حتى تكون الفروع مثمرة لا بد أن تكون الجذور أصيلة:
لنا نحن المسلمون في حافظة الزمان على مر العصور صفحات مشرقات بالعدل و البطولة و النبل و الإباء و الايمان بقدسية الحياة و جمال منبعها الإلهي.. و بالمقابل ما لهم مقابلها سوى مجلدات سوداً تنضح بالظلم و الجبن و الخساسة و الذل و الكفر بالحياة و رب الحياة.. و لكنهم يحاولون بطرق خبيثة طمس الصفحات المشرقة و تلميع مجلداتهم العفنة من خلال الولوج بطرق مسمومة الى عقول المسلمين، و خاصة النشء منهم!
لا يمكن أن تنشأ حضارة لأمة ما لم يكن وراءها ثقافة قوية تمتلك من العقيدة، و القيم، و الأخلاق، ما يسمو بها فوق الأمم، و الأمة العربية الإسلامية أمة ذات أصالة بما تعنيه الكلمة من معنى، و الأصالة: تعني الانتماء إلى ثقافة الأمة و التحرر من عقدة النقص و التبعية و الاستقلال من كل استعمار فكري و ثقافي، فجذورنا كمسلمين أصيلة، ألسنا تلاميذ محمد صلى الله عليه و سلم، و أحفاد صحابته الكرام؟
الفروع مثمرة لا شك في ذلك، و هذا ما يجعل حضارتنا العربية و الإسلامية تمتلك قوة ثقافية و علمية أساسها القرآن الكريم، و السنة النبوية، و هذه الثقافة استوعبت مستجدات الحضارة قديمها و حديثها، و إن كنا نعاني من ضعف في هذه الفترة إلا أنه ضعف مؤقت.
الإسلام دين لكل العصور:
الفشل لغويا يعني الجبن قال تعالى: ﴿حتى إذا فشلتم﴾ [آل عمران/152]، أي جبنتم عن القتال ، و في آية أخرى : ﴿فتفشلوا و تذهب ريحكم﴾ [الأنفال/46]، أي فتضعفوا و تجبنوا، و لم يكن المسلمين الحق جبناء أبدا ، أما إن كان ما يقصده المغرضون بأن الفشل هو الإخفاق و عدم النجاح، ففي معظم المجتمعات البشرية يرجع الفشل الى محاولة فرض حلول تاريخية لا جذور لها و لا مرجعية و لا عقيدة على واقعهم المستجد، بدعوى التبرؤ من طغيان الكنيسة و الدعوة الى الحرية المزيفة كما يفعل الغربيون، أما المسلمون فهم يسقطون موروثهم التاريخي و العقدي و ما تربوا عليه من كتابهم العظيم و سنة نبيهم الكريم على واقعهم المستجد في كل زمان و مكان، بل في كل مناحي حيواتهم. و تبقى شئوننا الإسلامية ثابتة كما كان عليها رسولنا صلي الله عليه و سلم و صحابته الكرام، متواكبة مع التطور الحضاري لكن بجذور اصيلة راسخة لا حياد عنها، أما هم (الغرب و من يدور في فلكهم) فحالهم أشبه بحال الراكض في نفق مظلم بسرعة و تواتر نحو مخطط مجهول المعالم و الرسوم سيقودهم يوما نحو القعر، كل منهم تائه لا يعلم أين يتجه و لا أين مآله، فلا ذكاء ينفع و لا فكر يشفع.
إن البشر في المجتمعات المادية البحتة، بعضهم أفراد معزولون يهرولون نحو المادة متناسين القيم الروحية و الأخلاقية لعدم وجود وازع ديني و لا معتقد صحيح راسخ، و البعض الآخر مجرد كتل بشرية لا هوية لهم و لا هدف دنيوي و لا أخروي، و كلا الصنفين يتجه نحو الهاوية دنيويا و في الحياة الآخرة.