(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 11 كانون2/يناير 2021 17:02

٤ أسباب تجعل من قراءة التاريخ الإسلامي الآن ضرورة ملحة

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا يمكننا حصر الفوائد التي نجنيها من قراءة تاريخنا الإسلامي، و لكن لحظتنا الراهنة ستجد فوائد جمة تناسب قضايانا الحاضرة الملحة، و منها:

1-دور العامل الخارجي في نهوض الأمم و علاقة ذلك بقوتها الداخلية

في بداية نهوض الحضارة الإسلامية كان العالم اليوناني آفلاً بعد يقظته القديمة مما جعل الاستعارة منه و من غيره، كالفرس و الهنود الآفلين أيضاً، آمنة و غير قابلة للاستغلال من قوى خارجية هدامة، فلم يكن الإعجاب بفلسفة أرسطو مثلاً مؤدياً إلى صناعة طابور خامس أو أنظمة عميلة للإمبراطور البيزنطي الذي حاول النفاذ إلى المجتمع الإسلامي أثناء الفتنة الكبرى و لكن يقظة المسلمين و ضعف إمكاناته قطعا عليه الطريق، و رغم الجهود الهدامة التي كان يبذلها أتباع الحضارة البيزنطية داخل المجتمع الإسلامي، كدور سرجون بن منصور أبي القديس يوحنا الدمشقي، فإن ذلك كان يغلف بقناع الحرص على الدولة، كتحريضها على الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، و لما قرر عبد الملك بن مروان تعريب الدواوين لم يستطع أمثال هؤلاء الاعتراض على القرار رغم آثاره السلبية بالنسبة لهم إذ سيوفر استقلالية للدولة الإسلامية عن الثقافة البيزنطية و سيجعل القيادة الإدارية للمسلمين، و عندما اتجهت الحضارة الإسلامية للأفول صنع العثمانيون الأقوياء نهضة أخرى و لكنها اختلفت عن سابقتها بوجود أوروبا المتجهة للصعود مما جعل الاستعارة منها محفوفة بخطر الاستغلال الهدام، و هذا ما حدث، و لم يؤد المسلمون العثمانيون دوراً معرقلاً لنهضة الغرب التي استعارت من العالم الإسلامي لأن قوتهم لم تهيمن على معظم أوروبا و لأن “المتعاونين” معهم كالفرنسيين لم يخونوا القضية الصليبية رغم تحالفهم مع الدولة العثمانية كما خان قضيتنا فيما بعد المتعاونون مع الغرب، و لما اتجه المسلمون الضعفاء هذه المرة مرة ثالثة للنهوض بعد اصطدامهم بالغرب و محاولتهم صد عدوانه الذي بدأ باحتلال القرم و الحملة الفرنسية على مصر في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، كانت أوروبا في أوج قوتها مما جعل عملية الاستعارة منها مجيرة أكثر من المرحلة السابقة لمصالحها دون مصالحنا، فلم يؤد الإعجاب بالديمقراطية مثلاً إلى اقتباس بعض الإجراءات المفيدة منها لتطعيم و تجديد نظام الحكم عندنا بل إلى احتلال الغرب بلادنا تحت شعار الحضارة و الديمقراطية ثم تبعية أنظمة الحكم التي نصبها و التي انتهت إلى الاستبدادية الدموية و لم تطبق الديمقراطية مع كل ذلك.

2-هل القوة المادية شرط لعدم الاستلاب للنماذج الحضارية الأخرى؟

عندما كانت الأمة الإسلامية في طور التكوين، و لم تكن بعد قوة دولية كبرى، نزل القرآن الكريم بكونه “مصدقاً لما بين يديه من الكتاب”، و لكن هذا لم يكن يعني الاستلاب للآخرين، فالإقرار بما سبق الإسلام، كان مصحوباً بالهيمنة عليه و تصحيحه، “و مهيمناً عليه”، رغم أن الظرف المادي لم يكن يساعد على هذا الكبرياء، إذ لم تكن الأمة فيه تتجاوز في أفضل الأحوال مدينة مهمة بين عدة مراكز حضرية أخرى في جزيرة العرب الواقعة بين قوى عظمى يمكن أن تكون التبعية لإحداها بميزان عصرنا وذلك العصر أيضاً هي الخيار الأكثر أمناً و إغراء لقوة طموحة، كالمناذرة في الحيرة و الغساسنة في الشام و عرب اليمن أيضاً، و لكننا وجدنا زيادة على ما سبق من التميز أنه في الوقت الذي يقتبس فيه النبي صلى الله عليه و آله و سلم من الفرس آلية مقاومة الحصار بالخنادق، يبشر بفتح بلاد فارس و ليس بالانبهار بها مع علو الأصوات التي ترى استحالة تحقيق ذلك لأفراد لا يأمنون على أنفسهم الخلاء في ظرف الحصار العصيب، و رغم نجاح هذه الآلية ، أي الخندق، في تحقيق النصر في تلك المعركة الفاصلة التي غيرت موازين القوى، فقد أدى ذلك إلى فتح الأبواب نحو مزيد من الانتصارات و مزيد من التطور الذاتي للمجتمع الإسلامي و ليس إلى الانبهار بالمصدر الحضاري الفارسي -الذي تم الاقتباس منه- و من ثم فتح باب التبعية له لو لم يكن المسلمون في تلك المرحلة على قدر من القدرة على التمييز بين ما يمكن نقله و ما لا يمكن، و كيف يمكن التعامل مع النقل و مصادره، و ذلك بفضل قائدهم المسدد بالوحي الذي يعلم الأجيال علماً لم نستطع تطبيقه على حوادثنا المعاصرة.
الخلاصة أن النقل ليس عيباً: عندما كنا أقوياء كان نقلنا عن الغير اقتباساً زاد في قوتنا، و لكن عندما تحول النقل إلى نسخ دل ذلك على ضعفنا و لم يزدنا إلا انهياراً.

