(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 02 آذار/مارس 2019 20:48

*السلطان عبد الحميد و الشيعة و الأباضية و الدروز

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

و قد صار العهد الحميدي تطورا ملحوظا عن الماضي فيما يتعلق بالعلاقة بين أهل السنة و الشيعة حين حاول إزالة الإحتقان الذي رسبته قرون من سوء التفاهم و العداوة، و قد بدأت بوادر هذا التقارب في دعم الدولة إنتشار القيم الإسلامية مهما كانت سنية أو شيعية بين أبناء العشائر في جنوب العراف لحثهم علي الإستقرار و الزراعة كما وظفت الدولة السلطة المعنوية لعلماء النجف و كربلاء و السادة لمساعدتها علي تحقيق هذا الهدف و كف أيدي العشائر عن الغزو و النهب و الإغارة و حثها علي الإلتزام بأحكام الشريعة، و مدت السلطة العثمانية يد العون كذلك لعلماء الشيعة في تصديهم للحركة البابية في منتصف القرن التاسع عشر*48، ثم فتح السلطان عبد الحميد للشيعة أبوابا كانت مغلقة مثل حرية التعبير و النشر و الدعوة و إحياء المناسبات حتي في عاصمة الخلافة حيث أراد إتخاذ الطائفة الشيعية فيها "واجهة للوحدة الإسلامية في السلطنة"كما تقول الدكتورة صابرينا ميرفان*49، و هو توجه بدأ قبله و لكنه تعزز مع إتخاذ الجامعة الإسلامية سياسة رسمية، كما غض النظر عن تشيع كثير من أبناء جنوب العراق و لم يعد توجها معاديا للخلافة مما أثار حفيظة بعض المتشددين من أبناء السنة في هذا الشأن، و لكنه فضل الرد علي ذلك ببناء المدارس و تأهيل الدعاة و في ذلك يقول الأستاذ بشير موسي نافع إن"التوجه الرئيس للدولة العثمانية في عصر السلطان عبد الحميد (1876-1909)كان توجها وحدويا إسلاميا، و تحت جناح الدعوة إلي الجامعة الإسلامية و الحاجة لمواجهة التحديات الغربية للإسلام و أهله، مضي سنة العراق و شيعته نحو أفق جديد لعلاقاتهم"*50، و قد إمتد أثر الجامعة الإسلامية إلي مراجع الشيعة في إيران و هو أمر لم يسر السفير البريطاني فكتب تقارير خاصة و مفصلة عن تأثير سياسة السلطان علي الأوساط الإيرانية و لاحظ بلهجة لا تخلو من الخبث البريطاني المعروف "أن الكراهية و الغيرة القديمتين بين المحمديين السنة و الشيعة قد تضاءلت كثيرا في الوقت الحاضر رغم أنها لم تصبح بعد من مخلفات الماضي، و هذا الوضع الجديد يعزي إلي أعمال السلطان الذي يقوم سفيره في طهران بالإحتفاظ بعلاقة وثيقة بقادة الإتجاه الديني، كما يقوم السلطان نفسه بإرسال هدايا إلي كبار العلماء الإيرانيين و يقال بأن واحدا من أبرزهم عميل سياسي سري له...و قد فوجئت لسماع الثناء علي السلطان الذي كان إلي فترة قريبة يعد مستحقا للعنات بصفته خليفة عمر، و لا بد أن هذا الثناء ليس مخلصا جدا"*51(!! )كما قام مجموعة من العلماء بدعم إقتراح حركة الجامعة الإسلامية بأن يكون السلطان عبد الحميد علي رأس العالم الإسلامي، و لأول مرة منذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، يخاطب علماء الشيعة طوعا خليفة سنيا بلقب أمير المؤمنين*52 طالبين إليه "التدخل بصفته خليفة للمسلمين في مواجهة الشاه و حلفائه الروس، و قد وقعت هذه البرقية بعلماء الفرقة الجعفرية"*53، و خلافا لإستنتاج الدكتورة ميرفان، فإن ذلك لم يكن ليحدث لمجرد تطبيق الدستور في الدولة العثمانية لأن هناك دولا غربية كثيرة لديها دساتير أعرق من الدستور العثماني كان يمكن الإستنجاد بها، و لو كانت توجه السلطان عبد الحميد كتوجه جده السلطان سليم الأول مثلا تجاه الشيعة لما تمت هذه الخطوة الجريئة، كما أن أحداثا أخري أكدت وجود هذا التوجه الوحدوي و ذلك عندما بدأ الغزو الإيطالي لليبيا سنة 1911"فاجتاحت بغداد عاصفة من الغضب و حالة غير مسبوقة من التضامن العلمائي و الشعبي السني و الشيعي و أصدر علماء السنة و الشيعة بما في ذلك كبار علماء النجف فتاوي الجهاد و ضرورة بذل النفس و النفيس لنصرة الدولة...كما نظم سنة بغداد و شيعتها مسيرات مشتركة"، و لما قامت الحرب الكبري سنة 1914 اتبعت جمعية الإتحاد و الترقي سياسة السلطان عبد الحميد في التضامن الإسلامي فأعلن علماء العراق السنة و الشيعة الجهاد لنصرة الخلافة العثمانية و قاد المراجع و كبار العلماء قوافل المجاهدين*54 و ذلك خلافا للحجاز السني الذي أعلن الثورة علي العثمانيين (1916)، و أفادت تقارير الإستخبارات العسكرية البريطانية "أن الثورة التي نشبت في الحجاز لم يكن لها أي وقع في نفوس القبائل العراقية التي كانت في معظمها من الشيعة"و كانت القبائل"تقدم العون للأتراك و تشترك معهم في القتال."

