قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 22 آب/أغسطس 2021 09:41

“بوركهارت” في جزيرة العرب

كتبه  الأستاذ ناصر أحمد سنه
قيم الموضوع
(0 أصوات)
حّالة فذّ، و مغامر جسور، و مُلاحظ دقيق، و مستشرق مُنصف. حياته قصيرة لكنها حفلت بالإنجازات الكبيرة. رحل إلي بلاد الشام، ثم بلاد النوبة، و كتب ملاحظاته عن البدو، و نشأة المملكة العربية السعودية، و انتهي برحلات في شبه جزيرة العرب. و عاد إلى مصر التي توفي فيها، و فتح “كنوزنا” الأثرية، فكان “رائداً” في وصف مدينة “البتراء” الأردنية، و معبد “أبي سمبل”. كما ترك وصفاً هاماً  ـ ضمن كثير مما وصف ـ  لكل ما له صلة بالخيل العربية الأصيلة، و الإبل النجيبة داخل جزيرة العرب و خارجها.

يُعتبر الرحالة السويسري الأصل “يوهان لودفيج بوركهارت” (Johann Ludwig Burckhardt  1784ـ 1817) من أوائل المُستكشفين لبلادنا العربية في عصر الإمبراطورية العثمانية، و لقد وصف التراكيب السكانية و القبلية، و العادات و التقاليد البدوية، و الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. كما وصف علاقات جزيرة العرب (بحجازها، ونجدها، و عسيرها) بشبه جزيرة سيناء، و مصر، و الشام. و ذلك عن طريق وصفه لطرق الحج (المصري و الشامي و اليمني)، و الطريق بين المدينة و القصيم. مما جعل كتاباته مراجعاً في بابها. هامة لكل من نبش في العلوم الأنثروبولوجية و السوسيولوجية لتلك الحقبة من حقب بلادنا العربية. و كان “بوركهارت” قد انتقل، عام 1806م، إلى لندن بعد احتلال “نابليون” لبلاده. و كان المناخ العام في “لندن” مهتماً بالعالم الإسلامي، لتنافس “باريس” هناك، و التحق “بوركهارت” بالجمعية الملكية المعنية بالاكتشافات الجغرافية في إفريقيا، إلا أن العالم الإسلامي كان أكثر إثارة له، فقرر ترك الجمعية و دراسة اللغة العربية في جامعة “كامبردج”، و وفر لحيته، و ارتدى زياً عربياً.

و غادر “بوركهارت”، في الثاني من مارس عام 1809، إنجلترا إلى “مالطة” و منها إلي “حلب” التي عاش فيها نحو عامين. و أتقن لهجات البدو، و بعد اعتناقه الإسلام أطلق على نفسه اسم الشيخ “إبراهيم بن عبد الله”. و أقام في دمشق نحو عام ، و زار “تدمر”، و توجه إلي “بعلبك” في لبنان، و مناطق بالعراق. و كان أول أوروبي يكتب عن آثار مدينة “البتراء” بالأردن: “إنها آثار مدينة مهيبة تقع في وادي موسى و يحتمل أن تكون البتراء، فيها نشاهد مدافن منحوتة في الصخر و بقايا معابد و قصور و مدرجات و قنوات مياه و غيرها من الغرائب و الروائع النادرة التي تجعل هذه المدينة أكثر إثارة للاهتمام من أي شيء آخر شاهدته في حياتي”.

و في انتظار سفره إلى “تشاد” عبر “ليبيا” نظم رحلة إلى صعيد مصر للتعرف عليه. فكانت فرصة دوّن فيها عادات أهل النوبة و معلومات عن معبد “أبي سمبل” الذي كان مدفونًا في الرمال. و يعتبر أول أوروبي يشاهده قبل اكتشافه كاملاً من قبل الرحالة الإيطالي “بلزوني” بعد أكثر من 30 عاماً. و في صيف عام 1814 قرر أن يقوم برحلة إلى “الحجاز”. حيث انضم إلى قافلة حج مع نوبيين و سودانيين و سار معها حتى وصل “سواكن”، و منها بحراً إلى “جدة” حيث وصلها بعد أسبوعين. و قام بأداء فريضة الحج. و تسبب مرضه بالبقاء بالحجاز و نجد حتى منتصف عام 1815. مما سمح له بتدوين الكثير عن المنطقة و عن عادات أهلها في نجد و الحجاز في مخطوطات كتبها باللغة العربية. كما كان أول من رسم خارطة حديثة لمدينة مكة.

