قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 14 آذار/مارس 2021 06:14

قراءة التاريخ بين المثالية و البراغماتية

كتبه  الأستاذ أحمد سالم
قيم الموضوع
(0 أصوات)

القومية و أثرها في تحريف التاريخ (الطرح التاريخي الغربي المثالي)

من بعد ظهور الدول القومية الحديثة الأوروبية إثر معاهدة ويستفاليا عام 1648 م، و على إثر الثورة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر، تولدت الفكرة القومية التي اصطنعت حدودًا وهمية تفصل بين الدول، و من ثمّ ضخت في ثقافة شعوبها فكرة اللغة المشتركة، فتفرعت من اللغة اللاتينية التي سادت أوروبا اللغات الأوروبية الحديثة (فرنسية و ألمانية و إسبانية و غيرها، و هذه اللغات لم تكن في حقيقتها إلا مجرد لهجاتٍ من اللغة اللاتينية)، و حتى بحثت كل حكومةٍ عن مذاهب دينية خاصة تتباين فيها و تميز دولتها عن بقية الدول الأوروبية، كما في المذهب البروتستانتي و تفرعاته اللوثرية و الكلفينية، فأصبحت كل دولة حديثة أوروبية قومية لها حكومتها الخاصة و حدودها الخاصة و مذهبها الخاص و لغتها الخاصة.

و من بعد كل ذلك، لجأ أرباب الدول الجديدة إلى اصطناع تاريخٍ جديدٍ مُلفقٍ خاصٍ بها. فاعتادت المدارس التاريخية الغربية بما لديها من فلسفات أن تعرض التاريخ من منظورٍ افتخاري لبني جلدتها (أو بالأحرى قوميتها المُصطَنعة).

كانت هذه المدرسة مثالية في طرحها لتنتج خلفية تاريخيةً تدعم الشعور القومي، لتنصّ كل قومية على أن تاريخها صعودي تقدمي باتجاهٍ واحدٍ، و سينتهي بها المستقبل لتسود العالم كله، و هذا الفكر هو ما ساد عقول الألمان النازيين و اليابان إبان الحرب العالمية الثانية و غيرها من الدّول لحد الآن.

غربان البلاليص أضاعوا مشيتهم (الطرح التاريخي القومي العربي المثالي)

ساد هذا النوع من الطرح في دول البلاليص و دول القومية العربية التي خرجت من رحم الدول القومية الأوروبية، فضيع مؤرخوهم هويتهم الإسلامية ليقلدوا مشية الغرب في التاريخ، فأصبحوا يلفقون تاريخًا يمجدّ شخصيات في حقيقتها لا تمت للدولة القومية العربية الحديثة بأي شيءٍ، سوى مرور تلك الشخصيات على نفس الأرض التي عاش عليها هؤلاء.

فمثلًا، القوميون المصريون يفتخرون بصلاح الدين (الكردي من تكريت في العراق) الذي كان أحد قادة البيت الزنكي (الأتابكية من التركمان) و هم في الشام، و استوزر للملك العبيدي العاضد لدين الله (و الدولة العبيدية نشأتها كانت في المغرب).

و من طرائف هؤلاء القوميين أيضًا في التناقض الفكري، افتخارهم بالمماليك (لمجرد أنهم حكموا مصر) و أصول هؤلاء بأجمعهم غير عربية (مختلف بلاد القوقاز و دول أواسط آسيا)، و قاتلوا المغول على أرضٍ هي ليست بأرض مصر (في الشّام).[1]

و نحى هذا الفكر القومي المسموم -و الذي ساد المناهج الدراسية لدول البلاليص- منحى الغربيين، في اعتبار حكم الخلافة العثمانية استعمارًا، و حكم على كامل خلافةٍ إسلامية عمرها ست قرون بفساد جزءٍ من نخبها الحاكمة أواخر عهدها، كانت قد تسممت بالفكر القومي الذين هم يتشاركون معهم في طرحها.

أسلمة مشية الغراب المُضيِّع (الطرح التاريخي الإسلامي المثالي)

كان الردّ على هذا الطرح القومي المسموم من قبل بعض المؤرخين الإسلاميين (خاصةً فيما يخصّ الخلافة العثمانية)، هي الردّ بنفس الأسلوب المثالي و لكن من منطلق إسلامي، و هو ما يمكن تسميته بالتاريخ المثالي الإسلامي.

