قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 05 أيلول/سبتمبر 2020 05:34

حكاية منزل سوكارنو وتحية العلم وطائر غارودا.. القصة الكاملة لعرب إندونيسيا ودورهم بالحياة السياسية صهيب جاسم - جاكرت

كتبه  الأستاذ صهيب جاسم
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في يوم 17 أغسطس/آب 1945 قبل 75 عاما، وقف سوكارنو أول رئيس لإندونيسيا و معه نائبه محمد حتا ليتلو بيان الاستقلال عن هولندا، في المنزل رقم 56 بشارع بيغانغسآن تيمور -الذي يعرف اليوم بشارع بروكليماسي- وسط جاكرتا، و لترفع الراية البيضاء و الحمراء التي صارت علما لإندونيسيا بتوحيد آلاف جزرها.

ما لا يعلمه كثيرون أن هذا المنزل الذي أقام فيه سوكارنو تلك الأيام هو هدية من 3 تجارٍ من حضرموت باليمن، هم الإخوان فرج و أحمد بن سعيد بن عوض مرتع و أحمد بن محمد باجنيد، الذين اشتروا أيضا عددا من العقارات و المباني الأخرى للدولة الوليدة في جاكرتا و غيرها من مناطق جزيرة جاوا، و هو أمر قدّرته الدولة لاحقا بوسام لهم بعد الاستقلال.

الثلاثة من العائلات الحضرمية الحاضرة في إندونيسيا في القرنين الماضيين اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا، و منها عائلة فرج مرتع الذي ولد في حضرموت عام 1897 و توفي في عدن عام 1962، و امتاز بعلاقة وطيدة مع سوكارنو. و مما يذكر في هذا الخصوص أنه عندما مرض سوكارنو و اشتدت عليه الأوجاع قبل إعلان الاستقلال، كان فرج مرتع حريصا على توفير كميات كافية من عسل السدر الحضرمي له، و ليس ذلك إلا واحدا من أمثلة كثيرة على مواقف عرب إندونيسيا -و معظمهم من الحضارمة- تجاه الكفاح من أجل استقلالها.

تحية العلم و طائر الجمهورية

كما أن طريقة رفع العلم الإندونيسي و تحيته هي من إبداع حضرمي آخر هو سيد محمد حسين بن سالم المطهر، الذي كان مرافقا للرئيس سوكارنو، و أول مسؤول عن البروتوكول لرئاسة الدولة، و عندما انتقل سوكارنو إلى جوغجاكرتا و حيثما ذهب، كان يحمل معه العلم الأول الذي رفع يوم إعلان الاستقلال.

و عندما وقع الاعتداء الهولندي على جوغجاكرتا، سلّم سوكارنو ذلك العلم لحسين مطهر و حذره من أن يقع بيد الهولنديين، كما يقول مدير مركز المنارة لبحوث و دراسات الحضارم نبيل عبد الكريم هيازع -في حديثه للجزيرة- مشيرا إلى أن حسين مطهر أخفى ذلك العلم بعد أن اعتقل سوكارنو و نائبه محمد حتا و نُفيا إلى بنغكا بجنوب سومطرا، ثم اعتقل مطهر أيضا، و بعد فراره من السجن أوصل ذلك العلم إلى سوكارنو في بنغكا.

و أكثر من ذلك، أن طائر الغارودا المنسوج من صورة النسر الصقري الجاوي (شعار الجمهورية المعروف)، هو من رسم السلطان عبد الحميد الثاني القادري ( توفي في مارس/آذار 1978)، و هو من مواليد بونتياناك غربي جزيرة كالمينتان أو بورنيو كما تعرف عالميا، و كان قد اختير سلطانا لبونتياناك خلفا لوالده بعيد الاستقلال، و تحديدا في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1945.

و كان القادري قد أجرى تعديلا على الرسم بعد مراجعات و مناقشات مع سوكارنو و محمد حتا و غيرهما من أعضاء مجلس الوزراء و البرلمان الإندونيسي آنذاك، حتى تم إقرار ذلك الشعار في مارس/آذار 1950، و راجعه عبد الحميد القادري مرة أخرى عام 1974، و ما زالت عائلة القادري بألقابها السلطانية حاضرة في مدينة بونتياناك.