3-لا طائفية عند كبار مؤرخي وعلماء السلف

على عكس المشهد الحالي في العالم الإسلامي المنقسم على ذاته و المتحالف في نفس الوقت مع الأجانب حيث يسعى كل طرف لتأييد دعواه ضد الطرف الآخر بدعاية رخيصة تطوع الحقائق و تلويها لتناسب المراد، نجد الموضوعية و الحياد عند مؤرخي السلف بطريقة نلمس منها الحرص على عموم الأمة و حراسة بيضتها، فلا يتردد كبار المؤرخين من أهل السنة في كيل المديح بلا حساب عند ذكرهم أمراء من فرق مخالفة سواء بسبب جهادهم ضد الروم أو بسبب عدلهم أو رعايتهم العلماء، و نراهم لا يضعون أهمية تذكر لكون الأمير سيف الدولة الحمداني من الشيعة، هذا إذا ذكروا المعلومة أصلاً، و لا لاختلاف المعز لدين الله الفاطمي مع الخليفة العباسي السني ما دام مقيماً للعدل و الفروض، و ليست هذه التوجهات جانبية في التاريخ الإسلامي بل نجدها عند كبار المؤرخين كالذهبي وابن عساكر و ابن كثير في موسوعاتهم التاريخية التي تؤلف صلب مصادرنا اليوم [1]، بل إننا نعجب عندما نرى كبار علماء السنة ممن يحرصون على نشر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في مواجهة الجهل و التعصب فيقوم الإمام الطبري بتأليف موسوعة حديثية من أربعة أجزاء لإثبات حديث الغدير مع اهتمامه بفضائل الصحابة [2]، هذا غير الإمام النسائي الذي وضع مؤلفاً خاصاً في خصائص الإمام علي مما أدى إلى ضربه حتى الموت على يد الجهلة الذين نرى أمثالهم في عصرنا، و لن يتسع المقام لذكر اهتمامات السلف في هذا الموضوع و مؤلفاتهم الغزيرة مما لا يتصوره زمننا الأمريكي النكد.

4-الاعتبار بالكوارث الكبرى التي تجاوزتها الأمة الإسلامية

عندما يطلع القارئ على تاريخ الإسلام، يعجب من كثرة المصائب الكبرى التي أصيبت الأمة بها و خرجت من بين أنقاضها، و من ذلك الحملات الفرنجية التي استمرت لقرنين (1095-1291) في شرق المتوسط ثم تحولت ضد الدولة العثمانية فردت كلها على أعقابها، و منها الغزو المغولي الذي تزامن مع تلك الحملات و لكنه جاء من الشرق في الوقت الذي أتى الفرنجة فيه من الغرب، و مع ذلك امتصته أمتنا و ردت المغول و هم مسلمون، و من ذلك اكتساح تيمورلنك الذي قضى على الدولة العثمانية (1402) فقامت بعد عشر سنوات من بين الركام أقوى مما سبق و استمرت أكثر من خمسمائة عام بعد ذلك.
و عندما يغرق الإنسان في مأساته الحاضرة يظن أنها ستدوم إلى الأبد، و هذا ليس صحيحاً، و إلى الزعماء و المفكرين و المثقفين و العوام من المهزومين الذين يظنون أن الكيان الصهيوني “وُجد ليبقى”، و كأنهم اطلعوا على الغيب و رأوا أن الصهيونية ستتمكن من تحقيق البقاء الأبدي الذي لم تستطعه امبراطوريات عظمى في التاريخ، فإن عليهم التمعن جيداً في قراءة التاريخ، يقول أحد المؤرخين الذين شاركوا في الحملة الفرنجية الأولى على المشرق (1095-1099) و اسمه فوشيه الشارتري في كتابه “تاريخ الحملة إلى بيت المقدس” إن الرب نقل الغرب إلى الشرق: “إننا نحن الغربيين قد أصبحنا الآن شرقيين، فالذي كان رومانياً أو فرنجياً قد صار في هذه الأرض من أهل الجليل أو فلسطين، و ذلك الذي كان من أهل ريمس أو شارتر أصبح من سكان أنطاكية أو صور، لقد نسينا بالفعل الأماكن التي شهدت مولدنا، فقد أصبح كثير من هذه الأماكن مجهولاً لنا أو لا يرد ذكرها على أي لسان، و البعض يمتلك بالفعل مساكن و منازل جاءته بالوراثة، و تزوج البعض من غير جنسهم من السوريات و الأرمنيات أو حتى المسلمات اللاتي اعتنقن المسيحية….” [3] ، و الملخص أن الفرنجة تجذروا في الأرض أكثر من الصهاينة، و ظلوا فيها لمدة قرنين (1095-1291)، فماذا كان مآلهم و ماذا بقي منهم؟

الهوامش

[1]-محمد شعبان صوان، مقال: تواريخ السلف والطائفية، موقع التجديد العربي، 5/6/2013 .

[2]-الإمام الذهبي، سير أعلام النبلاء، بيت الأفكار الدولية، عمّان و الرياض، 2004، ج 3 ص 3368 (ترجمة محمد بن جرير الطبري رقم 5035).

[3]-فوشيه الشارتري، الوجود الصليبي في الشرق العربي (الاستيطان الصليبي في فلسطين: تاريخ الحملة إلى بيت المقدس 1095-1127)، ذات السلاسل، الكويت، 1993، ترجمة: الدكتور قاسم عبده قاسم، ص 316.

الرابط : https://tipyan.com/4-reasons-why-read-islamic-history-is-now-an-urgent-necessity

قراءة 825 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 13 كانون2/يناير 2021 12:33