و يمكننا أن نتعرف علي نبض الحياة اليومية في الشارع الشيعي من شعر السيد جعفري الحلي (1861-1898) شاعر أهل البيت و العراق في زمنه و الذي نعثر في ديوانه "سحر بابل و سجع البلابل" الذي حققه مرجع الشيعة الأكبر في زمنه آية الله الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء علي قصائد عديدة في مدح السلطان عبد الحميد بصفات بعضها ذات دلالة مميزة في عقائد الشيعة مثل "إمام العصر"و" خليفة عصرنا"و"حامي الدين"و"حارس الإسلام"و"من لك بيعة في عنق كل موحد"، و يذكر في هذه القصائد إنجازات السلطان كالإنتصار علي اليونان الذي هو إنتصار الإسلام، بالإضافة إلي رعاية النجف الأشرف و يحتفي الحلي بذلك و هو من كان مديحه"لا يعرف الخضوع"مما يدل علي ما لا يمكن أن نراه اليوم من التواصل الإجتماعي الذي كان قائما بين طوائف المسلمين دون تشنج أو أسوار عالية كالتي عرفها الزمن الأمريكي..

*مقتطفات من كتاب "السلطان و التاريخ" للأستاذ محمد شعبان صوان. 

صفحات 405-406-407-408

*48  بشير موسي نافع، العراق : سياقات الوحدة و الإنقسام، دار الشروق، القاهرة، 2006، ص 100-101، و 164-165.

*49 صابرينا ميرفان، حركة الإصلاح الشيعي : علماء جبل عامل و أدباؤه من نهاية الدولة العثمانية إلي بداية إستقلال لبنان، دار النهار، بيروت، 2003، ترجمة : هيثم الأمين، ص 292.

*50 بشير موسي نافع، ص 98و 104-105. و أيضا :

-عمر فاروق يلماز، ص 119-121. و أيضا :

-الدكتور علي الوردي، لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث، مكتبة الصدر، قم 2004، ج3ص101-102.

*51 Gokhan Cetinsaya, Ottoman Administration of Irak, 1890-1908, Routledge, New York, 2006, P 118.

*52 نفس المرجع، ص118 و 122.

*53صابرينا ميرفان، ص 163.

*54 بشير موسي نافع، ص 113-116.

 

قراءة 2058 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 25 كانون1/ديسمبر 2019 07:40