(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 04 آذار/مارس 2018 15:37

قصتي مع الكتب..

كتبه  الأستاذة صباح غموشي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

طلبت مني إحدى الأخوات أن أروي لها قصتي مع الكتب، و لعلها تحضر بحثا عن أهمية القراءة و قيمة الكتب أو شيئا كهذا.. و لأول مرة فاجأني طلبها بسؤال تردد بداخلي.. هل لي حقا قصة مع الكتب ؟؟ مع عشقي لها و تقديري لدرر ما تحتويه لكني كنت دوما أرى نفسي مقصرة في حقها و بعيدة عن شرف الانتساب لعشاقها. و في لحظة مر شريط الذكريات سريعا بخاطري و اختلجت المشاعر بداخلي و وجدتني أستحضر قصصا لا قصة واحدة. بداياتها كانت مع بداياتي تعليمي، أحببت الكتب كما لم أحب اللعب فكنت كغيري من الأطفال أسعد كثيرا بأول أيام الدراسة و لحظات تغليف الكتب و أقرأ معظم مواضيع كتاب القراءة في أول ليلة و أنام و في حضني كتبي ..ثمّ اكتشفت مبكرا في سنوات الأساسي الأولى موهبة الكتابة فأصبحت أميل لقراءة القصص القصيرة و بعدها في الإكمالية انتقلت لقراءة الروايات و تلخيصها. و في الثانوي أصبح لدي شغف كبير في قراءة الكتب الدينية – إن صح التعبير - ، ثم تنوعت قراءاتي في الجامعة فشملت كل الكتب في الدين السياسة و فنون الأدب و العلوم و غيرها بلا استثناء. و أهم ما استفدته من رحلتي الممتعة مع هذه الكتب أو بتعبير أدق من هذه الكنوز أنها كانت إحدى أهم عوامل تكوين جوانب هامة من شخصيتي فتعلمت منها كيف أقرأ و أحلل المعلومة و أناقشها بشكل علمي و موضوعي، و أطبق ما يتناسق مع مبادئي و يتناغم مع أفكاري، هذه الأفكار التي ساهمت بعض الكتب في ترتيبها و تنظيمها في خلدي.

أذكر أني في الجامعة كنت في فترة الامتحانات أصطحب معي كتاب أو كتيب أقرأه كلما انتهيت من امتحان في فترة الراحة قبل أن أبدا في مراجعة المقرر الموالي، فكان الكتاب بالنسبة لي حينها كمثل أرجوحة استرخاء أتخفف به من بقايا الامتحان الأول لأتزود منه بطاقة إيجابية تعينني على انطلاقة جيدة في المذاكرة للامتحان المقبل. و أذكر أيضا أنه حين كانت تقام معارض الكتاب، كنت أنتقل بين الكتب فإذا أعجبني كتاب – و لم يكن معي ثمن اقتنائه – أتجول بين صفحاته و أقرأها على الواقف و أمضي.

و رائع ذاك الكتاب ( من وحي القلم - للرافعي ) الذي كان أول هدية من زوجي، و من كرم الله بعدها أني حين تزوجت كان الركن الوحيد العامر ببيت الزوجية الجديد هو المكتبة، أمهات الكتب و أروعها نهلت منها لشهور عايشتها بكثير من الحب و كثير من الأنس لا مثيل له، و لم يكن لدينا مذياع و لا تلفاز حينها و بالتالي لا لوحات إلكترونية و لا هواتف ذكية و لا هم يحزنون، فكان كل الوقت بعد العمل أقضيه بين صفحاتها أرتشف كنوزها مع فنجان قهوتي في أجمل قصة حب عشتها مع الكتب ..

ثم تعمقت علاقة الحب بيننا و حكايات العشرة الطيبة بيننا و قصص الوفاء العجيب بيننا، فكم رافقني الكتاب في الحافلة و في النزهات و في السفر، و كم استمعت لدرره و إن كنت في جلسات حميمة مع عائلتي الرائعة مجتمعين على موقد الدفء في الليالي الباردة. و حين تتعبني المشاغل و ترهقني الأعمال و تخنقي الدنيا بمصاعبها أو تحاصرني بتفاهاتها و حين يتعبني البشر كنت أفيء إلى ظل كتابي و نكهات قهوتي في بهو شرفتي أنسى الدنيا و ما فيها و أستجم أروع استجمام في صفحاته. قصص كثيرة يرويها القلم و لا يمل عشتها بجوارحي و كياني و روحي مع كل كتاب كنت كلما قرأت سطرا فيه تمنيت لو أنّ كل أحبتي تمتعوا بدرره ..

و ستبقى رحلتي مع الكتب إلى آخر رمق في حياتي و لعلي ألقى الله و في حضني مصحفي و كتاب .. و لست أروى بدعا أو أبالغ في كلام .. بل هي تلك الجواهر الحسان التي تعلمتها من كل الكتب التي قرأتها فكانت في كل مرة تزيد رصيد معارفي و تنمي لغتي و مهاراتي و تطور مداركي، و أجمل ما زودتني به الكتب الصبر الجميل و سعة الأفق و طول البال و كانت خير معين لي في تحسين أخلاقي – و إن كنت مقصرة في كل ما سبق ذكره – فالذنب ذنبي لا ذنب الكتب هي علمتني و الله يشهد.

بقي كتاب أحلم بحمله و قراءة ما بين دفتيه مع أجمل فنجان قهوة .. هو كتابي الذي أحلم بنشره سلسلتي " من وحي التجربة " لعل أحدا يقرأه فينتفع بشيء منه فأنال أجره إن شاء الله كما أسأل الله أن يجازي خيرا كل الذين كتبوا دررا نفعتنا في حياتنا كلها. و طبعا كتاب ربي قصته تروى لوحدها.

قراءة 1947 مرات آخر تعديل على السبت, 10 آذار/مارس 2018 09:12