الحضارمة آخر موجات العرب المهاجرين

و رغم أن حضور العرب و المسلمين في إندونيسيا يعود إلى القرن الأول الهجري، و قد قدموا من الجزيرة العربية و العراق و مصر و الشام و الهند و فارس و حتى المغرب، و ذلك خلال مختلف الفترات الأموية و العباسية و العثمانية؛ فإن تلك الأجيال الأولى ذابت بالمصاهرة مع سكان إندونيسيا من عامة مواطنيها و علية قومها و سلاطينها، لكن القرنين الأخيرين شهدا موجات جديدة لهجرة كبيرة من حضارمة غلب عددهم على العرب الآخرين.

و بحسب إحصاءات هولندية يذكرها الدكتور هوب ديونغا، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة رادبود نايميخين الهولندية -في حديث للجزيرة- أنه في عام 1930، قدّر عدد العرب في جزر إندونيسيا بنحو 71 ألف شخص، و ارتفع العدد إلى 82 ألفا عام 1942، منهم 10 آلاف ولدوا في حضرموت و البقية ولدوا في إندونيسيا من أمهات أو جدات من سكان إندونيسيا الأصليين، حيث كان الشباب الحضارمة يهاجرون دون اصطحاب زوجاتهم، و يتزوجون من سكان البلاد الأصليين، حتى تشكل مجتمع حضرمي أو عربي في معظم مدن إندونيسيا من شرقها إلى غربها. و يقدر ديونغا عددهم اليوم بنحو نصف مليون نسمة من بين 267 مليونا هم سكان إندونيسيا عام 2020، و هذا أقل من تقديرات حضرمية أخرى تقدر أن عددهم تجاوز المليون.

اعلان

و يقول ديونغا -و هو صاحب مؤلفات عدة في التاريخ الاجتماعي لإندونيسيا- إن سلطة الاستعمار الهولندي مارست سياسات تمييز عنصري ضد السكان الأصليين، و كذلك بحق المهاجرين من العرب و الهنود و غيرهم في حياتهم اليومية، حيث كانوا يصنفون على أنهم "أجانب شرقيون" و عليهم أن يعيشوا في أحيائهم، لكن عدد الأحياء العربية زاد مع مرّ السنين في كل الجزر الرئيسية للبلاد، بينما ظلت حركتهم مقيدة نسبيا في بعض السنوات، و كان عليهم أن يحصلوا على موافقة في أسفارهم، مع أن دخولهم إلى الجزر الإندونيسية كان سهلا.

الحضارمة و الحركة الوطنية الإندونيسية

و لهذا فدور عرب إندونيسيا لا يقتصر على تلك المواقف المذكورة آنفا، بل يمتد لعشرات السنين قبل الاستقلال، و يتصل ذلك بالتيار الوطني و الوعي السياسي الذي حرّك الجماهير من أجل السعي لتحرير بلادهم من نير الاستعمار. يقول المؤرخ نبيل هيازع إن جمعية شركة إسلام -التي تأسست في بوغور بجاوا الغربية عام 1905، و تعد أول مسعى مؤسسي لتوحيد مواقف مسلمي إندونيسيا اقتصاديا و سياسيا- شهدت حضور 5 شخصيات حضرمية من بين 8 مؤسسين لها، لوعيهم بضرورة النهضة الاقتصادية في ظل ضعف اقتصادي لعامة مسلمي البلاد.

و لا ينسى قبل ذلك تأسيس جمعية الخير عام 1901 التي تعد أول جمعية تعليمية من نوعها في البلاد، قبل سنوات من ظهور جمعيتي المحمدية و نهضة العلماء الشهيرتين إلى يومنا هذا.