بوركهارت و الخيل العربية

تمثل رحلة “بوركهارت” مسحاً “معرفياً، و معلوماتياَ” شاملاًً لجزيرة العرب. و رصداً عاماً لأشعار و عادات و تقاليد و فنون و حرف أهلها، حتي رعاية وتربية الخيل و الإبل!. و في حديثه عن الخيل و الإبل العربية (في كتابه: “ملاحظات عن البدو و الوهابيين”، المنشور في لندن عام 1931) إيضاح، للمهتم، بكل ما كان له صلة بالخيل الأصيلة، و الإبل النجيبة، داخل جزيرته العربية و خارجها. و تناول مقارنتها بالخيل و الإبل غير العربية لتزداد ملامح صورتها وضوحاً. فلقد وصف الخيل في بادية سورية بحديث لطيف يستوعب كثيراً من أساليب رعايتها، و أغراض استثمارها. فضلاً عن صفاتها، و أسمائها، و أدوائها، و أثمانها. فذكر أن فيها ثلاث سلالات من الخيل: العربية الأصيلة، و التركمانية، و الكردية (خليط من السلالتين الأوليين). فالخيل العربية، غالباً، صغيرة الحجم، يندر ان يزيد طولها عن أربعة عشر شبراً. و لها صفات جمالية خاصة تميزها عن غيرها من السلالات. و يعدّ البدو خمس سلالات أصيلة من الخيل تنحدر ـ كما يقولون من أفراس النبي، صلي الله عليه و سلم، المُفضلةـ و هي: طويسة، و معنكية، و الكحيلاء، و الصقلاوية،  و الجلفة.

و لكل من هذه السلالات الخمس شعب كثيرة، و عادة ما يجتمع عدد من الشهود عند ولادة مهر أصيل فتكتب “حجة أو شهادة” توضح اسم أبيه و أمه، و صفاته المميزة. و غالبا ما كتبت شهادة النسب في قطعة جلد صغيرة و غُطيت بقماش مشمّع و عُلقت في رقبة الحصان أو الفرس. و يتابع ” بوركهارت” مراحل نمو المهر، و طرق إعاشته و تربيته حتي يكبر. فضلاً عن كيفية تحديد عمر الحصان، والحيل التي يتبعها بائع الخيل الأوربي للتدليس علي من يشتري منه. والتي لا يعرفها البدو من العرب فهم عند قولهم.. صدقاً و مصداقية. كما يشير إلي عدم وسم العرب لخيلهم بأية علامات، لكن كيّهم (الكي أكثر علاج عام) الخيل لها أحيانا، معالجة لبعض الامراض، يترك اثراً على جلودها فيبدو كأنه علامة وضعت قصداً. و  يشير لبعض أمراض الخيل (و طرق علاجهم) لدي البادية و التي منها: المغص، و السراجة،  و السقاوة، و المحمور، و المصفور، و الجرب، و الحتوت، و الباش، و عقر السرة، و عقر الصفحة، و مقطوع القلب الخ.

و يقتني كل البدو، تقريباً، إناث خيلهم بينما يبيعون ذكورها، و يتراوح سعر الحصان ما بين 10- 120 جنيهاً. و لقد بلغ من عناية العرب بخيلهم أن أطلقوا على كل ما يتصل بها اسماً، و لم تقاربهم في ذلك أي لغة أخرى. فثمة أسماء تشمل أطوار حياتها، و مشِّيها، و عَدْوها، و أصواتها، و عتقاها، و أنواعها، و ألوانها، و أوصافها، و حدوها الخ. فوليد الفرس أول ولادته”مُهراً”، ثم”فُلْواً”، و بعد سنة واحدة “حَوْلي”، و في الثانية “جَذْعاً”، و الثالثة”ثِنْيِاً”، فإذا دخل الرابعة “رَباعاً”، و في الخامسة “قادحاً”، حتى يبلغ الثامنة، فإن تجاوز إلى نهاية عمره سمى”مُذَكّى”.

و ذكر أن في “نجد”، نسلاً جيداً (و إن كان قليلاُ نسبياً مقارنة بغيرها من الجهات التي زارها) من الجياد المُميزة (كبنت الكحيل). و يطلق على أجودها و أكثرها أصالة “خيل نجادي”. و يغذي النجديون خيلهم بالتمر بانتظام. و يخلط التمر في الدرعية و الأحساء بالبرسيم اليابس فيطعم إياها. لكن لا يوجد في منطقة نجد، و جبل شمّر، و القصيم حتي المدينة أكثر من عشرة آلاف رأس من الخيل. بيد أن قبيلتي شمّر و الظفير غنيتان نسبياً بالخيل الأصيلة. كذلك يعرج علي الخيل المصري و صفاتها، و يشير إلي أن بدو الحجاز اعتادوا شراء المهار من قافلة الحجاج المصريين ثم يبيعوا ما تلده بعد ذلك من ذكور جيدة إلي أهل اليمن. و لم ير أبدا أي حصان مخصّي في داخل الصحراء.