بما صوروه من وجود أجيالٍ ملائكية في القرون المتأخرة، لا تقل خيريتهم عن خيرية القرون الثلاثة الأولى (التي لم تخلُ أصلًا من الأخطاء و الذنوب و من نزوات البشر). يأتي أحدهم في برنامج حواري ليصرح بصريح الكلمة و العبارة بل و الجملة و يصف التاريخ الإسلامي بأنّه “عقيدةٌ” و أنّه “مقدسٌ”! و أنّه يترحم على الحجاج مثل ما يترحم على سعيد بن جبير![2]

تكفيك هذه التوصيفات حتى تتوقع كيفية تناولهم للتاريخ الإسلامي بمقص جماليٍ لا يظهرون لك منه إلا ما يرفعون لك به المعنويات من جميل الأخبار، بل و منهم من يعطونك وصفاتٍ سهلةً لكيفية نهوض الأمة بكلّ أريحية، يدعمون بها توجهات و اختيارات حركية لأحزابٍ إسلامية ينتمون لها فكريًا، حتى يسبح المطلعون على هذه السيمفونية التاريخية ببحار من الأوهام و المثاليات و الطوباويات. لكن يبقى أول ما يصدم هؤلاء الواقعُ، و أظهر ما ظهر ذلك إبان ربيع الثورات العربية.

إنّ وصف أحدهم بالتاريخ بأنّه عقيدة لم يأتِ عبثًا، “فهو يخلط بين تاريخ الإسلام، و بين تاريخ المسلمين، و الإسلام هو دين رب العالمين و كله عدلٌ و خير، أما المسلمون بشرٌ و فهمهم للإسلام قد يكون منقوصًا أو مغلوطًا فتصدر منهم أفعالًا غير سليمة”.

لقد كان هذا الأسلوب المثالي في الطرح له الأثر في تسميم فكر العاملين للإسلام، و ظهرتْ نتائجه أظهر ما يكون من الخواء الفكري لدى القيادات الإسلامية إبان الربيع العربي، من عدم اتعاظهم حق الموعظة من دروس التاريخ و التكرار المضحك المبكي لأخطاء من سلفهم، و سهولة دغدغة عواطف الشباب و تخديرهم و دفعهم للعمل الطائش غير المحسوب دون مراجعةٍ أو حساباتٍ واقعية.

و يعلّق محمد إلهامي على هذا الأثر قائلًا: “عبر التفتيش في أسباب هذه المسيرة الإخوانية وصلت إلى نتيجة أن الإخوان أنفسهم لم يقرأوا تاريخهم، و أما ما كتبوه من تاريخ فقد كان مناقبيًا فضائليًا مهتمًا بإبراز الحسنات و دس السيئات و طمس التجارب، و أفضل ما كتب في تاريخ الاخوان تفصيلا للتجربة و تركيزا على دروسها كان من أناس لم يعودوا من الإخوان”.

و يقول أيضاً: “و من المؤسف أن القراءة التاريخية الإسلامية ما زالت في طور الولادة. و جنينها حتى الآن مهيض ضعيف و أحب أن أقول إنه مشوه أيضًا، و لا بد من علاجات جراحية قاسية ليستعيد الأمل في الحياة.” و”ثمة دعاة يستخدمون التاريخ في نصرة أفكارهم لا في استخلاص الدروس منه لتصحيح أفكارهم، و هو يشبه قول القائل: يعتقد ثم يستدل”.[4]

محاولة تصحيح قراءة التاريخ الإسلامي (الطرح التاريخي الإسلامي الواقعي)

في مقابل هذا التيار أشبه ما يمكن أن نسميه تيار الواقعية في قراءة التاريخ الإسلامي، و هذا التيار الحديث الذي ظهر ثورةً على الكتابات المثالية في أخذ التاريخ، و كل فلسفة في قراءة العلوم لا بد ما دام بشريًا أن يصيب و يخطئ، فعلى الرغم من حسنات هذا التيار و قدرته على استخلاص الفوائد الحقيقية من التاريخ، إلا أنّه لم يخلُ من خطء الاستغراق في تبرير براغماتية الأحداث التاريخية و المصيبة يقعون في خطءٍ لا يقل جرمًا، فالاستغراق في هذا الطرح برر به بعضهم كل الاختيارات غير السليمة شرعًا تحت ذريعة الواقعية، بل و هو هذا ما تقوم به كثير من الحركات الإسلامية اليوم، فيأتيك أحدهم بقوله؛ لسنا بأفضل من صلاح الدين الذي انتمى إلى البلاط الفاطمي! و لا بأفضل من خلفاء بني أمية أو العباس أو عثمان الذين اقتتلوا فيما بينهم. و بهذا الطرح المُبرر، برر بعضهم الاقتتال فيما بينهم، في الساحات الجهادية متعدّدة الفصائل.