و في سبتمبر/أيلول 1914، أسس عدد من العلماء و الشخصيات العربية جمعية الإصلاح و الإرشاد الإسلامية الشهيرة اليوم بالإرشاد، و في مقدمهم الشيخ أحمد بن محمد السوركتي الأنصاري (من مواليد دنقلا بالسودان عام 1875، و توفي في جاكرتا قبل الاستقلال بعامين في سبتمبر/أيلول 1943)، و معه عمر مانغوش و سعيد بن سالم المشعبي و صالح عبيد عبدات و سالم بن عواد بلعال و الشيخ محمد عبيد عبود، و معظمهم من التجار الحضارمة في بتافيا أو جاكرتا كما تعرف اليوم.

و قد تأثر هؤلاء بالفكر الإصلاحي الذي ظهر آنذاك في مصر و تركيا، و من ذلك كتابات رشيد رضا في مجلة المنار وغيرها وفكر الجامعة الإسلامية. و أسست الإرشاد مدارس و معاهد كثيرة قائمة إلى يومنا هذا، و كان لها دور في نهضة تعليمية و صحوة دينية و وطنية، جنبا إلى جنب مع الجمعية المحمدية و مؤسسها أحمد دحلان بجاوا الوسطى.

حزب عرب إندونيسيا و باسويدان جد حاكم جاكرتا

و بعد تأسيس "شركة إسلام" و"جمعية الخير" و"الإرشاد" بنحو عقدين و نيف، تطور الوعي الجمعي لعرب إندونيسيا بتأسيس اتحاد عرب إندونيسيا عام 1934 في مدينة سيمارانغ بوسط جزيرة جاوا، الذي صار لاحقا حزب عرب إندونيسيا، و في مقدمة المؤسسين عبد الرحمن باسويدان -من تيار الإرشاد- و هو جد حاكم العاصمة الإندونيسية الحالي أنيس باسويدان، و معه آخرون منهم حسين بافقيه -من تيار الرابطة العلوية أو السادة الحبائب- و سالم مسقطي و نوح الكاف و أبو بكر العطاس.

و يقول نبيل هيازع إن اللافت في موقف العرب الذين أسسوا هذا الحزب أنهم أعلنوا موقفهم بجرأة أظهرت الاستعداد للتضحية و المخاطرة، و هذا ما لفت انتباه شخصيات وطنية إندونيسية أخرى، حيث إنهم أعلنوها بصوت عالٍ أنهم إندونيسيون و أنهم ينتمون لهذه الأرض، رغم أن إندونيسيا وقتئذ لم تتشكل بعد و ما زالت جزرا متفرقة تحت حكم الاحتلال الهولندي.

و قد مثل اجتماع 4 و5 أكتوبر/تشرين الأول 1934 -الذي جمع نحو 40 من الشخصيات العربية في سيمارانغ- نضوجا للوعي الوطني لدى حضارمة إندونيسيا، و بانتمائهم الوطني لهذه الجزر التي كانت لا تزال محتلة و يسعى أبناؤها للاستقلال، و قد جاؤوا من مدن مختلفة و في مقدمتها سورابايا و بيكالونغان و صولو و جاكرتا، حاملين معهم أفكارا ظل معظمهم يكتب و يقرأ عنها في الصحافة المحلية التي كانوا نشطين فيها.

و تمحورت أفكارهم لتصبح ما يعرف اليوم بـ"قسم أبناء العرب في إندونيسيا"، و تتمثل بالتأكيد على أن: إندونيسيا هي بلاد أبناء العرب أو ذوي الأصول العربية، و ثقافتهم الثقافة الإندونيسية، و أن عليهم العمل و النضال من أجل مجتمع و بلاد إندونيسيا، و أن تؤسس منظمة تحقق تلك الأهداف، داعين إلى الابتعاد عن الانشقاقات و الاختلافات الداخلية بين عرب إندونيسيا، و أن لا يعيشوا منعزلين عن المجتمع الإندونيسي الكبير.

