قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 30 تموز/يوليو 2017 18:09

رب ضارة نافعة

كتبه  الأستاذة راوية الوادي من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ما إن دخلتْ مروةُ البابَ، هرولت و اختبأت في حضنِ أُمها، التي انخلعَ قلبُها من منظرِ الصغيرةِ، و قدْ انتفخت عيناها من البكاءِ، و احمر وجهُها كأنها مصابةٌ بالحمى. قالتْ الأمُ محاولةً إخفاءَ الجزعِ الذي غشى قلبها: ما الأمُر يا مروة، و لكن الصغيرةَ أجهشتْ بالبكاءِ، فاحتضنتها الأمُ في صمتٍ و هدوءٍ، و بدأتْ تداعبُ شعرَ الصغيرةِ برفقٍ و حنانٍ حتى هدأت تماماً. لقد اتهمتنِ هندٌ بسرقةِ صنارتها، و قدْ فتشتْ المدرسةُ حقيبتي يا أمي، و أخذتْ صنارتي و لفةَ الصوفِ التي أهدتني إياها خالتي صبحة، و أيضاً أخذتْ المفرشَ الصغيرَ الذي أردتُ أن أشاركَ به في مسابقةِ الغزلِ و النسيجِ. و عاودتْ الصغيرةُ البكاءً و بشدةٍ. تنفستْ الأمُ الصعداءَ، و هدأتْ مخاوفها التي ذهبت لأسوءِ الظنونِ. أعلمْ يا حبيبتي أن زميلتَك هندٌ تغارُ من و أدبكِ و محبةِ زملائِك و مدرساتِك لكِ، و تظنُ تلكَ الصغيرةُ أنَ غنى والديها و سلطانَهم العظيمِ على الناسِ سيعطيها الحقَ أنْ تفعلَ ما تشاء، فلا تبتأسي يا صغيرتي، فربَ ضارةٍ نافعة. دعيني أحكى لكِ حكايةً كانت جدتك قْد قصتها علىَّ ذاتَ مرةٍ.

سكنَ التاجُر الغني محمودُ و زوجتهُ أمينة المدينةَ الهادئةَ المجاورةَ للبحرِ مع بناتِهم الثلاث الصغيرات. و كانت مدينةُ الشاطئ كثيرةَ الخيراتِ و الثمراتِ و اشتهرتْ بجمالها بين المدنِ و البلداتِ. سكنتْ زبيدةُ خياطةَ السيدةِ أمينة في بيتٍ صغيٍر ملاصقٍ للقصر، و حظيتْ برضا السيدةِ و كانت خازنةَ أسرارها و رفيقتها الدائمةِ أينما حلت. و ذاتَ مساءٍ لا تنساه زبيدة أتى موكبٌ من التجارِ الى القصرِ، و كان معهم سيدةً شابةً و طفلةً صغيرًة، علمت زبيدةُ من السيدةِ أمينة أن العائلةَ الصغيرةَ الضيفةَ على المدينةِ هي واحدةٌ من أقاربِ التاجرِ البعديين الفقراء، و قد أتى يسعى دعمَ قريبه له. لم يمضْ وقتٌ طويلٌ حتى اكتشفت السيدةُ أمينةٌ أن الضيفةَ الجديدةَ فريدة كانت خياطةً مبدعةً، و مصممةً دقيقةً ذاتَ ذوقٍ راقٍ، فوكلتها أمَر تصميمِ ملابسها و بناتها الصغيرات. تآكلَ قلبُ زبيدةِ الخياطةَ من الغيظِ، و حرقتها الحسرةُ، و قد نسيتْ السيدةُ أمرها، و حُرمت المالَ و العطايا و حتى من زيارةِ القصر.