بوركهارت و الإبل العربية

و في وصفه “الإبل” العربية لم يخص الإبل في سورية و بادية الشام بحديث كما كان شأنه في حديثه عن الخيل. بل تحدث عنها بصفة عامة على نحو من حديثه عن الخيل في بلاد العرب. و تنقل في وصفه من الشرق إلى الغرب و من الشمال إلى الجنوب و العكس في الأمرين. و أشار إلي أن إبل الصحراء السورية أصغر حجماً من الإبل الأناضولية، و التركمانية، و الكردية. و هي تتحمل الحرارة و الظمأ أكثر من الأنواع الأخيرة. لكنها تتضرر أكثر بالبرد. و يشير إلي ما ينتج من التزاوج بين الإبل العربية و تلك السلالات الأخري.

كما يقول يذكر أنه لا يوجد لدي العرب إبل ذات سنامين. و لم ير واحداً منها أو سمع به في سوريه. و يتابع مراحل نمو و تربية الإبل منذ ولادتها، و حتي عمر قد يصل لأربعين عاماً. فضلا عن وسمها، و أنواع أمراضها و أهمها: “المطيور” (تصلب الرقبة نحو جانب من جوانب الحيوان)، و”المهمور” (الإسهال الشديد لمن له من العمر سنتان)، و” المجعوم” (ابتلاع الإبل الكاملة النمو شيئاً من دمن الضأن أو الماعز اليابسة)

و لقد كال “بوركهارت” الثناء على الإبل النجدية، فهي في “نجد” أوفر وأجود، و تسمى “أم الإبل”. كونها تمدّ سورية، و الحجاز، و اليمن بها. و هي غنية بمراعيها الممتازة التي تكثر حتى في صحاريها بعد الأمطار. و يرتاد سهولها عدد لا يحصى من البدو الذين يبقون معظم السنة و يشترون الحنطة و الشعير من السكان. و خلال موسم الأمطار، يذهب هؤلاء البدو باتجاه قلب الصحراء فيمكثون حتي تستهلك مواشيهم مياه الأمطار التي تجمعت في الأراضي المجوفة.

و قد انتجت مراعي “نجد” نسلا وفيراً و أصيلاً من الإبل. لذا يُؤتي إليها من كل حدب و صوب لتزويد قطعان كافة المناطق. و هي لا تزود الحجاز فقط بل سوريا و اليمن أيضاً. و في “نجد” يباع الجمل العادي بنحو عشرة دولارات. و يشير للإبل العُمانية أنا أحسن أبل الجزيرة العربية سرعة و أسهلها سيراً. فالذلول العُمانية مشهورة في القصائد العربية. كما يري أن الإبل المصرية أقل تحملاً للتعب، و غير معتادة علي رحلات الصحراء الطويلة. كونها منذ ولادتها تأكل و تشرب علي ضفاف النيل الخصبة. لكن أبل “دارفور” اكثر الإبل صبرا علي تحمل العطش. و يقص” بوركهارت” كثيراً من القصص التي سمعها عن السفر في أقسي ظروف الحاجة للماء.

مؤلفاته و وفاته

رغم قصر عمره.. ترك “بوركهارات” عدة مؤلفات منها: رحلات في بلاد النوبة والسودان 1819م، و”رحلة للشام و الأراضي المقدسة” (1822)، و”رحلات في بلاد العرب”(1829م)، و”ملاحظات عن البدو والوهابيين”(1830)، و”الأمثال العربية” (1830) (ألفها بالعربية و ترجمها إلى الإنجليزية).

و كان قد بدأ في القاهرة تدوين رحلاته حتى أجهد نفسه و انهارت صحته. و رغم ذلك انتظر قدوم قافلة الحجاج الإفريقين إلى القاهرة ليسافر معها إلى “تمبكتو” ليبدأ رحلة استكشافية جديدة و فجأة توفى في القاهرة يوم 15 أكتوبر سنة 1817م، و حال الأجل بينه و بين تحقيق هذا الهدف. و دفن في مدافن “باب النصر” الملاصق للقاهرة الفاطمية، و كتب على شاهد قبره” “هذا قبر المرحوم إلى رحمة الله تعالى الشيخ حاج إبراهيم المهدى بن عبد الله بركهرت اللوزاني تاريخ ولادته 10 محرم 1199هـ، و تاريخ وفاته إلى رحمة الله بمصر المحروسة 16 ذي الحجة سنة 1232هـ”.

صفوة القول: كانت، و مازالت، الخيل و الإبل محل افتخار العرب، و موضع احترامهم، و موئل إكرامهم. و لعل مكانهما، و مكانتهما، أعظم لدي أبناء الجزيرة العربية مقارنة بغيرها من أقطارنا العربية. و هذا ما أشار إليه الرحّالة الفذّ، و المغامر الجسور، و المُلاحظ الدقيق، و المستشرق المُنصف: “بوركهارت اللوزاني”.

الرابط : https://hiragate.com/24569/

قراءة 749 مرات آخر تعديل على الخميس, 26 آب/أغسطس 2021 09:46

أضف تعليق


كود امني
تحديث