في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، قصدتني سيدة متزوجة، طالبة النصح، فبادرتها :
"لست متزوجة، فكيف سأنصحك ؟"
-أعول علي بصيرتك النافذة.
-طيب شكرا علي الثقة و إن شاء الله أكون من أصحاب البصيرة النافذة، ما هي مشكلتك ؟ سألتها.
-زوجي تغير بعد زواج دام خمسة سنوات، أشعر أنه ليس الرجل الذي تزوجته في البداية ...سريع الغضب، لم يكن كذلك. لديه هموم لكنه لا يبوح بها و يتوقع مني في كل مرة أن أكون الزوجة المتفهمة، كيف أتفهمه و هو يكتم مشاكله ؟ أعلم أن لديه مشاكل كبيرة في العمل لكن ثقتي به كبيرة في حلها باللتي هي أحسن غير أن مزاجه الغضوب يقلقني.
-أولا سيدتي طبيعي أن يتغير الرجل بعد خمسة سنوات زواج، فالتحديات و الآمال في بداية الزواج ليست تلك السائدة اليوم...ثانيا سرعة غضبه مؤداها الضغوط الذي يتعرض إليها علي الأرجح في العمل ثم هو لا يريد إثارة قلقك بمشاركتك همومه و يعول بالأساس علي تفهمك للمرحلة التي يمر بها حاليا ...بسطي الأمور ستبسط و تهون كل الإشكالات و أحمدي ربي هناك صنف من أزواج من يكدرون حياة زوجاتهم بمشاكلهم في العمل. حاولي تخفيف عنه الضغط بإرسال له رسائل إيجابية حول قدرته و حكمته في تجاوز العراقيل، الصعوبات و الخلافات في العمل و ليدرك أنك مستعدة لسماعه في أي وقت شاء و ذكريه بأن ربنا طبعا لن يتخلي عنكم.
-ما يؤرقني لم لا يتكلم ؟ أخاف علي صحته و سرعة الغضب يتسبب له في إرتفاع الضغط و هذا يعود سلبا علي صحته ....قالت لي الزوجة.
-جيد، لديك حل آخر إجلسي معه مرة من المرات بعيدا عن الأبناء و تكلمي معه بصراحة أن عصبيته تنعكس سلبا عليه و من الأفضل أن يخبرك بما يجري في العمل، فمجرد أن ينفس عن نفسه مفيد له. كوني ذكية في إستمالته في لحظات يكون هاديء فيها و ثقي أنه إن شاء الله سيستحسن إستراتيجتك في إحتواءه.
-آه لا أفهم لماذا سنواتنا الأولي في الزواج لا تدوم ؟ لم علينا حمل هموم بنسبة مضرة لتوازن العلاقة الزوجية ؟ قالت لي الزوجة في تنهيدة.
إبتسمت :
-كما قلت في البداية الإنسان لا يبقي ذات قارة عبر الزمان و المكان بل يتغير، يتعلم الكثير و يزداد رصيده في الحياة و التجارب تثريه و بناء علي ذلك تتغير نظرته للكثير من الأمور و تنضج أكثر و بالعكس في تغير الزوج كسر للروتين في العلاقة الزوجية و من جانب الزوجة عليها أن تكون نابهة كفاية لتحسن التفاعل مع هذا التغيير و حتي انت لست الزوجة في بداية الرحلة الزوجية، لهذا انظري لعلاقتك مع زوجك من زاوية النعمة الربانية التي تطرد الملل و الرتابة و الضجر بينكما و لله الحمد.