عينَ الملكُ أميراً جديداً للمدينةِ، و أرسلَ الملكُ خطاباً للتاجرِ محمود، و سأله أن يستقبلَ الأميرَ و عائلته. و كان التاجرُ محمود يعلمُ من ترحالهِ و سفراتهِ و من الأخباِر المتداولةِ بين الناسِ سوءَ أخلاقِ زوجةِ الأميرِ عالية، و هي أختُ الملك. فقد اشتهرتْ بغرورها و سلاطةِ لسانها و قسوةِ بطشها. حلَ الأميرُ و زوجه ضيفاً على التاجرِ، و عملتْ السيدةُ أمينة ما في وسعها لإكرامِ ضيفتها و اسعادها، و لفتَ نظر الأميرة جمالُ تصميمِ ملابسِ أمينة. سألت الأميرةُ فريدةَ و في حضوِر السيدةِ أمينة أن تصممَ لها فستاناً لم تلبس العربْ أجملَ منهِ، و أن تنهي خياطتُه قبلَ يومِ الخميسِ القادمِ، أي بعدَ خمسةِ أيامٍ، و قبلَ الحفلِ الكبيرِ الذي سيقيمهُ الأميرُ في قصرهِ الجديد الذي تمَ ترتيبُه و تجهيزه. أدركتْ السيدةُ أمينة أنَ فريدةَ ستكونُ مشغولةً بحياكةِ ثوبِ الأميرةِ الجديد، و هي ترغبُ أن تلبسَ و بناتِها ثياباً جديداً للمناسبةِ القادمةِ. استدعتْ خياطتها القديمةَ زبيدة لإتمامِ المهمة. عرفتْ زبيدة وب طريقتها الماكرةِ كل ما فاتها من أخبارٍ، لكنَ مياه المودة قد تعكرتْ في قلبها، و أضمرتْ في نفسها الانتقام من فريدةِ و من السيدةِ أمينة إن أمكن.

فريدُة فتاةٌ طيبةٌ، بنتُ عزٍ و علمٍ و أدبْ. أحبتْ الحياكةَ، و كيف لا و أبوها تاجُر الحريرِ المشهور، و قد أمضت أوقاتا طويلة سنينَ و شهور تداعبُ يداها الرقيقتان الستاَن و المخملَ و الحرير، و كانت تتخيلُ تلكَ الأقمشةِ ثياباً و فساتين. انشغلت فريدةُ بتصميمِ ثوبِ الأميرةِ عالية، التي ما إنْ رأتْ تصميمَ الفستانِ حتى أبدتْ إعجابها الشديدِ به. كادتْ فريدةُ أن تنهي خياطةَ الفستانِ في صباحِ يومِ الأربعاء، حتى قُرعَ بابُ البيتِ لأولِ مرةٍ منذ سكنت المدينةَ، و إذ بالزائرةِ الخياطة زبيدة. كانَ الثوبُ قد فردَ بعنايةٍ فائقة ٍعلى طاولةٍ كبيرةٍ وسطَ ساحةِ البيتِ، و قدْ تناثرتْ الإبُر و الخرزُ و الوردُ و الزينةُ في كلِ مكانٍ. إدّعتْ زبيدةُ أنها أرادت أن تسلمَ على فريدةٍ و تتعرفَ عليها، و لكن الأولى نالتْ ما أتتْ تطلبُه فرحلتْ مسرعةً. أكملتْ فريدةُ الثوبَ بعدَ عصرِ ذلَك اليومِ، و حينَ انتهت نادتْ الخادمةَ لتساعدها في طيِّ الثوبِ لإرسالهِ للقصر، و في لحظةٍ سكتْ نبضُ قلبها حينَ سمعتْ صوتَ الثوبِ يتمزقُ، و قدْ علقَ في أحِد أطرافِ الطاولةِ، و الخادمةُ تحاولُ رفعَهُ الى أعلى.

