... يجب علينا أن نتابع المسيرة لحماية حضارتنا ... إن علينا أن نقطع دابر هذه المخلوقات الوحشية و نمحو ذكرهم من على وجه الأرض " 
و لقد أستمرت هذه الحروب الممتدة و خاصة بعد تحقيق الهنود إنتصاراُ كبيراُ في معركة القرن الصغير، فهذا الإنتصار أشعل لهيب الرجل الأبيض و كراهيته زيادة على ما كان عليه و دعا فيها إلى قتل كل هندي و رفعوا شعار " الهندي الطيب هو الهندي الميت " فأستجاب الجنرال جون مايسون لهذه الدعوى و ذهب ليزحف ليلاً إلى خيام النائمين من الهنود فيصف أحدى لياليه البطولية " لقد أنزل الرب في قلوب الهنود رعباً شديداُ فحاولوا أن يطيروا بين أسلحتنا و يقفزوا في اللهب الذي ألتهم كثيراً منهم... كان الرب يضحك من أعدائه و أعداء شعبه المختار يضحك حتى الإستهزاء و الإحتقار ويجعل منهم وقوداً لهذا الفرن الذي تحولت إليه قريتهم ... هكذا ينتقم الله منهم ويملأ الأرض بجثثهم... ليعطينا أرضهم. 
و عليه تعرضت الثقافة الهندية المسالمة لحملات تشويه لازمت حرب الإبادة التي خاضتها الولايات المتحدة و لم يكتف التاريخ المنتصر بأن أطلق على غزواته و إجتياحاته و حملاته العسكرية إسم " الحروب الهندية " بل إنه أسقط كل عنفه و فظاعاته الدموية على الهنود بدءاً بسلخ فروات الرؤوس و إنتهاءاً بالتمثيل بالجثث. 
فأرتكب الإنجليز جريمة سلخ فروة الرأس في معظم حروبهم و على نقيض ما تروج له " هوليوود " و الرسميون و إعلاميو التاريخ المنتصر و الأكاديميين منهم فإن الرجل الأبيض هو من خلق هذه العادة عادة سلخ فروات الرؤوس و أن أكثر جرائمها من صنع يديه .. فالجنرال آلفرد سؤلي تباهى بنصب الرؤوس المقطوعة لمئات من هنود اللاكوتا على عيدان ضخمة كل رأس منها يوضع على عود و تزرع على الطريق الجانبي المؤدي لمقره العام و ذلك حتى تفرض الإستئناس و الهيبة !! 
و عدا عن الهيبة و الزينة فلقد إستخدمت سياسة قطع الرؤوس بدلاً عن الآلة الحاسبة لحساب عدد القتلى و التأكد منهم ثم سرعان ما أكتشفت أخلاق السوق فيها وسيلة للرزق فأعتمدتها و طورتها و جعلت منها صناعة مستقبلية رائدة بحيث قامت السلطات الإستعمارية برصد مكافأت قيمة لمن يقتل هندي و يأتي برأسه مهما كان عمره أو جنسه و أختلفت هذه المكافآت بحسب مقام الصياد و مكانته و تنوعت لتصل إلى أكثر من 100 جنيه... 
و في حفلة أقامها جورج روجرز كلارك الكولونيل المشارك في حربه على شعب الفانسين طلب من الجزارين القائمين على سلخ 16 من الاسرى الأحياء قائلاً  " عليكم أن تتمهلوا في الأداء و أن تعطوا كل تفصيل تشريحي حقه لتستمع الحامية كلها بالمشاهد " و قد وصف الكولونيل المشارك هنري هاملتون في يومياته بهجة الحضور بأنهم خرجوا يختالون بنشورة إننتصارهم و رائحة دم الضحايا تعبق منهم ... و لا يزال كلارك هذا إلى اليوم رمزاُ أمريكياً وطنياً و بطلاً تاريخياً و ما يزال من ملهمي القوات الخاصة في الجيش الأمريكي فتأمل !! 
فها هنا يظهر لدينا اليوم أكثر من دليل على أن حصاد ملايين الأرواح بهذا " العامل الطبيعي " و المعروف بعقيدة القدر المتجلي لم يكن طبيعياً بتة و***************أن المستوطنيين أرادوا متعمدين عن سابق نية ومعرفة وإصرار أن يلووا ذراع العناية الألهية بسياسة العمل بالسخرة والتجويع الإجباري والترحيل القسري والجماعي وتقويض معنويات الضحايا وشن الحروب الجرثومية التي أستمرت طوال فترة الحروب والسلم من قبل المحترفين والهواة وبشكل جماعي منظم تمارس من الجيش وحلفاء الأمريكان من الهنود والذين لم يسلموا في النهاية من حتمية الموت والفناء ! 
فالإدعاء بأن أبادة 112 مليون إنسان كان مجرد مأساة مشؤومة غير متعمدة وأضرار هامشية تواكب إنتشار الحضارة وأن هؤلاء الذين نسبوا هذه الإبادة الجماعية الأكبر والأطول في تاريخ الإنسانية - أربعة قرون ممتدة من 1492 - 1890 م -إلى العناية الألهية أو العامل الطبيعي هم أتقياء أبرياء لم تكن لديهم المعرفة العلمية الكافية فهو إدعاء يفتقر إلى البراءة ويتنكر أول ما يتنكر للمعرفة العلمية وعليه نسأل السادة المثقفين المحسوبين علينا في ثقافتنا هل لا زال عندكم من شك في أن هذه الحضارة قائمة أصلاً على إبادة الآخر وليس دمجه ؟ وهل تعلمتم من أسيادكم اليوم كيف يكون التباهي بالجريمة و كيف يتعامل " المتحضر " مع جرائمه ؟ وهل لا زال عندكم من شك بأن تاريخنا هو التاريخ الأسود والذي يخلوا وأكاد أجزم من تصريحات مشابهة وأفعال عجزنا عنها حتى في فترات الإقتتال بيننا !! 
إلا أن صوت العقل يأبى إلا أن تجحبه المنافع وكما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله إن أكتشاف الحقيقة لا يعني بالضرورة التراجع عن الخطأ، لأن البشر غير موحدين في استجاباتهم للمثيرات ومن هنا كان من الصعب صياغة الظاهرة الإنسانية في علم بقوانين ثابتة فالموقف كما يقول المسيري ليس محصوراً في صقور وحمائم بل هناك أيضا الدجاج والنعام والطيور الأخرى يتوزع عليها ردود الأفعال البشرية المتنوعة وغير المتوقعة ولهذا نرى أن كثيراً أن أكتشاف الحقيقة قد يؤدي إلى التشدد في الباطل وليس التراجع عنه وحتى لو رفعت شعار " حضارة التصحيح الذاتي للخطأ " فالمعلومات أمامكم واضحة والجميع أصبح يعلمها ومع ذلك يتم أرتكاب هذه الجرائم اليوم والأمس وغداً لا بسبب قصور القيم والمفاهيم بل بسبب الأطماع التي تزين الجريمة للمجرم كما يبرر اللص أفعاله بالظروف والشيطان والمظالم التي تعرض لها ، والمشكلة تكمن عندي بأن المجرمين الكبار لا يلومون الشيطان الشاطر لأنهم بذلك سيدينون أنفسهم بأفعالهم بوصمها " بالشيطانية " بل يصمون ضحاياهم بهذه الصفة ليصبحوا هم الممدنيين المحضريين حملة لواء العلم والإنسانية والعقل الزائفة.
 
   
قراءة 2027 مرات آخر تعديل على الأحد, 27 أيار 2018 08:37

أضف تعليق


كود امني
تحديث