نماذج لا شرقية و لا غربية في تاريخنا الإسلامي

ليست النزاهة و الموضوعية في نقل الأخبار و الرواية التاريخية بالبدعة على جهود علماء المسلمين الأقدمين، و هم برأيي أنزه بكثيرٍ ممّن انتسب اليوم للمؤرخين “الإسلاميين”، كيف لا و قد نشأ على يدهم -بفضلٍ من الله- علم طبقات الرجال و علم الجرح و التعديل، و هل كانت السنة النبوية و الدين سيُحفظان لولا جهود هؤلاء الرجال -من بعد فضل الله- في نقد الرواة و تصنيف الكتب في إثبات عدالة الثبت منهم و فضح الكذبة منهم؟

يقول الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي في إيضاحه لمنهج المحدثين في الجرح و التعديل: “إن أئمة الحديث بحثوا عن الرواة و كانوا يبتنون أحوالهم و ينقدونهم و يعدلونهم حسبة لوجه الله تعالى، و لا تأخذهم خشية أحد و لا تتملكهم عاطفة (عكس منهج المثاليين)… و لا يبالون بما يصيبهم من مكروه بسبب هذه المصارحة لرضا الله تعالى و لصون أمانة الإسلام.

بل وصل الحال أن أصحاب تراجم الرجال لا يجاملون أحدًا و لا أهلوهم في النقد و الجرح، فقيل “أن ابن المديني سئُل عن أبيه فقال: سلوا عنه غيري، فأطرق ثم رفع رأسه فقال: هو الدين: إنه ضعيف. و قال أبو داود صاحب السنن ابني عبد الله كذاب! و قال الذهبي في ولده أبي هريرة: إنه حفظ القرآن ثم تشاغل عنه حتى نسيه.[5]

و اشتهر العلامة الذهبي فيما درجه من أسلوب في تسطير كتابه الشهير أعلام النبلاء، و عدّه البعض من التناقض و الاضطراب، و هو في الحقيقة عين الموضوعية و العدل في الكلام لدى نقد الرجال، خاصة مع إيراد كتابه لمختلف المشارب من الشخصيات المروية، من حكام و أمراء و علماء و قواد.

و قد يجمع في السطر الواحد من ترجمة الفرد مثالبه و مكارمه في آن واحد، و من أمثلة ذلك قوله في ترجمة هشام بن الحكم (10/543): “المتكلم البارع هشام بن الحكم الكوفي، الرافضي، المشبِّه، المعثِّر، و له نظر، و جدل، و تواليف كثيرة”. فوصفه بالبراعة في علم الكلام والجدل والتأليف، و مع ذلك وصفه بالمعثر، لما وقع فيه من بدعة التشبيه.

و قد وضح رحمه الله في سياق كلامه معنى وصفه بـ “المعثر”، و ذلك في ترجمة ابن خراش، الذي كان حافظًا للحديث، و لكنه يقع في الصحابة الكرام و مثالب الشيخين، فقال فيه الذهبي (13/510): “الحافظ، الناقد، البارع … معثر مخذول، كان علمه وبالًا، و سعيه ضلالًا نعوذ بالله من الشقاء”.

فالعثار عنده هو العلم الذي لم يؤد إلى خشية الله، و لم يهد إلى السنن الأقوم في الاعتقاد أو العمل. و نحو قوله في ترجمة صدقة بن الحسين الحداد (المتوفى سنة 573 هـ): “العلامة.. الفرضي المتكلم ، المتهم في دينه”، فهو هنا قد فرق بين علم الرجل و دينه، و أعطى لكل ناحية تقويمًا خاصًا. و من ذلك قوله في ترجمة الشهاب السهروردي (المقتول سنة 587 هـ): “العلامة الفيلسوف. من كان يتوقد ذكاء، إلا أنه قليل الدين”. [6]

 

قراءة 778 مرات آخر تعديل على الأحد, 14 آذار/مارس 2021 06:59

أضف تعليق


كود امني
تحديث