بكتْ الخادمةُ و سألتها السماحَ و المغفرةَ، طلبت منها فريدةُ أن تغادَر الساحةَ، و جلستْ تبكي على جهدها المهدورِ و ألمٌ يعتصرُ قلبها المكسورِ، و عقابٌ و غضبٌ موعودٌ و خسارةٌ وخوفٌ بلا حدود. أتتْ طفلتها الصغيرةُ ذات التسعِ سنواتٍ و بحنانٍ و عفويةٍ أمسكتْ يدَ أمها و قالت: ألستِ أنتِ من قلتِ لي ذات مرةٍ يا أمي: أن الثوبَ قطعٌ من قماشٍ أجمعها معاً بحبٍ و ذوق، أشارت بيدها الصغيرةِ إلى القماشِ، و قالت: هاكِ قطعٌ من قماشٍ، فاصنعي الثوبَ يا أمي. ليسَ هناكَ من وقتٍ تضيعهُ في البكاء. نهضت إلى غرفتها و فتحتْ حقيبةً خبأتها تحتَ سريرها، و أخرجتْ قطعةَ قماشٍ من الحريرِ الأخضر أهداها إياها أبوها يومَ ولادةِ صغيرتها. بدأت بوصلِ القماشِ بالثوبِ، مما استدعى تغيرَ تصميمِ الثوبِ بأكمله. أمضتْ ليلاً طويلاً، و أنهتْ الثوبَ مع الفجِر، و نامت. و لم تستيقظْ إلا قبلَ الظهيرةِ على قرعٍ شديدٍ على بابِ البيت. و إذا بمرسالِ الأميرةِ يطلبُ الثوبَ، ناولتهُ الثوبَ الذي لفتهُ بعنايةٍ و قلبها ينتفضُ من الخوفِ.

لم تمضِ ساعةً إلا و المرسالَ يعاودُ القرعَ، و كانت لا زالتْ جالسةٌ قربَ البابِ مدركةٌ أنه سيعودُ حينَ تكتشفُ الأميرةَ أنَ الثوبَ ليسَ هو ما طلبته و وافقتْ عليهِ. ناولها المرسالُ كيساً صغيراً من الحريرِ بهِ عددٍ كبيرٍ من الدنانيرٍ الذهبيةِ، و دعوةً لها و زوجها لحضورِ الحفلِ في المساء. صلت الظهر، و لكن النعاسَ و التعبَ أنهكا جسدها، و لم تستطعْ رجلاها حملها، فنامت حتى عادَ زوجها من العملِ، فاستيقظت على صوتهِ يرسلُ السلامَ لأهلِ البيتِ. استعدتْ في المساءِ، و لبستْ أجملَ ثيابها، و قلبُها لا تزالُ تغشاهُ الريبةَ و الشك. و ما أنْ رأتْ الأميرةَ ترتدي الثوبَ، و قدْ بدتْ فيه كأجملِ ما يمكنُ أن تكونً، و وجهها يغمرهُ البشرُ و السرورَ، حتى هدأَ قلبها المسكينُ….. الى أن رأتَ السيدةَ أمينة تدخلُ من بابِ البهوِ الكبيرِ و بناتها الثلاثِ الصغيرات اللواتي ارتدينَ فساتينَ بنفسِ قماشِ و تصميمِ ثوبِ الأميرةِ الذي تمزق. لم تخفَ على فريدةِ نظرةَ الغضبِ و الوعيدِ الشديدين اللتين غطتا ملامحَ وجهَ الأميرةِ عالية …… و لم تستطعْ السيدةُ أمينةُ التي تكادْ تذوبُ من الهلعِ معرفةِ سببها!! امتدت كلتا يدا فريدةَ فوقَ صدرِها، كأنما تمسكُ قلبها الذي كادَ يقفزُ من بينِ ضلوعها، و لكنْ في لحظةٍ أدركتْ ما انتهت إليه الأموُر، حدثتْ نفسَها تحمدُ اللهَ و قالت: رُبَ ضارةٍ نافعة.

https://rawyaart.com/2017/01/12 /

قراءة 2190 مرات آخر تعديل على الجمعة, 04 آب/أغسطس 2017 05:38

أضف تعليق


كود امني
تحديث