و كان لحزب عرب إندونيسيا أثر في التوعية السياسية و الفكرية بين عرب إندونيسيا، و توحيد صفوفهم على اختلاف تياراتهم و طبقاتهم الاجتماعية، و قد لاقى ترحيبا واسعا من قبل القادة الوطنيين الإندونيسيين الآخرين الذين رأوا في موقف عرب إندونيسيا دعما للتيار الوطني الساعي لاستقلال إندونيسيا، و هو موقف رافض لأي تمييز مارسه الاحتلال الهولندي بحق ذوي الأصول العربية أو غيرهم، و من ذلك سعيه لحصرهم في أحياء معينة في مختلف المدن.

و يقول ديونغا إن الوعي بالدور الوطني الإندونيسي بين عرب إندونيسيا كان في البداية شأنا "داخليا" بين العرب أنفسهم، قبل أن يمتد إلى الساحة الوطنية، فكان اتحاد أو حزب عرب إندونيسيا حركة توعية للذات و ترسيخا للانتماء لإندونيسيا، البلد الذي هاجروا إليه أو هاجر آباؤهم أو أجدادهم إليه، قبل الانطلاق إلى المجال الفسيح للحركة الوطنية الإندونيسية. و في البداية -بحسب تحليله- تردد بعض عرب إندونيسيا في الانتماء لهذا الاتحاد و تبني أفكاره، خصوصا الحديثي الهجرة من حضرموت و من يعملون معهم.

و يضيف ديونغا أنه بعد سنوات، ارتفع عدد المؤيدين لحزب عرب إندونيسيا ليصبح نحو 80% منهم مؤيدين للكفاح الوطني من أجل استقلالها، مرسخين انتماءهم للوطن الذي يصارع الاستعمار من أجل الحرية و الاستقلال بدولة موحدة تجمع آلاف الجزر، باستثناء قلة لم تكن متحمسة لذلك الموقف و فضلت دولة فدرالية أو أن تظل مرتبطة بهولندا بصيغة معينة.

و حتى عندما جاء الاحتلال الياباني عام 1942 الذي حظر كل الأحزاب و من ذلك أي نشاط للعرب سياسيا كان أو تعليميا أو ثقافيا، ظل حزب عرب إندونيسيا نشطا في السر، و بعد زوال الاحتلال الياباني كانت الغالبية الساحقة من عرب إندونيسيا تقف إلى جانب النضال من أجل الاستقلال.

لكن لم يتم إعادة تشكيل الحزب بعد زوال الاحتلال الياباني، بل انبث العرب في مختلف الحركات و الأحزاب الإندونيسية، و كانت للشخصيات العربية علاقات وطيدة بالقيادات الوطنية الإندونيسية، و لهذا اختير عبد الرحمن باسويدان -أبرز شخصيات حزب عرب إندونيسيا- لعضوية اللجنة الوطنية المركزية الإندونيسية عام 1945.

و في عام 1946 صار عبد الرحمن باسويدان وزيرا للإعلام، و في عام 1947 صار عضو البعثة الدبلوماسية الإندونيسية التي نجحت في نيل اعتراف بضع دول عربية و جامعة الدول العربية، و هي أول الدول التي اعترفت بإندونيسيا قبل غيرها من دول العالم خلال أول سنتين من عمر الجمهورية، و ذلك من ثمرات التواصل بالقلم بين عرب إندونيسيا و إخوانهم في عدد من الدول العربية.

عوامل تأثير عرب إندونيسيا

و مما ساعد عرب إندونيسيا على أداء أدوار ثقافية و اجتماعية مختلفة في ذلك الوقت، أن الإسلام يوحدهم مع الغالبية الساحقة من قوميات وعرقيات جزر إندونيسيا. فهم أقرب القوميات المهاجرة لمسلمي إندونيسيا من أي قومية أخرى، كما يقول المؤرخ الهولندي هوب ديونغا، و لا سيما أن منهم العلماء و الأساتذة إلى جانب التجار و الأثرياء، و هذا ما سهّل مصاهرتهم لمعظم قوميات البلاد من أقصى شرقها إلى أقصى غربها.

و يضاف إلى ذلك عامل فكري آخر، هو أن كثيرا من الشخصيات العربية الآنفة الذكر هم صحفيون و كتاب يكتبون في الصحافة المحلية و في الصحف العربية التي أسسوها، ممثلة لجمعيات الإرشاد و الرابطة و حزب عرب إندونيسيا الذي كانت له 3 صحف مؤثرة في تشكيل الوعي السياسي و الثقافي و التفاعل مع القضايا الساخنة آنذاك، كما يصف المؤرخ الهولندي.

فكانت الصحافة ناقلة للأفكار الإصلاحية و روح الصحوة ضد الاستعمار و النهضة من الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة التي يقرؤونها فيما يصلهم من كتابات العالم العربي و تركيا و شبه القارة الهندية، و الصحافة في نفس الوقت وسيلة تواصل مع العالم العربي الذي عرف بأقلام هؤلاء عن كفاح إندونيسيا مبكرا.

و يؤيد ذلك الرأي المؤرخ الحضرمي نبيل هيازع، مشيرا إلى تعدد العوامل التي يسرت للحضارمة أن يكون لهم دور و حضور في تاريخ إندونيسيا و حاضرها، و هي قبل كل شيء: ارتباط الإسلام بالشخصية العربية المهاجرة و لا سيما بالعلماء منهم، ثم حسن المعاملة و الأخلاق الكريمة في التعامل في البيع و الشراء و الجيرة و العيش في مجتمع واحد، و هذا يوصلنا إلى عامل آخر هو المصاهرة فالحضارمة يسمون الإندونيسيين بالأخوال، حيث إن أمهاتهم وجداتهم من بنات السكان الأصليين.

و لا ينسى هنا عامل اجتهادهم و كفاحهم، فبعضهم يأتي من حضرموت فقيرا في رحلة بحرية مرهقة، ثم يتحسن حاله بالجد و الاجتهاد و يكون له شأن، و نجاحهم الاقتصادي ترجم إلى بذل و سخاء في المجالات الاجتماعية و الخيرية، و في سبيل النضال القومي في مواجهة الاستعمار، بما في ذلك دعم سكان إقليم آتشيه في حربه ضد الاستعمار الهولندي (بين عامي 1873 و1914)، في أحد أشرس الحروب الهولندية في الجزر الإندونيسية، فكان المال العربي مبذولا في سبيل نصرة الإندونيسيين في مواجهة الهولنديين هناك.

علي باكثير.. الحضرمي الإندونيسي المهاجر!

و يقول الدكتور محمد أبو بكر حميد -في دراسة له- إنه لا ينسى في هذا المضمار دور الشاعر و الكاتب المسرحي الحضرمي الأصل الإندونيسي المولد علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي (1910-1969).

فخلال إقامته في مصر من بداية الثلاثينيات حتى وفاته، كانت إندونيسيا محورا أساسيّا من محاور اهتمامه، لا في أدبه فحسب بل في حياته الشخصية. و لا عجب أن تستغرق إندونيسيا مساحة كبيرة و مهمة في شعره و نثره، فقد صوّر كفاحها من أجل الحرية و الاستقلال في مسرحية "عودة الفردوس" سنة 1946، و كان له نشاطه أثناء دراسته في جامعة فؤاد الأول مع الطلبة الإندونيسيين في الدعاية لحركة استقلال إندونيسيا.

و كان باكثير من أوائل الداعمين لتأسيس "المركز العام لجمعيات استقلال إندونيسيا للشرق الأوسط" الذي اتخذ من القاهرة مقرا له منذ بداية الحرب العالمية الثانية سنة 1939، و شارك في إعداد كتاب صدر عن المركز سنة 1943 بعنوان: "الحرية.. إندونيسيا الثائرة"، عن تاريخ إندونيسيا الحديثة و كفاحها من أجل الحرية و الاستقلال، احتوى على الوثائق و الخطب التاريخية التي ألقاها زعماؤها عشية إعلان الاستقلال.
المصدر : الجزيرة

الرابط : https://wefaqdev.net/art6351.html

قراءة 967 مرات آخر تعديل على السبت, 05 أيلول/سبتمبر 2020 06:03

أضف تعليق


كود امني
تحديث